الحرب التي تقودها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، والتي اودت بحياة ما يقرب من 10 آلاف شخص وتدمير البنى التحتية جراء استمرار القصف الجوي والحصار المدمر ماتزال محط اهتمام واسع، خصوصا وان الاوضاع الانسانية في اليمن تدهورت بشكل كبير بسبب غياب الحلول...
الحرب التي تقودها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، والتي اودت بحياة ما يقرب من 10 آلاف شخص وتدمير البنى التحتية جراء استمرار القصف الجوي والحصار المدمر ماتزال محط اهتمام واسع، خصوصا وان الاوضاع الانسانية في اليمن تدهورت بشكل كبير بسبب غياب الحلول واستمرار الغارات السعودية، وهو ما اسهم بخلق حالة من الاستياء في العديد من دول العالم اجبرت بعض حلفاء السعودية المتهمة بارتكاب جرائم حرب وعمليات ابادة على اتخاذ قرارات وخطوات جديدة، وقد اتهمت المملكة العربية السعودية كما نقلت بعض المصادر الحوثيين بأنهم وكلاء لإيران، وهو ما تنفيه جماعة الحوثي، ومع ذلك، شكلت الرياض في العام 2015 تحالفا إقليميا بدعم من الولايات المتحدة لضرب الحوثيين، وتسببت الحرب في انتشار المجاعة وتفشي الأمراض مثل الكوليرا والدفتيريا، وهو ما جعل بعض الدول الأوروبية تلوّح بقطع المساعدات العسكرية للمملكة العربية السعودية.
وكثيرا ما ترددت الولايات المتحدة، التي تعتبر السعودية أكبر شريك لها من حيث تصدير الأسلحة، في اتخاذ إجراء بشأن وضع حدّ للحرب في اليمن حيث ترى واشنطن أنّ الرياض شريك حاسم في مهمتها المشتركة بعزل إيران. ولكن يبدو أنّ الأمور بدأت تأخذ منحى جديدا حيث أصدر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو نداء وصف بـ "النادر" إلى المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي بوقف الأعمال العدائية. هذا النداء اعتبره البعض مجرد تحرك اعلامي جديد من قبل الرئيس الامريكي ترامب، الذي وجه في وقت سابق اتهامات الى السعودية بسوء استخدام الأسلحة الأمريكية في اليمن، ووصف حادث شن التحالف العربي غارة جوية في أغسطس/أب الماضي على حافلة تقل أطفالا في اليمن بـ"المروع". وكثفت الولايات المتحدة الامريكية في الفترة الاخيرة تحركاتها ومطالبها لانهاء هذه الحرب، كما دعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى وقف الأعمال القتالية في اليمن وقال إن المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية ينبغي أن تبدأ من جديد.
وتساعد الولايات المتحدة التحالف بإعادة تزويد طائراته بالوقود وتقديم التدريبات على الاستهداف. وقال بومبيو إنه أكد للكونجرس الأمريكي أن السعودية والإمارات تعملان على تقليص الخسائر في صفوف المدنيين باليمن. ويحتاج ثلاثة أرباع سكان اليمن وعددهم 22 مليونا إلى مساعدات بينما يقف 8.4 مليون منهم على حافة المجاعة. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن مارتن جريفيث إن الأمم المتحدة تأمل في استئناف المشاورات بين الأطراف المتحاربة.
أمريكا والحرب باليمن
وفي هذا الشأن عززت الإدارة الأمريكية دعوتها لوقف إطلاق النار في اليمن وقالت إن ”المناخ موات“ لعودة الأطراف المتحاربة لمحادثات سلام تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات. وكان وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو ووزير دفاعها جيم ماتيس قد حثا على وقف الأعمال القتالية واستئناف المحادثات التي انهارت في سبتمبر أيلول في خطوة أشاد بها أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي ينتقدون وقوف الولايات المتحدة بلا حراك إزاء الحرب باليمن.
وحث روبرت بالادينو نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية حركة الحوثي المتحالفة مع إيران على وقف الضربات بالصواريخ والطائرات المسيرة في السعودية والإمارات فورا، كما دعا التحالف الذي تقوده السعودية إلى وقف الضربات الجوية في مناطق سكنية باليمن. وقال للصحفيين ”خلصنا إلى تقييم مفاده أن المناخ موات في هذا التوقيت للمضي قدما“.
وقال مصدر أمريكي قريب من الأمر إن من بين العوامل الرئيسية وراء هذه الدعوات التقدم الذي أحرزه المبعوث الأمريكي الخاص لليمن مارتن جريفيث خلال زيارة في سبتمبر أيلول إلى صنعاء، العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون. وأضاف المصدر أن زعماء الحوثيين أبدوا في ذلك الوقت اهتماما بالمشاركة في محادثات يريد جريفيث إجراءها في نوفمبر تشرين الثاني. وتابع المصدر قائلا إن الحوثيين ”يريدون أن يكونوا حاضرين“ مضيفا أن الحرب وشبح حدوث مجاعة وشيكة والوضع الاقتصادي الصعب وتزايد الاستياء العام ”ليست في صالحهم أيضا“.
وقال ماتيس، الذي دعا لوقف إطلاق النار في غضون 30 يوما، إنه يبدو أن السعودية والإمارات مستعدتان لدعم مساعي جريفيث للتوصل لتسوية يجري التفاوض عليها. وذكرت مصادر عسكرية أن التحالف الذي تقوده السعودية حشد آلاف الجنود قرب مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية باليمن في خطوة للضغط على الحوثيين للعودة للمحادثات. وقال المصدر الأمريكي إن من بين العوامل الرئيسية الأخرى وراء الدفعة الجديدة للمحادثات حالة الغضب بين أعضاء الكونجرس سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين واستياءهم المتزايد إزاء ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين نتيجة الحملة الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية على الحوثيين. بحسب رويترز.
وتزايدت هذه المشاعر إثر مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول. وكان خاشقجي كاتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست ومقيما بالولايات المتحدة ومنتقدا للأمير محمد بن سلمان ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية. وأشادت جين شاهين، الديمقراطية بمجلس الشيوخ، وتود يانج، الجمهوري بالمجلس، واللذان عملا معا على تشريع يتعلق باليمن بما وصفاه ”بنشاط دبلوماسي تأخر عما كان ينبغي“. وقالت شاهين ”كان ينبغي للولايات المتحدة أن تستخدم منذ فترة نفوذها للمساعدة في إنهاء هذه الحرب المروعة“. وقال يانج إنه يعتزم طرح تشريع ينهي إعادة التزويد الأمريكي بالوقود في الجو لطائرات التحالف السعودي باليمن عندما يعود مجلس الشيوخ للانعقاد بعد انتخابات التجديد النصفي في السادس من نوفمبر تشرين الثاني.
مفاوضات جديدة
من جانب اخر أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات جديدة بين أطراف النزاع في اليمن في غضون شهر، وذلك غداة دعوة أميركية مماثلة. وقال غريفيث في بيان نشر على حسابه على موقع تويتر "ما زلنا ملتزمين جمع الأطراف اليمنية حول طاولة المفاوضات في غضون شهر، كون الحوار هو الطريق الوحيد للوصول إلى اتّفاق شامل". وإذ رحّب غريفيث في بيانه بالدعوات الأميركية، أضاف "أحثّ جميع الأطراف المعنية على اغتنام هذه الفرصة للانخراط بشكل بنّاء في جهودنا الحالية لاستئناف المشاورات السياسية على وجه السرعة".
وكانت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي قالت إنّه "حان الوقت لتتوقف" الحرب في اليمن، مكرّرة "استنكارها" للأزمة الإنسانية في هذا البلد. وكانت آخر محاولة قام بها غريفيث لتنظيم محادثات سلام في أيلول/سبتمبر الماضي في جنيف، باءت بالفشل بسبب غياب الحوثيين. وقالت المنظمة الإغاثية النروجية "المجلس النرويجي للاجئين" في بيان تلقّت إنّ الدعوات الأميركية لوقف الحرب "تمثّل بصيص أمل"، مضيفة "قد يكون هذا هو الاختراق السياسي المطَالب به منذ وقت طويل". بحسب فرانس برس.
وحذّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك من أنّ 14 مليون شخص قد يصبحون "على شفا المجاعة" خلال الأشهر المقبلة في حال استمرّت الأوضاع على حالها في البلد الفقير. وقال لوكوك إنّ "الوضع الإنساني في اليمن هو الأسوأ في العالم. 75% من السكان، ما يعادل 22 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة وحماية، بينهم 8,4 ملايين في حال انعدام الأمن الغذائي الخطير وبحاجة على توفير الغذاء لهم بصورة عاجلة".
الى جانب ذلك أعربت الحكومة اليمنية التي تساندها السعودية عن استعدادها للعمل على إجراءات لبناء الثقة في إطار جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة بينما تضغط الولايات المتحدة من أجل إنهاء حرب دفعت اليمن إلى شفا المجاعة. وقال الحوثيون، الذين يتهمون الحكومة بمنع وفدهم من السفر إلى آخر جولة من المشاورات، إنهم مستعدون أيضا لاستئناف الحوار.
غارات مستمرة
في السياق ذاته وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لوقف العنف في اليمن، وبعد يوم من إعلان الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض استعدادها لاستئناف محادثات السلام، اندلعت معارك عنيفة بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا عند الأطراف الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة، بينما أغارت طائرات تابعة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن على قاعدة جوية في العاصمة صنعاء. وأعلن التحالف في بيان استهداف قاعدة جوية للحوثيين في العاصمة صنعاء.
وقال المتحدث باسم التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية العقيد الركن تركي المالكي في بيان "هذه العملية شملت تدمير مواقع إطلاق وتخزين الصواريخ الباليستية ومحطات التحكم الأرضية للطائرات بدون طيار وورش التفخيخ والتجميع والمواقع المساندة لها بقاعدة الديلمي الجوية بصنعاء". وأوضح البيان أن مطار صنعاء الدولي ما زال مستمرا بالعمل أمام حركة الطائرات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى. وأشار التحالف إلى أنه هاجم "أهدافا عسكرية مشروعة".
وكانت القوات الحكومية أطلقت في حزيران/يونيو الماضي بدعم من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الأحمر بهدف السيطرة على ميناء الحديدة، قبل أن تعلق العملية لإفساح المجال أمام المحادثات، ثم تعلن في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية. وتدخل عبر ميناء الحديدة غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان في البلد الغارق في نزاع مسلح منذ نحو 4 أعوام.
وأبلغت مصادر عسكرية يمنية موالية للتحالف في وقت سابق بأن التحالف نشر نحو 30 ألف جندي جنوبي الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون وبالقرب من مدخلها الشرقي. وقال أحد المصادر ”جرى إرسال آلاف الجنود اليمنيين المدربين على يد التحالف إلى مشارف الحديدة بالإضافة إلى نشر أسلحة حديثة تشمل مركبات مدرعة ودبابات... استعدادا لعملية كبيرة “. وذكر سكان أن الحوثيين نشروا أيضا قوات في وسط مدينة الحديدة عند الميناء وفي الأحياء الجنوبية تحسبا لأي هجوم.
وحذرت منظمات الإغاثة من تدهور الأوضاع باليمن. وقال هيرفي فيرهوسيل المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي اليوم ”الزيادة الأخيرة في الأنشطة العسكرية في... الحديدة تهدد أمن عملياتنا الرامية لإنقاذ الأرواح“. وأضاف أن البرنامج لديه من الحبوب ما يكفي لمساعدة 6.4 مليون من اليمنيين الأشد احتياجا وذلك لمدة شهرين ونصف الشهر ويستهدف الوصول إلى ثمانية ملايين شخص. بحسب رويترز.
وقالت سارة الزوقري المتحدثة باسم الصليب الأحمر إن ما يقدر بنحو 3200 عائلة -ما بين 22 ألفا إلى 28 ألف شخص- في حاجة ماسة للاحتياجات الأساسية ومنها الطعام والماء والمأوى في الحديدة بعد أن فر كثيرون من القتال في المناطق الريفية. وقالت الإمارات والسعودية مرارا إن السيطرة على الحديدة ستجبر حركة الحوثي على الجلوس إلى طاولة التفاوض من خلال قطع خط الإمداد الرئيسي لها. لكن هجوما سابقا على المدينة التي تتمتع بوسائل حماية كبيرة في يونيو حزيران لم يحقق أي مكاسب وأوقف التحالف القتال لإعطاء فرصة لمحادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
اضف تعليق