q
تصاعدت الخلافات بين بين واشنطن وأنقرة بشكل كبير بعد ان قررت تركيا وكما نقلت بعض المصادر، فرض رفع الرسوم الجمركية على عدد من السلع الأمريكية، ووفقا للمرسوم الصادر عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان...

تصاعدت الخلافات بين بين واشنطن وأنقرة بشكل كبير بعد ان قررت تركيا وكما نقلت بعض المصادر، فرض رفع الرسوم الجمركية على عدد من السلع الأمريكية، ووفقا للمرسوم الصادر عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي نشرته الجريدة الرسمية التركية، فإنه سيتم رفع الرسوم على منتجات التبغ المستوردة من الولايات المتحدة بنسبة 60 بالمئة، والكحول بنسبة 140بالمئة، والسيارات حتى 120 بالمئة ومستحضرات التجميل إلى 60 بالمئة، والأرز بنسبة 50 بالمئة، والفواكه بنسبة 20 بالمئة.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلنمضاعفة الرسوم على الألمنيوم وحديد الصلب القادم من تركيا، بنسبة تصل إلى 20 بالمئة و 50 بالمئة على التوالي، وهو القرار الذي أسفر عن انخفاض قياسي في قيمة الليرة التركية. وعلى عكس ما تصور البعض، بأن الاجتماعات المتتالية بين مسؤولين أمريكيين وآخرين أتراك، قد تهدئ من التوتر الذي يسود علاقات البلدين، على خلفية احتجاز تركيا لقس أمريكي تتهمه بالتجسس، تبدو الخطوات المتتالية من كلا الجانبين تشير إلى استمرار في حالة التصعيد.

وفي ظل التوتر المتصاعد هددت تركيا بنفض يدها من التحالف مع واشنطن، والبحث عن حلفاء جدد في وقت أشار فيه مراقبون أوربيون، إلى أن تركيا بالفعل يمكن أن تقترب أكثر مع حلفاء جدد، سموا بينهم روسيا والصين وإيران. وفي معرض رده على قرار واشنطن الأخير فرض عقوبات اقتصادية على أنقره، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن استعداد بلاده للتعامل بالعملات الوطنية في التجارة مع روسيا وإيران والصين، مشيرا إلى أن الأزمة التي نشبت بين الدولتين ليست مسألة الدولار أو اليورو أو الذهب، بل إنما حرب اقتصادية ضد تركيا على حد قوله.

من جانبها أعلنت الإدارة الأمريكية، أنها لا تتحمل المسؤولية عن المتاعب الاقتصادية في تركيا، قائلة إنها تتجاوز نطاق العقوبات التي فرضت مؤخرًا، وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية: "لم تبدأ المتاعب الاقتصادية عندما فرضنا تلك العقوبات على فردين في أول أغسطس من هذا العام". مشيرة إلى أن "ما يحدث في تركيا يتجاوز بكثير الولايات المتحدة والسياسات الأمريكية الأخيرة وفرض سياسات وآليات مختلفة". وتشير الدلائل إلى أن التصعيد الحاصل بين تركيا والولايات المتحدة، ربما لن يجد طريقه للتهدئة قريبا فقد أفادت آخر التقارير، بأن محكمة تركية رفضت طلباً جديداً للإفراج عن القس الأميركي (أندرو برونسون)، وهو صاحب القضية الأكثر توتيرا للعلاقات بين البلدين، ووفقا لوكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية فإن محكمة مدينة (إزمير)، رفضت طلب برونسون بالإفراج عنه مؤكدة أنه سيبقى قيد الإقامة الجبرية.

ترامب يتوعد

وفي هذا الشأن حذّر الرئيس الامريكي دونالد ترامب تركيا من إجراءات جديدة ضدها بعدما رفضت محكمة تركية في مدينة أزمير الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله. وقال ترامب، في البيت الأبيض، إن أنقرة تصرفت "بحماقة" في هذه الأزمة وإن إدارته لن تقف مكتوفة الأيدي. وكانت الولايات المتحدة قد ضاعفت من الرسوم الجمركية على الواردات التركية من الحديد الصلب والألومنيوم، كما أدى التلويح بعقوبات أمريكية جديدة ضد تركيا إلى انخفاض أخر في قيمة الليرة التركية.

وهددت أنقرة بالرد بالمثل إذا فرضت واشنطن عقوبات أخرى على تركيا بسبب قضية القس الأمريكي التي اندلعت بسببها أزمة دبلوماسية بين البلدين، وعصفت بالليرة التركية. ورغم مساعي الحكومة التركية لطمأنه الأسواق حيال انخفاض الليرة التركية، هدد وزير الخزانة الأمريكي ستيفين منوشن بمزيد من العقوبات حتى الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون.

وكانت أنقرة قد ردت على مضاعفة الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات التركية من الحديد الصلب والألمونيوم برفع الرسوم على الواردات الأمريكية من التبغ والكحول والسيارات. وقال وزير التجارة التركي روهسار بيكان إن على واشنطن توقع مزيد من الإجراءات المماثلة. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الوزير قوله: "لقد قمنا بالرد وفق قواعد منظمة التجارة العالمية وسنستمر في فعل ذلك".

كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده سوف تقاطع المنتجات الإلكترونية الأمريكية، وذلك بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على أنقرة. وقال أردوغان "إذا كان لديها (الولايات المتحدة) آيفون، فيوجد سامسونغ على الجانب الآخر"، وذلك في إشارة إلى شركة أبل ومنافستها في كوريا الجنوبية. وقال أردوغان إن تركيا تتخذ تدابير لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، وينبغي لها "ألا تستسلم للعدو" من خلال الاستثمار في العملات الأجنبية.

وتصر الولايات المتحدة على أن القس أندرو برونسون، الذي يرعى كنيسة "القيامة" الصغيرة في مدينة إزمير، "ضحية اعتقال مجحف". ويقبع القس الإنجيلي، وهو من ولاية نورث كارولاينا، قيد الاحتجاز في تركيا منذ نحو عامين لاتهامه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور وحركة جماعة غولن، التي تتهمها تركيا بتنظيم انقلاب فاشل في عام 2016، وهو ما ينفيه محامو برونسون والولايات المتحدة نفيا قاطعا. بحسب بي بي سي.

وينفي غولن الذي يعيش في ولاية بنسيلفانيا الضلوع في محاولة الانقلاب، ويقول إن حركة "خدمة" التي يرأسها تدعو إلى شكل سلمي من الإسلام. وكانت محكمة تركية قد أخلت سبيل القس الأمريكي يوم 25 يوليو / تموز 2018 لكن وضعته رهن الإقامة الجبرية. وأقرت محكمة أخرى استمرار حبس القس بينما كانت الولايات المتحدة تأمل في أن يطلق سراحه.

أزمة عالمية

من جانب اخر واصلت الصحف البريطانية اهتمامها بأزمة الليرة التركية، وركز عدد منها في مقالات افتتاحية وتقارير إخبارية على مخاوف امتداد هذه الأزمة المالية عالميا. ووضعت صحيفة الغارديان في صدر صفحتها الأولى تقريرا لمحررها الاقتصادي لاري اليوت تحت عنوان "مخاوف من أزمة عالمية بينما تكافح تركيا لكبح انحدار عملتها". ويقول التقرير إن تدهورا جديدا في الليرة التركية أرسل هزات ارتدادية إلى الأسواق المالية العالمية وسط مخاوف من أن يتسبب فشل حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في التعامل مع أزمتها المالية المطردة في تأثير يشبه "مبدأ الدومينو" على اقتصادات أخرى عرضة للخطر.

ويوضح التقرير أن عملة البيزو الارجنتينية والراند الجنوب أفريقية كانتا من أكثر المتضررتين في التعاملات النقدية المضطربة شهد انخفاضا جديدا لليرة بنسبة 8 في المئة مقابل الدولار، في وقت هاجم فيه أردوغان من سماهم "الإرهابيين الاقتصاديين في وسائل التواصل الاجتماعي"، كما اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطعن تركيا في الظهر. ويضيف أن تأكيد الرئيس التركي على أن بلاده ستخرج من هذا "الحصار الاقتصادي" فشل في تطمين الأسواق المالية القلقة من انهيار محتمل في اقتصاد ناهض وحيوي استراتيجيا. ويقول كاتب التقرير إن المخاوف من انخفاض بنسبة 45 في المئة من قيمة الليرة التركية هذا العام سيكون له تأثير مدمر على الشركات التي استدانت بغزارة بعملات أجنبية، الأمر الذي سيعزز الانحدار المطرد في قيمة الليرة وسيرفع العجز في الميزانية التركية.

وفي السياق نفسه وضعت الفايننشال تايمز تقريرا في صدر صفحتها الأولى عن عدوى أزمة الليرة على الاقتصادات الناهضة أو الصاعدة. وتقول الصحيفة في تقريرها إن الاضطراب التركي امتد إلى أسواق اقتصادات ناهضة ضاربا أسواق الأسهم والسندات والعملات، في وقت حذر محللون من أن اشتداد الأزمة بدأ في نشر العدوى إلى دول إخرى. ويشير التقرير إلى أن البنك المركزي الأرجنتيني رفع بشكل غير متوقع معدل الفائدة بنسبة 5 في المئة، بعد انخفاض العملة الأرجنتينية (البيزو) أمام الدولار.

وتنقل الصحيفة عن كاتي نيكسون، رئيسة قطاع الاستثمار في إدارة شركة " نورذن تراست" للخدمات المالية، قولها إن "الخشية من أن ما حدث في تركيا لن يبقى محصورا فيها". ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من الدعوات الملحة لأنقرة لاتخاذ فعل قوي يوقف تدهور الليرة إلا أن البنك المركزي التركي لم يتخذ سوى خطوات محدودة لدعم السيولة المصرفية، مع إصرار الرئيس أردوغان على استمرار موقفه المتحدي.

وتخصص الصحيفة ذاتها عددا من التحليلات ومقالات الرأي فيها لهذا الشأن فضلا عن مقالها الافتتاحي الذي جاء تحت عنوان "الأزمة التركية وخطر تحول استثماري". وترى الافتتاحية أن الطريق المرجح أن تنتقل عبره الأزمة التركية يتمثل في التحول في موقف المستثمرين نحو الأسواق الأخرى المعرضة للخطر. فهي ترى أن الاقتصادات الناهضة وبعض الدول النامية قد تأثر بالأزمة، لكنه تأثر محدود، إذ لا تحتل صلاتها التجارية مع تركيا إلا نسبة صغيرة من إجمالي ناتجها القومي. كما أن البنك المركزي الأوروبي يراقب عن كثب موقف المقرضين الأوروبيين لتركيا، وترى أن أي تأثير في هذا المجال يُمكن احتواؤه.

لذا يبقى المسار الرئيسي الممكن لانتقال الأزمة هو المناخ الاستثماري، الذي ترى الصحيفة أن خلفية ذلك ترجع إلى عقد من السياسة المالية والنقدية الرخوة والفضفاضة منذ الأزمة المالية العالمية، التي قادت إلى تصاعد مديونية الدول ذات الاقتصادات الناهضة. وتنقل عن المعهد المالي الدولي قوله إن "المديونية المشتركة لثلاثين من الأسواق الناهضة ارتفعت من 163 في المئة من إجمالي ناتجها القومي في عام 2011 إلى 211 في المئة في الربع الأول من هذا العام.

وتخصص الغارديان افتتاحيتها أيضا للأزمة المالية التركية، وتخاطب في عنوانها الرئيس التركي قائلة "عندما تكون في حفرة فمن الأفضل التوقف عن الحفر، يا سيد أردوغان". تقول الغارديان إنه ليس من المرجح أن يلجأ أردوغان إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي وتقول الصحيفة إنه من المرجح أن لا تكون إجراءات الطوارئ التي اتخذها أردوغان كافية، فهو بنظرها لا يستطيع فعل شيء سوى البحث عن المشاكل مع الدائنين على وجه الخصوص، وليس من المرجح أن يلجأ إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي.

وتضيف أنه من المحتمل أن يرفع البنك المركزي التركي معدل الفائدة بشكل حاد، وهذا سيقود إلى اضطراب اقتصادي وبطالة واسعة النطاق. وتتهم الافتتاحية أردوغان بأنه صرف سنوات طويلة مقدما الاهتمام بتعزيز شعبيته على حساب الاستقرار الاقتصادي، وأن عليه الآن أن يقر بالاضطراب الذي كان هو وراء خلقه، بحسب تعبير الصحيفة.

وبدورها تكرس صحيفة التايمز للأزمة التركية مقالا افتتاحيا فيها فضلا عن تقرير موسع ومقالات رأي وتحليلات في صفحاتها الداخلية. وتركز الصحيفة في تغطيتها على أثر الإجراءات الأمريكية على اقتصادات روسيا وتركيا وإيران. وتقول الصحيفة إن روسيا التي تخشى من خطر عقوبات جديدة، أعلنت أنها تسعى إلى إلغاء اعتماد الدولار كمؤشر أساسي في التعاملات التجارية الدولية. وتضيف أن روسيا دعمت أردوغان في دعوته الدول الأخرى لإجراء معاملاتها التجارية بعملاتها الوطنية بدلا من الدولار، كما توجه وزير خارجيتها سيرغي لافروف لإجراء محادثات في أنقرة على مدى يومين. بحسب بي بي سي.

وتشير إلى أنه في إيران، أمر المرشد الأعلى بحملة دهم في القطاع المالي اعتقل فيها 67 مسؤولا بتهمة "التخريب الاقتصادي"، يقال إنهم من التكنوقراط المتحالفين مع حكومة الرئيس حسن روحاني الإصلاحية. وتخلص الصحيفة إلى أن البلدان الثلاثة زادت من تقاربها في محاولة لمساعدة بعضها البعض لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الأمريكية، وخلافاتها معها في قضايا متعددة تتراوح من سوريا إلى حقوق الإنسان والتجارة.

اضف تعليق