قضية الفساد الموجهة ضد رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، ماتزال محط اهتمام اعلامي واسع مع استمرار التحقيقات وعمليات الاعتقال والمحاكمات، ومصادرة الأموال التي بدأت منذ فوز تحالف المعارضة برئاسة مهاتير محمد في الانتخابات العامة...
قضية الفساد الموجهة ضد رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، ماتزال محط اهتمام اعلامي واسع مع استمرار التحقيقات وعمليات الاعتقال والمحاكمات، ومصادرة الأموال التي بدأت منذ فوز تحالف المعارضة برئاسة مهاتير محمد في الانتخابات العامة. ويتردد منذ عام ٢٠١٥ أن حكومة نجيب رزاق متورطة في تهم بالفساد وتقدر بنحو ٣٫٥ مليار دولار تم اختلاسها من صندوق «وان أم دى بى»، وهو الصندوق الذى أسسه رزاق عام ٢٠٠٩ لتعزيز ودعم الاقتصاد الماليزي.
ولم تكد تمر ساعات قليلة على إعلان فوز تحالف المعارضة الماليزية، الذي انضم إليه وقاده هذه المرة وكما نقلت بعض المصادر، مهاتير محمد رئيس الوزراء السابق الذي حكم لأكثر من ٢٢ عاما، حتى كانت جيوش من قوات البوليس والقضاء تحاصر وتفتش منزل رئيس الوزارء الخاسر نجيب رزاق، حيث عثرت على نحو ٧٢ حقيبة بها مجوهرات وألماس وساعات ذهبية وعملات أمريكية ومحلية وغيرها، وهو ما جعل رواد السوشيال ميديا يطلقون على منزل رزاق « مغارة على بابا» حتى إن السلطات القضائية قالت إنه لم يكن من الممكن تقدير قيمة المضبوطات نظرا لحجمها الهائل..
وقد تعهد مهاتير محمد بعد توليه رئاسة الوزراء من جديد بعد غياب ١٥ عاما، باستعادة كل تلك الأموال وايداع المختلسين خلف قضبان السجن. وقال رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد ي إن بلاده تبحث توجيه عدة اتهامات لرئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق من بينها الاختلاس واستخدام أموال حكومية للرشوة، وذلك في أعقاب تحقيق بشأن أموال يزعم نهبها من صندوق (1.إم.دي.بي) الذي تديره الدولة. وقال مهاتير في إن المحققين لديهم بالفعل ”قضية شبه محكمة“ ضد المشتبه فيهم الرئيسيين الذين نهبوا الصندوق واستولوا على مليارات الدولارات من الأموال العامة. وقال مهاتير إن نجيب الذي أسس الصندوق لعب دورا محوريا.
وأضاف ”كان مسؤولا عن الصندوق مسؤولية كاملة. لا يمكن فعل شيء دون توقيعه ولدينا توقيعه على كافة المعاملات التي نفذها صندوق (1.إم.دي.بي). لذلك هو مسؤول“. كان مهاتير قد تقاعد من منصبه كرئيس للوزراء في عام 2003 بعد 22 عاما قضاها في السلطة. ثم عاد مجددا وهو سن الثانية والتسعين من عمره وانضم للمعارضة للإطاحة بنجيب في انتخابات. وبعد فوزه الذي لم يكن متوقعا، أعاد مهاتير فتح التحقيقات المتعلقة بصندوق (1.إم.دي.بي) وتورط نجيب في عملياته.
وقال مهاتير إن المحققين يبحثون توجيه ”عدد من التهم“ لنجيب مضيفا أن هذه التهم ستستند إلى سوء استغلال السلطة أثناء شغله منصب رئيس الوزراء. وأضاف أن هذه لتهم قد تشمل ”الاختلاس وسرقة أموال حكومية وتبديد أموال حكومية وعددا من التهم الأخرى. استخدام أموال حكومية للرشوة. كل هذه الأمور“. وقال مهاتير إنه يجري أيضا التحقيق مع روسماه منصور زوجة نجيب في نفس القضية.
وأضاف ”يعتقد أن بعض الأموال ذهبت لها، الكثير من الأموال. نعلم هذا لكن العثور على طرف خيط في الأوراق أصعب قليلا في هذه الحالة لأنها لم توقع على أية أوراق. أما توقيع نجيب فكثير على الأوراق“. وردا على سؤال بشأن الأسماء المستهدفة في القضية قال ”نجيب وجو لو وقلة غيرهم“. وجو لو رجل أعمال ماليزي يعتبر أيضا من الأطراف المحورية في فضيحة صندوق (1.إم.دي.بي) ومقرب من نجيب وأسرته. وقال مهاتير ”عندما نذهب إلى المحاكم ستكون بحوزتنا أدلة واضحة على التهم. لا سبيل للخسارة“.
273 مليون دولار
في عملية وصفت بالأكبر من نوعها في تاريخ ماليزيا، أعلنت السلطات عن مصادرة ممتلكات لرئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق تقدر بنحو 273 مليون دولار. وكانت الشرطة كشفت في أيار/مايو الماضي أنها صادرت حقائب يد فاخرة مليئة بالأموال والمجوهرات خلال عمليات تفتيش في إطار تحقيق في اختلاس أموال يستهدف نجيب الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 2009 إلى أيار/مايو 2018.
وقال رئيس قسم الجرائم المالية في الشرطة أمار سينغ في مؤتمر صحفي إن "قيمة هذه الممتلكات بسعر المفرق تتراوح بين 910 (ملايين) و1,1 مليار رينغيت"، أي ما يعادل 225 إلى 273 مليون دولار. وأوضح ان الممتلكات التي تمت مصادرتها في وقت سابق تتضمن مبالغ نقدية بقيمة 116 مليون رينغيت (28,8 مليون دولار) بـ26 عملة. وشملت 12 ألف قطعة مجوهرات ومئات حقائب اليد الفاخرة وأكثر من 400 ساعة تقدر قيمتها بـ19,3 مليون دولار. وأضاف "أعتقد أنها أكبر عملية مصادرة في تاريخ ماليزيا".
وعثر على هذه الممتلكات في مبنى فاخر يشارك نجيب في ملكيته بوسط العاصمة كوالالمبور. وتشمل المجموعة التي ضبطت 1400 عقد و2200 خاتم. وقال أمار إن أغلى قطعة هي عقد قدرت قيمته بـ6,4 ملايين رينغيت (1,5 مليون دولار). وشملت المجموعة 12 ألف قطعة مجوهرات وحقائب تحوي حوالى 30 مليون دولار.
وكانت الشرطة كشفت في أيار/مايو الماضي أنها صادرت حقائب يد فاخرة مليئة بالأموال والمجوهرات خلال عمليات تفتيش في إطار تحقيق في اختلاس أموال يستهدف نجيب الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 2009 إلى أيار/مايو 2018. وهذه القضية التي تهز ماليزيا منذ سنوات، ساهمت إلى حد كبير في الهزيمة الساحقة التي مني بها التحالف السابق الذي حكم لـ61 عاما. بحسب فرانس برس.
وأعلنت الحكومة الجديدة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 أيار/مايو ويرأسها مهاتير محمد (92 عاما) أنها ترغب في استعادة أموال تم اختلاسها من الشركة العامة "1إم دي بي" (1ماليجا ديفلوبمنت برهاد) التي أسسها نجيب وتعاني من ديون كبيرة. وبعيد تولي مهاتير السلطة، منع نجيب من مغادرة ماليزيا بينما كان يستعد للسفر إلى الخارج.
تحقيقات موسعة
الى جانب ذلك قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن المحققين الأمريكيين يسرعون وتيرة تحرياتهم بخصوص صندوق الثروة السيادي الماليزي (1إم.دي.بي) الذي أسسه رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق ويتبادلون المزيد من الأدلة مع السلطات الماليزية منذ خسارة نجيب في الانتخابات. وتحقق ست دول على الأقل من بينها ماليزيا والولايات المتحدة وسويسرا في اتهامات بأن نجيب وشركاء له استولوا على جزء من مبلغ 4.5 مليار دولار يعتقد أنها سرقت من صندوق الاستثمار التابع للدولة.
واكتسب التحقيق زخما بعد خسارة نجيب غير المتوقعة في الانتخابات التي جرت في التاسع من مايو أيار. وينفي نجيب ارتكاب أي مخالفات فيما يتعلق بمزاعم الكسب غير المشروع الخاصة بصندوق (1إم.دي.بي). وقال مصدران على دراية مباشرة بمجريات التحقيق إن مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي يثق بأن الحكومة الماليزية الجديدة على استعداد أكبر للتعاون إذ كانت السلطات الأمريكية ترى أن نجيب يحرص بشدة على عرقلة سير التحريات. وبحث ممثلو الادعاء في الولايات المتحدة إمكانية توجيه اتهامات لنجيب وأعوانه لكنهم يفضلون أن تكون ماليزيا هي التي توجه اتهامات جنائية لأي مسؤول ماليزي. وقال مسؤول أمريكي لإنفاذ القانون ”هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تسير وفقها الأمور“.
من جانب اخر اتهم زعيم المعارضة السابق في ماليزيا أنور إبراهيم الذي افرجت عنه السلطات أخيرا، استراليا بالتواطؤ في قضايا الفساد التي يتهم رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق بالتورط فيها، داعيا كانبيرا الى تسليم بلاده شرطي متورط في فضيحة جريمة قتل. ودان أنور سياسة استراليا "الفاسدة" تجاه إدارة نجيب عبد الرزاق التي خرجت من الحكم بعد هزيمته في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي.
واشار أنور الى قضية معروفة تتعلق بشرطي موقوف حاليا في استراليا وكان فر من ماليزيا بعد الحكم عليه بالإعدام لادانته بقتل عارضة أزياء منغولية على صلة بقضية فساد كبيرة تورطت فيها حكومة نجيب. وقتلت المنغولية التنتويا شاريبو التي قيل إنها طلبت مبلغا من المال لقاء عملها مترجمة في مفاوضات شراء غواصات بين الحكومة الماليزية وشركة فرنسية، باطلاق النار وتم تفجير جثتها بمتفجرات قرب كوالالمبور في 2006.
وقال أنور لاذاعة "ايه بي سي" الأسترالية "آن الأوان لأن تقبل أستراليا حقيقة أن بعض سياستها الخارجية تم تلويثها بشكل واضح، ويعتبرها الكثير من الماليزيين تآمرا او تسامحا مع جرائم فساد وأفعالا إجرامية" أخرى. وتابع "لذا اعتقد أن السلطات الاسترالية بحاجة لبذل أقصى ما في جهدها لضمان تصحيح ذلك وهذا يعني أن (الشرطي السابق سيرول ازهار عمر) يجب السماح له بالعودة" إلى ماليزيا. وأضاف أن الشرطي "يجب أن يمنح حماية أمنية (تمكّنه) من قول الحقيقة والسماح ببدء محاكمة جديدة شفافة وعادلة" في القضية.
كان سيرول تمكن قبل القاء القبض عليه، من الفرار إلى استراليا عام 2015 حيث ما زال محتجزا يبقى قيد الاحتجاز. وقد صرح انه مستعد لكشف هوية الشخص الذي امره بتنفيذ جريمة قتل التنتويا. وقال لموقع ماليزياكيني الاخباري "انا مستعد لمساعدة الحكومة الجديدة في توضيح ما تسرب شرط ان تمنحني الحكومة عفوا كاملا". واضاف انه والحارس الشخصي المدان ضحية "اشخاص مهمين" ولكن بسبب وجود عائلته في ماليزيا امتنع عن كشف تفاصيل ما حدث. بحسب فرانس برس.
من جهتها، دافعت وزير الخارجية الأسترالية جولي بيشوب عن علاقات كانيبرا السابقة مع إدارة نجيب، وقالت إنها "تتطلع لعلاقات مقربة ومثمرة" مع الحكومة الجديدة. وأوضحت في بيان أن "علاقاتنا الايجابية والواسعة مع الإدارة السابقة مكنتنا من التعاون في مسائل كانت في مصلحة أستراليا وماليزيا الوطنية على حد سواء". وأكدت الوزيرة الاسترالية "نحن لا نسعى إلى المساس بسيادة دول أخرى، تماما كما نتوقع من الدول الأخرى عدم التدخل في شؤوننا السياسية."
نجيب يدفع ببراءته
على صعيد متصل قال رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق إنه بريء من التهم المنسوبة إليه وإن الفرصة لا تزال سانحة لتبرئة ساحته، وذلك بعد ساعات من توجيه اتهامات إليه من بينها إساءة استغلال السلطة. وقال نجيب للصحفيين خارج المحكمة بعد إخلاء سبيله بكفالة ”واثق من براءتي، وأؤمن ببراءتي، وهذه أفضل فرصة لتبرئة ذمتي“. وأضاف ”إذا كان هذا هو الثمن الذي يجب أن أدفعه بعد 42 عاما قضيتها في خدمة الشعب والبلد... فأنا مستعد“.
وحددت المحكمة يوم 18 فبراير شباط من العام المقبل موعدا لبدء محاكمته. وكانت المحكمة قد وجهت له اتهامات في إطار تحقيق في مزاعم فساد واسع النطاق واختلاس أموال من صندوق حكومي أسسه. ودفع نجيب ببراءته من تهمة إساءة استغلال السلطة وثلاثة اتهامات جنائية بخيانة الأمانة.
وتتعلق الاتهامات بتحويل نحو 42 مليون رنجيت (10.4 مليون دولار) من (إس.آر.سي إنترناشونال) إلى حساب نجيب المصرفي، ويمثل المبلغ نذرا يسيرا من مليارات الدولارات تقول وزارة العدل الأمريكية إنها اختلست من صندوق (1إم.دي.بي). وتوقع المدعي العام تومي توماس تلقي مزيد من التقارير من لجنة مكافحة الفساد الماليزية التي تحقق في مخالفات الصندوق. وقال للصحفيين خارج المحكمة ”هذا واضح من أول أوراق وصلت إلى مكتبي قبل ثلاثة أسابيع. لا شك أنه سيكون هناك المزيد“.
وفي رسالة مسجلة نشرها نجيب على تويتر بعد إلقاء القبض عليه قال ”ليست كل الاتهامات الموجهة لي ولعائلتي صحيحة... فلتبدأ التحقيقات، لم تتح لي فرصة من قبل للدفاع عن نفسي“. وتصل عقوبة كل من الاتهامات الأربعة إلى السجن لما يصل إلى 20 عاما. وعقوبة استغلال المنصب من أجل التربح والكسب غير المشروع هي دفع غرامة لا تقل عن خمسة أمثال قيمة الأموال المختلسة.
وخرج نجيب بكفالة قدرها مليون رنجيت (247 ألف دولار) مع تسليم جوازات سفره. وحدد القاضي 18 فبراير شباط 2019 موعدا مبدئيا لبدء المحاكمة. كان نجيب قد أسس صندوق (1إم.دي.بي) بعد قليل من توليه السلطة عام 2009. وتجري تحقيقات بشأن الصندوق في ست دول على الأقل للاشتباه في ارتكاب جرائم غسل أموال. وأنشأت حكومة نجيب وحدة (إس.آر.سي) عام 2011 للإشراف على الاستثمارات الخارجية في موارد الطاقة، وبقيت تابعة لصندوق (1إم.دي.بي) إلى أن انتقلت لوزارة المالية في 2012. بحسب رويترز.
وكانت الوحدة محط التركيز الأولي للمحققين، إذ أن جميع معاملاتها المالية المثيرة للريبة تمت من خلال كيانات ماليزية خلافا للمعاملات الأخرى المرتبطة بصندوق (1إم.دي.بي) التي كانت من خلال بنوك أو شركات أجنبية. وقال متحدث باسم نجيب يوم الثلاثاء إن الاتهامات المتعلقة بوحدة (إس.آر.سي) والتحقيقات الخاصة بصندوق (1إم.دي.بي) ”تحركها دوافع سياسية“ وإن نجيب سيطعن على الاتهامات وسيبرئ ساحته.
اضف تعليق