q
نتائج الانتخابات اللبنانية ربما ستكون سببا في تعقيد المشهد السياسي في لبنان خصوصا مع وجود اطراف ستسعى وبدعم خارجي، الى اثارة الازمات والمشكلات من اجل تحقيق مصالحها الخاصة، وكان من أبرز الخاسرين تيار المستقبل اللبناني الذي يقوده رئيس الوزراء سعد الحريري، وقد دفعت هذه الخسارة الحريري لإعادة ترتيب تيار المستقبل والإطاحة بالكثير من قيادته، لمواجهة حزب الله وحركة أمل وحلفائهما.

الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان والتي جرت في 6 مايو / أيار وجاءت بعد ظروف داخلية وإقليمية معقدة، جعلت حزب الله وحلفائه السياسيين أقوى بعد أن حصل على حوالي 70 مقعدا من أصل 128 مقعدا، وهو ما وصفه أنصارها كما نقلت بعض المصادر بالإنتصار لخيار المقاومة، هذه الانتخابات ستعطي حزب الله وباقي الحلفاء مساحة اكبر لتنفيذ بعض القرارات والاجراءات المهمة ومنها قضية امتلاك الحزب السلاح، وهو أمر يقول إنه ضروري لردع إسرائيل وفي السنوات الأخيرة لحماية لبنان من المتشددين الإسلاميين في سوريا.

هذه الانتخابات وكما يرى بعض المراقبين، ربما ستكون سببا في تعقيد المشهد السياسي في لبنان خصوصا مع وجود اطراف ستسعى وبدعم خارجي، الى اثارة الازمات والمشكلات من اجل تحقيق مصالحها الخاصة، وكان من أبرز الخاسرين تيار المستقبل اللبناني الذي يقوده رئيس الوزراء سعد الحريري، وقد دفعت هذه الخسارة الحريري لإعادة ترتيب تيار المستقبل والإطاحة بالكثير من قيادته، لمواجهة حزب الله وحركة أمل وحلفائهما. وأظهرت نتائج الانتخابات، مشاركة ضعيفة بلغت 49.2% متراجعة عن الانتخابات السابقة التي سجلت 54%، رغم أهميتها وطول الفترة التي ظلت فيها البلاد محكومة من قبل برلمان منتخب منذ 9 سنوات، إلى جانب الأزمات الداخلية والخارجية التي عصفت بلبنان وتسببت بها قوى سياسية كان متوقعا أن يقل تمثيلها خلال هذه الانتخابات. وتوجد أيضا ضغوط دولية وإقليمية على الحريري لإعادة تقييم سياسته.

رئاسة مجلس النواب

وفي هذا الشأن فاز نبيه بري برئاسة مجلس النواب اللبناني، محققا 98 صوتا مقابل 30 "ورقة بيضاء" وفقا لما نشرته وكالة الأنباء اللبنانية NNA، ليتولى بذلك هذا المنصب للمرة السادسة. ونقلت الوكالة اللبنانية على لسان بري قوله بعد إعلان النتائج: "الشكر 6 مرات للزملاء النواب على ثقتهم بتجديد انتخابي لمسؤولية رئاسة المجلس.. يجتمع مجلسنا النيابي الجديد بعد تحقيق الاستحقاق الانتخابي النيابي ليشكل أجمل هدية لشعبنا في ذكرى الـ18 للتحرير."

وتابع قائلا: "انجلى غبار المعارك الانتخابية وأقدم لكم التهاني، وباسمكم اشكر الشعب اللبناني لاستجابته للمشاركة في الانتخابات النيابية.. ثقتكم بتجديد انتخابي رئيسا للسلطة التشريعية يحملني مسؤولية أكبر للمحافظة على هذا المجلس وكل لبنان." وأردف قائلا: "المجلس النيابي كان دائما حاضرا في مواجهة استهداف الارهاب وحدودنا وكان له الى جانب الحكم والحكومة خطوات لرفع التهديد عن لبنان وشعبه.. لقد قدنا خلال السنوات السابقة مسيرة الاتحادين البرلمانيين العربي والاسلامي واسهمنا في توطيد مسار الديمقراطية في الوطن العربي وخفض التوترات على الساحتين العربية والاسلامية." ويرأس بري (80 عاما) حركة أمل الشيعية كما أنه حليف وثيق لحزب الله.

دعم الجيش اللبناني

قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الجيش الأمريكي ملتزم بدعم ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية على الرغم من المكاسب التي حققتها جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحلفاؤها في الانتخابات البرلمانية. وفاز حزب الله والأحزاب والسياسيون المتحالفون معه بأكثر من نصف مقاعد البرلمان البالغة 128 مقعدا في الانتخابات. وتصنف الولايات المتحدة حزب الله المسلح جماعة إرهابية وتندد بدوره في الصراع السوري. وتقدم الولايات المتحدة دعما كبيرا للجيش اللبناني.

ويمكن أن تؤدي النتائج القوية التي حققها حزب الله ومن يدعمون احتفاظه بالسلاح إلى تعقيد السياسة الغربية تجاه لبنان الذي يعتمد على المساعدات الأجنبية والقروض لإنعاش اقتصاده. وقالت إسرائيل حليفة الولايات المتحدة في أواخر العام الماضي إن حزب الله يسيطر على الجيش اللبناني وهو ما ينفيه الجيش. وقالت اللفتنانت كوماندر ريبيكا ريبرتش المتحدثة باسم البنتاجون لرويترز في بيان ”الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بدعم السيادة والاستقرار والأمن ومؤسسات الدولة في لبنان بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية بصفتها القوات المسلحة الشرعية الوحيدة في الدولة اللبنانية“.

وأضافت ”تعزيز العلاقة الدفاعية بين الولايات المتحدة ولبنان اكتسب أهمية إضافية في ضوء التهديدات المستمرة القادمة من سوريا بما في ذلك التحديات المستمرة من جانب تنظيم داعش والعدوان الإيراني“. وقالت إن الولايات المتحدة ولبنان يتشاركان في هدف بناء قدرات القوات المسلحة اللبنانية بصفتها ”المدافع الشرعي الوحيد عن السيادة اللبنانية“. وقدمت الولايات المتحدة أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية للبنان منذ عام 2006. بحسب رويترز.

وحثت قوى كبرى لبنان على احترام سياسته الخاصة بالنأي بالنفس عن الحروب الإقليمية. ويشارك حزب الله بقوة في الحرب الأهلية في سوريا عبر الحدود وأرسل آلاف المقاتلين لمساعدة الجيش السوري. وقالت إسرائيل إنها استهدفت كل البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا يوم الخميس بعد أن أطلقت قوات إيرانية صواريخ تجاه مرتفعات الجولان المحتلة للمرة الأولى.

سلاح حزب الله

يسعى حزب الله بعد النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية اللبنانية والتي عززت نفوذه وموقعه على الصعيد السياسي، الى تكريس "شرعية" سلاحه الذي لطالما كان موضع جدل بين الأفرقاء اللبنانيين. وبعد انقطاع طويل، جرت الانتخابات التشريعية الأولى في لبنان منذ العام 2009، لتظهر نتائجها فوز أربع مجموعات كبيرة أبرزها "الثنائي الشيعي" وعلى رأسه حزب الله المدعوم من ايران وحليف دمشق، مقابل تراجع ملحوظ لتيار رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تدعمه السعودية.

وتقول مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى إن "فوز حزب الله يقوي بالتأكيد نفوذه (...) إذ سيمسح له بفرض شروط أفضل لتكريس دوره ودور سلاحه في المرحلة المقبلة ليس فقط في لبنان بل في المنطقة كافة". وبخلاف ميليشيات الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990)، لم يتم نزع سلاح حزب الله بل يتمسك به لمقاومة اسرائيل، بينما يأخذ عليه خصومه أنه يستخدمه للضغط على الحياة السياسية والتفرد بالقرار.

وسارع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الى اعلان "انتصار سياسي ومعنوي"، معتبراً أن "تركيب المجلس النيابي الجديد يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية هذا الخيار (المقاومة) الاستراتيجي ولحماية المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة". ويتمسك حزب الله بهذه المعادلة لاضفاء شرعية شعبية ورسمية على سلاحه، وطالما أصر خلال السنوات الماضية على إدراجها في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، ما تسبب بأزمات سياسية عميقة.

ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار إن "قضية سلاح حزب الله لن تعود على الأرجح الى دائرة النقاش السياسي في لبنان"، مضيفا "حتى خصوم حزب الله مثل سعد الحريري سلّموا الى حدّ ما بالأمر الواقع". وبعد إقراره بخسارة ثلث المقاعد التي كانت لتياره السياسي في البرلمان، اعتبر الحريري أن مصلحة البلاد ليست في الدخول في مواجهة مع حزب الله. وقال إن قضية السلاح "موضوع إقليمي" أساساً. بحسب فرانس برس.

ويعزو البعض تراجع شعبية الحريري الى التنازلات التي قام بها خلال السنوات الماضية لصالح حزب الله. ويوضح بيطار أن "شبكة التحالفات" التي سيقيمها حزب الله في البرلمان الجديد "تضمن له حق الفيتو الضمني على القضايا الكبرى"، معتبرا ان "ترسانته العسكرية لن تخضع مجدداً للمساءلة". وفي عام 2009 حصل تحالف مناهض لحزب الله بزعامة الحريري على الأغلبية في البرلمان بدعم من المملكة العربية السعودية. لكن تحالف 14 آذار تفكك وحولت السعودية اهتمامها للتصدي لإيران في أجزاء أخرى بالمنطقة لاسيما اليمن. وتقسم مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدا بالتساوي بين جماعات مسيحية ومسلمة. والمقاعد في كل دائرة انتخابية مقسمة أيضا بين الطوائف اعتمادا على التركيبة السكانية المحلية

ودعا الحريري إلى تشكيل حكومة سريعة بعد الانتخابات حتى يتسنى للبلاد المضي قدما في الإصلاحات اللازمة لخفض مستويات ديون الدولة التي تعد الأعلى مستوى في العالم. وقال إن المجتمع الدولي يجب أن ينظر لنتائج الانتخابات اللبنانية بإيجابية شديدة. ويتعرض لبنان لضغوط لكي يثبت للمانحين الدوليين والمستثمرين، الذين تعهدوا بتقديم أكثر من 11 مليار دولار لبيروت الشهر الماضي، بأن البلاد لديها خطة موثوق بها لإصلاح اقتصادها. وينظر إلى إجراء الانتخابات على أنه جزء أساسي من ذلك. ودعا نصر الله ايضا إلى سرعة تشكيل الحكومة الجديدة وقال ”الروح العامة التي يجب أن تحكم هي روح التعاون بمعزل عن الخلافات حتى ولو كانت خلافات استراتيجية أو تفصيلية“.

وأعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على حزب الله. واستطاع لبنان أن ينجو من أسوأ حالة عدم استقرار اجتاحت العالم العربي منذ عام 2011 على الرغم من أن الحرب السورية أججت الصراعات القديمة القائمة منذ زمن طويل في لبنان وأدت الى سنوات من الشلل في الحكومة. وقد أثر هذا على اقتصاد بلد يستضيف حوالي مليون لاجئ سوري أو ما يعادل ربع سكان البلاد.

اضف تعليق