q
قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب بخصوص بعض القضايا والملفات المهمة، ومنها الملف السوري والحرب ضد تنظيم داعش الاراهابي، أصبحت اليوم محط اهتمام واسع داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية، خصوصا وان الرئيس الأمريكي قد اكد إنه يريد ”الخروج“ من سوريا في اسرع وقت ممكن...

قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب بخصوص بعض القضايا والملفات المهمة، ومنها الملف السوري والحرب ضد تنظيم داعش الاراهابي، أصبحت اليوم محط اهتمام واسع داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية، خصوصا وان الرئيس الأمريكي قد اكد إنه يريد ”الخروج“ من سوريا في اسرع وقت ممكن، ووعد باتخاذ قرارات قريبا وذلك رغم تحذير مستشاريه من أن الأمر لا يزال يتطلب عملا شاقا لهزيمة تنظيم داعش وإرساء الاستقرار في المناطق التي تمت استعادتها من التنظيم المتشدد. وتشير تصريحات ترامب إلى اعتقاده بأن الحملة التي يدعمها الجيش الأمريكي ضد التنظيم في سوريا تقترب من الانتهاء. غير أن وزارة الدفاع (البنتاجون) ووزارة الخارجية أشارتا إلى الحاجة لمزيد من الجهود.

وأضاف ”حققنا نجاحا كبيرا ضد داعش. سوف ننجح عسكريا في مواجهة أي أحد. لكن أحيانا يكون من المناسب العودة إلى الوطن، ونحن نفكر في ذلك بجدية شديدة“. وتنشر الولايات المتحدة نحو 2000 جندي في سوريا يقاتلون التنظيم. وقال الجنرال جوزيف فوتيل، الذي يشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط باعتباره قائدا للقيادة المركزية، إنه جرت استعادة أكثر من 90 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم المتشدد في سوريا.

وقال ترامب إنه تمت استعادة ”حوالي 100 بالمئة“ من الأراضي التي كانت تسيطر عليها داعش في العراق وسوريا. لكن في علامة على وجهات نظره المتداخلة بشأن الحملة قال أيضا ”لن نهدأ قبل أن ينتهي التنظيم “. وقال بريت مكجورك، المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف العالمي ضد داعش، في كلمته إلى جانب فوتيل إن الحرب الأمريكية على التنظيم لم تنته بعد.

وأضاف ”نحن في سوريا لقتال تنظيم داعش. تلك مهمتنا، ومهمتنا لم تنته وسنكمل تلك المهمة“. وقال فوتيل إنه يرى دورا للجيش الأمريكي في جهود إرساء الاستقرار بسوريا. وأوضح قائلا ”أعتقد أن الجزء الصعب لا يزال أمامنا، وهو بسط الاستقرار في تلك المناطق وتعزيز مكاسبنا وإعادة الناس إلى منازلهم“. تابع يقول ”يوجد دور عسكري في هذا. بالتأكيد في مرحلة إرساء الاستقرار“.

ويضغط مستشارو ترامب عليه للإبقاء ولو على قوة صغيرة في سوريا لضمان دحر المتشددين ومنع إيران من إيجاد موطئ قدم لها هناك. وتشن الولايات المتحدة ضربات جوية في سوريا ونشرت قوات قوامها نحو ألفي جندي منها قوات خاصة أسهمت المشورة التي تقدمها في سيطرة فصائل كردية، وغيرها من الفصائل التي تدعمها واشنطن، على مناطق كانت في قبضة داعش.

ونشرت صحيفة التايمز مقالا افتتاحيا عن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سحب قواته من سوريا مبكرا، وتصفه بأنه قرار يصب في صالح خصوم الولايات المتحدة. تقول التايمز، إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيفسح المجال واسعا لتركيا وروسيا وإيران لإعلان انتصارها على الولايات المتحدة. وتشير الصحيفة إلى اجتماع قادة الدول الثلاث، وتقول إنهم اجتمعوا لتنسيق جهودهم من أجل حماية نظام الرئيس بشار الأسد، من السقوط، ومن أجل تحديد مناطق نفوذ كل دولة، وإخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.

وتذكر التايمز، أن الدول الثلاث بينها خلافات وتنافس على المصالح في سوريا أحيانا، ولكنها تتفق على قاسم مشترك وهو إقصاء الولايات المتحدة. وتضيف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حريص على إبرام اتفاق بيع صواريخ بقيمة 400 مليون دولار لتركيا، على الرغم من أنها دول عضو في حلف شمال الأطلسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحاجة إلى هذه الصواريخ لضرب مواقع الميليشيا الكردية.

وتسعى إيران، إلى إنشاء وتأمين طريق يمر عبر سوريا، ويربط بين أصدقائها في العراق وحزب الله الذي ترعاه في لبنان. وترى التايمز أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيكون خطأ جسيما، وهو قرار مبني، حسب الصحيفة، على اعتقاد ترامب أن الحرب على تنظيم داعش وضعت أوزارها. ولكن التايمز ترى أن هذا الانسحاب سيترك فصائل المعارضة السورية دون سند، ويسمح بدحر الأكراد، ويعمق الأزمة الإنسانية في البلاد، ولن يكون هناك أي أمل في إرساء الديمقراطية، وكل ما يفعله نظام الأسد هو تنفيذ الأوامر الصادرة من موسكو وطهران.

المهمة في سوريا

وفي هذا الشأن اعلن البيت الابيض إن "المهمة العسكرية" للقضاء على تنظيم داعش في سوريا تقترب من الانتهاء، لكنه لم يشر الى اي جدول زمني محتمل لانسحاب القوات الاميركية. وقال البيت الابيض ان "المهمة العسكرية الهادفة الى القضاء على التنظيم المتطرف تقترب من نهايتها مع تدمير التنظيم بالكامل تقريباً". لكنه اوضح ان واشنطن مصممة مع شركائها على "القضاء على الوجود الصغير لداعش في سوريا (...) الذي لم يتم القضاء عليه بعد". وتابع "سنستمر في التشاور مع حلفائنا وأصدقائنا بشأن المستقبل" بحسب البيان.

وقالت الادارة الاميركية انه "قرار" اتخذ خلال اجتماع في البيت الابيض بحضور ترامب. لكن التوضيح كان ضروريا منذ ان اثار ترامب شكوكا بعد ان اعرب مرارا في الايام الاخيرة عن رغبته في انسحاب سريع لحوالى الفي جندي اميركي منتشرين في سوريا هم اساسا من القوات الخاصة موجودة لمحاربة تنظيم داعش وتدريب القوات المحلية في المناطق التي تمت استعادتها من الجهاديين.

وقال "لقد حققنا انتصارات كبيرة على التنظيم " و"احيانا يحين الاوان لاعادة القوات الى ديارها. ونفكر بهذا الموضوع بجدية". واضاف "أريد أن أعيد قواتنا إلى ديارها. أريد أن أبدأ بإعادة بناء أمتنا" بعد ان اوضح ان القوات الاميركية ستغادر حالما تتم هزيمة داعش. واستعاد ترامب في الاونة الاخيرة اللجهة التي استخدمها في حملته تحت شعار "اميركا اولا" للتنديد بالانفاق المكلف وغير المثمر في الشرق الاوسط على حساب اولويات دافعي الضرائب الاميركيين. ووعد باتخاذ قراره بالتنسيق مع حلفاء واشنطن.

واثارت تصريحات ترامب مفاجأة في صفوف الحلفاء بحسب دبلوماسيين اوروبيين اكدوا ان محاربة التنظيم الجهادي لم تنته بعد. تماما كعدة اعضاء في الادارة الاميركية الذين كانوا يبحثون عن اجوبة منذ اول اعلان رئاسي يؤيد الانسحاب السريع . ودعا المسؤولون عن الملف في الادارة الاميركية علنا الى البقاء في سوريا لفترة اطول طالما لم تنته "عملية الاستقرار". وفي محادثة هاتفية اكد ترامب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون تصميمهما على "مواصلة العمليات ضمن التحالف الدولي" المناهض للجهاديين في العراق وسوريا "لمحاربة حتى النهاية" تنظيم داعش و"منع ظهوره مجددا" و"التقدم نحو عملية انتقالية سياسية شمولية" بحسب الاليزيه.

وتعهدت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا "محاسبة" نظام الرئيس السوري بشار الاسد للهجوم بغاز السارين على مدينة خان شيخون الواقعة تحت سيطرة المعارضة الذي اوقع ما لا يقل عن 83 قتيلا قبل عام. وحذر مراقبون اميركيون ايضا من الانسحاب السريع الذي قد يفسح المجال في سوريا لحلفاء نظام الاسد، روسيا خصم واشنطن وايران العدو اللدود لادارة ترامب. ومثل هذه الخطوة قد تضر ايضا بالاكراد شركاء واشنطن في محاربة الجهاديين في الوقت الذي تقوم فيها تركيا بشن هجوم ضدهم متهمة اياهم ب"الارهاب" رغم كونها حليفة الاميركيين.

وتعهد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والايراني حسن روحاني مع نظيرهما التركي رجب طيب اردوغان بالتعاون لايجاد "وقف دائم لاطلاق النار" في سوريا، في غياب الغربيين. ومن خلال تقديم الاستراتيجية الاميركية لسوريا في كانون الثاني/يناير يبدو ان وزير الخارجية ريكس تيلرسون تحدث عن ابقاء الوجود الاميركي لفترة طويلة لاهداف اخرى خصوصا ضرورة التصدي للنفوذ الايراني والمساعدة على ابعاد بشار الاسد عن السلطة. بحسب فرانس برس.

لكن ترامب اقاله ويبدو ان الرئيس الاميركي مصمم على ان تتحمل الدول العربية الغنية قسما اكبر من العبء السوري لبدء الانسحاب الاميركي. وقال البيت الابيض "نتوقع من دول المنطقة والامم المتحدة ان تعمل من اجل السلام وللتحقق من ان تنظيم داعش لن يظهر مجددا".

تحذيرات متواصلة

الى جانب ذلك حذر سناتور أمريكي من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الرئيس دونالد ترامب من سحب القوات الأمريكية من سوريا قائلا إن ذلك سيؤدي إلى إحياء تنظيم داعش وزيادة النفوذ الإيراني على الحكومة السورية في دمشق. وقال السناتور لينزي جراهام عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ لقناة فوكس نيوز ”سيكون ذلك أسوأ قرار منفرد يمكن أن يأخذه الرئيس“. وأضاف ”لقد أوصلنا تنظيم داعش إلى حافة الهزيمة. وإذا كنتم تريدون إبعاده عن الحافة فاسحبوا الجنود الأمريكيين“.

ومع فقدان التنظيم كل الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا تقريبا قال ترامب لمستشاريه إنه يريد خروج القوات الأمريكية سريعا. ويبدو أن هذا الوضع يجعل الرئيس على خلاف مع المسؤولين العسكريين الأمريكيين الذين يرون أن الحرب على داعش أبعد ما تكون عن الاكتمال. وقال مسؤول رفيع بالإدارة إن مستشاري ترامب يعتقدون أن الجيش الأمريكي يحتاج للبقاء في سوريا بأعداد صغيرة عامين آخرين على الأقل. وقال المسؤول إن ترامب غير راض عن هذه النصيحة لكن ليس من الواضح ما إذا كان سيأمر فعلا بسحب القوات. بحسب رويترز.

وكرر جراهام في المقابلة التلفزيونية صدى مخاوف مستشاري البيت الأبيض من انسحاب سريع. وقال ”هذه كارثة قيد الإعداد“. وأضاف ”ما زال هناك أكثر من 3000 مقاتل من داعش يجوبون سوريا. وإذا سحبنا قواتنا في أي وقت قريب فسيعود التنظيم وستخرج الحرب بين تركيا والأكراد عن السيطرة وستُمنح دمشق للإيرانيين دون وجود أمريكي“.

من جانب اخر قالت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جمد أكثر من 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لجهود التعافي في سوريا مع قيام إدارته بإعادة تقييم دور واشنطن في الحرب الدائرة هناك منذ فترة طويلة. وأضافت الصحيفة أن ترامب دعا إلى تجميد هذه الأموال بعد قراءة تقرير إخباري أشار إلى أن واشنطن التزمت في الآونة الأخيرة بتقديم 200 مليون دولار إضافية لدعم جهود التعافي المبكر في سوريا. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين إن هذا القرار يتماشى مع ما أعلنه ترامب بأن الولايات المتحدة ستخرج من سوريا.

قوات سوريا الديمقراطية

في السياق ذاته قالت قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة إنها لم تُبلغ بأي خطة لانسحاب القوات الأمريكية التي تعمل في سوريا ضمن التحالف الدولي ضد داعش. وقوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية هي الشريك الرئيسي للتحالف بقيادة واشنطن في سوريا حيث يشارك نحو ألفي جندي أمريكي في المعركة ضد التنظيم.

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية كينو جابرييل ”لا يزال عملنا وتنسيقنا مستمرا في إطار برنامج الدعم والعمليات المشتركة في جميع المناطق“. ووصف تصريح ترامب بأنه ”ليس واضحا والتصريحات التي أتت من مسؤولين أمريكيين آخرين في الإدارة الأمريكية لم تؤكد ذلك أو تنفه“. وعندما سئلت إن كانت الولايات المتحدة ستسحب قواتها من سوريا قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت إنها ليست على علم بأي خطة من هذا النوع.

وسئل المتحدث باسم التحالف إن كانت القوات الأمريكية تلقت إخطارا بقرار للانسحاب أو تستعد لتنفيذ ذلك فأجاب بأنه لن يعقب على أي عمليات مستقبلية. وقال الكولونيل رايان ديلون إن تنظيم داعش لا يزال يسيطر على أراض في منطقتين بسوريا قرب هجين على نهر الفرات وفي دشيشة قرب الحدود مع العراق. بحسب رويترز.

وذكر أنه جرى تقليص عمليات التحالف الهجومية بسبب الأحداث في شمال غرب سوريا حيث تتصدى قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب لتوغل تركي يستهدف الوحدات في منطقة عفرين. وقال ”التحالف وقوات سوريا الديمقراطية يواصلان البحث عن فرص لاستغلال نقاط داعش وتنفيذ ضربات ضد من تبقوا من الإرهابيين“.

اضف تعليق