الانتخابات الرئاسية المصرية للعام 2018، وهي رابع انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر وثالث انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير. دخلت اليوم مرحلة جديدة بعد ترشيح المهندس موسى مصطفي موسى رئيس حزب الغد للسباق الرئاسي لمواجهة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسى، الذي كان حتى وقت قريب المرشح الوحيد لهذا المنصب بعد انسحاب الكثير من المرشحين ولاسباب مختلفة أثارت الكثير من علامات الاستفهام بخصوص نزاهة هذه الانتخابات، التي طالبت بعض الاحزاب والشخصيات المصرية بمقاطعتها بدعوى افتقادها لمعايير النزاهة والمنافسة الشريفة.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر رسميا وكما نقلت بعض المصادر، قبول ترشح الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي ورئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى للانتخابات الرئاسية المقرر إجراء جولتها الاولى من 26 الى 28 اذا/مارس 2018. وقالت الهيئة في بيان ان السيسي وموسى "استوفيا الشروط المتطلبة قانونا" للترشح. وفي غياب اي مرشح قوي إمامه تبدو الانتخابات اقرب الى اجراء شكلي للسيسي بعد أربع سنوات من فوزه بالولاية الاولى للرئاسة التي حصد فيها نسبة 96,9% من الأصوات عام 2014. وكان موسى اعلن تأييده للسيسي اخيرا وشكل حملة اطلق عليها اسم "مؤيدون" لدعمه في الانتخابات الا ان حزب الغد قال في بيان انه قرر ترشيح رئيسة "دعما للمصلحة العليا للوطن لما يستحقه من انتخابات تعددية".
وقبل ان يتولى الرئاسة، اطاح السيسي حين كان وزيرا للدفاع وقائدا للجيش الرئيس الاسبق محمد مرسي في 2013 وذلك في خضم تظاهرات جماهيرية كبيرة طالبت برحيل مرسي الاسلامي. ومنذ توليه السلطة اسكت السيسي المعارضة الاسلامية او الليبرالية واعتقل المئات من المعارضين. خلال الاسبوعين الماضيين شهدت ساحة الانتخابات في مصر انسحابات واقصاءات لمرشحين محتملين في مواجهة السيسي، خصوصا اخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، احمد شفيق ورئيس اركان الجيش المصري السابق سامي عنان.
وما كان للسيسي أن يفوز بالتزكية إذا لم يترشح أحد أمامه، إذ يجيز القانون أن يخوض الانتخابات مرشح وحيد شريطة أن يحصل على أصوات خمسة بالمئة من إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم في جداول الانتخاب. ويتجاوز عدد الناخبين المسجلين في مصر 50 مليونا. وانتقدت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية وشخصيات معارضة العملية الانتخابية في مصر بشدة وقالت إن المناخ الذي تجري فيه شابه ترهيب مرشحي المعارضة وإلقاء القبض على مؤيديهم مضيفين أن هناك تحيزا لصالح الرئيس الحالي.
مقاطعة الانتخابات
وفي هذا الشأن دعا تحالف يضم عددا من الأحزاب والشخصيات المعارضة البارزة في مصر إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس آذار والتي كاد يخوضها الرئيس عبد الفتاح السيسي وحيدا لولا ظهور مرشح آخر في اللحظة الأخيرة بعد تراجع عدة مرشحين محتملين عن المشاركة. وقالت الحركة المدنية الديمقراطية في بيان تُلي في مؤتمر صحفي بمقر حزب تيار الكرامة المعارض بالقاهرة ”ندعو جموع الشعب المصري لمشاركتنا هذا الموقف الرافض لتلك العملية جملة وتفصيلا“. وأضاف البيان ”لم نعد أمام عملية انتخابية منقوصة الضمانات يمكن النقاش حول اتخاذ موقف منها.. وإنما صرنا بصدد مصادرة كاملة لحق الشعب المصري في اختيار رئيسه“.
وانسحب مرشحون محتملون من السباق قبل أن يبدأ قائلين إن السلطات بذلت جهودا حثيثة للقضاء على حملاتهم الانتخابية وهي في مهدها بهجوم من وسائل إعلام وترهيب للمؤيدين وتكريس عملية الترشيح لصالح السيسي. واحتجزت السلطات الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش الأسبق بعد إعلان نيته الترشح ووجهت له عدة تهم من بينها التزوير والترشح دون الحصول على إذن من القوات المسلحة التي لا يزال على قوتها بصفته ضابطا مُستدعى. وينفي معاونوه ارتكابه أي مخالفات.
وتضم الحركة المدنية، التي تشكلت في ديسمبر كانون الأول، ثمانية أحزاب هي الدستور والعدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي وتيار الكرامة ومصر الحرية والتحالف الشعبي الاشتراكي والإصلاح والتنمية والعيش والحرية (تحت التأسيس). ويشارك فيها أيضا 150 شخصية من السياسيين والنشطاء والشخصيات العامة من أبرزهم حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق وهشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات وأحد قادة حملة عنان.
واتهمت الحركة، في مؤتمرها الصحفي الذي شارك فيه ما يربو على 40 سياسيا وناشطا معارضا، الدولة بغلق المجال العام وانتهاك الدستور وعدم احترام الحقوق والحريات والانحياز للسيسي في الانتخابات وتسخير الإعلام لتشويه المنافسين. وقالت في بيانها ”أن تسارع المهازل في الأيام الأخيرة لإخلاء الساحة قسريا للرئيس الحالي بممارسات أقرب لممارسات الديكتاتوريات البدائية القديمة، بما حول الأمر إلى فضيحة.. ثم عندما استعصت الفضيحة على الستر جاءت طريقة التجمل فضيحة إضافية“.
وقدم موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد أوراق ترشحه إلى الهيئة الوطنية للانتخابات قبل دقائق من غلق باب الترشح، وأثار ترشحه المفاجئ والسريع اتهامات بأنه يلعب دورا في مسرحية هدفها تجميل المشهد وحتى لا تصبح الانتخابات مجرد استفتاء على السيسي. ورفض موسى، وهو من مؤيدي السيسي، هذا الاتهام وقال إنه يخوض منافسة شريفة بهدف الفوز. وقالت الهيئة الوطنية للانتخابات إن مراجعة لأوراق السيسي وموسى انتهت إلى أنهما استوفيا الشروط القانونية للترشح، مضيفة أنهما دخلا القائمة المبدئية للمرشحين رسميا. وسُتعلن القائمة النهائية للمرشحين يوم 20 فبراير شباط وبعد ذلك ستبدأ فترة الدعاية.
وذكرت الهيئة في بيان، نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن السيسي أرفق بطلب ترشحه 549 تزكية من نواب البرلمان المؤلف من 596 عضوا بالإضافة إلى نحو 162 ألف توكيل تأييد من مواطنين، في حين أرفق موسى 20 تزكية برلمانية فقط. وينص قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية على ضرورة أن يحصل الراغب في الترشح على تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب حتى تقبل أوراق ترشحه، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها.
وكانت حملة السيسي قالت إنها تلقت نحو 915 ألف توكيل من مواطنين لكنها قدمت 173 ألفا منها فقط للهيئة الوطنية بالإضافة إلى استمارات تزكية من 549 نائبا بالبرلمان. وقال حزب الغد إن موسى حصل على تزكية 27 نائبا بالبرلمان وأكثر من 47 ألف توكيل شعبي. ويسعى السيسي لإعادة انتخابه لفترة ثانية وأخيرة مدتها أربع سنوات خلال الانتخابات التي ستجري على مدى ثلاثة أيام من 26 إلى 28 مارس آذار.
وانتُخب السيسي وزير الدفاع السابق في عام 2014 بعد عام من قيادته الجيش للإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي. ومن المتوقع أن يفوز بسهولة في الانتخابات المقبلة، وهي الاقتراع الرئاسي الثالث منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك. وقال صباحي في المؤتمر الصحفي ”لا للمشاركة في مهزلة تسمى انتخابات. هذه ليست انتخابات. لا ضمانات.. لا مرشحين.. لا حريات“.
وأضاف ”لن نشارك فيما تريده هذه السلطة. نحملها المسؤولية. هي التي قادت الوطن إلى هذا المأزق نتيجة تعسفها وتغولها وغطرستها وانفرادها بالرأي.. وهو الرأي الخطأ“. وقال إن أحد شعارات حملتهم الداعية للمقاطعة هو (خليك بالبيت). وقال مسؤولون في الحركة إن الفترة القادمة ستشهد تحركات على الأرض في مختلف المناطق لحشد التأييد الشعبي للمقاطعة.
ودعت عدة شخصيات سياسية بارزة إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة من بينهم حازم حسني المتحدث باسم حملة عنان والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح المحسوب على التيار الإسلامي. وانتقدت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية ومعارضون العملية الانتخابية في مصر بشدة وقالوا إن المناخ الذي تجري فيه شابه ترهيب مرشحي المعارضة وإلقاء القبض على مؤيديهم. لكن السلطات المصرية رفضت الاتهامات الموجهة لها ودافعت عن سلامة ونزاهة العملية الانتخابية، ودعت المواطنين للمشاركة بكثافة في الانتخابات والاختيار بحرية.
وتعهدت الهيئة الوطنية للانتخابات بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة. ولم يشارك البرلماني السابق محمد أنور عصمت السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية والمحامي الحقوقي البارز خالد علي مؤسس حزب العيش والحرية في مؤتمر الحركة المدنية الديمقراطية. وكان الاثنان أعلنا تراجعهما عن فكرة الترشح للرئاسة بسبب العراقيل التي واجهتهما ومؤيديهما. وكان الفريق أحمد شفيق قائد القوات الجوية ورئيس الوزراء الأسبق أعلن تراجعه عن الترشح قائلا إن إقامته لنحو خمس سنوات في الإمارات ربما أبعدته عن المتابعة الدقيقة لما يجري في مصر. وجاء هذا الإعلان في خضم انتقادات كبيرة له في وسائل الإعلام المؤيدة للدولة.
وأصيب جنينة، معاون عنان في حملته، إثر تعرضه لهجوم من ثلاثة أشخاص بأسلحة بيضاء خارج منزله. ودعت الحركة المدنية الديمقراطية جميع القوى الوطنية والديمقراطية إلى العمل معا ”من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تضمن التداول السلمي للسلطة لتخرج مصر من هذا النفق المظلم“. وأضافت ”سيتحول هذا النهج إلى خطوات تنفيذية على أرض الواقع في الأجل القريب“. بحسب رويترز.
وردا على سؤال حول هل تقبل الحركة المدنية الديمقراطية التحالف في المستقبل مع مؤيدي شفيق وعنان وكلاهما محسوب على نظام حسني مبارك الذي أطيح به في انتفاضة شعبية عام 2011، قال صباحي ”شروطنا في التحالفات واضحة.. أي أحد ينبذ العنف ومع فكرة الدولة المدنية الديمقراطية أي ليس مع دولة مبارك أو دولة الإخوان... من مع طريق ثالث غير هؤلاء فهو معنا ونحن معه ونحن نسعى له“.
تأيد الرئيس
الى جانب ذلك قال مسؤول إن الهيئة العليا لحزب الوفد رفضت طلب رئيس الحزب السيد البدوي شحاتة الترشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى في مصر في مارس آذار منافسا للرئيس عبد الفتاح السيسي. وقالت الهيئة في بيان صدر عقب الاجتماع ”قررت الهيئة العليا تجديد التأكيد علي قرارها السابق بتأييد وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية تفرضها الظروف والتحديات التي تواجه مصر والتي لا يستطيع التصدي لها إلا الرئيس الحالي“.
ويقول أعضاء في الحزب إنهم يشعرون بأن ترشح شحاتة لن يكون جديا بالقدر الكافي وأن القصد منه لا يزيد على أن تظهر الانتخابات في صورة تنافسية في غياب مرشحين آخرين بجانب السيسي الذي يسعى للفوز بفترة ثانية وأخيرة مدتها أربع سنوات. وقال مساعد رئيس حزب الوفد ورئيس اللجنة الإعلامية ياسر حسان إن 43 عضوا في الهيئة العليا للحزب من بين أعضائها الستين حضروا اجتماعا استمر ساعات وإن أغلبية ساحقة منهم رفضت تفويض شحاتة الترشح باسم الحزب. بحسب رويترز.
وقال بيان الهيئة ”بناء علي ما تقدم قررت الهيئة العليا للوفد عدم خوض انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة“. وكان شحاتة قال في مقابلة مع صحيفة الشروق المصرية”لن أترشح لانتخابات الرئاسة ولن يكون للوفد مرشح لأن الوفد حزب سياسى عمره 100 عام ويعرف اتخاذ القرار السياسى المناسب في الوقت المناسب“.
بلطجة وترهيب
في السياق ذاته قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن النيابة العامة أمرت بحبس ثلاثة أشخاص احتياطيا على ذمة التحقيقات بتهمة الاعتداء على المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات. وقالت الوكالة إن النيابة أسندت للثلاثة اتهامات الضرب والبلطجة والسرقة بالإكراه وحيازة أسلحة بيضاء بغير ترخيص وإتلاف الممتلكات الخاصة.
وقال محامي جنينة وعائلته إن سيارتين أوقفتاه فور مغادرته منزله وهاجمته مجموعة من الرجال بالسكاكين والعصي. ويتلقى جنينة العلاج في المستشفى لإصابته بنزيف في العين وبعض الكسور. وعمل جنينة في حملة رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان لخوض انتخابات الرئاسة أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل توقف الحملة. وقبل توقف الحملة اعتبر البعض ترشح عنان المحتمل خطرا على فرص إعادة انتخاب السيسي في الاقتراع المقرر في مارس آذار. بحسب رويترز.
وتوقفت حملة عنان فجأة بعد احتجازه واتهم بالترشح للرئاسة دون إذن الجيش. وقالت أسرة عنان إنه موجود في مركز احتجاز عسكري دون تقديم أي تفاصيل. وخلال رئاسته للجهاز المركزي للمحاسبات قال جنينة إن الفساد كبد مصر خسائر بمليارات الدولارات. وأصدر السيسي قرارا بإعفائه من منصبه في 2016. وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قالت في بيان إن سعي عنان للترشح لانتخابات الرئاسة يعتبر انتهاكا خطيرا لقانون الخدمة العسكرية.
وجاء في البيان ”القوات المسلحة لم تكن لتتغاضى عما ارتكبه المذكور من مخالفات قانونية صريحة مثلت إخلالا جسيما بقواعد ولوائح الخدمة“. وأضاف البيان أن عنان أعلن الترشح ”دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له“.
اضف تعليق