تطورات عسكرية جديدة تشهدها الساحة السورية، بعد ان سعت الحكومة السورية وبالتعاون مع حلفائها الى التحرك لتحرير مدينة ادلب وباقي المناطق الاخرى، هذه العملية التي وصفها بعض الخبراء بالمهمة جدا جاءت بالتزامن مع تحركات وخطط اخرى تقوم بها تركيا، التي اعلنت عن بدء عملية عسكرية في عفرين، بعد طرح واشنطن خطتها لتشكيل قوة أمنية كردية لحماية الحدود، وهي الخطوة التي أثارت غضب أنقرة الرافضة إقامة حزام كردي على حدودها.
فيما تهدف الحملة التي تشنها تركيا منذ أربعة أيام إلى طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية المدعومين من الولايات المتحدة عبر هجوم بري وجوي على منطقة عفرين السورية، وتسببت الحملة في فتح جبهة جديدة في الحرب الأهلية السورية.
وقال ماتيس وزير الخارجية الاميريكي إن عفرين كانت تشهد حالة من الاستقرار قبل العملية العسكرية التركية، وقال ماتيش ”في منطقة عفرين، كنا وصلنا فعليا إلى مرحلة تتدفق فيها المساعدات الإنسانية، وكان اللاجئون يعودون...الهجوم التركي عطل تلك الجهود“.
وثار غضب تركيا من الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب، والذي تعتبره تهديدا لأمنها القومي. وسبب ذلك توترا شديدا في العلاقات بين البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي، وتأمل الولايات المتحدة في استغلال سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية وأيضا سيطرة المقاتلين العرب المدعومين من واشنطن في شمال سوريا لتحصل على المزيد من النفوذ الدبلوماسي في الوقت الذي تسعى فيه لإحياء المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف بشأن اتفاق قد ينهي الحرب الأهلية في سوريا.
ويتمثل موقف الولايات المتحدة الأساسي في التفاوض في أن عملية الانتقال السياسي يجب أن تتم بعيدا عن الرئيس السوري بشار الأسد الذي تلقي عليه واشنطن باللوم في الصراع العنيف وتتهمه باستخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه.
على صعيد ذي صلة، وكانت تركيا وكما نقلت بعض المصادر، قد أطلقت قبل نحو شهرين عملية عسكرية في إدلب في إطار تطبيق اتفاق مناطق خفض التصعيد، وتمكن الجيش التركي بهدوء أثار أسئلة كثيرة من إقامة مراكز مراقبة دون اشتباكات بين القوات التركية أو فصائل الجيش الحر -التي تدعمها أنقرة- مع هيئة تحرير الشام (تكتل فصائل معارضة مسلحة) التي لا يشملها اتفاق خفض التصعيد. وتأتي أهمية إدلب ضمن اتفاقات خفض التصعيد ولمستقبل الحل في سوريا كونها خاضعة بشكل كامل لسيطرة ما يسمى المعارضة المسلحة، خصوصا هيئة تحرير الشام التي سيطرت على المدينة وعدد من بلداتها بما في ذلك معبر باب الهوى الإستراتيجي، كما أنها تتاخم مراكز سيطرة كبيرة للمعارضة في أرياف حلب وحماة خاصة.
وفيما يخص اخر تطورات هذه العملية، قال التلفزيون السوري إن قوات الجيش السوري والقوات المتحالفة معه سيطرت على قاعدة جوية في محافظة إدلب وإنها تواصل هجومها لبسط السيطرة داخل أكبر معقل لقوات المعارضة في سوريا. وصارت المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا نقطة محورية في الحرب حيث استولت قوات الحكومة على عشرات من القرى فيها على مدى الأسابيع الماضية. وبمساعدة بعض الفصائل وإسناد جوي من روسيا تقدمت القوات صوب قاعدة أبو الظهور الجوية العسكرية التي طرد مقاتلو المعارضة قوات الجيش منها عام 2015.
وفي بث من خارج قاعدة أبو الظهور قال التلفزيون السوري إن الجيش يقوم بتمشيط القاعدة حاليا بحثا عن ألغام ويقاتل معارضين في محيطها. وقالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لجماعة حزب الله إن الجيش السوري وحلفاءه اقتحموا القاعدة. وأضافت أن قوات أخرى موالية للحكومة سيطرت على قرى في ريف حلب. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن الجيش وحلفاءه سيطروا بالكامل على المطار بعد ضربات جوية عنيفة ضد مقاتلي المعارضة. وقال المرصد ووحدة الإعلام الحربي إن مجموعات من القوات الحكومية كانت على محورين متقابلين التحمت لتشطر المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة إلى قسمين.
الهجوم على عفرين
قال مسؤول تركي رفيع إن مقاتلات تركية قصفت مواقع لمسلحين أكراد مدعومين من الولايات المتحدة يوم السبت في خطوة من المرجح أن تعمق الخلاف بين أنقرة وواشنطن، ومن شأن العملية العسكرية فتح جبهة جديدة في الحرب الدائرة في سوريا ووضع أنقرة في مواجهة مع الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة في وقت وصلت فيه العلاقات بين واشنطن وأنقرة إلى نقطة حرجة.
وقال المسؤول التركي إن الغارات استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية السورية وأضاف أن الجيش السوري الحر، وهو من مقاتلي المعارضة ومدعوم من تركيا، بدأ أيضا في تقديم دعمه للعملية العسكرية التركية في عفرين، وقالت وحدات حماية الشعب إن عددا من الأشخاص أصيبوا في الغارات الجوية.
وجاءت الهجمات بعد أسابيع من تهديدات وجهها الرئيس التركي طيب إردوغان وحكومته لوحدات حماية الشعب في سوريا. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي حمل السلاح على مدى ثلاثة عقود في جنوب شرق تركيا، وأقلق النفوذ المتنامي لوحدات حماية الشعب في مناطق واسعة من شمال سوريا أنقرة التي تخشى قيام دولة كردية مستقلة على حدودها الجنوبية.
وأكد الجيش التركي في بيان أن العملية العسكرية في عفرين بدأت وقال إنها تهدف إلى تأمين الحدود التركية وإلى ”القضاء على الإرهابيين... وإنقاذ الأصدقاء والأشقاء من أهالي المنطقة من قسوتهم“، وقال الجيش يوم السبت إنه استهدف ملاجئ ومخابئ تستخدمها وحدات حماية الشعب ومقاتلين أكراد آخرين مشيرا إلى أن المسلحين الأكراد أطلقوا نيرانهم على مواقع داخل تركيا، لكن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة التي تشكل وحدات حماية الشعب مكونا رئيسيا فيها اتهمت تركيا يوم السبت باستغلال القصف عبر الحدود ذريعة لشن الهجوم عليهم في سوريا.
وزادت الخلافات حول الأزمة في سوريا من توتر العلاقات المضطربة أصلا بين تركيا والولايات المتحدة الحليفتين في حلف شمال الأطلسي. ودعمت واشنطن وحدات حماية الشعب باعتبارها شريكا فعالا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة إن التدخل العسكري التركي في سوريا سيقوض الاستقرار في المنطقة ولن يساعد في حماية أمن الحدود التركية، ودعا تركيا إلى التركيز بدلا من ذلك على قتال الدولة الإسلامية. واتهمت أنقرة واشنطن باستخدام جماعة إرهابية لقتال جماعة أخرى في سوريا.
وقف الهجمات في ادلب
من جانب اخر قالت مصادر بالرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي بضرورة وقف هجمات النظام السوري على محافظة إدلب ومنطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق من أجل نجاح قمة سوتشي وعملية آستانة. واتفقت تركيا وروسيا وإيران في العام الماضي على إقامة ”منطقة عدم تصعيد“ في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة والمناطق المحيطة بها والمتاخمة لتركيا.
لكن مقاتلين معارضين ووحدة الإعلام الحربي التي يديرها حزب الله اللبناني، وهو يحارب في صف الحكومة السورية، قالوا إن حملة تقودها الحكومة ويساندها مقاتلون اكتسبت قوة دفع في إدلب في الأسبوعين الأخيرين. واستدعت تركيا سفيري روسيا وإيران إلى وزارة الخارجية لتطلب منهما دعوة الحكومة السورية لوقف انتهاكات الحدود بمنطقة عدم التصعيد في إدلب. وطلبت وزارة الدفاع الروسية من الجيش التركي تشديد رقابته على الجماعات المسلحة في إدلب بعد أن هاجمت مجموعتان من الطائرات بلا طيار قواعد روسية في السادس من يناير كانون الثاني. بحسب رويترز.
واتهمت تركيا الحكومة السورية باستغلال وجود جبهة النصرة، التي تحارب حاليا تحت لواء تحالف هيئة تحرير الشام، ذريعة لمهاجمة المدنيين وجماعات المعارضة المعتدلة. وتقول جماعات إغاثة إنسانية وعمال إنقاذ ونشطاء إن القوات الجوية السورية والروسية قصفت مستشفيات ومدارس وأسواقا في مناطق مكتظة بالسكان في بلدات تسيطر عليها المعارضة. وينفي الجيش السوري وموسكو قصف المناطق المدنية ويقولان إن الضربات المكثفة لا تستهدف سوى المتشددين.
عملية خاصة
في السياق ذاته اعلن الجيش الروسي انه نجح في "تصفية" منفذي الهجوم بقذائف الهاون في الحادي والثلاثين من كانون الاول/ديسمبر على قاعدة حميميم الروسية في سوريا، والذي اوقع قتيلين روسيين. واعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان ان "قيادة قواتنا في سوريا شنت عملية خاصة وتمكنت من تصفية مجموعة المقاتلين الذين شنوا هجوما بالهاون على قاعدة حميميم".
واوضح البيان ان مكان وجودهم كان خاضعا لمراقبة الطائرات المسيرة للجيش الروسي، و"خلال المرحلة الاخيرة من العملية رصدت مجموعة القوات الخاصة الروسية موقع هؤلاء المقاتلين قرب الحدود الغربية لمحافظة ادلب". وتابع البيان ان المقاتلين الذين لم يكشف انتماؤهم كانوا يستعدون لمغادرة مخيمهم في حافلة صغيرة عندما "تمت تصفيتهم بصاروخ موجه من نوع كراسنوبول". واوضح انه تم ايضا تدمير "مركز تجمع وتخزين لطائرات مسيرة" في محافظة ادلب. بحسب فرانس برس.
وكان عسكريان روسيان قتلا في الحادي والثلاثين من كانون الاول/ديمسبر الماضي في قصف بقذائف الهاون استهدف قاعدة حميميم، بحسب ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية في الرابع من كانون الثاني/يناير. كما اصاب القصف سبع طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي باضرار بينها طائرات من نوع سوخوي-24 وسوخوي-35. واضاف البيان ايضا ان الاجراءات الامنية عززت كثيرا بعد هذا القصف على قاعدة حميميم الواقعة غرب سوريا. ورغم اعلانها سحب قسم من قواتها من سوريا في كانون الاول/ديسمبر الماضي فان روسيا لا تزال تحتفظ في سوريا بثلاث كتائب من الشرطة العسكرية لحماية قاعدة حميميم وقاعدة طرطوس العسكرية البحرية، ومركز المصالحة بين المتنازعين.
اضف تعليق