قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتبار مدينة القدس (بشطريها الشرقي والغربي) عاصمةً لما يسمى دولة اسرائيل والبدء بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة الفلسطينية المحتلة، مايزال محط اهتمام واسع فهذا القرار الذي اعلن في6 ديسمبر/كانون أول 2017، واثار موجة من الانتقادات العالمية دفع القيادة الفلسطينية كما نقلت بعض المصادر، الى البحث عن سبل رد جديدة، خصوصا مع تصاعد الغضب الشعبي واعمال العنف داخل الارضي المحتلة، قالت الرئاسة الفلسطينية إن مدينة القدس ستكون مفترق طرق مع قوى دولية وإقليمية. وأضاف نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني في بيان ”مدينة القدس ... ستكون مفترق طرق مع قوى دولية وإقليمية لمواجهة الاحتلال الذي يصر على مواصلة استيطانه واعتداءاته في ظل الموقف الأمريكي المنحاز ضد شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة“.
وأعلن الفلسطينيون بشكل رسمي وقف الاتصالات مع الإدارة الأمريكية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر كانون الأول الماضي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وقال أبو ردينة ”التحولات الجارية والتي تحاول المس بأسس الهوية الوطنية الفلسطينية تفرض على دورة المجلس المركزي القادمة تحديات كبيرة ودقيقة لمواجهة هذه التحديات عبر تحقيق وحدة الموقف الوطني والقومي“.
ويرى بعض المراقبين ان هذا القرار سيسهم أيضا في عرقلة كافة الجهود والتحركات الدولية لانهاء العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصا وان قوات الاحتلال تسعى اليوم الى الاستفادة من وجود ترامب في سبيل تنفيذ خططها التوسعية، وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان بامكان الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل ابيب الى القدس في غضون عام واحد، بحسب ما اوردت وسائل الاعلام الاسرائيلية. وتناقلت وسائل الاعلام عن نتانياهو، قوله "سيتم نقل السفارة الى القدس أسرع مما تعتقدون. في غضون عام من الآن". وكان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون اكد ان نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس لن يتم على الأرجح قبل عامين على الاقل.
وقد وضع قرار ترامب حدا لعقود من الدبلوماسية الاميركية التي كانت تتريث في جعل قرار الاعتراف بالقدس واقعا. والقدس في صلب النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد احتلت اسرائيل الشطر الشرقي من القدس وضمته عام 1967 ثم اعلنت العام 1980 القدس برمتها "عاصمة ابدية" في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة. ويؤكد المجتمع الدولي ان الوضع النهائي للقدس يجب ان يتم التفاوض عليه بين الطرفين.
اتفاق أوسلو
من جانب اخر اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن إسرائيل "أنهت" اتفاقيات أوسلو للسلام الموقعة مع الفلسطينيين في 1993، وأدت إلى قيام السلطة الفلسطينية. وفي كلمة ألقاها في افتتاح جلسة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير، قال عباس إنه يرفض خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة للسلام واصفا إياها بـ"صفعة العصر". وقال عباس في كلمة ألقاها في افتتاح جلسة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية "لم يبق أوسلو. إسرائيل أنهت أوسلو".
ويهدف اجتماع المجلس المركزي إلى بحث الردود المناسبة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر الفائت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ورفض عباس خطة ترامب الجديدة للسلام مع إسرائيل واصفا إياها بأنها "صفعة العصر". وقال "قلنا لا لترامب ولن نقبل مشروعه، وصفقة العصر هي صفعة العصر ولن نقبلها".
وفي خطاب استمر نحو ساعتين، كرر عباس أن الفلسطينيين لن يقبلوا بالولايات المتحدة كوسيط في محادثات السلام مع إسرائيل. وأضاف "إننا سلطة من دون سلطة وتحت احتلال من دون كلفة، ولن نقبل أن نبقى كذلك". ووقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقيات أوسلو للحكم الذاتي الفلسطيني في 1993. وتابع الرئيس الفلسطيني "إننا لا نقبل أن تكون أمريكا وسيطا بيننا وبين إسرائيل" مؤكدا أن الفلسطينيين يرغبون بعملية سلام تقودها لجنة دولية.بحسب فرانس برس.
كما انتقد عباس السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان والسفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي لمواقفهما الداعمة تماما للموقف الإسرائيلي. وكون فريدمان مؤيد للاستيطان في الأراضي المحتلة. وأكد عباس أنه لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تلعب دور الوسيط في محادثات السلام. وجمدت القيادة الفلسطينية اتصالاتها مع الإدارة الأمريكية وقررت عدم لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس.
اعمال عنف جديدة
من جانب اخر اشتبك مئات الفلسطينيين مع جنود إسرائيليين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة مع استمرار الاحتجاجات على الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتقع مثل هذه الاشتباكات بشكل متكرر لكن التوتر زاد منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر كانون الأول الذي أثار الغضب في أنحاء العالم العربي والإسلامي وأثار أيضا قلق حلفاء واشنطن الأوروبيين وروسيا.
وقُتل 17 فلسطينيا وإسرائيلي واحد منذ إعلان ترامب لكن محللين قالوا إن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لا يرغبان في تصعيد كبير. ووفقا لتسجيل فيديو اقترب بضع مئات من سكان غزة من السياج الحدودي مع إسرائيل ورشقوا الجنود الإسرائيليين بالحجارة في حين رد الجنود بإطلاق قنابل الغاز لتفريقهم. وتجمعت مجموعات أقل عددا في مدينتين بالضفة الغربية حيث أضرم محتجون النار في إطارات السيارات ورشقوا الجنود بالحجارة. ورد الجنود الإسرائيليون بإطلاق قنابل الغاز وقنابل الصوت. بحسب رويترز.
وقال مسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني إن 14 فلسطينيا أصيبوا بالرصاص الحي في اشتباكات. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إنها تتحرى صحة التقارير. وقال علي وهو طالب جامعي (20 عاما) من سكان قطاع غزة ”نريد أن يعلم الأمريكيون أن سفك دماء أناس عزل هنا هو مسؤولية رئيسهم“.
من جانب اخر قالت مصادر طبية فلسطينية وشهود عيان إن شابين فلسطينيين قتلا برصاص قوات إسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. وقال مسعفون وشهود إن شابا عمره 16 عاما قتل وأصيب آخران في اشتباك قرب سياج حدودي بين غزة وإسرائيل حيث رشق فلسطينيون القوات الإسرائيلية بالحجارة. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إن أعمال شغب عنيفة اندلعت في موقعين على حدود غزة شارك فيها قرابة 50 فلسطينيا حيث رشقوا القوات بالحجارة ودفعوا بإطارات مشتعلة نحوها وهو ما شكل خطرا على الجنود الذين ردوا بإطلاق أعيرة تحذيرية أعقبها إطلاق الرصاص على أشخاص محددين. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن فلسطينيا آخر عمره 16 عاما أيضا قتل في اشتباكات في قرية بورين قرب بلدة نابلس في وسط الضفة الغربية المحتلة.
وقالت المتحدثة إن القوات التي تمشط المنطقة، بحثا عن المشتبه بقتلهم مستوطنا إسرائيليا قتل بالرصاص هذا الأسبوع، تعرضت لهجوم ”بوابل من الحجارة“ وإن الجنود أطلقوا النار على المحرض الرئيسي. وذكرت أن الجيش على علم بمقتل فلسطيني. وأطلق مسلحون من غزة، التي تهيمن عليها حركة حماس 18 صاروخا صوب إسرائيل وقتل عنصران من حماس في ضربات جوية انتقامية شنتها إسرائيل. وقتلت نيران القوات الإسرائيلية 14 محتجا في اشتباكات عبر الحدود.
شد الرحال
على صعيد متصل دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسلمين والمسيحيين إلى ”شد الرحال“ لزيارة القدس دعما لأهلها ولهويتها العربية والإسلامية بعد القرار ”المشؤوم“ للرئيس الأمريكي، مشددا على أن الزيارة ليست تطبيعا مع إسرائيل. وكان عباس يتحدث في مؤتمر دولي ينظمه الأزهر الشريف بالقاهرة لنصرة القدس بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر كانون الأول إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وقال عباس إن الجولة الأخيرة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ”أكدت لنا صواب دعوتنا لأبناء أمتنا العربية والإسلامية من المسلمين والمسيحيين على السواء من أجل شد الرحال إلى المدينة المقدسة نصرة لأهلها المرابطين فيها وفي أكنافها ورفعا لروحهم المعنوية وهم يواجهون أعتى المؤامرات التي تستهدف وجودهم“. وأضاف “إن التواصل العربي والإسلامي مع فلسطين والفلسطينيين ومع مدينة القدس وأهلها على وجه الخصوص هو دعم لهويتها العربية والإسلامية وليس تطبيعا مع الاحتلال أو اعترافا بشرعيته... ”إن الدعوات لعدم زيارة القدس بدعوى أنها أرض محتلة لا تصب إلا في خدمة الاحتلال ومؤامراته الرامية إلى فرض العزلة على المدينة.. فزيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان“.
وجدد عباس رفضه واستنكاره لقرار ترامب ”المشؤوم“ بشأن القدس. وقال ”نتمسك بالسلام كخيار لشعبنا ولكن سلامنا لن يكون بأي ثمن.. سلامنا يستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67“. ويمثل قرار ترامب عدولا عن السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود وعن الإجماع الدولي على ضرورة ترك وضع المدينة لمفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وكان وزراء الخارجية العرب طالبوا الولايات المتحدة في اجتماع طارئ بإلغاء القرار وقالوا إنه ”يقوض جهود تحقيق السلام“. وقالوا آنذاك أيضا إن هذا الإجراء من شأنه أن يفجر العنف في المنطقة ووصفوا إعلان ترامب بأنه ”انتهاك خطير للقانون الدولي“ ولا أثر قانونيا له. وصوتت 128 دولة بينها كل الدول العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يحث الولايات المتحدة على سحب قرارها. بحسب رويترز.
ووصف أحمد الطيب شيخ الأزهر قرار ترامب بشأن القدس بأنه ”جائر“. ودعا إلى مواجهة القرار ”بتفكير عربي وإسلامي جديد يتمحور حول تأكيد عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها“. واقترح شيخ الأزهر أن يكون 2018 ”عاما للقدس الشريف تعريفا به، ودعما ماديا ومعنويا للمقدسيين، ونشاطا ثقافيا وإعلاميا متواصلا، تتعهده المنظمات الرسمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الدينية والجامعات العربية والإسلامية، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها“.
اضف تعليق