بعد ان أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق "الاستئصال الكامل" للمتشددين من تنظيم داعش في العديد من مناطق سوريا، عاد اليوم وبعد زيارة مفاجئة الى سوريا التقى خلالها الرئيس بشار الاسد، الى الاعلان عن سحب جزئي للقوات الروسية المشاركة في هذه الحرب، وكانت روسيا قد بدأت حملة عسكرية كبيرة بهدف دعم استقرار حكومة الرئيس الأسد، التي تمكنت من كسر طوق الجمود على عدة جبهات أساسية، من أهمها حلب، هذا القرار الجديد أصبح اليوم محط اهتمام واسع، حيث يرى بعض المراقبين ان انسحاب روسيا من الأراضي السورية في هذا الوقت تحديدًا خصوصا وان المنطقة العربية تشهد الكثير من التوتر في عدة دول عربية، هو إعلان سياسي انتخابي، يهدف الى اسكات الاصوات المعارضة التي تطالب بسحب القوات الروسية من حرب باهظة التكاليف وغير شعبية، وقد جاء هذا الإعلان في بداية التوقيت الذي يستعد فيه بوتين لعرض ملخص نتائج فترة رئاسته من خلال مؤتمر صحفي يحضره أكثر من 1000 صحفي والمقرر انعقاده في وقت قريب.
ومن المتوقع أن يعلن بوتين خلال المؤتمر نتائج الحرب السوريا، وعلى الرغم من زيادة نسبة التوقعات بفوز بوتين لفترة رئاسية جديدة خلال الانتخابات المقرره في مارس القادم، الا ان توقيت الانسحاب أمر في غاية الأهمية للرأي العام والمعارضة الروسية. هذا الامر رفضه الكرملين وقال دميتري بيسكوف المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، إن عملية إنقاذ سوريا انتهت، وتم تحرير الأراضي السورية من الإرهابيين، ولم تعد هناك حاجة أكثر من ذلك إلى استخدام القدرات العسكرية الواسعة في سوريا، وأكد أن الرئيس الروسي لهذا السبب اتخذ قرار سحب القوات.
ورفض بيسكوف وصف القرار بأنه خطوة انتخابية أقدم عليها بوتين، ضمن حملته للانتخابات الرئاسية الروسية، وأكد أن القرار تم اتخاذه لأن الوضع في سوريا حالياً أصبح مختلفاً جذرياً عما كان عليه قبل عدة أشهر. وأشار، في سياق متصل، إلى أن الرئيس بوتين لم يستبعد احتمال أن يحاول الإرهابيون رفع رأسهم مجدداً في سوريا، وأكد سيتم توجيه ضربات ساحقة لهم (إن فعلوا ذلك) بحجم وقوة لم يروا مثيلاً لها من قبل.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن عودة جزء كبير من القوات الروسية من سوريا، تنفيذاً للقرار الذي أعلن عنه بوتين، خلال زيارته المفاجئة للقاعدة الروسية في حميميم، من جانب اخر شككت بعض الجهات بجدية هذا القرار باعتبار روسيا أصبحت لاعب أساسي وقوة مهمة في المنطقة، ومن المستحيل ان تعمد لمثل هكذا قرار يصب في مصلحة الخصوم ويعرض مصالحها للخطر، ونقلت بعض المصادر عن الكرملين، أن روسيا ستبقي قاعدتين إحداهما بحرية والأخرى جوية في سوريا لتنفيذ ضربات ضد المسلحين إذا لزم الأمر. ويشار إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، بدأ في سبتمبر 2015، عبر شن غارات جوية على مواقع تنظيم داعش. ونشر بين 4 و5 ألاف جندي روسي في سوريا خلال العامين الماضيين غالبيتهم في قاعدة حميميم غرب سوريا.
انسحاب جزئي
وفي هذا الشأن أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بانسحاب جزئي للقوات الروسية من سوريا، خلال زيارة له لم يعلن عنها مسبقا. واستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، بوتين لدى وصوله إلى قاعدة حميميم الجوية، في محافظة اللاذقية، بحسب ما ذكرته وكالة إنترفاكس للأنباء، ثم عقد الرئيسان محادثات بينهما.
وكان بوتين قد أعلن في 2016 عن عزمه سحب معظم القوات الروسية من سوريا. ومن المقرر أن يجري الزعيم الروسي أيضا محادثات في مصر وتركيا. ونقلت وكالة آر آي إيه نوفوستي للأنباء عن بوتين قوله "أمرت وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ببدء سحب القوات الروسية إلى قواعدها الدائمة". وأضاف "لقد اتخذت قرارا: بسحب جزء كبير من الفرقة الروسية الموجودة في سوريا وعودتها إلى موطنها في روسيا". بحسب بي بي سي.
وقال بوتين إنه "إذا رفع الإرهابيون رؤوسهم مرة أخرى"، فإن روسيا "ستشن غارات عليهم لم يروا مثلها من قبل". وأضاف "لن ننسى أبدا الضحايا والخسائر التي تكبدناها في القتال ضد الإرهاب هنا في سوريا، وأيضا في روسيا". وقال بوتين للرئيس الأسد إن روسيا تريد العمل مع إيران، الحليف الرئيسي الآخر للرئيس السوري، وتركيا، التي تدعم بعض فصائل المعارضة، للتوصل إلى السلام في سوريا.
من جانبه قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن القوات الروسية بدأت بالفعل الانسحاب من سوريا، حسبما نقلت عنه وكالة ريا نوفتسي الروسية. وأضاف شويغو إن فترة سحب القوات "تتوقف على الوضع الميداني" في سوريا. وجاءت تصريحات شويغو بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا. لجدير بالذكر أن روسيا بدأت عمليتها العسكرية في سوريا في أيلول/سبتمبر عام 2015، وفي أذار/مارس عام 2016 التالي أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن سحب غالبية القوات الروسية من سوريا، إلا أن الجانب الروسي لا يزال ملتزما بتزويد سوريا بالأسلحة وتدريب قواتها، كما استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) 11 مرة لإفشال قرارات دولية ضد نظام الأسد، وترعى روسيا بمشاركة تركيا وإيران مسار أستانا الذي يجمع المعارضة السورية ونظام الأسد، الذي توصلت من خلاله إلى مناطق خفض التصعيد.
شكوك وتصريحات
في السياق ذاته أعرب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن شكوكه في انسحاب القوات الروسية من سوريا. وقال جاويش أوغلو في تصريح لقناة "أن تي في" التركية: "لدى روسيا قاعدتان في سوريا، وعسكريون موجودون في مختلف مناطق البلاد. وفي المنطقة أيضا قواعد للولايات المتحدة. وبالتالي فإن التصريحات عن سحب القوات الروسية من سوريا لا تبدو واقعية". وتابع الوزير قائلا: "في كل حال تم تحقيق تقدم ملموس في محاربة إرهابيي "داعش" في سوريا. وركز نظام بشار الأسد وإيران وروسيا الاهتمام على مسائل أخرى".
ونقلت وكالة أنباء الاناضول التركية التصريحات التي أدلى بها أوغلو لقناة ان تي في التركية، حيث قال: "روسيا سبق أن سحبت جنودا من سوريا، لكن مع احتدام الاشتباكات أرسلت جنودا بأعداد أكبر لاحقا." وأضاف أوغلو قائلا: "روسيا والولايات المتحدة تمتلكان قواعد عسكرية في المنطقة.. لذلك فإنه في حال خلق انطباع يوحي بالانسحاب من هناك، فإن ذلك ليس صحيحا ولا واقعيا..
وقد جاء ذلك تعليقا عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا، حيث أمر الرئيس بوتين ببدء سحب جزء كبير من القوات الروسية في سوريا بعد الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي. وأشارت موسكو إلى أنه لم يعد من الضروري وجود قوة عسكرية روسية كبيرة في سوريا بعد دحر "داعش"، لكن روسيا تعتزم مواصلة استخدام القاعدة البحرية في طرطوس وقاعدة حميميم الجوية.
من جانب اخر شككت وزارة الخارجية الأمريكية (البنتاغون)، بقرار روسيا المتعلق بسحب قواتها من الصراع في سوريا. جاء ذلك في مؤتمر صحفي للمتحدث باسم البنتاغون، الرائد روبرت مانينغ، في مقر وزارة الدفاع الأمريكية بواشنطن. وقال مانينغ، أن "تعليقات الروس حول سحب قواتهم من سوريا يخالف الخفض الحقيقي للقوات". وأضاف أن "هذا القرار لن يؤثر على أولويات الولايات المتحدة في سوريا". وأشار أن "التحالف سيواصل العمل في سوريا، دعماً للقوات المحلية على الأرض من أجل إستكمال الهزيمة العسكرية لداعش وإعادة الاستقرار للمناطق المحررة، والسماح للسوريين المهجرين واللاجئين بالعودة".
من جانبه أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، إيريك باهون أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء سحب قوات بلاده من سوريا لن يؤثر على أعمال وأولويات الولايات المتحدة في سوريا. وقال باهون: "إن الأخبار الروسية عن سحب القوات لا تعني، في كثير من الحالات، التقليص الحقيقي للقوات ولا تؤثر على أولويات الولايات المتحدة في سوريا". وأضاف أن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي تقوده واشنطن سيواصل نشاطه بسوريا، وفق بيان البنتاجون.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ صيرومولوتوف، أن نطاق سحب القوات الروسية من سوريا بعد دحر الإرهاب يتوقف على تطورات الوضع، مؤكدا أن القاعدتين في حميميم وطرطوس ستواصلان العمل. وقال صيرومولوتوف في حديث لوكالة نوفوستي: "اعتقد أن القاعدتين ستبقيان، لكني لا أعرف في أي شكل"، ونصح بالتوجه لوزير الخارجية للتوضيح أكثر. وأضاف أن مساحة الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" في سوريا الآن تقلصت بشكل ملحوظ لتبلغ نحو 10% من الأراضي التي كانت بحوزته سابقا، فيما لا تزال المناطق الخاضعة لتنظيم "جبهة النصرة" واسعة نسبيا. وأشار المسئول الروسي إلى أن بعض الجماعات المسلحة غير الشرعية تتنقل بين التنظيمين، "داعش" و"النصرة"، وأحيانا تتحرك بمفردها. وتعمل القاعدتان الروسيتان على أساس اتفاقيات موقعة مع الحكومة السورية.
اضف تعليق