q

تصاعدت من جديد حدة التوترات بين الولايات المتحدة الامريكية وايران، بسبب تصريحات وقرارات ادارة البيت الأبيض ضد إيران وبرنامجها النووي، فمع تزايد الحديث عن عودة العقوبات الأمريكية على إيران والتهديدات المتبادلة، يرى بعض المراقبين ان المنطقة ربما ستكون مقبلة على صراع وحرب جديدة، خصوصا وان الادارة الامريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب قد شددت من موقفها تجاه سياسة ايران وعملت من اجل تجميد الاتفاق حيث إعلان ترامب عن إستراتيجية جديدة حيال الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية، وهو ما اثار غضب واستياء طهران التي هددت باتخاذ اجراءات مضادة ومنها الانسحاب من الاتفاقية النووية المبرمة مع القوى الغربية في العام 2015، بحسب تصريحات لرئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقرى، أوردتها وكالة أنباء فارس الرسمية، حال إعادة فرض عقوبات جديدة بحقها. وقال "باقرى"، إن انسحاب إيران من الاتفاق سيكون حتميا لو عادت العقوبات تحت أى مسمى آخر، متابعا: و"علينا اتخاذ القرار الصائب أمام التهديدات في الوقت المناسب".

ومنذ صعوده تبنى الرئيس الأمريكى نهجا تصعيديا ضد إيران، وتوعدها خلال حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاقية النووية ، وتمزيقها ووصفها بـ"أسوأ" اتفاق تبرمه الولايات المتحدة في تاريخها، وفشل ترامب أيضا في حشد عالمي ضد الاتفاق النووى الإيرانى. حيث اكدت الكثير من الدول ومنها الشركاء للاتفاقية النووية (روسيا، الصين، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بالاضافة إلى الاتحاد الأوروبى انها مع استمرار العمل بهذا الاتفاق خصوصا وان الأدلة تشير الى التزام ايران بتعهداتها

حيث ذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الأنشطة النووية الإيرانية لا تزال ضمن الحدود الأساسية التي فرضها الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 مع ست قوى عالمية. وهذا أول تقرير يصدر منذ أن رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصديق على التزام إيران بالاتفاق. والتزمت إيران بكبح برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات الدولية التي شلت اقتصادها. وقام مفتشون من الوكالة بالتحقق مرارا من التزام طهران بالجوانب الأساسية في الاتفاق.

وقال تقرير سري للوكالة، إن مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب حتى الخامس من نوفمبر تشرين الثاني بلغ 96.7 كيلو جرام وهو أقل من حد 202.8 كيلو جرام المسموح به كما أن مستوى التخصيب لم يتجاوز الحد 3.67 في المئة. أما مخزون إيران مما يطلق عليه الماء الثقيل فقد بلغ 114.4 طن متري وهو أقل من الحد 130 طنا المتفق عليه مع الأطراف الموقعة على الاتفاق.

وتهدف القيود على مستوى التخصيب والمخزون من اليورانيوم والماء الثقيل إلى ضمان عدم جمع إيران مواد بدرجة نقاء تكفي لإنتاج قنبلة نووية. وتحتاج القنبلة إلى يورانيوم بدرجة نقاء 90 في المئة. وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو قال إنه سيرحب بتوضيح من القوى العالمية بشأن كيفية مراقبة الوكالة لتنفيذ إيران لما يسمى ”بالقسم تي“ من الاتفاق النووي وهو الجزء المعني ببعض التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في تطوير قنبلة ذرية. وانتقدت روسيا رقابة الوكالة على شروط ”القسم تي“ لكن تقرير قال إن الوكالة الدولية تحققت من التزام إيران بهذا الجزء.

شروط صارمة

وفي هذا الشأن وضعت مسودة تشريع بمجلس الشيوخ شروطا صارمة جديدة للاتفاق النووي مع إيران منها استعادة العقوبات إذا اختبرت طهران صاروخا باليستيا قادرا على حمل رأس حربي أو منعت المفتشين النوويين من دخول أي موقع. ويأتي ذلك المسعى التشريعي عقب رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التصديق على التزام إيران بالاتفاق المبرم مع القوى العالمية الكبرى.

وقال منتقدون للتشريع الذي صاغه عضوا المجلس الجمهوريان بوب كوركر وتوم كوتون بدعم من إدارة ترامب إنه قد يجعل الولايات المتحدة في حالة انتهاك للاتفاق الدولي إذا ما جرى إقراره. وحذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، التي وقعت أيضا على الاتفاق، وكذلك روسيا والصين من أن خطة ترامب قد تحدث خلافا مع واشنطن وتهدد بتقويض المصداقية الأمريكية في الخارج. بحسب رويترز.

وكان كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أبلغ أن إدارة ترامب لا بد أن تعمل عن كثب مع الحلفاء الأوروبيين لدى وضع سياستها الجديدة تجاه إيران. وتوسع مسودة التشريع نطاق تقييم يتعين على الإدارة إصداره بشأن التزام إيران بالاتفاق لتضيف عوامل متعلقة بقضايا من التجارة إلى ما إذا كانت إيران تستخدم الطائرات التجارية المرخصة في الولايات المتحدة لأغراض الطيران غير التجاري. والمسودة تعديل مقترح لقانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني الصادر في 2015. وستعيد على الفور فرض عقوبات علقها الاتفاق إذا ما اعتُبرت إيران قادرة على تطور سلاح نووي خلال عام.

الى جانب ذلك قال وزير المخابرات الإسرائيلي إسرائيل كاتس إن بلاده مستعدة للجوء إلى عمل عسكري لضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية أبدا. وقال كاتس”إذا لم تمنع الجهود الدولية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الأيام إيران من اكتساب قدرات نووية فستتحرك إسرائيل بنفسها عسكريا“. وأضاف ”هناك تعديلات يمكن إدخالها (على الاتفاق) لضمان عدم اكتسابهم القدرة على امتلاك سلاح نووي أبدا“.

وقامت إسرائيل من قبل بتحركات أحادية دون موافقة حليفتها الولايات المتحدة شملت ضربات جوية لموقع يشتبه أنه مفاعل نووي في سوريا في 2007 وفي العراق في 1981. لكن توجيه ضربة لإيران سيكون مجازفة خطرة إذ يمكن أن تؤدي لضربة مضادة وأن تهز أسواق المال. وربما يثير تهديد إسرائيل بضربة عسكرية تأييدا داخل الولايات المتحدة لتشديد بنود الاتفاق النووي لكن قد يكون له تأثير معاكس بتشجيعه المتشددين في إيران وتوسيعه فجوة في العلاقات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين.

ايران والاتحاد الاوروبي

الى جانب ذللك قال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن أي خطوة يتخذها الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وما تردد عن تورطها في نزاعات الشرق الأوسط سيكون ”مثيرا للاهتمام ومفيدا“. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اتخذ موقفا أكثر تشددا تجاه إيران من سلفه باراك أوباما، إنه ينبغي كبح برنامج إيران للصواريخ الباليستية ومعاقبة طهران بشأن دورها في اليمن وسوريا.

كما ضرب ترامب عرض الحائط بالاتفاق النووي الذي وقعته إيران في 2015 مع قوى عالمية بشأن برنامجها النووي بالامتناع عن تأكيد التزام إيران ببنود الاتفاق. وينبغي أن يحدد الكونجرس الأمريكي قبل منتصف ديسمبر كانون الأول ما إذا كان سيعيد فرض عقوبات اقتصادية على إيران كان قد تم رفعها مقابل تقييد أنشطتها النووية. لكن الاتحاد الأوروبي، الذي ينسق عادة مع واشنطن عن كثب عندما يتعلق الأمر بالعقوبات الدولية، يضغط بقوة للحفاظ على الاتفاق النووي وقال إن هذا الاتفاق ينبغي أن يبقى منفصلا عن برنامج الصواريخ والشؤون الأمنية في المنطقة.

وفي وقت سابق ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتمال فرض عقوبات جديدة وقال إنه ”قلق للغاية“ بشأن برنامج إيران الصاروخي في أعقاب إطلاق صاروخ من اليمن على السعودية. وقال المسؤول بالإدارة الأمريكية للصحفيين في بروكسل ردا على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن تريد من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على إيران ”ستكون بالتأكيد خطوة مثيرة للاهتمام للغاية وربما مفيدة من جانب الاتحاد الأوروبي“.

ولا يوجد توافق في الاتحاد الأوروبي حيث يستلزم فرض أي عقوبات موافقة جميع الدول الأعضاء على أي إجراءات عقابية وهي الحقيقة التي أوضحتها مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد بعد رئاسة محادثات لوزراء الخارجية. وقالت فيدريكا موجيريني للصحفيين ردا على سؤال بشأن تصريحات ماكرون ”لم نتناقش، (و) لا أتوقع أي نقاش مستقبلا أيضا لفرض المزيد من العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي على إيران“. وأضافت ”الصواريخ الباليستية لا تدخل في نطاق (الاتفاق النووي). إنه نقاش واقتراح لم يطرح أبدا على طاولتنا في الشهور الماضية ولا أتوقع حدوث ذلك في المستقبل القريب“.

وامتنع مسؤول الإدارة الأمريكية عن التصريح بما قد يفعله الكونجرس في أعقاب تحرك ترامب لكنه قال إن أي عقوبات أمريكية جديدة ستستهدف على نطاق ضيق أشخاصا وكيانات متورطة تورطا مباشرا في المجالات المثيرة للقلق. وأضاف ”ينبغي أن نتوقع استمرار استخدام وسيلة العقوبات الأمريكية في مجالات مثل منع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومنع المنظمات الإرهابية وتدهور وضع حقوق الإنسان داخل إيران“. بحسب رويترز.

وقال المسؤول الأمريكي أيضا إن الغرب ينبغي أن يواصل الضغط على روسيا طالما لم تتراجع عن ضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2015 أو تطبق الجانب الخاص بها من اتفاق سلام متعلق بشرق أوكرانيا الذي يسيطر عليه متمردون موالون لموسكو. ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو تقيد العمل في قطاعات الطاقة والدفاع والمال الروسية وتسري حتى يناير كانون الثاني عام 2018.

تظاهرات ضد ترامب

على صعيد متصل تظاهر آلاف الايرانيين في طهران هاتفين "الموت لأميركا" احتجاجا على سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "ضد ايران"، أمام مبنى السفارة الأميركية السابق، في ذكرى احتلالها عام 1979. ويرمز هذا الاحتفال السنوي الى بداية احتلال السفارة، الذي دام 444 يوما، من قبل طلاب اسلاميين احتجزوا أكثر من 50 دبلوماسيا أميركيا رهائن، الأمر الذي أدى الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وكما كل عام، ردّد المتظاهرون هتافات أبرزها "الموت لأميركا" و"الموت لاسرائيل" وأحرقوا أعلاما أميركية. فيما أتى البعض الآخر بدمى على صورة ترامب وراحوا يضربونها بالعصي. ورفع نموذج بالحجم الطبيعي لصاروخ بالستي أمام مبنى السفارة السابق كرمز ل"المقاومة" في وجه الولايات المتحدة، التي تبنت في الآونة الأخيرة عقوبات جديدة ضد البرنامج البالستي الايراني والحرس الثوري.

وصرّح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني "هذه السنة، سياسة ترامب ضد ايران حشدت الايرانيين أكثر". وأكد شمخاني الذي رفض أي تفاوض بشأن البرنامج البالستي، أن "سلاح التهديد والعقوبات الأميركي محكوم عليه بالفشل". وأكد البيان الذي أصدره التجمع وقُرئ على المنصة أن "الشعب الايراني يعتبر الولايات المتحدة مجرمة وعدوته الرئيسية ويدين تصريحات الرئيس الأميركي المسيئة بالنسبة الى الشعب الايراني والحرس الثوري".

وصعد الرئيس الأميركي في الآونة الأخيرة لهجته إزاء طهران التي يتهمها بنشر الفوضى في الشرق الأوسط. وهدد في منتصف تشرين الأول/أكتوبر بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي "في أي وقت"، مطالبا الكونغرس بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران. وشددت واشنطن عقوباتها على الحرس الثوري فيما أضافت وزارة الخزانة الأميركية أسماء نحو أربعين شخصا أو كيانا ايرانيا على لائحة العقوبات "ضد الارهاب". وسمح الاتفاق الايراني الذي أبرم في 2015 بين ايران والقوى العظمى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) بترطيب الأجواء بين طهران وواشنطن.

وقال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في خطاب بثه التلفزيون إن الولايات المتحدة هي ”العدو الأول“ لإيران وإن طهران لن تذعن لضغوط واشنطن بشأن الاتفاق النووي. وقال خامنئي”تصريحات الرئيس الأمريكي الغبية ضد شعبنا تظهر عمق العداء الأمريكي لأمتنا الإيرانية برمتها“. وأضاف ”أمريكا هي العدو الأول لأمتنا“. واستمر خامنئي، منذ التوصل للاتفاق في عام 2015، في شجب الولايات المتحدة علنا مشيرا إلى أن العداء بين البلدين الذي يرجع تاريخه لقيام الثورة الإسلامية عام 1979 لن يتراجع بسبب الاتفاق.

تهديدات ايرانية

في السياق ذاته قال قائد قوات الحرس الثوري الإيراني إن بلاده لا تحتاج إلى زيادة مدى صواريخها الباليستية لأنها قادرة حاليا على الوصول إلى القوات الأمريكية المتمركزة بالمنطقة. وبينما يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات جديدة على برنامج إيران الصاروخي قال الميجر جنرال محمد علي جعفري ”العقوبات لن تؤدي سوى لزيادة عدد الصواريخ الإيرانية ودقتها“.

وصوت مجلس النواب الأمريكي بتأييد فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وحث ترامب حلفاء الولايات المتحدة على الانضمام إلى واشنطن في القيام بتحرك قوي لوقف ”سلوك إيران الخطير والمزعزع للاستقرار“ بما في ذلك فرض عقوبات تستهدف برنامجها لتطوير الصواريخ. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن جعفري قوله ”مدى صواريخنا ألفا كيلومتر ويمكن زيادته لكننا نعتقد أن هذا المدى كاف للجمهورية الإسلامية لأن معظم قوات الولايات المتحدة ومعظم مصالحها بالمنطقة تقع في هذا النطاق“.

وأضاف قائلا ”الأمريكيون يسعون إلى فرض عقوبات جديدة على الحرس الثوري بشأن برنامجه الصاروخي لكن هذه ذريعة للإضرار باقتصاد إيران“. وتملك إيران واحدا من أكبر برامج الصواريخ بالشرق الأوسط وبعض صواريخها دقيقة التوجيه قادرة على ضرب إسرائيل. وتقول الولايات المتحدة إن برنامج إيران الصاروخي ينتهك القانون الدولي لأن الصواريخ يمكن أن تحمل رؤوسا نووية في المستقبل. وتنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية وتقول إن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط. من جانب اخر قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران ستواصل إنتاج الصواريخ لأغراض دفاعية ولا تعتبر ذلك انتهاكا لأي اتفاقات دولية. وقال روحاني ”لقد أنتجنا، وننتج، وسنواصل إنتاج الصواريخ. هذا لا ينتهك أي اتفاقات دولية.“

اضف تعليق