ملف العلاقات المتوترة بين ايران ودول الخليج العربي، مايزال يشكل مصدر قلق كبير للعديد من دول المنطقة، التي تخشى من تفاقم الأزمات والتوترات الحالية خصوصا وان المنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار الامني بسبب الصراعات والحروب، يضاف اليها الخلافات السياسية المتزايدة بين بعض الحكومات، والتي كانت سببا في بناء تحالفات عسكرية جديدة دخلت فيها دول عظمى تسعى الى تأمين مصالحها الخاصة في هذه المنطقة المهمة والغنية بالثروات، والعلاقات الخليجية الإيرانيَّة تشهد حالة من الصراع المزمن الذي يمتدّ منذ قيام الثَّورة الإيرانيَّة عام 1979 وحتى الآن.
حيث تخشى الحكومات الخليجية وكما نقلت بعض المصادر، من استفحال الدور الايراني داخل دول الخليج، خصوصا بعد الأحداث والتحولات الكبيرة التي شهدتها دول الجوار الإقليمي كما حصل في (سوريا واليمن والعراق) الأمر الذي عده البعض تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار دول الخليج، التي سعت وبحسب بعض المراقبين، الى إيجاد خطط مختلفة وبناء تحالفات جديدة من اجل ايقاف تنامي النفوذ الإيراني.
خصوصا وان ايران قد سعت في السنوات الاخيرة الى بناء قوة عسكرية غير تقليدية. يمثل بتطوير ترسانتها العسكرية و وإدخال الصواريخ بعيدة المدى إلى الخدمة العامة، هذه التطورات دفعت حكومات الخليج الى التحرك من جديد في مختلف الاتجاهات لاجل محاصرة إيران وتشديد الضغط عليها، وهو ما دفع طهران ايضا الى استخدام أساليب وخطط مضادة لضمان مصالحها، خصوصا بعد ان تعهدت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب، بزيادة التعاون الأمني مع دول الخليج والتصدي للتحركات الايرانية في المنطقة.
حرب النفوذ
وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقد حضت دولة الإمارات إيران وتركيا على إنهاء ما وصفته بأعمالهما "الاستعمارية" في سوريا مشيرة إلى عدم الارتياح بشأن تقليص نفوذ دول الخليج العربية في الحرب. وتعارض الإمارات، المتحالفة مع المملكة العربية السعودية في المنطقة، الرئيس السوري بشار الأسد وإيران الداعمة له كما تبدي قلقا من تركيا، التي تربطها صلات بقوى إسلامية تعارضها الإمارات في شتى أرجاء المنطقة العربية.
وحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، خلال مؤتمر صحفي في ابو ظبي مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، الذي تدعم بلاده الأسد عسكريا، على "خروج هذه الأطراف الساعية إلى تقليص سيادة الدولة السورية" مشيرا إلى أنه "يتحدث تحديدا وبوضوح عن إيران وتركيا". بحسب فرانس برس.
وأضاف :"إذا استمرت الدولتان في التدخل بنفس الأسلوب التاريخي والنظرة الاستعمارية في الشؤون العربية، فسوف نستمر في هذا الوضع ليس في سوريا فحسب، كما هو الحال اليوم، بل في دولة أخرى غدا". وكانت قوى إقليمية ودولية قد تدخلت في الحرب الدائرة في سوريا قبل ست سنوات بغية تحقيق مصالح هناك. وأرسلت إيران قوات ومساعدات عسكرية لدعم نظام حكم الأسد الذي يقاتل معارضين أغلبهم من السنّة المدعومين من السعودية ودول خليجية أخرى.
وقال لافروف والشيخ عبد الله إنهما اتفقا على ضرورة وضع نهاية تفاوضية للحرب. وقال لافروف إن روسيا تأمل في أن تفضي جهود توحيد مواقف المعارضة السورية إلى المساعدة في عملية السلام. وأضاف :"كانت ثمة خلافات عميقة في الماضي أفضت إلى إخفاق بعض الاجتماعات، لكننا سنواصل تشجيع المشاركة في جميع المحافل". وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه بمساعدة ضربات جوية روسية بدأت منذ عام 2015 من استعادة أراض كانوا فقدوها، في حين يتقهقر تنظيم داعش من معاقله في شرقي سوريا أمام هجوم الجيش السوري وهجوم منافس يشنه معارضون أكراد وعرب تدعمهم الولايات المتحدة.
الى جانب ذلك اتهمت وزارة الخارجية الإيرانية، سلطات دولة الإمارات في القيام بالعديد من "المؤامرات التخريبية"، داعية أبو ظبي إلى الكف عن ممارسة مثل هذه "السياسات المدمرة". وفي رده على التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي ذكر فيها أن إيران تقوم بدور مزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، إن مثل هذه الادعاءات "غير صحيحة وغير بناءة وقائمة على الأوهام"، معتبرا أن "سياسات أبو ظبي تخريبية وغير بناءة وتؤجج التوتر في المنطقة".
وأعرب قاسمي، في مؤتمر صحفي، حسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، عن أسفه لأن "أبو ظبي ارتكبت خلال السنوات الأخيرة العديد من المغامرات، التي تخطت بها إمكانياتها الحقيقية، وأثارت مشاكل كثيرة في المنطقة". وأشار قاسمي إلى مشاركة الإمارات "في الحرب والقتل الظالم، ومحاولة احتلال قسم من اليمن، والتدخل في ليبيا، وتحريض بعض دول المنطقة لفرض حصار وحظر على دول أخرى"، مضيفا في هذا السياق أن السلطات الإماراتية يجب عليها "أن تتوقف عن ممارسة مثل هذه السياسات المدمرة وعديمة الجدوى والمحرضة".
تجارة مزدهرة
لم تمنع التجاذبات السياسية بين الإمارات وإيران بسبب الجزر الثلاث (طنب الصغرى - طنب الكبرى – أبو موسى) الواقعة في مضيق هرمز، عند مدخل الخليج، والتي سيطرت عليها إيران عام 1971 مع انسحاب القوات البريطانية من المنطقة واستقلال الإمارات، من تنامي العلاقات التجارية بين البلدين.
وتشير تقديرات شبه رسمية، إلى أن عدد الإيرانيين الذين يعيشون في الإمارات يقترب من نصف مليون شخص، بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون بشكل رئيس في قطاعات المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية وغيرها من المواد.
وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري، في تصريحات في يونيو/حزيران 2015، إن حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين بلاده وإيران بلغ نحو 17 مليار دولار في عام 2014، فيما قُدّر حجم هذا التبادل التجاري بين البلدين بنحو 15.7 مليار دولار في عام 2013 و17.8 مليار دولار في عام 2012، و23 مليار دولار في عام 2011 و20 مليار دولار في عام 2010.
ودائماً ما تؤكد الإمارات خلال لقاءاتها الرسمية مع طهران على رغبتها الجامحة في مضاعفة حجم التبادل التجاري أياً كان رقمه، ولم تكشف الإمارات بيانات حديثة بشأن تبادلها التجاري مع إيران، وسط توقعات بزيادته إلى مستويات تاريخية جديدة نتيجة إنهاء العقوبات الأميركية على طهران.
وتُبدي الإمارات رغبة في رفع مستوى التعاون مع إيران في مجال الطيران المدني، حيث توجد 200 رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين، تلعب دوراً في تعزيز التبادل التجاري والتعاون بين مجتمع الأعمال، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به في المجال السياحي.
اضف تعليق