q

بعد الانتصارات المهمة والكبيرة التي حققتها القوات العراقية المشتركة على تنظيم داعش الارهابي في مدينة الموصل المحررة, بدأت معركة أخرى أكثر أهمية هي معركة تحرير مدينة تلعفر، اخر معاقل هذا التنظيم الارهابي في العراق، والتي قد تكون معركة صعبة ومختلفة ولاسباب كثيرة، فمعركة تلعفر وبحسب بعض المراقبين ومنهم الباحث السياسي محمد كريم جبار الخاقاني، لها أهمية خاصة لمكانتها الاستراتيجية التي تُحظى بها تلك المدينة في ظل التقاتل الدولي والإقليمي, فهي تتميز بأبعادها الجيو سياسية، وذلك من خلال الانخراط الإقليمي في التجهيز للمعركة والتي قد بدأت بالفعل من الناحية السياسية قبل المعركة العسكرية، فمن ناحية، تعتبر تلعفر من المدن العراقية والتي تسكنها قوميات مختلفة ( التركمانية والعربية والكردية).

و تعد ايضا الرابط للحدود العراقية السورية، وبذلك تحوز تلك المدينة اهمية استثنائية في ادراك كل من الدول الساعية الى إيجاد موطئ قدم في العراق عموماً وفي تلعفر خصوصاً ومن تلك الدول, ايران وتركيا التي تعارض مشاركة قوات الحشد الشعبي في هذه المعركة، اضافة الى مخاوف جهات وقوى داخلية اخرى. وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء العمليات العسكرية لاستعادة مدينة تلعفر شمال العراق، آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى. وخير العبادي في تغريدة على تويتر مسلحي داعش بين الاستسلام أو القتل، وتسعى القوات العراقية لكسر خطوط الصد الأولى لداعش للتوغل في عمق تلعفر. ويقدر أمنيون، بناء على الطبيعة الجغرافية للمنطقة، أن تستمر العملية لـ10 أيام. وتأتي عملية استعادة تلعفر، بعد نحو شهرين من إعلان رئيس الوزراء العراقي تحرير مدينة الموصل بعد معارك استمرت تسعة أشهر.

استعادة تلعفر

وفي هذا الشأن أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان عبر التلفزيون، انطلاق العملية العسكرية لاستعادة مدينة تلعفر في محافظة نينوى شمال العراق من قبضة تنظيم داعش الارهابي وأوضح العبادي أن كافة القوات العراقية من جيش وشرطة وقوات مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الحشد الشعبي والقوات المحلية ستشارك في العملية، بمساندة من التحالف الدولي. وقال العبادي في بيان تلاه عبر التلفزيون وهو يرتدي بزة عسكرية سوداء "أنتم على موعد مع نصر آخر سيتحقق (...) ها هي تلعفر ستعود لتلتحق بركب التحرير".

وأضاف "ها هم الأبطال يستعدون لتحرير تلعفر"، متابعا "أقولها للدواعش لا خيار أمامكم إلا الاستسلام أو القتل. كل معاركنا انتصرنا فيها وكل معارك الدواعش انهزموا فيها". وأوضح العبادي، أن القوات العراقية كافة من جيش وشرطة اتحادية، وقوات مكافحة الإرهاب، والحشد الشعبي والقوات المحلية ستشارك في العملية العسكرية، بمساندة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وبعيد إعلان العبادي، أصدرت قيادة الحشد الشعبي بيانا أعلنت فيه بدورها انطلاق عمليات "قادمون يا تلعفر"، مؤكدة أن المعارك ستتسم بـ"السرعة والدقة في تنفيذ الأهداف العسكرية على الأرض". ويعد قضاء تلعفر الأكبر بين أقضية محافظة نينوى، ويقع على بعد 70 كيلومترا إلى غرب الموصل، باتجاه الحدود مع سوريا، وكان يسكنه نحو مئتي ألف نسمة غالبيتهم من التركمان الشيعة. بحسب فرانس برس.

ويقدر عدد مقاتلي التنظيم في تلعفر بنحو ألف بينهم أجانب، بحسب ما أعلن رئيس مجلس قضاء تلعفر محمد عبدالقادر. ومنذ بدء معارك الموصل، تفرض قوات عراقية غالبيتها من الحشد الشعبي، الذي يضم فصائل شيعية مدعومة من إيران، حصارا مطبقا على تلعفر رافقه قطع طرق رئيسية تربط القضاء مع الموصل ومناطق قريبة من الحدود العراقية السورية.

تقدم مهم

الى جانب ذلك ومع بداية المعركة حققت القوات العراقية المشتركة تقدما في بعض المناطق، لتصبح على بعد نحو 30 كيلومترا من حدود المدينة، حسبما أفاد به مصدر أمني وأعلن قائد الشرطة الاتحادية العراقية الفريق رائد شاكر جودت أن قواته، بمساندة من طيران الجيش، حررت منطقة العبرة الصغيرة ضمن عملية تحرير تلعفر. وقال إن القوات تتقدم في المحور الغربي لتلعفر باتجاه مناطق السعد والزهراء والوحدة.

وأفاد بيان لهيئة الحشد الشعبي في صفحتها على فيسبوك بتحرك قوات الجيش والحشد والشرطة الاتحادية والرد السريع وجهاز مكافحة الإرهاب، بمساندة طيران الجيش. وأعرب البيان عن ثقة الهيئة في تحقيق النصر بتلعفر، مثلما تحقق في مواقع أخرى. قال مسؤول مقر عمليات شرق دجلة في الشرطة الاتحادية العراقية الفريق الركن مالك الخزرجي إن جميع القطعات العسكرية باتت جاهزة لتنفيذ عملية تحرير قضاء تلعفر غرب الموصل من تنظيم داعش.

وصرح الخزرجي لـ"راديو سوا" بأن تلعفر من أكبر الأقضية في البلاد مساحة، لكنه توقع أن تكون معركة استعادته أسهل من عملية الموصل. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول من جهته، إن القوات الأمنية ستوفر ممرات آمنة لإخلاء المدنيين المتوقع نزوحهم من القضاء، وفقا للخطة التي وضعتها قيادة العمليات المشتركة. وتعد تلعفر آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى بشمال العراق.

من جانب اخر فاد مصدر محلي في نينوى، بان "اثنين من خطوط الصد المتقدمة لتنظيم داعش في محيط قضاء تلعفر غرب الموصل، انهارت بعد ساعات قليلة من انطلاق عمليات تحرير المدينة". وأضاف أن "خسائر فادحة تكبدها داعش في عمليات القصف التي كانت مركزة ودقيقة للغاية". وفي سياق متصل، تمكن طيران الجيش العراقي، من تدمير ثلاث مفخخات لتنظيم داعش الإجرامي غربي تلعفر، بهدف عرقلة التقدم إلى عمق المدينة.

وتلعفر موغلة في القدم إذ يعود تاريخها إلى آلاف السنين وكانت جزءا من الامبراطورية الآشورية. وتضم البلدة قلعة من العهد العثماني تضررت في العام 2014 حين فجر جهاديو تنظيم داعش بعضا من أسوارها. وقبل أن يسيطر التنظيم على البلدة مع بداية هجومه في حزيران/يونيو 2014، كان عدد سكان تلعفر يقدر بنحو مئتي ألف نسمة. لم تصمد تلعفر، الجيب ذو الغالبية الشيعية في منطقة غالبيتها من السنة، إلا أياما عدة بعد سقوط الموصل بيد الجهاديين. غالبية هؤلاء السكان كانت من التركمان، إحدى اكبر الاقليات الإثنية في العراق. وعمق هجوم الجهاديين الصدع بين تركمان العراق على أسس طائفية.

فقد استهدف تنظيم داعش شيعة تلعفر بشكل مباشر، فيما التحق بعض أبناء هذه الأقلية السنة بالجهاديين، وعمدوا إلى تشكيل فرقة حظيت بسمعة سيئة داخل قيادة التنظيم الجهادي في الموصل. وتقع مدينة تلعفر في منتصف الطريق بين مدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق، والحدود السورية التي يسيطر التنظيم على أجزاء منها وهو اعلن في 2014 اقامة دولة الخلافة في العراق وسوريا. وتمكنت القوات العراقية من طرد التنظيم في تموز/يوليو من الموصل، بعد معارك استمرت أكثر من تسعة أشهر. بحسب فرانس برس.

واستخدم التنظيم بلدة تلعفر مركزا للتجمع في حزيران/يونيو 2014 للهجوم على الموصل والسيطرة على ثلث أراضي البلاد بعد انهيار القوات العراقية. وتولت قوات مكافحة الإرهاب والجيش وقوات الشرطة استعادة الموصل فيما ركزت فصائل الحشد الشعبي على مهمة استعادة المناطق المحيطة بتلعفر. ووضعت تلك الفصائل هدفا معلنا، وهو استعادة السيطرة على البلدة، وقطع خطوط الامداد بين الموصل وسوريا. لذا أصبحت تلعفر نقطة محورية لصراع النفوذ الإقليمي القائم وراء الكواليس.

القوات المشاركة

في السياق ذاته تشارك فرق عراقية عسكرية عدة في معركة "تحرير" مدينة تلعفر شمال غربي العراق من تنظيم داعش المتشدد، التي أعلن عن انطلاقها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فمن الجيش العراقي وكما نقلت بعض المصادر، يشارك في المعركة الفرقة المدرعة التاسعة والفرق الخامسة عشر والسادسة عشر، وقوات المدفعية والهندسة العسكرية، بالإضافة إلى وحدات الطبابة والخدمات اللوجستية الأخرى.

وتشارك في المعركة أيضا قوات مكافحة الإرهاب، التابعة للعمليات الخاصة الأولى والثالثة، بالإضافة إلى أفراد من الشرطة الاتحادية من الفرق الآلية وفرقة الرد السريع والفرقة السادسة. وستدعم طائرات التحالف الدولي ضد داعش القوات الجوية العراقية والجيش على الأرض، في حين يشارك "الحشد الشعبي" بعدد من الأولية في المعركة. وبالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء العراقي انطلاق معركة تلعفر، ألقت الطائرات العراقية مئات الآلاف من المنشورات على مركز المدينة، دعت المواطنين للاستعداد لاستقبال القوات العراقية. وكثف سلاح الجو العراقي، ضرباته الجوية على مواقع تنظيم داعش الإرهابي في مدينة تلعفر.

على صعيد متصل ابلغ مصدر في قيادة عمليات نينوى، بان عناصر داعش اقدمت على تفخيخ وتفجير 23 منزلا داخل قلعة تلعفر بعد اخلائها من محتويتها والسجلات التي تعود لتلك العصابات التي كانت تشغلها منذ احتلال المدينة العام 2014. واشار الى ان هذه المنازل تعود للمدنيين النازحين لكن تلك العصابات اغتصبتها منذ ذلك الحين الا انها قامت باخلائها وتفجيرها انتقاما من اصحابها، ما اسفر عن اصابات بالمدنيين واضرار كبيرة بالمنازل القريبة من التفجيرات، منبها على ان ارهابيي داعش قاموا خلال الايام القليلة الماضية بتفجير عشرات المنازل وسط القضاء.

اضف تعليق