على الرغم من الاعتراضات الكبيرة التي قدمتها إسرائيل والولايات المتحدة، أصبحت فلسطين بشكل رسمي عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما سيمكنها من لعب دور جديد في حربها الطويلة ضد هذا الكيان الغاصب، خصوصا وان هذه التحركات المهمة كما يقول بعض المراقبين قد أثارت هلع وخوف الحكومة الإسرائيلية التي تعيش في حالة هستيرية وغضب عارم، دفعها الى اعتماد خطط وأساليب انتقامية جديدة ومنها اعتماد أساليب الحصار والتضييق، التي يرى البعض إنها قد تسهم بتفاقم أزمات ومشاكل السلطة الفلسطينية، التي تعاني أساسا من تحديات كبيرة بسبب عدم وجود اتفاق موحد بين قادتها، وهو ما سيدفع إسرائيل الى الاستفادة من هذه الخلافات وتعميقها هذا بالإضافة الى تحركاتها الأخرى، التي أزعجت العديد من الدول وخصوصا حلفائها السابقين الذين انتقدوا عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بتعهداتها والتزاماتها.
وستتيح هذه الخطوة التي وصفها الفلسطينيون بأنها "تاريخية" للمحكمة فتح قضايا ابتداء من الاول من نيسان/ابريل حول جرائم خطيرة ارتكبت على الأراضي الفلسطينية. وابلغ بان كي مون الدول الأعضاء في المحكمة بقرار قبوله الطلب في بيان اصدرته الامم المتحدة قال فيه ان "الامين العام تاكد ان الوثائق التي تم تسلمها تطابق المعايير قبل قبولها لايداعها". وفي بيان صدر في لاهاي، اعلن رئيس جمعية الدول الموقعة لمعاهدة روما صديقي كبا انه اخذ علما بالامر، مرحبا ب"دولة فلسطين" بوصفها العضو ال123 الكامل العضوية في المحكمة الجنائية الدولية ومشيدا بهذه "الخطوة (الجديدة) في اتجاه (اضفاء) الطابع العالمي" على معاهدة روما.
حرب جديدة على الابواب
وفي هذا الشأن يدور صراع جديد منذ اشهر بين السلطة الفلسطينية والسلطات الاسرائيلية وخصوصا مع انضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية في بداية كانون الثاني/يناير. ومنذ ذلك التاريخ تسعى اسرائيل الى معاقبة السلطة الفلسطينية من خلال تجميد تحويل قيمة الضرائب العائدة الى الفلسطينيين وغيرها من وسائل العقاب الاخرى.
وكان مجلس الامن الدولي صوت ضد مشروع قرار فلسطيني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي في 30 كانون الاول/ديسمبر الفائت، لكن القيادة الفلسطينية قررت التوجه مجددا الى مجلس الامن الدولي لطرح مشروع القرار. وطلب الفلسطينيون رسميا من الامم المتحدة الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية حيث يمكن لهم ان يلاحقوا قادة اسرائيليين بتهمة ارتكاب "جرائم حرب"، وهو الاجراء الذي ردت عليه اسرائيل عبر تجميد تحويل 106 ملايين يورو لحساب السلطة الفلسطينية وتهديد قادة السلطة بملاحقتهم قضائيا.
بدورها، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جين بساكي ان الفلسطينيين غير مؤهلين للانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية بقولها ان "الولايات المتحدة لا تعتقد ان دولة فلسطين تعتبر دولة ذات سيادة، ولا تعترف بها بوصفها ذلك، ولا تعتقد انها مؤهلة للانضمام الى معاهدة روما" التي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية. ولكنها قالت ان الادارة الاميركية ستلتزم بالقانون الخاص بتمويل الفلسطينيين وسط خطوات جديدة في الكونغرس لتجميد مساعدات سنوية تبلغ نحو 440 مليون دولار في حال سعت السلطة الفلسطينية الى الانضمام الى المحكمة.
وترفض واشنطن خطوات الفلسطينيين في الامم المتحدة وتشدد على اجراء مفاوضات مباشرة بينهم وبين اسرائيل تتولى رعايتها لتسوية النزاع. لكن هذه المفاوضات معطلة. والولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ولا يزال من غير الواضح ما هي السلطات التي تملكها لمنع انضمام الفلسطينيين الى المحكمة بعد ان قبل الامين العام للامم المتحدة طلبهم.
الى جانب ذلك غرقت مدينتا نابلس وجنين شمال الضفة الغربية المحتلة في الظلام لمدة ساعة وقالت السلطات الاسرائيلية انها قطعت الكهرباء بسبب عدم دفع متأخرات. واوضحت السلطات الفلسطينية المحلية ان آلاف المنازل تاثرت بهذا القطع. وقالت ان الاسرائيليين ابلغوها بعملية القطع بشكل مسبق. وقال مدير عام شركة الكهرباء الاسرائيلية رون تال للاذاعة ان قطع الكهرباء لمدة ساعة تم "بسبب تراكم ديون السلطة الفلسطينية الذي بلغ ملياري شيكل"، اي نحو 540 مليون يورو. بحسب فرانس برس.
ونفت السلطات المحلية في نابلس ذلك. وقالت بلدية نابلس ان الفاتورة الوحيدة التي لم تدفع وصلت قبل يومين وقيمتها 49 مليون شيكل (11,2 مليون يورو)"، مضيفة "لدينا المال لندفع وسنفعل في الايام المقبلة". واتهمت البلدية اسرائيل "بالسعي للضغط على السلطة الفلسطينية".
تحركات مضادة
في السياق ذاته قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن تعميما صدر إلى جميع السفراء الفلسطينيين للتحرك لدى الدول المعتمدين لديها لشرح أبعاد مواصلة احتجاز إسرائيل للعائدات الضريبية. وأضافت الخارجية بموقعها الرسمي أن الهدف من التحرك "شرح الأبعاد الكارثية والخطيرة المترتبة على استمرار القرصنة الإسرائيلية في احتجاز أموال الشعب الفلسطيني". ونقل الموقع عن وزير الخارجية رياض المالكي مطالبته "بتحرك دولي عاجل لفضح هذه الجريمة والضغط على الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها للإفراج عن عائدات الضرائب الفلسطينية فورا".
وحذر المالكي من تداعيات مواصلة إسرائيل احتجاز الأموال الفلسطينية على "الأمن والإستقرار في الساحة الفلسطينية وفي الإقليم وعلى فرص السلام والمفاوضات المستقبلية". وعجزت الحكومة الفلسطينية خلال الشهرين الماضيين عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه نحو 160 ألف موظف يعملون لديها في القطاعين المدني والعسكري ولم تدفع لهم إلا جزءا من رواتبهم. وتمنع الحكومة الإسرائيلية تحويل العائدات الضريبية التي تجبيها على البضائع التي تدخل السوق الفلسطينية عبرها مقابل رسوم ثلاثة بالمئة بحسب اتفاق باريس الاقتصادي ردا على انضمام الفلسطينيين إلى عدد من المنظمات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية.
وعبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن قلقه من عدم قدرة السلطة الفلسطينية على العمل بالشكل المطلوب اذا لم تتسلم قريبا عائدات الضرائب التي حجبتها إسرائيل. وقال كيري في مؤتمر صحفي "اذا أوقفت السلطة الفلسطينية أو كانت ستوقف التعاون الأمني أو حتى قررت التوقف عن العمل نتيجة المأزق الاقتصادي وهذا قد يحدث في المستقبل إذا لم يحصلوا على عائدات إضافية فسنواجه حينئذ أزمة أخرى." وأضاف "نعمل جاهدين للحيلولة دون حدوث ذلك وهذا هو السبب في تواصلنا مع أطراف أساسية للتعبير عن قلقنا ونحاول أيضا العمل سويا لإيجاد حل لهذا التحدي." بحسب رويترز.
ومن المقرر أن يعقد المجلس المركزي الفلسطيني أعلى هيئة تشريعية فلسطينية جلسة في رام الله وسيكون على جدول أعماله مناقشة تحديد طبيعة العلاقة مع إسرائيل ومن ضمنها التنسيق الأمني بين الجانبين. وحذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات سابقة من اتخاذ قرارات صعبة إذا واصلت إسرائيل احتجاز الأموال الفلسطينية دون توضيح طبيعة هذه الإجراءات. وتشكل العائدات الضريبية التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية ثلثي دخل السلطة ومن غير الواضح إذا كانت ستتمكن من دفع أي جزء من رواتب موظفيها.
218 مليون دولار
الى جانب ذلك أمرت هيئة محلفين أمريكية منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بدفع أكثر من 218 مليون دولار بعدما اعتبرت أنهما قدما دعما ماديا لإرهابيين فيما يمثل نصرا لأمريكيين رفعوا دعاوى تتعلق بهجمات وقعت في منطقة القدس منذ أكثر من عشر سنوات. وأضاف الحكم الصادر في هذه المحاكمة ذات الحساسية السياسية والتي عقدت في محكمة اتحادية في مانهاتن بعدا جديدا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي الطويل إذ لجأ ضحايا أمريكيون للصراع إلى محاكم أمريكية سعيا للحصول على تعويضات.
وأيدت هيئة المحلفين عشر أسر أمريكية رفعت دعاوى تتعلق بست هجمات ارتبطت بكتائب شهداء الأقصى وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). وقد يزيد المبلغ لثلاثة أمثاله بموجب القانون الأمريكي لمكافحة الإرهاب الصادر عام 1992 إلى 655.5 مليون دولار. لكن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أعلنتا انهما ستستأنفان الحكم. ولم يتضح أن كان المدعون بإمكانهم تحصيل التعويضات وإن كان محاموهم تعهدوا بالبحث عن الأصول الفلسطينية لتنفيذ الحكم.
وكان الضحايا وأسرهم قد طلبوا تعويضات تزيد عن 350 مليون دولار -أي أكثر من مليار دولار لدى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب- عن عمليات إطلاق نار وتفجيرات من عام 2002 إلى 2004 أودت بحياة 33 شخصا وأصابت أكثر من 450. وقالت نيتسانا دارشان ليتنر وهي واحدة من محامي المدعين "الآن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تعلمان أن هناك ثمنا يجب دفعه عن دعم الإرهاب."
وواجهت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قضايا مماثلة في الماضي لكن هذا كان أكبر حكم ضد الجانبين. وأصدر مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بيانا جاء فيه أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ستستأنفان قرار هيئة المحلفين. واعربت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية عن "خبية أملها الكبيرة إزاء القرار السلبي" الذي صدر في محكمة نيويورك بإدانة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بالمسؤولية عن دعم وتأييد سلسلة العمليات التفجيرية التي نفذت بين عامي 2004-2011.
وأضافت الحكومة "محكمة نيويورك تجاهلت السوابق القانونية التي حددتها محاكم أمريكية مرارا وتكرارا بما في ذلك حكم صدر في وقت سابق على يد القاضي الفدرالي في العاصمة واشنطن والتي أقرت أن الجهات المحلية الأمريكية ليست جهة الاختصاص المناسبة لمثل هذه الجلسات." وتابعت الحكومة في بيان "إننا مستمرون في نبذ التطرف والعنف والحفاظ على التزامنا القوي بالمقاومة السلمية والشعبية والإنصاف الدولي السياسي والقانوني والأخلاقي ونحن كما كنا دوما على أتم الاستعداد لأن نكون شريكا في عملية السلام ومدافعا صلبا عن حقوق شعبنا ووطننا للعيش كدولة حرة مستقلة ديمقراطية ومزدهرة تعيش في سلام مع جيرانها."
وقالت "هذه القضية ليست سوى محاولة إضافية من جانب جهات متشددة في إسرائيل لاستغلال وإساءة استخدام النظام القانوني في الولايات المتحدة بشكل يبرر تطرف الحكومة الإسرائيلية وتعطيل حل الدولتين وزيادة عدد المستوطنات غير المشروعة ومواصلة مصادرة وحجز موارد السلطة الفلسطينية المحدودة من الخدمات والبرامج اللازمة لشعبنا." من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان إن القرار "يحدد مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الهجمات الإرهابية القاتلة في العقد الماضي".
ويسمح النظام القضائي الأمريكي باستئناف قرارات المحلفين في الدعاوى المدنية. ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان في بيان الحكم بأنه "نصر معنوي لدولة إسرائيل وضحايا الإرهاب". وبدأت المحاكمة منذ اسابيع وهي الثانية في أقل من عام التي يجد فيها محلفون أمريكيون أن المدعى عليهم يتحملون المسؤولة وفقا لقانون مكافحة الإرهاب الذي يسمح لمواطنين أمريكيين اصيبوا في اعمال إرهاب دولية بالمطالبة بتعويضات أمام المحاكم الاتحادية.
وفي سبتمبر أيلول وجدت هيئة محلفين اتحادية في بروكلين أن البنك العربي مسؤول عن تقديم دعم مادي لحماس. وفيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية زعم محامو المدعين أن الرئيس السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ووكلاءه رتبوا بشكل روتيني دفع أموال لمهاجمين وأبقوا مهاجمين على قوائم الرواتب الفلسطينية ودفعوا أموالا لأسر مهاجمين لاقوا حتفهم. بحسب رويترز.
وقال محامون يمثلون منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية إنهما نددا بالهجمات وألقيا باللائمة فيها على أشخاص من مستويات أقل. ويرغب الفلسطينيون في إقامة دولتهم في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهي اراض استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967. وحصلت فلسطين منذ عام 2012 على وضع "دولة مراقب" في الأمم المتحدة ويتوقع أن ينضم الفلسطينيون قريبا إلى المحكمة الجنائية الدولية التي بدأت تحقيقا سيؤدي إلى توجيه اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب.
تحديات داخلية كبيرة
من جهة أخرى تتأرجح حكومة "التوافق الوطني" الفلسطينية على حافة الانهيار جراء التوتر المتفاقم بين حركة "حماس" الإسلامية وحركة فتح ما يلحق ضررا بجهود إعادة إعمار قطاع غزة ويعقد الوضع بالنسبة إلى طموح الفلسطينيين بإقامة دولتهم الموحدة. فبعد مرور أشهر على الحرب المدمرة مع إسرائيل لا يزال سكان غزة يشعرون بين الحين والآخر بانفجارات باتت حاليا على الأغلب وليدة الصراع الداخلي الذي يمزق النسيج السياسي الفلسطيني.
ولا تزال حركة حماس تبسط سيطرتها على قطاع غزة الذي سيطرت عليه في حرب أهلية قصيرة عام 2007 حتى بعد أن وافقت في يونيو حزيران الماضي على تشكيل حكومة توافق وطني تتسلم إدارة القطاع منها وتشرف على إعادة إعماره في فترة ما بعد الحرب. غير أن عجز الحكومة عن القيام بالمهام المنوطة بها أعاق عملية إعادة الإعمار في غزة حيث لا تزال 100 ألف منزل متضررا أو مدمرا جراء الحرب كما قوض محاولة انتزاع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
وعلى مدى الأسابيع الأخيرة تطورت المواجهات بين عناصر من حماس وفتح إلى أعمال عنف على الرغم من أن الغموض يحيط أحيانا بمن يقف وراءها. وانفجرت عبوات ناسفة في مصرف كبير في غزة تدفع عبره حكومة التوافق الوطني الرواتب لمعظم موظفي القطاع العام البالغ عددهم 70 ألفا والذين وظفتهم قبل أن تسيطر حماس على القطاع الساحلي الضيق.
وانتشرت صور لناشطين ينتمون لحركة فتح في غزة قالوا إن عناصر أمن من حماس جردوهم من ثيابهم وضربوهم وتركوهم في العراء وسط درجات حرارة متجمدة. يأتي ذلك بينما تتهم حماس حركة فتح باعتقال ناشطيها في الضفة الغربية حيث منطقة سيطرتها. وقال ماتيا توالدو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه "في كل مرة يضيق الخناق حول حماس ترد بافتعال معركة" واصفا هذا الاحتمال بأنه السيناريو الأسوأ غير المرجح حاليا.
ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله من الضفة الغربية إن حكومة التكنوقراط التي يرأسها لا يمكنها إدارة شؤون قطاع غزة قبل أن ترفع حماس قبضتها عنه وعن المعابر الحدودية مع مصر واسرائيل. لكن لا تلوح في الأفق أي إشارة على أن هذا الأمر سيحصل. فمن وجهة نظرها تتهم حماس الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يرأس أيضا حركة فتح ويتولى الإشراف على موازنة السلطة الفلسطينية بمحاولة خنق الحركة وإجبارها على الخضوع عبر وسائل عديدة بينها الامتناع عن دفع الرواتب موظفي الدولة في قطاع غزة البالغ عددهم 50 ألفا.
وقال محمود الزهار القيادي في حركة حماس إنه الأجدر بعباس أن يتضامن أولا مع أبناء شعبه الذي يحرمهم من الرواتب وإعادة الإعمار. كما تهاجم الحركة عباس لعدم زيارته قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل. وخلاصة القول إن الفلسطينيين يعيشون حاليا حالة من الاستقطاب تفوق أي وقت مضى مع إشراف حماس على قطاع غزة وسكانه البالغ تعدادهم 1.8 مليون شخص في حين تبسط فتح سيطرتها على الضفة الغربية التي تبعد نحو 60 كيلومترا فقط إلى الشمال الشرقي ويعيش فيها 2.8 مليون شخص.
وألمحت الدول المانحة التي تعهدت في أكتوبر تشرين الأول بدفع 5.4 مليار دولار في صندوق للفلسطينيين- بينها السعودية وتركيا وقطر وغيرها من الدول الأوروبية- إلى انها لن تتمكن من الوفاء بتعهداتها حتى تتسلم حكومة وحدة وطنية الحكم كسلطة واحدة. لكن من وجهة نظر حماس يكمن الخطر في احتمال عدم تمكنها من استعادة السلطة التي تملكها حاليا في حال تخليها عنها فعلى الرغم من فوزها في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2006 لا توجد أي إشارة على إجراء انتخابات جديدة.
أما بالنسبة لفتح فان عجزها عن بسط سيطرتها على غزة عبر السلطة الفلسطينية يحرمها من الأمل في أن يأخذ العالم بجدية جهودها لانتزاع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين فيما تستعد للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وإطلاق محاولة جديدة لانتزاع الاعتراف الدولي في الأمم المتحدة. وما يزيد الأمور تعقيدا هو أنه في حال تحقيق بعض التقدم في هذه المحاولة تشير استطلاعات الرأي إلى أن حماس ستفوز حتما في الانتخابات التشريعية المقبلة بغض النظر عن موعد اجرائها مما قد يعرقل إلى حد كبير برنامج الخطوات التي تمهد لإعلان الدولة. بحسب رويترز.
وفي هذا الإطار عبر هاني المصري وهو محلل سياسي مستقل في الضفة الغربية عن قلقه من النتائج التي قد تكون كارثية في حال عدم لجم التوتر بين حماس وفتح خصوصا بالنسبة إلى سكان غزة التواقين لإعادة بناء حياتهم بعد الحرب. واعتبر المصري أن الوضع الحالي ربما يتطور إلى اضطرابات تقرب لحظة الانفجار المحتمل الذي لن تتمكن حماس أو أي جهة من احتوائه وربما يمتد إلى الضفة الغربية.
ايطاليا والسويد
في السياق ذاته صوت النواب الإيطاليون بغالبية كبيرة على مذكرتين تشجعان حكومة ماتيو رينزي على دعم هدف قيام دولة فلسطينية. وتطلب المذكرة الأولى التي حظيت بدعم الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، من الحكومة "تشجيع الاعتراف بفلسطين" مع "أخذ قلق دولة إسرائيل ومصالحها الشرعية في الاعتبار". وتطلب مذكرة ثانية أيدها الوسطيون المشاركون في الائتلاف الحكومي، من الحكومة "تشجيع حصول اتفاق سياسي بين (حركتي) فتح وحماس، يحدد عبر الاعتراف بدولة إسرائيل ونبذ العنف، الشروط للاعتراف بدولة فلسطينية".
في المقابل، رفض النواب مذكرات أخرى عدة طرحتها أحزاب معارضة ويطلب بعضها الاعتراف بدولة فلسطين أو يدعو إلى تجنب أي إجراءات "سريعة" من شأنها "إضفاء شرعية على المنظمات الإرهابية الإسلامية بما فيها حماس". ورحبت سفارة إسرائيل في روما بالمضمون المعتدل للمذكرتين، معتبرة أن البرلمان الإيطالي "فضل دعم التفاوض المباشر بين إسرائيل والفلسطينيين وفق مبدأ الدولتين". وهاتان المذكرتان ليستا إلزاميتين للحكومة. وبذلك، يكون البرلمان الإيطالي قد تبنى موقفا أكثر حذرا من البرلمانات الفرنسية والبريطانية والإسبانية التي طالبت حكوماتها بالاعتراف بدولة فلسطين على غرار ما قامت به السويد في تشرين الأول/أكتوبر.
على صعيد متصل قالت وزيرة خارجية السويد مارجوت فالستروم إن إسرائيل أزعجت حلفاء مقربين لها بالمبالغة في رد فعلها على اعتراف ستوكهولم بدولة فلسطين وإن تصريحات إسرائيل في هذا الصدد "تخطت كل الحدود". وأضافت الوزيرة في مقابلة مع صحيفة داجنس نيهتر "الطريقة التي يتحدثون بها عنا وعن الآخرين غير مقبولة.. لم تزعج الأمريكيين فحسب بل كل من له علاقة بهم الآن." وتدهورت العلاقات بين إسرائيل والسويد منذ أن أعلن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أول خطاب له أمام البرلمان بعد توليه السلطة العام الماضي أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية.
وقالت إسرائيل إن الخطوة متسرعة ولن تسهم في احلال السلام واستدعت سفيرها للتشاور في القدس. ووصفت الولايات المتحدة اعتراف السويد بفلسطين بأنه سابق لأوانه. وقالت فالستروم في المقابلة إن السويد تدعم إسرائيل وفلسطين والسلام لكنها وجهت انتقادات لاذعة للسياسات الإسرائيلية وأضافت "إسرائيل عدوانية للغاية." وتابعت "إنهم ماضون في سياسات الاستيطان وماضون في الهدم وماضون في سياسات الاحتلال التي تنطوي على إذلال للفلسطينيين مما يجعل عملية (السلام) صعبة." بحسب رويترز.
وكان من المقرر أن تزور فالستروم إسرائيل لكنها أجلت زيارتها. وقالت الحكومة السويدية إن سبب التأجيل هو ازدحام جدول أعمالها لكن الاذاعة السويدية نقلت عن مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن فالستروم لم تكن ستحصل على استقبال رسمي من إسرائيل. وقال بول هيرشون المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية "قلنا إنه من الصعب عقد هذه الاجتماعات.. أي اجتماعات دبلوماسية من أي نوع مع اقتراب الانتخابات." وأضاف "سأضيف أن الأجواء بين إسرائيل والسويد ليست في أفضل حالاتها الآن وأن هذا أسهم في القرار. لكن القضية الرئيسية هي التوقيت وليس أي شيء آخر."
اضف تعليق