q

يبدو ان هنالك حرب باردة بين الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وهيئة الأمم المتحدة فقد انتقد ترامب قبل فوزه بالانتخابات الأمم المتحدة ووصفها بأنها "مجرد ناد يجتمع فيه الناس ويتحدثون ويقضون وقتا طيبا" فيما بين فريق ترامب إن الإدارة الجديدة "ستطالب ببعض الإصلاح والتغيير في منظمة الأمم المتحدة".

لعل من اهم أسباب هذا العداء الذي يكنه الرئيس الأمريكي لهيئة الأمم المتحدة هو أسلوبه الشعبوي والبعيد كل البعد عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التي تسعى اليها منظمة الأمم فقد قال مختصون في حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة إن حوالي 19 ولاية أمريكية قدمت مشاريع قوانين، منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من شأنها الحد من حرية التعبير والحق في الاحتجاج، وأن هذا يعبر عن اتجاه مقلق وغير ديمقراطي.

فقد ازداد عداء ترامب من الأمم المتحدة بعدما وجه الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس انتقادا شديدا عقب اصدار الرئيس الاميركي دونالد ترامب امرا تنفيذيا يحظر وصول جميع اللاجئين لمدة 120 يوما، واللاجئين السوريين الى اجل غير مسمى. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة تلك الإجراءات بأنها إجراءات عمياء وغير فاعلة واعتبر غوتيريس قرار الرئيس الأمريكي هو شكل من اشكال التمييز على اساس الديانة او الاتنية او الجنسية.

يعتقد المختصون ان هذا الامر جعل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلن الحرب ويشعل فتيلها مع الأمم المتحدة وقراراتها حيث اقترح ترامب مؤخرا بخفض قدره 28 بالمئة في ميزانية وزارة الخارجية الأمريكية والمعونات الخارجية يتضمن خفضا غير محدد في الدعم المالي للأمم المتحدة ووكالاتها وأيضا فرض حد أقصى قدره 25 بالمئة للمساهمة المالية للولايات المتحدة في ميزانية عمليات حفظ السلام.

والولايات المتحدة هي أكبر ممول للأمم المتحدة إذ تدفع 22 بالمئة من الميزانية الأساسية البالغة 5.4 مليار دولار و28.5 بالمئة من ميزانية حفظ السلام البالغة 7.9 مليار دولار. يرى الأمين العام للأمم المتحدة ان مقترحات ترامب للموازنة سيجعل عمل الأمم المتحدة "مستحيلا".

تقليص التمويل

اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص نحو الثلث من تمويل ميزانيات الدبلوماسية الأمريكية والمساعدات وهو ما يوازي نحو 19 مليار دولار. ويشمل الخفض نحو مليار دولار من تمويل مهام حفظ السلام بالأمم المتحدة وتقليص كبير من تمويل المنظمات الدولية. وفق رويترز.

وقال ترامب إن حصة الولايات المتحدة في ميزانيات المنظمة الدولية "غير عادلة". وتجري الجمعية العامة في الوقت الراهن مشاورات بشأن الميزانية الاعتيادية لعامي 2018 و2019 وميزانية مهام حفظ السلام للفترة من أول يوليو تموز 2017 وحتى 30 يونيو حزيران 2018.

عمليات حفظ السلام

هذا وقد قال الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلسي الكونجرس وأيضا الديمقراطيون إنهم لا يؤيدون هذه التخفيضات الكبيرة. وخلال مأدبة غداء مع سفراء مجلس الأمن الدولي في البيت الأبيض الشهر الماضي وصف ترامب المساهمات والولايات المتحدة أكبر مساهم في الأمم المتحدة وتدفع نحو 22 في المئة من الميزانية الأساسية للمنظمة البالغة 5.4 مليار دولار و28.5 في المئة من ميزانية مهام حفظ السلام التي تبلغ 7.9 مليار دولار. ووافق أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة (193 دولة) على هذه المساهمات.

اثار مدمرة

من جهته علق المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك على هذا القرار في بيان "الأرقام المقدمة ببساطة تجعل من المستحيل على الأمم المتحدة مواصلة كل أعمالها الأساسية للنهوض بقضايا السلام والتنمية وحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية". وقال المتحدث "إن الأمين العام ملتزم تماما بإصلاح الأمم المتحدة". وفق رويترز.

وتابع يقول "نحن مستعدون لنبحث مع الولايات المتحدة وأي دولة عضو أخرى أفضل السبل لإقامة مؤسسة قليلة التكلفة للاستمرار في أهدافنا وقيمنا المشتركة". كانت وزارة الخارجية الأمريكية قالت الشهر الماضي إنها أنهت تمويل صندوق السكان التابع للأمم المتحدة الذي يعمل في أكثر من 150 دولة. وحذر الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش من أن وقف التمويل قد يكون له "آثار مدمرة".

اتفاق عالمي

بينما قالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوربي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "دعوني أتحدث بصراحة شديدة.. وأخاطب أصدقاءنا الأمريكيين مباشرة. من الضروري لنا أن نواصل جميعا الاستثمار في منظمات الأمم المتحدة تلك. إنها مهمة للسلام والأمن العالميين بقدر أهمية الإنفاق الدفاعي أو ربما أكثر." وفق رويترز.

وذكرت أن التمويل من الاتحاد الأوروبي يصل إلى نصف الميزانية الإجمالية لتلك المنظمات ويشكل مساهمة لدعم "أمننا المشترك". وحثت موجيريني واشنطن أيضا على مواصلة الالتزام باتفاق عالمي لمكافحة تغير المناخ والذي هدد ترامب بالانسحاب منه. وتعهد بإعلان قرار بنهاية مايو أيار.

المزيد من العقوبات

من جانبها دعت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي الاتحاد الأوروبي إلى "فرض مزيد من العقوبات القوية" على الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته و"فرض إجراءات مشددة منفصلة" على كوريا الشمالية وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدولة الآسيوية.

وفيما يتعلق بإيران قالت هيلي لمجلس الأمن "الاتحاد الأوروبي قادر على عمل المزيد، وينبغي له ذلك، ليؤكد لإيران أن أفعالها التي تزعزع الاستقرار في المنطقة بما في ذلك دعمها لجماعات متطرفة وإرهابية يجب أن تتوقف." حسب رويترز.

اللقاء الاول

من اجل ذلك اجتمع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض للمرة الأولى منذ تولى الاثنان منصبيهما في وقت سابق هذا العام وأبلغ المتحدث باسم الأمم المتحدة الصحفيين في مقر الأمم المتحدة "اتفق الأمين العام والرئيس على الاجتماع مجددا في المستقبل القريب." وقال "أثناء اجتماعاته في البيت الأبيض شعر الأمين العام بأنه أجرى مناقشة مثيرة للاهتمام وبناءة بشأن التعاون بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة." وفق رويترز.

التقليص الثاني

في نفس الموضوع أصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتولى أيضا منصب وزير الخارجية توجيهات للوزارة بتقليل إسهامها المالي في الأمم المتحدة بتخفيض المبلغ وتخصيص الأموال كمساعدات لدول نامية تدعم إسرائيل في المنظمات الدولية. وفق رويترز.

والتقليص هو الثاني من نوعه هذا العام بعدما قالت إسرائيل في يناير كانون الثاني إنها ستقلل مساهماتها في المنظمة الدولية بواقع ستة ملايين دولار. وقالت وزارة الخارجية إن الخفض المعلن يعني أن إسرائيل ستقدم للمنظمة 3.7 مليون دولار فقط من التزامها الأصلي لعام 2017 البالغ 11.7 مليون دولار.

الانحياز المناهض لاسرائيل

جاء في بيان الوزارة أن القرار اتخذ بسبب "القرارات العدائية التي اتخذها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل بضعة أيام." كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قالت في وقت سابق من مارس آذار إنها تراجع مشاركتها في المجلس الذي يقع مقره في جنيف وتسعى لإصلاح جدول أعماله وإنهاء ما أطلق عليه "وسواس إسرائيل". وفق رويترز.

وورد في البيان "تجيء هذه الخطوة في إطار سعي إسرائيل مع أصدقائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة لإصلاح الانحياز المفرط المناهض لإسرائيل في الأمم المتحدة وهيئاتها." وكان الخفض السابق في المساهمات الإسرائيلية في يناير كانون الثاني احتجاجا على قرار مجلس الأمن الدولي الذي طالب بإنهاء البناء الاستيطاني الإسرائيلي على أراض يرغب الفلسطينيون في إقامة دولتهم عليها.

معاداة السامية

لذا خاطب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك قائلا "بصفتي أمينا عاما للأمم المتحدة أعتبر ان دولة اسرائيل تحتاج ان تعامل كأي دولة أخرى". وأضاف "لقد اتيحت لي الفرصة لأظهر انني جاهز للالتزام بهذا المبدأ حتى عندما يجبرني ذلك على اتخاذ بعض القرارات التي تخلق بعض الحالات غير المريحة". وفق رويترز.

ووعد غوتيريش بأنه سيكون "في المقدمة" في الصراع ضد معاداة السامية التي حذر من انها في تصاعد في أوروبا والولايات المتحدة، ووصف ذلك بانه "غير مقبول بالمطلق". وتعهد "بالحرص على أن تكون الأمم المتحدة قادرة على القيام بكل الاجراءات الممكنة لادانة معاداة السامية، ومحوها عن وجه الأرض اذا أمكن ذلك".

لا لخفض الاجور

من جانب اخر احتج موظفون غاضبون بالأمم المتحدة في جنيف على اقتراح بخفض رواتبهم بنسبة 7.5 بالمئة، أي بما يعادل راتب شهر تقريبا، ودعوا إلى إضراب إذا ما جرى تنفيذ الاقتراح. وجاء الاقتراح من لجنة الخدمة المدنية الدولية التي تضم مجموعة من الخبراء المستقلين والتي أجرت مسحا لمستوى المعيشة في ثمانية مقار للأمم المتحدة. وفق رويترز

وقالت اللجنة إن خفض رواتب العاملين في جنيف، المقرر أن ينفذ اعتبارا من أغسطس آب، سيساويهم بزملائهم في نيويورك حيث انخفضت القوة الشرائية. ورفع المئات من العاملين بمقر الأمم المتحدة في أوروبا أياديهم تعبيرا عن الموافقة على قرار برفض الخطة وخرجوا في مسيرة داخل المقر ورددوا هتافا يقول "لا لخفض الأجور‭"‬.

بطاقة الاضراب

وحث قرار العاملين هيئات تابعة للأمم المتحدة مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية على عدم تنفيذ خفض الأجور ودعا إلى إجراءات جماعية منظمة وتصاعدية تشمل التظاهر والإضراب عن العمل. قال دانيل كورك نائب رئيس اتحاد عمال منظمة العمل الدولية للحشد "إذا ما لعبنا بآخر بطاقة لدينا وهي بطاقة الإضراب يتعين أن نكون واثقين تماما من أننا سنشرك الجميع". وفق رويترز.

وقالت أليساندرا بيلوتشي المتحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف "الأمم المتحدة في جنيف تأخذ بجدية شديدة الإجراءات التي اقترحتها نقابات العمال ضد خفض الأجور المحتمل. نحن ندرس، بالتعاون مع مقار الأمم المتحدة، أفضل سبيل للمضي قدما".

اضف تعليق