أمر الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب القاضي بمنع رعايا دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة الامريكية، وكما يرى بعض المراقبين يمكن ان يشعل حرب جديدة بين ترامب والقضاء الأمريكي، الذي ينر اليوم في دستورية هذا الحظر المؤقت الذي اثار موجة من الجدل والانتقادات داخل وخارج الولايات المتحدة، المعارك القانونية أمام المحكمة العليا الأمريكية بحسب بعض المصادر قد تنتهي في الخريف بعد شهور من إصدار ترامب الأمر التنفيذي أول مرة في يناير كانون الثاني، قائلا إن هناك حاجة ملحة لوقف دخول بعض المهاجرين إلى الولايات المتحدة لمدة 90 يوما إلى أن يراجع المسؤولون عملية التأشيرات.
وتخلى ترامب عن الأمر التنفيذي الأول بعد أحكام قضائية لم تكن في صالحه وأبدله بأمر تنفيذي أخف غير أن هذا الأمر المخفف يواجه دعاوى أيضا أمام محكمتين. وقال عمر جودت المحامي بالاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، إن حقيقة مرور وقت طويل منذ صدور الحظر دليل على أنه ليست هناك حاجة أمنية ملحة لصدور مثل هذا الأمر التنفيذي في المقام الأول. ويقول معارضون وبينهم ولايات وجماعات للحقوق المدنية إن الحظر الأول والحظر الثاني اللذين يمنعان أيضا دخول جميع اللاجئين البلاد لمدة أربعة شهور ينطويان على تمييز ضد المسلمين. وتقول الحكومة إن نص الأمر التنفيذي لا يحدد ديانة بعينها ويهدف إلى حماية البلاد من الهجمات.
من جانب اخر يرى بعض الخبراء ان أزمة ترامب مع القضاء، قد تنتهي بحكم قضائي يلغي قرار ترامب المثير للجدل، خصوصا وان مثل هكذا قرارات كان لها تأثير سلبي على الاقتصاد الامريكي، وهو امر عارضه البعض وقال ان القضاء سيسعى الى تأييد هذا الاجراء الذي قد يعدل مرة اخرى لاسباب مختلفة اهمها ازدياد اعداد المؤيدين لهذا الامر في العديد من الولايات والمدن.
ادارة ترامب تدافع
وفي هذا الشأن عقدت الجلسة امام محكمة الاستئناف الفدرالية في ريتشموند (فرجينيا) بعد ان علق القضاء نسختين من المرسوم حول الهجرة في شباط/فبراير واذار/مارس وهو ما ندد به ترامب معتبرا انه "قضاء مسيس". ونظرا لاهمية المسألة حضرت المحكمة بكامل اعضائها اي 13 قاضيا من اصل 15 بعد اعتذار قاضيين لتضارب محتمل للمصالح. وراجع القضاة بشكل دقيق الصيغة الثانية من المرسوم والتي تنص على اغلاق مؤقت للحدود امام كل اللاجئين ورعايا ست دول ذات غالبية من المسلمين هي ايران وليبيا وسوريا والصومال والسودان واليمن.
طالبت القاضية باربرا كيغان من وول باثبات وجوج علاقة بين جنسية عشرات ملايين الاشخاص المعنيين بالمرسوم وخطورتهم المفترضة. ويتعين على الحكومة الاميركية اثبات ان المرسوم "حيوي" للامن القومي وهي حجة تضعف مع مرور الايام في غياب اعتداء جهادي في الولايات المتحدة. واثار المرسوم معارضة شديدة خصوصا في ولايات ديموقراطية لا سيما على الساحل الغربي للبلاد حيث لا يتمتع الرئيس بشعبية.
من بين معارضي المرسوم منظمات للدفاع عن حقوق المهاجرين وناشطين حقوقيين وجامعات ومجموعات اقتصادية ناشطة في التقنيات الحديثة والتي توظف عددا كبيرا من الاجانب. في اواخر كانون الثاني/يناير، اثارت الصيغة الاولى من المرسوم صدمة عميقة في العالم وفوضى كبيرة في المطارات الاميركية. وعلق قاض فدرالي في سياتل (ولاية واشنطن) العمل بتلك الصيغة في الثالث من شباط/فبراير.
كما علق قاضي في هاواي وفي ولاية ماريلاند (شرق) العمل بالصيغة الثانية من المرسوم. ستنظر محكمة استئناف من ثلاثة قضاة في حكم القاضي من هاواي في غضون اسبوع في سياتل. رغم أن المرسوم لم يذكر المسلمين بشكل واضح، رأى قاضي ماريلاند تيودور شوانغ ان الحجج التي تشير إلى تاريخ ترامب في الخطب المعادية للمسلمين "مقنعة" بأن المرسوم التنفيذي الثاني يرقى إلى "تحقيق حظر على المسلمين لطالما تصوره" الرئيس الأميركي.
وأصدر شوانغ قراره المطبق على الصعيد الوطني في آذار/مارس اثر شكوى تقدمت بها مجموعات مدافعة عن الحقوق المدنية واللاجئين، بما فيها الاتحاد الاميركي للحريات المدنية. خلال جلسة الاستماع الاثنين ذكر عمر جودت محامي الاتحاد الاميركي للحريات المدنية بوعود ترامب خلال حملته الانتخابية. وقال جودت "قال ان +الاسلام يكرهنا+ وانه سيحظر +دخول المسلمين+ الى الولايات المتحدة".
مع ان ترامب خفف من حدة لهجته بعد انتخابه، الا ان مواقفه المسبقة المعادية للمسلمين لا تزال كما هي بالنسبة الى جودت. وتابع جودت ان ترامب وخلال توقيع المرسوم وقراءته العنوان "حماية الامة من دخول ارهابيين اجانب الى الولايات المتحدة"، اضاف على الفور "نعلم جميعا ما معنى ذلك"، مما يعني انه يقول لمؤيديه انه يستهدف المسلمين.
الا ان وول اعتبر ان ذلك التعليق كان واضحا وان ترامب كان يتكلم عن الارهابيين لكن جودت رد بالقول "اذا كان ذلك صحيحا فليس من الضروري ايضاح اننا نعلم من المعني". وطرح القضاة اسئلة على جودت حول ما اذا كان مرسوما مطابقا اصدره رئيس دون ان يدلي تعليقات معادية للمسلمين، كان سيكون مقبولا في هذه الحالة. ودافع المحاميان احدهما بدعم من نحو 12 ولاية ديموقراطية والاخر بتأييد نحو 12 ولاية جمهورية امام قضاة غالبيتهم عينهم رؤساء ديموقراطيون. وليس من المتوقع صدور القرار قبل اسابيع او حتى اشهر عدة
وأبدى ستة قضاة ديمقراطيون في المحكمة، التي يهيمن عليها قضاة عينهم رؤساء ديمقراطيون، مخاوف بشأن إعادة العمل بالأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس في مارس آذار ويحظر إصدار تأشيرات جديدة لدخول الولايات المتحدة لمواطني إيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن لمدة ثلاثة أشهر.
لكن ثلاثة قضاة جمهوريين في محكمة استئناف الدائرة الرابعة ومقرها ريتشموند بولاية فرجينيا أخذوا صف الحكومة فيما يبدو خلال المداولات أمام قضاة المحكمة الثلاثة عشر إذ تساءلوا عما إذا كان ينبغي التشكيك في قرارات الرئيس عندما يتعلق الأمر بحماية حدود البلاد وما إذا كان رافعو الدعوى قد تعرضوا لضرر كاف من الأمر. وقال جيفري وول القائم بأعمال المحامي العام للقضاة مدافعا عن الحكومة خلال الجلسة "هذا ليس حظرا على المسلمين".
واستغرقت الجلسة ساعتين وهو مثلي الوقت المقرر. وأبلغ القاضي روبرت كينج، الذي عينه الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، وول أن ترامب لم يتراجع مطلقا عن تصريحات سابقة بشأن رغبته في فرض حظر على المسلمين. وقال كينج في إشارة إلى تعهد ترامب خلال حملته "بفرض حظر تام وكامل على دخول المسلمين للولايات المتحدة" إن ترامب "لم يتبرأ مطلقا مما قاله بشأن فرض حظر على المسلمين".
وحذر وول من أنه رغم النقاش السياسي المحتدم بشأن الحظر فلابد من الحرص على عدم إرساء سابقة قانونية تفتح الباب أمام التشكيك على نطاق أوسع في القرارات الرئاسية بشأن الأمور الأمنية. وقال القاضي بول نيماير، الذي عينه الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الأب، لعمر جدوات محامي اتحاد الحريات المدنية الأمريكية الذي يمثل المدعين الذين طعنوا في الأمر التنفيذي إنهم يطلبون من المحكمة أن تصدر حكما بشأن تقديرات الرئيس المتعلقة بالأمن القومي. بحسب رويترز.
وانتقد نيماير لجوء المدعين إلى القضاء لتقييم أداء الرئيس لمهام سلطته قائلا "لا أعرف أين سيتوقف الأمر". وطعن أفراد ومنظمات مدافعة عن حقوق اللاجئين في ماريلاند على الأمر التنفيذي المعدل قائلين إنهم تعرضوا للتمييز لكونهم مسلمين وإن بعض أفراد أسرهم تضرروا من الحظر. ويجادل هؤلاء بأن الأمر التنفيذي ينتهك قانون الهجرة الاتحادي وبندا من التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يمنع الحكومة من تفضيل أو ازدراء ديانة معينة.
ضد القرار
من جانب اخر يواجه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر سفر مواطني ست دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة ثاني تحد أمام محاكم الاستئناف الأمريكية لكن هذه المرة زادت عدد الولايات الجمهورية التي تؤيد القرار بينما تخلى ممثل الادعاء في إحدى الولايات الديمقراطية عن المعركة القانونية.
ويقول بعض خبراء القانون إن إعادة تنظيم الولايات لصفوفها قد يشير إلى أن التعديلات التي أجريت على الأمر التنفيذي الأصلي الذي أصدره ترامب عززت موقف الحكومة. وأصدر ممثلو الادعاء في 16 ولاية ديمقراطية وفي مقاطعة كولومبيا مذكرة قانونية تضامنوا فيها مع ولاية هاواي في مسعاها لعرقلة الأمر التنفيذي الصادر في السادس من مارس آذار والذي أمر قاضيين بتعليقه قبل أن يبدأ تطبيقه. وتقول هاواي وولايات أخرى إن حظر السفر ينتهك الدستور الأمريكي لما يتضمنه من تمييز ضد المسلمين.
لكن جوش شابيرو ممثل الادعاء في ولاية بنسلفانيا، والذي عارض الأمر التنفيذي الأصلي الصادر في 27 يناير كانون الثاني، لم ينضم إلى البيان القانوني الصادر والذي تم تقديمه إلى الدائرة التاسعة بمحكمة الاستئناف في سان فرانسيسكو. ورفض شابيرو التعليق على الأمر. وفي المقابل حصلت ولاية تكساس التي كانت تدعم وحدها الأمر التنفيذي الصادر في يناير كانون الأول على تأييد 14 ولاية جمهورية أخرى. وأصدرت هذه الولايات مذكرة قانونية في العاشر من أبريل نيسان أيدت فيها استمرار العمل بحظر السفر. بحسب رويترز.
وتدعم هذه الولايات وجهة نظر الحكومة المتمثلة في أن الرئيس يملك صلاحيات واسعة في تطبيق سياسات للهجرة وأن حظر السفر ضروري لمنع هجمات إرهابية. وشمل حظر السفر الأصلي سبع دول ذات أغلبية مسلمة وتضمن منع دخول اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة لأجل غير مسمى. وقال ترامب إن هذا الحظر ضروري للأمن القومي ولمنع وقوع هجمات على يد إسلاميين متشددين. وتم تعديل هذا الأمر وتضييقه بعد سلسلة دعاوى قضائية معارضة له.
تراجع عدد المسافرين
على صعيد متصل قال تييري أنتينوري المدير التجاري لطيران الإمارات إن عدد المسافرين من الولايات المتحدة إلى إيران وشبه القارة الهندية تراجع منذ يناير كانون الثاني حينما فرضت واشنطن قيودا أثرت على بعض الركاب على متن الرحلات المتجهة إلى أمريكا. ولم يذكر أنتينوري أرقاما محددة لكنه قال في دبي إن بعض المسافرين على الرحلات الجوية من بعض المدن الأمريكية صاروا يستغرقون وقتا أطول في اتخاذ قراراتهم بشأن خطط السفر. وتابع "نرى أناسا ينتظرون.. وخصوصا (المسافرين إلى) إيران."
كانت الولايات المتحدة بدأت العمل بإجراءات أمنية جديدة من 25 مارس آذار يحظر بموجبها حمل الأجهزة الإلكترونية الأكبر من الهاتف المحمول في كبائن الركاب على متن الرحلات المتجهة إليها من عشرة مطارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا. ومن بين تلك المطارات مطار دبي مركز عمليات طيران الإمارات. ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر تنفيذية في يناير كانون الثاني ومارس آذار لمنع اللاجئين والمواطنين من دول ذات أغلبية مسلمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من السفر إلى الولايات المتحدة وهو ما عرقل أيضا خطط بعض المسافرين.
وقالت طيران الإمارات في مارس آذار إن معدلات الحجوزات على الرحلات الأمريكية هبطت 35 في المئة بعد حظر يناير كانون الثاني. وقالت فوروارد كيز وهي شركة متخصصة في تحليلات السفر إن الحجوزات على الرحلات المتجة من الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط تراجعت 27 في المئة في الأربعة أسابيع التي أعقبت صدور أمر ترامب في يناير كانون الثاني.
وامتنع أنتينوري في تعليقاته للصحفيين عن ذكر ما إذا كانت القيود الأمريكية ستؤثر على خطط التوسع لشركة طيران الإمارات لكنه قال إن الناقلة تستطيع "التكيف مع المستقبل". كان أنتينوري قال في 2013 إن طيران الإمارات ستوسع حجم شبكتها في الولايات المتحدة إلى المثلين لتشمل 15 مدينة بحلول 2018. وتسير الشركة حاليا رحلات إلى 12 مدينة أمريكية. بحسب رويترز.
ورغم ذلك، قال عصام عبد الرحيم كاظم رئيس مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري إن زيارات المواطنين الأمريكيين لدبي زادت منذ بداية العام. ولم يذكر كاظم مزيدا من التفاصيل. وأضاف أن دبي تستقبل أيضا المزيد من الزائرين الصينيين منذ نوفمبر تشرين الثاني، حين جرى السماح لحاملي جوازات السفر الصينية بالحصول على تأشيرات دخول للإمارات العربية المتحدة لدى وصولهم لكنه لم يذكر أرقاما.
اضف تعليق