ان مفهوم اليمين واليسار يستعمل كثيرا في الحياة السياسية والفكرية والثقافية من قبل المشتغلين في هذه الحقول، وكذلك يستعمل من قبل اشباه السياسيين وانصاف المثقفين لمدح او ذم من يتفق او يختلف معهم في الرأي والموقف والتوجه السياسي، وكثيرا ما يأتي استعمال هذا المفهوم من قبل البعض استعمالا عشوائيا غير مسؤول وفي غير موقعه الصحيح، اي يعني غير ما من المفروض ان يعنيه في غالب الاحيان، لذلك أجد من الضروري بل من الواجب تسليط الضوء على تاريخ ومضمون ونشأة وتطور هذا المفهوم تاريخيا لتنوير قراء موقعنا.
اليمين واليسار تعبيران سياسيان يرجعان بالأصل تاريخيا الى وضع او موقع نواب البرلمانات بالنسبة الى موقع رئيس البرلمان، فالأعضاء الذين كانوا يجلسون الى الجانب الايسر من رئيس مجلس النواب تم تسميتهم "باليساريين" والذين يجلسون الى اليمين من رئيس مجلس النواب تم تسميتهم "باليمينيين" وعلى هذا الاساس يعتبر تعبير اليمين واليسار تعبيرا مؤقتا يتعرض للتغيير بتغير موقع الجلوس، حيث ان يسار الامس قد يصبح يمين اليوم وبالعكس.
هذه كانت بدايات نشأة مفهوم اليمين واليسار تاريخيا في برلمان انكلترا اما بعد حدوث الثورة الفرنسية فقد تغير مفهوم تعبيرا اليمين واليسار واتخذ شكلا وطابعا ومضمونا سياسيا أكثر عمقا وشمولا وبسبب مخاضات وتناقضات وتداعيات الثورة والنتائج التي افرزتها ولدت الاسباب الموضوعية والذاتية للصراع على السلطة وتوجهات الدولة الجديدة.
ظهرت تيارات فكرية متصارعة داخل رحم الثورة، حيث ظهر وتكون تيار يساري ليبرالي يؤمن بمبادئ الثورة ويدعو الى الحفاظ على مبادئها، وذلك بعد ان ظهر تيار اخر يريد الارتداد بالثورة عن هذه المبادئ ولكن هذا اليسار الليبرالي نفسه بدأ يتجه الى اليمين حيث ظهرت حركة راديكالية ديمقراطية علمانية وقفت على يسار الحركة الليبرالية ونادت هذه الحركة الراديكالية الديمقراطية بالعودة الى مبادئ الثورة الفرنسية الاولى والمساواة بين المواطنين في حق الانتخاب، ونجحت هذه الحركة واستمر نفوذها السياسي بالنمو والصعود واستقطابها للجماهير حتى عام 1940، حيث بدأ نجمها بالأفول بعد سقوط باريس بايدي القوات الالمانية النازية حيث دب الانقسام والانشقاق في صفوف الراديكالين الفرنسيين بسبب موقف حكومة فيشي من الاحتلال النازي لفرنسا، وانهزموا في النهاية هزيمة منكرة في الانتخابات الوطنية بعد تحرير فرنسا عام 1945.
بعد قيام ثورة اكتوبر الاشتراكية في روسيا وقيام المعسكر الاشتراكي من الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية، اصبحت الاتجاهات الاشتراكية المختلفة تكون يسارا جديدا ثالثا بمضمون جديد مختلف عن المضامين المعروفة ويدخل بين هذه الاتجاهات الشيوعيون الذين يؤمنون بمبادئ الماركسية اللينينية كعقيدة سياسية لهم، حيث يعتبر هذا اليسار الجديد المرحلة الثالثة لتطور مفهوم اليمين واليسار كمفهوم سياسي.
وما دام تعبير اليمين واليسار تعبيرا مطاطا لأنه يتغير بتغيير المرحلة التاريخية فان اهداف اليمين واليسار تتغير تبعا لذلك حتما، اي بمعنى اخر تتغير تبعا لكل مرحلة تاريخية، ولذلك فمن الممكن القول بان اليسار يشكل تيار المعارضة يدعو لتغيير الوضع القائم، بينما يحافظ تيار اليمين على هذا الوضع، او يريد الارتداد بالوضع الى الوراء اي بمعنى ان تيار اليسار يريد التقدم بالوضع من خلال تغييره نحو الامام ويعتبر تيارا تقدميا، بينما اليمين يريد الارتداد والعودة بالوضع الى الخلف ويعتبر تيارا رجعيا.
فهكذا اتخذ تعبيرا اليمين واليسار طابعا ايديولوجيا وأصبح مفهومين مرادفين لمفهومي التقدم والتخلف اي للتقدمي والرجعي ويطلق الشيوعيون والثوريون في الاحزاب الشيوعية والثورية تعبيرا يساريا ويمينيا على بعض الاجنحة المتصارعة في الحركة الشيوعية والحركات الثورية الاخرى او داخل الاحزاب بحد ذاتها كما كان الحال في الحزب الشيوعي الروسي حيث كان الصراع محتدما بين ستالين وتروتسكي يدور حول مفهوم الثورة الواحدة والثورة العالمية، فكان ستالين يتهم تروتسكي باليسارية كما كان لينين يتهم كيرنسكي باليمينية.
وكذلك الاتهامات المتبادلة بين الصين ويوغسلافية تدور حول هذا المعنى ايضاً فكلاهما يتهم الاخر باليمينية او اليسارية ويمكن تطبيق المعيار نفسه على الاحزاب الوطنية والقومية في حركات التحرير الوطني في بلدان العالم الثالث، كما هو الحال في حزب المؤتمر الهندي حيث ظهر فيه جناح يساري يطالب بالتوجه الى تبني الاشتراكية وجناح اخر يميني يعارض التوجه الى الاشتراكية.
كذلك الحال في حزب البعث العربي الاشتراكي حيث تعرض الى الانشقاق في صفوفه عام 1963 بعد انهيار إنقلاب 8 شباط 1963 بسبب مطالبة البعض من اعضائه تبنى الاشتراكية العلمية ورفض البعض الاخر لذلك، هذا الصراع تمخض الى ظهور جناح يميني كحزب البعث العراقي وجناح يساري كحزب البعث السوري وهناك الكثير من الامثلة في بلدان العالم الثالث المتحررة من الاستعمار حديثاً في آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية، حيث ظهرت في حركاتها واحزابها التحررية اجنحة مختلفة يمينية ويسارية تتصارع فيما بينها حول توجهاتها الفكرية ومنطلقاتها النظرية حول اسس بناء الدولة الحديثة المطلوب انشاؤها وشكل اقتصادها المستقبلي بين ان يكون اقتصاد اشتراكي مركزي مخطط وموجه وبين ان يكون اقتصادا رأسماليا مبنيا على اقتصاد السوق الحر المفتوح. هكذا أصبح العالم مقسوما بين اليمين واليسار.
فأصبح يعرف العالم الاشتراكي بالمعسكر اليساري التقدمي والعالم الرأسمالي بالمعسكر اليميني الرجعي بلغة السياسيين والمفكرين الاشتراكيين والشيوعيين والثوريين والوطنيين وغيرهم من الاتباع والانصار في مختلف بلدان العالم، وقد شهدت ساحة الصراع الفكري حول مفهوم اليمين واليسار هدوء كبيرا بعد انهيار النظام الاشتراكي في نهاية القرن الماضي في الاتحاد السوفيتي واوربا الشرقية، وحل محله الصراع الفكري بين تيار التشدد والتطرف الديني من جهة وبين تيار قيم الحرية والديمقراطية من جهة اخرى على الساحة العالمية.
هذا الصراع الدموي الارهابي الذي أصبح عراقنا ساحة نموذجية له، والذي اخذت دائرته تتوسع لتشمل الكثير من بلدان العالم من دون استثناء واخذت مخاطرة تحدد التحضر واسس الحضارة الانسانية والدعوة بالعودة الى عصر شريعة الغابة والقمع والطغيان والبربرية التي لا تقيم للإنسانية اي اعتبار.
كان التناقض الجوهري والاساسي في القرن الماضي بين اليمين واليسار بما يمثل ذلك من مفاهيم وافكار في الفكر والفلسفة والاقتصاد بينما أصبح الان التناقض الجوهري والاساسي بين الفكر الديني المتشدد والمتطرف وبين فكر قيم الحرية والديمقراطية وعلى ما يبدو سيسود هذا الصراع هذا القرن.
كيف جاء تسمية اليسار واليمين في السياسة
أولا حزب اليسار اليسارية عبارة عن مصطلح يمثل تيارا فكريا وسياسيا يتراوح من الليبرالية والاشتراكية إلى الشيوعية مرورا بالديمقراطية الاجتماعية والليبرالية الاشتراكية وتمثل اليسارية بهذا المعنى جزءا من الطيف السياسي الذي يستخدم لوصف الأيديولوجيات والمواقف السياسي على متصل يتدرج من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار (انظر: الطيف السياسي : اليمين واليسار) ويرجع اصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما جلس النواب الليبراليون الممثلون لطبقة العامة أو الشعب على يسار الملك لويس السادس عشر في اجتماع لممثلي الطبقات الثلاث للشعب الفرنسي عام 1789 وكان النواب الممثلون لطبقة النبلاء ورجال الدين على يمين الملك في ذلك الاجتماع المهم الذي ادى إلى سلسلة من الإضرابات والمطالبات من قبل عامة الشعب وانتهى إلى قيام الثورة الفرنسية.
بمرور الوقت تغير وتعقد وتشعب استعمالات مصطلح اليسارية بحيث أصبح من الصعوبة بل من المستحيل استعمالها كمصطلح موحد لوصف التيارات المختلفة المتجمعة تحت مضلة اليسارية، فاليسارية في الغرب تشير إلى الاشتراكية أو الديمقراطية الاجتماعية (في أوروبا) والليبرالية (في الولايات المتحدة)، من جهة أخرى فإن اليسارية في الأنظمة الشيوعية تطلق على الحركات التي لا تتبع المسار المركزي للحزب الشيوعي وتطالب بالديمقراطية في جميع مجالات الحياة هناك مصطلح آخر ضمن السياق العام لليسارية وتسمى اللاسلطوية والتي يمكن اعتبارها بأقصى اليسار أو اليسارية الراديكالية .
هناك جدل بين اليساريين أنفسهم حول معنى اليساري فالبعض يرفض رفضا قاطعا أي صلة بالماركسية والشيوعية واللاسلطوية بينما يرى البعض الآخر ان اليساري الحقيقي يجب أن يكون شيوعيا أو اشتراكيا، بصورة عامة يختلف اليسار السياسي عن اليمين بتبنيها للحريات الشخصية والعلمانية والعدالة الاجتماعية وفي معظم دول الشرق الأوسط تأتي اليسارية مرادفة للعلمانية علما ان بعض الحركات اليسارية التاريخية كانت تتبنى المعتقدات الدينية ومن أبرزها حركة إنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة على يد القس مارتن لوثر كنج.
اليسارية عبارة عن مصطلح يمثل تيارا فكريا وسياسيا يتراوح من الليبرالية والاشتراكية إلى الشيوعية مرورا بالديمقراطية الاجتماعية والليبرالية الاشتراكية وتمثل اليسارية بهذا المعنى جزءا من الطيف السياسي الذي يستخدم لوصف الأيديولوجيات والمواقف السياسي على متصل يتدرج من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ويرجع اصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما جلس النواب الليبراليون الممثلون لطبقة العامة أو الشعب على يسار الملك لويس السادس عشر في اجتماع لممثلي الطبقات الثلاث للشعب الفرنسي عام 1789 وكان النواب الممثلون لطبقة النبلاء ورجال الدين على يمين الملك في ذلك الاجتماع المهم الذي ادى إلى سلسلة من الإضرابات والمطالبات من قبل عامة الشعب وانتهى إلى قيام الثورة الفرنسية.
من الجدير بالذكر ان هذا الترتيب في الجلوس لايزال متبعا إلى هذا اليوم في البرلمان الفرنسي
بمرور الوقت تغير وتعقد وتشعب استعمالات مصطلح اليسارية بحيث أصبح من الصعوبة بل من المستحيل استعمالها كمصطلح موحد لوصف التيارات المختلفة المتجمعة تحت مضلة اليسارية، فاليسارية في الغرب تشير إلى الاشتراكية أو الديمقراطية الاجتماعية (في أوروبا) والليبرالية (في الولايات المتحدة)، من جهة أخرى فإن اليسارية في الأنظمة الشيوعية تطلق على الحركات التي لا تتبع المسار المركزي للحزب الشيوعي وتطالب بالديمقراطية في جميع مجالات الحياة.
ثانيا: حزب اليمين مناصرو وأتباع التيار اليميني غالبا ما يدعون إلى التدخل في حياة المجتمع للحفاظ على تقاليد المجتمع على النقيض من تيار اليسار الذي يدعو إلى فرض المساواة بين أفراد المجتمع الواحد كما أن الأحزاب اليمينية تنادي بتعزيز وتمتين هيكل النظام الراهن بينما في الجانب المقابل الأجنحة اليسارية تدعو إلى تغيير جذري للأنظمة والقوانين الحالية، ليس شرطا أن يكون اليميني متديناً أصل الكلمة كان سببه أماكن جلوس أعضاء البرلمان في فترة الثورة الفرنسية حيث كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية والارستقراطية.
ما الفرق بين اليسار واليمين وتقسيماتهم
اليسار: مؤمن بالفكر الاشتراكي وما يستتبعه من زيادة دور الدولة في الحياة الاقتصادية والسياسية ومن القدرة على التعبئة الشعبية وينتظم اليسار عاده اما في احزاب اشتراكيه او شيوعيه او ذات صبغه عماليه وينقسم الى يسار معتدل ويسار متطرف
اليسار المعتدل: يؤمن بالتغيير دون اللجوء الى العنف او الثورة ويؤمن بالتعايش السلمي اجتماعيا وسياسيا في الداخل وبين الأمم وهي الفئة التي تتعامل مع الواقع السياسي بهدف تغييره.
اليسار المتطرف: الفئة التي تؤمن بالثورة الدموية العنيفة في سبيل اقامه المجتمع الاشتراكي وهؤلاء يتميزون بالتمسك الحرفي بنصوص الأيدلوجية الاشتراكية ويرفضون التعامل مع نظام الحكم ويشككون في فأئده التعامل مع النظام الرأسمالي الغربي وكما يشككون في التعامل مع اليسار الاصلاحي ويعتبرونهم تحريفين ويؤمن هؤلاء بالثورة الدائمة او الثورة العالمية وهم علمانيون وقد ينتظم اليسار اما في احزاب اشتراكيه او شيوعيه او ذات صبغه عماليه وقد يشكل اليسار المتطرف تنظيماته السرية التي تستهدف الانقضاض على النظام الحاكم.
اليمين المعتدل: يطلق عليهم المحافظون أي الذين يميلون الى الحفاظ على الوضع القائم كما هو نظرا لان مصالحهم تتحقق في اطاره ونظرا لا نه ليس هناك ضمان لاستمرارهم في ظل الظروف الجديدة ويؤمن هؤلاء بالنظام الليبرالي اقتصاديا وسياسيا وبصداقه الولايات الامريكية والدول الرأسمالية ويميلون الى عدم الثقة في الاتحاد السوفيتي وما يمثله من إيدلوجية وعاده ما يتصفون بالتدين.
اليمين المتطرف: وهو اليمين العنيف الذي يؤمن باستخدام كافة وسائل العنف بما في ذلك الاغتيالات السياسية واللجوء الى عمليات التخريب بقصد تنفيذ خطط الاستيلاء على السلطة وهؤلاء غالبا لا يثقون باي دوله ويسعون الى هدم النظام القائم بهدف الحلول محله ويتصفون بالتدين الذي يصل الى حد التطرف اقصى اليمين المتطرف يلتقي بأقصى اليسار المتطرف بأساليبهما في التغيير.
اليميني هو التابع للسلطة الحاكمة واليساري هو المعارض الى ليس من السلطة الحاكمة
وسموا بذلك في بريطانيا عند تشكيل اول برلمان وعن غير قصد جلسوا اعضاء الحكومة في الجهة اليمنى لمسرح البرلمان والمعارضين جلسوا في الجهة اليسرى فسمو الى بيديهم السلطة هم اليمينيين والمعارضة هم اليساريين وأصبح عرف بعد ذلك.
اضف تعليق