تتواصل التحذيرات والمنشدات التي تطلقها المنظمات الدولية من اجل إنقاذ الملايين من سكان الصومال، هذا البلد الافريقي الذي يعيش أزمة إنسانية حقيقية بسبب استمرار الصراعات المسلحة واتساع رقعة الجفاف وتفشي الأمراض والأوبئة، فمنذ شهور حذرت العديد من الجهات والمنظمات الانسانية وكما نقلت بعض المصادر، من احتمال وقوع كارثة مجاعة في منطقة القرن الإفريقي مماثلة لتلك التي شهدتها عام 2011، وأسفرت عن مصرع نحو ربع مليون شخص في الصومال وحدها.
وبحسب هذه المنظمات فإن شبح المجاعة بات اليوم يهدد حياة أكثر من 11 مليون شخص في الصومال وأن الأمر يتطلب إلي تدخل عاجل لتفادي وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق تطل برأسها على سكان هذه الدول والصومال على وجه الخصوص إذ تحتاج نسبة 40% من سكانها إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وحذرت منظمة الصحة العالمية التي طالبت ايضا بتوفير عشرة ملايين دولار بشكل عاجل، في إطار توسيع نطاق استجابتها لتوفير الخدمات الصحية الضرورية لنحو 1.5 مليون صومالي متضررين حاليا من ظروف الجفاف القاسية وأزمة الغذاء المستفحلة. من أنه في حال استمرار الوضع الغذائي على ما هو عليه من تدهور، فسوف تتضاعف هذه الأرقام مرتين في 2017.
ونظرا لتدني المستوى المعيشي والوضع الاقتصادي الصعب بفعل الحروب الأهلية والصراعات منذ أكثر من ربع قرن، يعاني واحد من كل ثمانية أطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وتتفشى الأمراض الناتجة عن سوء التغذية بينهم.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الغذاء التابعة للأمم المتحدة وشبكة أنظمة الإنذار المبكر للمجاعة، فقد أودت المجاعة التي ضربت الصومال بين عامي 2010 و2012 بحياة 260 ألف شخص، أكثر من نصفهم أطفال تحت سن الخامسة، حيث توفي في ذلك الوقت ما يقدر بـ4.6% من مجموع سكان البلاد بالإضافة إلى 10% من الأطفال دون سن الخامسة في جنوب الصومال ووسطه.
ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن أسبابا عديدة تعمق مشكلة المجاعة في الصومال أبرزها الظروف الطبيعية والمناخية والعادات الاجتماعية والصراعات الأهلية المستمرة مند عقود. فقد أدى الصراع المستمر منذ سقوط نظام محمد سياد بري عام 1991، إلى ضرب معالم الاستقرار في الدولة ومؤسساتها، وأفقدها تماسكها، مما جعل البلد كيانا هشا لا يقدر على الصمود في وجه الأزمات، كما تقلصت المساعدات الدولية جراء الانخرام الأمني وسيطرة حركة الشباب المجاهدين على مناطق بالبلاد. وتسبب غياب الاستقرار الأمني والسياسي إلى نزوح أكثر من مليون صومالي داخل بلدهم، خاصة من المناطق القروية والزراعية، ولجوء ما يقرب من مليون شخص إلى الدول المجاورة، حيث تقلصت المساحات المزروعة، وفاقم ذلك موجات الجفاف، فارتفعت أسعار المواد الغذائية، واستشرى الفقر المدقع.
تفشي الكوليرا
وفي هذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 25 ألف شخص في الصومال المهدد بالمجاعة أصابتهم الكوليرا أو حالات إسهال حادة ومن المتوقع أن تتضاعف حالات الإصابة بالوباء القاتل بحلول هذا الصيف. وتسابق الأمم المتحدة الزمن بالفعل لتفادي تكرار المجاعة في هذا البلد الذي لاقى فيه أكثر من 250 ألف شخص حتفهم بسبب المجاعة في 2011. والكوليرا المتوطنة في الصومال مرض يسبب إسهالا حادا يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات إذا لم يخضع للعلاج.
والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وتقل أعمارهم عن خمس سنوات معرضون للخطر بشكل خاص. وقال المتحدث باسم المنظمة طارق يسارفيتش إنه جرى رصد 25424 حالة إصابة بالفعل منذ بداية العام مضيفا "من المتوقع أن تزداد هذه الأرقام إلى 50 ألفا بحلول الصيف." وذكر أن معدل الوفيات بسبب المرض الذي ينتشر عبر الأغذية والمياه الملوثة هو 2.1 في المئة في الصومال وهو أزيد مرتين من الحد الذي يحيل الأمر لحالة طوارئ. وجرى تسجيل 524 حالة وفاة على الأقل.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية يمكن علاج الكوليرا بنجاح من خلال محلول لمعالجة الجفاف يتناوله المريض بالفم. وتحتاج الحالات الحرجة لعلاج سريع بسوائل وريدية ومضادات حيوية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ينس لايركه خلال مؤتمر صحفي إن معدل الوفيات بين الصوماليين المصابين بالكوليرا وصل الآن إلى 14.1 % في جوبا الوسطى و5.1 % في باكول. وذكر ديفيد أكوبيان نائب مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الصومال أن مركز تفشي الكوليرا هي مدينة بايدوا. وأضاف أن 13 من مناطق الصومال الثماني عشرة تأثرت بالمرض.
من جانب اخر قال مسؤول إغاثة كبير إن مرض الكوليرا الفتاك يتفشى في الصومال الذي يعاني الجفاف فيما تتلاشى مصادر المياه النظيفة وهو ما يعمق من الأزمة الإنسانية في بلد على شفا المجاعة. والسلالة الحالية من المرض فتاكة بشكل غير عادي إذ تودي بحياة مصاب من بين كل 45 مريضا. ويعاني الصومال من جفاف شديد بما يعني أن من المتوقع أن يحتاج أكثر من نصف سكانه البالغ عددهم 12 مليون نسمة لمساعدات بحلول يوليو تموز. واضطرت العائلات لشرب مياه موحلة وملوثة مع عدم هطول أمطار وجفاف الآبار والأنهار.
وقالت شبكة معلومات أمن الغذاء، التي يشارك في رعايتها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في تقرير يوم الجمعة إن الصومال واحد من أربع دول أفريقية تواجه خطرا مرتفعا بالتعرض لمجاعة. وعادة ما يمتد موسم هطول الأمطار في الصومال من مارس آذار وحتى مايو أيار لكن الأمطار لم تهطل هذا الشهر. بحسب رويترز.
وضرب الجفاف منطقة أرض الصومال الانفصالية في الشمال بشكل خاص حيث توقفت الأمطار عن الهطول في 2015 مما تسبب في نفوق ماشية كانت أسر البدو تعتمد عليها للبقاء. وآخر مجاعة ضربت الصومال عام 2011 تسببت في وفاة أكثر من 260 ألف شخص. وقال هيفينك إن وكالات إغاثة تعمل أوقاتا إضافية لمحاولة منع وقوع مأساة مماثلة بنقل مياه نظيفة في شاحنات وتكثيف عمليات توزيع الغذاء والنقود. وقال "الفرق الأساسي هذه المرة هو أننا بدأنا الاستعداد وتكثيف عمليات الإغاثة مبكرا."
الجفاف يقتل العشرات
على صعيد متصل توفي نحو 110 أشخاص في جنوب الصومال بسبب الجفاف، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري. وقال خيري في بيان "نحو 110 أشخاص توفوا في 48 ساعة فقط بسبب الجفاف وحالات إسهال حادة ناجمة عن شح الماء في مناطق جنوب الصومال وخصوصا في الباي وباخول".
وأضاف "على الصوماليين حيثما كانوا، أن ينقذوا إخوانهم المحتاجين الذين سيموتون جوعا إذا لم نساعدهم. إن المهمة الأولى للحكومة تتمثل في مساعدة الناس المتضررين من الجفاف". وأعلنت السلطات المحلية في قرية أودينل في منطقة الباي أن 69 شخصا على الأقل معظمهم من الأطفال والمسنين، قضوا بسبب حالات إسهال نجمت عن المياه. بحسب فرانس برس..
وقال مسؤول محلي في هذه القرية الواقعة على بعد 30 كلم من كبرى مدن المنطقة "ليست هناك أدوية والمرض استحال الآن وباء". وأضاف "الأمر سببه الجفاف الذي أدى إلى نقص عام في الماء. نحتاج لمساعدات إنسانية بشكل عاجل". وكانت سلطات الصومال أعلنت في نهاية شباط/فبراير حالة "الكارثة الوطنية" بسبب الجفاف الخطير الذي يجتاح البلاد ويهدد نحو ثلاثة ملايين شخص، بحسب منظمات غير حكومية.
والصومال مع اليمن ونيجيريا على حافة المجاعة التي أعلنت رسميا في جنوب السودان حيث تطال 100 ألف شخص. وفي هذه الدول الأربع أكثر من 20 مليون شخص مهددون بالموت جوعا. وكانت آخر مجاعة شهدتها الصومال في 2011 بسبب أزمة جفاف حاد في منطقة القرن الأفريقي فاقمها تمرد متطرفي الشباب الإسلاميين، خلفت 260 ألف وفاة. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن في الصومال أكثر من 6,2 ملايين شخص، أي نصف السكان، بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة بينهم نحو ثلاثة ملايين يعانون الجوع. وبحسب المنظمة فإن أكثر من 363 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد بينهم 70 ألفا بحاجة عاجلة لمساعدة حيوية. وأدى الجفاف إلى انتشار الإسهال الحاد والكوليرا والحصبة، وتتهدد نحو 5,5 ملايين شخص أمراض تنقلها المياه.
البحث عن الطعام
من جهة اخرى قالت حركة الشباب الإسلامية الصومالية ومسؤول بالأمم المتحدة إن الحركة تسمح للمدنيين في المناطق التي يضربها الجفاف وتقع تحت سيطرتها بحرية الحركة نسبيا بحثا عن الطعام لكنها ما زالت تعرقل دخول منظمات الإغاثة الدولية. ومن المحتمل أن يواجه الصومال مجاعة إذا لم تتساقط الأمطار في أبريل نيسان. ويكافح البلد للتعافي من حرب أهلية استمرت 25 عاما ومعارك مستمرة بين القوات الحكومية المدعومة من الأمم المتحدة والمتشددين الإسلاميين.
وقتلت المجاعة أكثر من ربع مليون شخص عام 2011. وقالت منظمات الإغاثة في ذلك الحين إن القيود التي فرضتها حركة الشباب في ذلك الحين على حرية التنقل ورفضها السماح بدخول كثير من المنظمات الإنسانية أدى إلى ارتفاع عدد القتلى. لكن هذه المرة قالت الحركة إنه يمكن للسكان التنقل بحرية. وقال الشيخ سولدان علاء محمد رئيس لجنة مكافحة الجفاف التابعة لحركة الشباب "لا نمنع الذين يريدون المغادرة لأماكن أخرى. إنهم أحرار."
وخسرت حركة الشباب مساحات واسعة كانت تسيطر عليها في السابق لصالح جماعات مسلحة موالية للحكومة وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تدعم الحكومة الاتحادية الضعيفة. وعلى الرغم من فقد الحركة السيطرة على معظم المدن الرئيسية فإنها ما زالت قوية في المناطق الريفية في جنوب البلاد. وقال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق جهود الإغاثة جاستن برادي إنه التقى مع العديد من السكان الذي غادروا في الآونة الأخيرة مناطق تحت سيطرة حركة الشباب وكانوا قلقين من احتمال عدم قدرتهم على العودة.
وقال برادي "إذا عادوا من مناطق تحت سيطرة الحكومة سيُنظر إليهم بعين الريبة وسيلقون معاملة سيئة." وأضاف "إذا هطلت كمية مناسبة من الأمطار سيكون من المؤسف ألا يتمكنوا من العودة ومعهم البذور والأدوات." وأشار برادي إلى أن حركة الشباب ما زالت تقيّد دخول منظمات الإغاثة. وتقول الأمم المتحدة إن معدل الوفيات المرتبطة بالكوليرا والإسهال في المناطق التي تسيطر عليها الشباب أكبر بأربع مرات ونصف من تلك المسجلة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وقال برادي "لا يمكننا أن نصل إلى السكان لمدهم بالمواد الأساسية مثل أقراص تنقية المياه والصابون أو العبوات من أجل تحسين جودة المياه." وتفشت الكوليرا في 11 من 18 إقليما مع جفاف الآبار ولجوء السكان إلى مياه ملوثة للشرب. وقال رئيس لجنة مكافحة الجفاف في حركة الشباب إن منظمات الإغاثة الدولية في الصومال ليست فعالة وإن الحركة تقدم المساعدات بنفسها. بحسب رويترز.
وقال محمد "إنهم يتكلمون فقط والناس الذين يشرفون على الموت يحتاجون إلى العمل." وأضاف "بدأنا بتوزيع المياه والغذاء على أشد الصوماليين تضررا من الجفاف." وأشار إلى أن الحركة استخدمت 70 شاحنة لتوفير المياه ووزعت حصصا غذائية على 400 عائلة. وقالت الأمم المتحدة إنها وزعت الطعام على 1.1 مليون شخص في الصومال الشهر الماضي في حين تلقى 570 ألفا مياها نظيفة.
حرب مدمرة
الى جانب ذلك قال مسؤول محلي إن هجوما انتحاريا بسيارة ملغومة وقع في سوق بالعاصمة الصومالية مقديشو مما أسفر عن سقوط 39 قتيلا وإصابة 50 آخرين على الأقل وذلك بعد أيام من انتخاب رئيس جديد للبلاد. وقال الطبيب عبد القادر عبد الرحمن مدير خدمة الإسعاف "انتشلنا 39 جثة وكان هناك الكثير من المصابين." وقال مدير المستشفى محمد يوسف إن مستشفى المدينة استقبل 47 مصابا.
وقال شاهد عيان يدعى عيد الله عمر إن السوق دمر. وأضاف "كنت في متجري عندما جاءت سيارة إلى السوق وانفجرت. رأيت أكثر من 20 شخصا على الأرض. كان أغلبهم قتلى ودمر السوق تماما." ولم تعلن حركة الشباب الإسلامية التي تقاتل الحكومة الصومالية المدعومة من الأمم المتحدة مسؤوليتها على الفور عن الهجوم. وتمكنت حركة الشباب من تنفيذ تفجيرات دموية على الرغم من فقدها أغلب الأراضي التي كانت تسيطر عليها في البلاد لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تساند الحكومة الصومالية.
وانتخب الصومال هذا الشهر رئيسا جديدا هو محمد عبد الله محمد. ويعرف الرئيس المنتخب باسم فراماجو وهو يحمل الجنسيتين الصومالية والأمريكية وعمل من قبل رئيسا للوزراء. ويشهد البلد الواقع في منطقة القرن الأفريقي حربا أهلية منذ 1991. وتحذر منظمات الإغاثة من موجة جفاف شديدة تعرض مناطق شاسعة من البلاد لخطر المجاعة.
من جانب اخر قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن البيت الأبيض منح الجيش الأمريكي تفويضا أوسع لتوجيه ضربات في الصومال ضد حركة الشباب المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وكان قائد القوات الأمريكية في أفريقيا قال إن تعزيز القدرة على قتال المتشددين سيقود إلى زيادة المرونة وسرعة الاستهداف.
وبوسع الشباب تنفيذ تفجيرات دامية على الرغم من فقدها معظم الأراضي التي كانت تسيطر عليها لصالح قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تدعم الحكومة الصومالية. وللولايات المتحدة وجود محدود في الصومال ومسموح لها بتنفيذ ضربات للدفاع عن القوات المتحالفة معها. وقال مسؤولان بالبنتاجون تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما إن البيت الأبيض أعلن أجزاء من الصومال "منطقة أعمال قتالية نشطة" لما لا يقل عن 180 يوما. ولا تشمل هذه الأجزاء العاصمة مقديشو. وأضاف المسؤولان أن هذا التفويض الأوسع سيمكن الولايات المتحدة من تنفيذ ضربات هجومية ضد متشددي الشباب حتى إذا لم يهاجموا القوات المتحالفة معها. بحسب رويترز.
وقال البنتاجون في بيان إن الرئيس دونالد ترامب وافق على طلب "بنيران دقيقة إضافية دعما لمهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) ولقوات الأمن الصومالية."وذكر المتحدث باسم البنتاجون الكابتن جيف ديفيز في بيان أن "الدعم الإضافي الذي يوفره هذا التفويض سيساعد في حرمان الشباب من الملاذات الآمنة التي قد يهاجمون منها المواطنين الأمريكيين أو المصالح الأمريكية في المنطقة."
اضف تعليق