q

ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (صناعة وصياغة التشريعات في العراق) من 27 شباط الى 3 آذار 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم، (عضو مجلس النواب الدكتور احمد طه الشيخ، عضو مجلس النواب تافكه احمد، عضو مجلس النواب عمار الشبلي، الدكتور حيدر الوزان، القاضي رحيم العكيلي، الدكتور نبيل مهدي، الدكتورة نداء الشريفي، الدكتور عز الدين المحمدي، الدكتورة مهدية صالح حسن، الدكتور سامي، الدكتورة حمدية الجاف، الدكتور صلاح عبد الرزاق، الاستاذ مقداد البغدادي، الاستاذ ابراهيم العبادي، الاستاذ احمد السعد، الاستاذ احمد جويد، الاستاذ عباس العطار، الاستاذ جواد العطار، الاستاذ سعيد ياسين، عضو مجلس النواب سابقا عبد العباس الشياع).

افتتح مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني البرنامج بمقدمة منوها عن ادارة الحوار، حيث أجرى الحوار استاذ القانون في جامعة الكوفة لدكتور حيدر حسين الكريطي، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030

(محاور البحث)

ابتدء الحوار الدكتور حيدر حسين الكريطي متسائلا:

س١: هل تجيد المؤسسة التشريعية في العراق علم وفن صناعة وصياغة التشريع ؟ أم أنها تقتبس أو تستورد التشريعات الجاهزة ؟

س٢: هل أن ما أقره مجلس النواب العراقي من قوانين يتناسب كما وكيفا مع حاجات المجتمع وواقع البلد ؟ أم أن الإنتاج التشريعي لازال ضئيلا ومتواضعا ؟

س٣: هل أن سن التشريعات يتم وفقا لفكرة فلسفية واضحة؟ أم أنه يتم وفقا للأهواء السياسية؟

س٤: هل ترى أن مجلس شورى الدولة لازال ضمن معادلة صناعة وصياغة التشريع؟ أم أن المحاصصة قد إستبعدته منها؟

س٥: هل ترى أن المحكمة الإتحادية العليا حين فسرت نص المادة (60) من الدستور قد رجحت كفة السلطة التنفيذية على التشريعية في مجال تقديم مشروعات ومقترحات القوانين وسلبت من الأخيرة أسمى صلاحياتها بالنسبة لإقتراح القوانين ذات الجنبة المالية؟

س٦: هل أن عدد مشروعات القوانين المقدمة من رئاسة الجمهورية يتناسب مع موقعية مؤسسة الرئاسة ؟

س٧: ماهي أسباب تأخر إقرار القوانين المهمة لاسيما القوانين فوق العادية ودون الدستورية ؟

س٨: هل هناك رؤى أخرى تسهم في تطوير العملية التشريعية في البلد؟

(المداخلات)

عضو مجلس النواب الدكتور احمد طه الشيخ:

إن عنوان الحوارية وان كان عاما ولم يحدد بعنوان ثانوي فما أفهمه منه أن الحديث عن صناعة التشريعات وصياغتها مؤدى الحوار فيه هو الحديث عن آليات صناعة التشريعات وعن صياغتها التشريعية ممثلا باللغة القانونية للتشريعات ومن الآليات التشريعية الحديث عن خط سير التشريع من أين يبدأ. وتعلمون ماحدث من تنازع الصلاحيات بين البرلمان والحكومة حول المقترح والمشروع. ان صلاحية التشريع منوطة بالحكومة وصلاحية الاقتراح من اختصاص البرلمان وهو مادرجت عليه آليات التشريع الحالية.

فالمشاريع تأتي من الحكومة أي من الجهات المختصة وبالتنسيق مع هيئة المستشارين ومجلس شورى الدولة وخط السير القانوني هذا خط صحيح في خطوات الاختصاص ويبقى الحوار في النوع القانوني وليس في الكم القانوني أقصد اذا كانت مشاريع القوانين تسلك طريقا قانونيا فلماذا هذا الضعف البين في الصياغة القانونية

أما مقترح القانون الذي يطرح من البرلمان فإنه يسلك خط السير إلى الحكومة أيضا على أن لكل لجنة من المستشارين مايفترض فيه هذه القدرة إضافة إلى المستشارين القانونيين في رئاسة البرلمان. أذن لابد من معرفة أسباب هذا الضعف في الصياغة هل هو بسبب الضعف العام في مفاصل الدولة والمجتمع والتحصيل الأكاديمي والثقافي عموما بسبب ثقافة العالم الجديد وآليات التعلم كونها في مرحلة انتقال وتحول عندنا ايضا.

والسؤال هل في الطابع العام لثقافة النخبة حاليا القدرة الموسوعية والاستقصاء العلمي التفصيلي الذي يسم طابع الحركة العلمية لدى الأجيال التي سبقتنا وماتعقده اللجان من ندوات وحوارات مع المختصين فالعمل الحقيقي للبرلمان في لجانه التي هي مطبخ مستمر للمشاريع وعملها متواصل وليس في جلسات البرلمان التي تعد الحوار النهائي الإعلان وتمرير المشاريع.

وفي فلسفة التعديل التشريعات عند الاستقرار السياسي حل ستراتيجي لتصحيح تشريعات الأزمة. والموازنة تصدر بقانون سنوي هو قانون الموازنة والوزارات تنفذه بتعليمات في ضوء مارسمه القانون. وقانون الموازنة أعطى هذه الصلاحية وان كانت بقانون سنوي ويجب صدور قانون دائم يحقق الاستقرار التشريعي في هذا المجال.

فالدستور أكثر تجريدا وعموما والقانون نعم عام فيه تفصيل لكن إجراءات التنفيذ تأخذ شكل التعليمات والأنظمة واللوائح وهو مايتطابق مع الرايين وأظن الفرق في رؤية التشريع الدائم ولو كان مخالفا لردته المحكمة مع كثرة شكوى المواطن من إجراءاته في هذا الظرف لأن اعتراض المواطن كاف لتحريك الطعن عليه في المحكمة كما أظن ويبقى الرأي لأهل الاختصاص.

ان قضية أولوية تمرير التشريعات ومناسبتها للظروف إضافة إلى الحاجة الواقعية لها وقابليتها للتنفيذ موضوع يحتاج إلى حوار واقعي لضبابية المبحث الأول على الأخص.

عضو مجلس النواب تافكه احمد:

صياغة تحتاج الي بيئة توافر فيه اليات ومؤشرات علمية وقانونية لكن حتى لو وجدت هذه مؤشرات لن نستطيع ان نشرع قانون للاسباب التالية رأي النواب ترجع الي كتلة السياسية وحسر دور النواب تداخل الجهات المعنية بالقانون محاصصة في هيئة الرئاسة بين الشيعي والسني والكردي اثر كبير في تشريعات القانونية.

عدم الكفائة للنواب لتشريع القوانين وتوافق بين الكتل لكل تشريعات مجلس النواب لم يشرع قانون للشعب بل يشرعها لكتلة السياسية وحسب مصالح الكتل السياسية اذا بهذه الظروف المحيطة صياغة التشريعات ودور المشرع تكون في الحالة الاسوء.

الاستاذ عبد العباس الشياع:

المؤسسة التشريعية في العراق لا تزال حديثة وتفتقر إلى الأدوات والآليات الصحيحة والمستشارين والمختصين في التشريع وتشلها المحاصصة التي هي أكثر وضوحا في مجلس النواب. لذا فأن المؤسسة التشريعية حاليا لا تجيد تشريع القوانين وأكثر القوانين سواء مقترحات او مشاريع تفتقر إلى الدراسة الصحيحة والمعمقة والهدى من ذلك أن بعض القوانين يتم اضافة مواد خلال التصويت او يخرج القانون وفيه أخطاء لغوية او يتناقض مع قوانين أخرى او بصياغة ركيكة.

هناك تشريعات مهمة تعزز الانتقال للديمقراطية وتؤسس لحالة التعايش السلمي وتعزز اللامركزية الإدارية التي نص عليها دستور 2005 بين مكونات العراق بعد سقوط الصنم لم يتم تشريعها كقانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز وقانون توزيع الايرادات الاتحادية وغيرها من القوانين المهمة والتي هي في أغلبها قوانين خلافية تتطلب درجة من النضج السياسي وإدراك حالة الانسجام والتوافق بين الكتل السياسية والمكونات للتوصل إلى إقرار هذه القوانين.

أما ما تم تشريعه من قوانين لحد الان يشكل حالة من عدم التوافق والضعف مقارنة بعمر المؤسسة التشريعية ((ثلاث دورات وجمعية وطنية)) مع العرض بصدور بعض القوانين التي عززت العدالة الانتقالية وأضفت بعض الشرائح المتضررة من سياسات النظام السابق وحتى هذه القوانين استغلت من بعض الانتهازيين وتم الانتفاع منها لأغراض غير الأعراض التي شرعت من أجلها.

لا يفوتنا أن نذكر بعض القوانين الجيدة التي شرعت بالدورات السابقة كقانون الاستثمار والحماية الاجتماعية وقانون المحافظات وقانون مجلس القضاء وإلغاء بعض قوانين وقرارات النظام السابق وغيرها من القوانين ولكن تبقى المسيرة التشريعية طويلة وتحتاج إلى جهود كبيرة وصادقة.

ان فقرة الثلاثة أخماس أنتهت مع أنتهاء هيئة الرئاسة في الدورة الثانية وحلول رئيس الجمهورية بدلا عنها. أي قانون يتم التصويت عليه في مجلس النواب يجب المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية خلال 15 يوم وبعكسه يعتبر مصادق عليه وينشر في الجريدة الرسمية.

اضافة الى ذلك ان رئيس الجمهورية لا يملك صلاحية نقض القوانين التي يشعرها مجلس النواب حسب الدستور أما الفائدة من المصادقة أذا كان لا يملك حق النقض أتفق معكم لا فائدة.

مجلس الاتحاد إذا ما تم تشكيله بعد تشريع قانونه يمكن أن يمنح حق النقض كي يكون جهة تشريعية معززة وساندة ومدققة لتشريعات مجلس النواب. وان الدستور كتب على عجل وركز على مجلس النواب من أجل الانتقال إلى الحكومة الدائمية وألزم مجلس النواب بتشريع قانون مجلس الاتحاد في الدورة الثانية وهذه مخالفة دستورية. في كل الأحوال مجلس الاتحاد ضرورة فهو يشكل القسم الثاني والأهم من السلطة التشريعية كما معمول به في كافة الدول الفدرالية.

عضو مجلس النواب عمار الشبلي:

ان صياغة وصناعة التشريعات هي المهمة الثانيه للسلطة التشريعية بعد مهمة الرقابة على المؤسسات لكن مهمة التشريع لاتعني بالضرورة ان من يضطلع بها يكون على دراية تامة واجادة كاملة لكل الخطوات التي تمر به القاعدة القانونية.

فالتشريع فضلا عن كونه مهمة وواجب هو ارادة الشعب التي اناب بها المشرع لتترجم في قواعد قانونية قد تكون ارادة كتلة اوحزب اوقومية. هذا لايقدح في كونها ارادة ما لم تتعارض مع الدستور. من هنا يبدا التعبيرعن هذه الارادة بصيغة مقترح يقدم الى رئاسة السلطة التشريعية لياخذ طريقه الى التشريع.

عند هذه المرحلة اي بعد ظهور النية او الارادة على شكل مقترح، هل يتصف هذا المقترح بما يجب ان تتصف به القواعد القانونيه من عمومية وتجريد ووضوح؟ ان ارادة المشرع او ما اوجبه الدستور من تشريعات لا يفترضان بالمشرع كما انه ليس من شروط المشرع.

ان يكون على درجة عالية من الحذاقة والفهم القانوني ليستطيع معهما اقتراح تشريع او صياغة مقترح يتصف بالعمومية والتجريد والوضوح والا لكانت هناك شروطا في كل الدساتير الديمقراطية تفرض على المرشح للسلطة التشريعية ان يمتلك قدرة عالية على التشريع وان يجيد فن الصياغة القانونية... لكني اجزم ان اي دستور لم يشترط ما سبق من شروط او غيرها عدا الشروط العامة للترشح وهي حد الكفاف من التحصيل وحسن السلوك ليس الا.

ان فن صياغة القاعدة القانونية يكاد يكون حق حصري للمختصين به لذلك فان ما اثير من لغط ابان اصدار المحكمة الاتحادية قرارها الشهير في الدورة السابقة للبرلمان والذي حظرت فيه تشريع مقترحات القوانين وابطلت اعمالا لهذا القرار قوانين او مواد قانونية من حيث الشكل كونها كانت مقترحات.

وكنت حينها من القلائل الذين يؤيدون قرار المحكمة الاتحادية اعلاه رغم ان هذا التاييد يعني لدى البعض الوقوف في خندق الحكومة وجاء في مضمون قرار المحكمة ان المقترح هو مجرد فكرة تقدح في ذهن المشرع .. الخ

هذا التعبير الذي ورد في القرار اصاب كبد الحقيقة فالدستور اوجب وكلف المشرع بالتشريع لكنه لم يوجب توافر فن الصياغة في المشرع فعدم اجادة فن الصياغة لا يقدح بالمشرع لذلك كانت هناك مؤسسات تضطلع بهذه المهمة مهمة الصياغة واعني مجلس شورى الدولة.

فارسال المقترحات من السلطة التسريعية الى مجلس شورى الدولة لغرض ضبط النصوص وابعاد التضارب وازلة اللبس وتوضيح المبهم واضفاء صفتي التجريد والعموم على النصوص يجعل المقترح بعيدا كل البعد عن الطعن والتشويه والابهام والتضارب والتضاد وبذلك ينتج وليدا تشريعيا كاملا يحمل ارادة المشرع وصفات القواعد القانونية. وهذا لا ينتقص من دور المشرع سيما ان مآل اقرارالتشريع ليصبح قانون هو التصويت عليه بالموافقة او الرفض هو قبة البرلمان

ان اجادة فن صياغة وصناعة التشريعات لم توجبه دساتير الدول على مشرعيها لكن الدوامة التي تركها الفراغ القانوني في العراق عندما اباح للمشرع ان يقترح ويشرع ولم يرسم طريقا بين الاقتراح والتشريع ليضمن توافر صفات القاعدة القانونيه فيما سيشرع من مقترح جعل بعض القوانين التي كانت نتاج مقترحات تبدو مشوهه وتحمل في ثناياها كثير من اللبس والابهام والتضاد.

ولو ان المشرع رسم طريقا يمر به المقترح في مطبخ قانوني وجوبا كأن يكون مجلس شورى الدولة ليضع ارادة مقدم المقترح في قواعد او مواد منضبطة لكانت كل مخرجات التشريع ذات صفات قانونية تتفق والمعايير المعروفة للقواعد القانونية.

لا يملك رئيس الجمهورية الاعتراض على القوانين ولا يمكنه قطعا الاعتراض على مشاريع القوانين لان الاعتراض عليها غير وارد، بامكانه تقديم مشروع قانون ومصادقته على القوانين شكلية ليس الا.

اي ان ما يصل الى رئيس الجمهورية لغرض المصادقة الشكلية هو القانون بعد التصويت عليه في البرلمان اي المشروع او المقترح بعد صيرورته قانون ومضي المدة فيه دلالة واضحة على الرئيس المصادقه لاضفاء الشكلية لغرض النشر وعدم مصادقته لا يعني اعتراضا بل تعتبر انقضاء ال15 يوم فترة انتهاء حق رئيس الجمهورية او التزامه بالمصادقة ليصبح القانون مصادقا عليه بقوة القانون لا بقرار الرئيس.

ان في الاحكام الانتقالية كان لهيئة الرئاسة حق الاعتراض وعندئذ يعاد القانون فاذا حصل على تصويت ثلاثة اخماس عدد اعضاء مجلس النواب عد مصادقا عليه وفقهاء القانون الدستوري على الاغلب يرون ان لا حق للرئيس بالاعتراض على ما يشرعه البرلمان لان في ذلك مساس بالنظام البرلماني سيما ان منصب الرئيس منصب شرفي ليس الا. فلا يعقل ان تغلب ارادة الرئيس على ارادة من انتخبه. فلنقرا نص المادة 73 الفقرة المتعلقه بالمصادقة فلم ترد كلمة مشروع قانون يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها.

الدكتور حيدر الوزان:

ساقدم بعض التطبيقات، لعدم الاتقان الفني والاخطاء الجوهرية في صياغة بعض نصوص مشروعات القوانين المهمة في بناء الدولة، ولي في ذلك مقصدين:

1- لفت انتباه المشرع الى هذه الاخطاء قبل تشريعها.

٢- حث المشرع على تشريع هذه القوانين المهمة التي لا يستقيم السير المنتظم للسلطات الا بوجودها. وفي مقدمتها مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، هذه المؤسسة الدستورية ذات الاهمية الكبيرة في الحفاظ على النظام الاتحادي وحماية الدستور ومراقبة السلطات العامة.

ادراج مشروع قانون المحكمة الاتحادية في جدول اعمال المجلس، بعد مرورعدة سنوات على اقتراحه في صيغته الاولى. خطوة بالاتجاه الصح في بناء الدولة.

ان مجلس الاتحاد ضرورة كلام دقيق لكن بشروط:

١- ضرورة ان يتساوي المجلسين في المركز الدستوري، بمعنى ان تنظم كل الاحكام الخاصة بهما في الدستور.

٢- ضرورة المغايرة بينهما في التكوين، الية اختيار اعضاءهما، مدة العضوية، شروط العضوية. حتى لا يكون كل مجلس صورة للاخر. وهنا تنتفي العلة من الازدواج .

٣ - شرط التوازن بينهما في التشريع بمعنى ان يكون لكل من المجلسين حق الاقتراح والمناقشة والاعتراض على مشروعات القوانين، وان يكون الاعتراض فعلي لا شكلي، اي بمعنى يسقط مشروع القانون.

اضافة ان للسيد رئيس الجمهورية حق الاعتراض على مشروعات القوانين استنادا للمادة ٧٣ الفقرة ثالثا من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥، لان من يملك المصادقة يملك عدم المصادقة وفقا لقاعدة ( من يملك المنح يملك المنع). ويعتبر القانون مصادقا عليه بمرور ١٥يوما، سندا اخر لحق رئيس الجمهورية بالاعتراض على مشروعات القوانين، بدليل ان هذه مضي هذا المدة دون الاعتراض، وتعني المصادقة:

١- لا يكتسب القانون هذا الصفة الا بكتمال كل مراحل اعداده ابتداء بالاقتراح وانتهاء بنشرة في الجريدة الرسمية. وبالتالي قبل ذلك لا يمكن ان يسمى قانون بل بسمى مشروع بانون.

٢- هذه المدة ١٥ يوما هي مدة سقوط للحق لا مدة انتهاء، بلحاط ان انتهاءها دون اعتراض رئيس الجمهورية على القانون، تعني ان الرئيس اسقط حقه بالاعتراض الذي كان مخولا له في تلك الفترة.

3- الكتاب المرسل وعدم السماع لا يعد حجة على الصحة ، الحجة هي القواعد الراسية في تشريع القوانين. والتي لا تقرر له هذا الوصف الا باكتمال مراحل الاعداد .

استكمالا للفكرة القانونية التي اشرت لها انفا حول عرض حالات لعدم الاتقان التشريعي لا للقوانين النافذة بل لمشاريع القوانين المقترحة المهمة. لوضعها محط نظر السادة المشرعين. عند الشروع بقراءتها ومناقشتها داخل المجلس. وسأقدم المداخلة بجزئيين:

اولا- تشخيص الحالة

حدد دستور جمهورية العراق لسنة 2005 اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا على سبيل الحصر في المادة (93) من الدستور عندما نصت: (تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي).

جاء مشروع القانون المقترح للمحكمة، باختصاصات جديدة للمحكمة في المادة (5) منه الفقرة (عاشرا) عندما قرر بالنص للمحكمة أن تمارس (أية اختصاصات أخرى ترد في القوانين الاتحادية) .

هذا يعني ان مشروع القانون، اضاف اختصاص جديد للمحكمة، لم تقرره نصوص الدستور، بمعنى ان المشرع قد ادخل تعديل على نصوص الدستور خلاف لإجراءات التعديل التي حددتها م 126 و 142من الدستور. وهذه مخالفة موضوعية صريحة لأحكام الدستور. لان القانون ادنى من الدستور في سلم التراتبية القانونية، والادنى لا يعدل ولايخالف الاعلى، تقيدا بمبدء سمو الاخير، بالشكل الذي يحقق تعارض واضح بين مشروع قانون المحكمة الاتحادية وقواعد دستور جمهورية العراق لسنة 2005.

هذا التعارض الذي حكمت عليه المادة ( 13 / الفقرة ثانياً) من الدستور بالبطلان عندما نصت (لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو أي نص قانوني أخر يتعارض معه).

الحل المقترح للحالة اعلاه

1-الغاء الفقرة (عاشراً) من المادة (5) من مشروع القانون كونها تشكل مخالفة صريحة لنص المادة (93) من الدستور .

2-على المشرع بدل ان يقرر اختصاص لم ينص عليه الدستور أن يتولى ايراد القواعد التفصيلية والجزئيات المتعلقة بالاختصاصات التي قررها الدستور للمحكمة، وهذه هي وظيفة التشريع، لاالاقتباس الحرفي للاختصاصات الوارد النص عليها في الدستور.

مثال ذلك كان الاولى على المشرع في نصوص مشروع القانون أن يبين لنا ماذا تعني عبارة (.... القضايا الناشئة عن تطبيق القوانين الاتحادية .... ) الواردة في الفقرة (ثالثاً / المادة 93) من الدستور وهل الصياغة الواردة في نهايتها بخصوص حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر امام المحكمة تخص مفردات الاختصاص الوارد بهذه الفقرة فقط أم تشمل كل الاختصاصات؟

وما هي صور الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة؟ هل تشمل صورتها الايجابية فقط التي تتمثل في مراقبة الجزء الذي نظمه القانون ومطابقته مع الدستور؟ ام تتضمن الصورة السلبية للرقابة ايضاً، والمتمثلة في حالة امتناع المشرع عن تنظيم موضوع معين؟ ومن ثم اعتبار ذلك وجهاً من وجوه عدم الدستورية، وهو ما قررته اغلب الوثائق الدستورية المقارنة، والذي يعد مشكلة واجهت الكثير من التشريعات المهمة؟

3- نقترح تضمين مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، نص يمنحها الاختصاص بالرقابة على حالات عدم الدستورية الناتجة عن تأخر او امتناع المشرع عن التدخل في تنظيم بعض المسائل بصورة كلية، بما يؤدي إلى وجود فراغ تشريعي، لا يتماشى مع التزامه بضرورة ممارسة اختصاصه على الوجه المبين في الدستور.

فبعد أن نصت المادة (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على أن تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي: أولاً- (الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة). لذلك نقترح إضافة فقرتين لنصوص مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، الفقرة الأولى تدرج ضمن اختصاصات المحكمة على أن تكون بالصيغة الآتية: (الفصل في حالات عدم الدستورية الناتجة عن التأخر اوالامتناع التشريعي).

الفقرة الثانية تنظم ضمن إجراءات الرقابة الخاصة، أن تكون صيغة النص كالاتي: (إذا استنتجت المحكمة الاتحادية العليا، بناء على طلب من أي شخص أو من تلقاء نفسها، أن السلطة التشريعية قد تنكرت لواجباتها التشريعية بصورة تؤدي إلى انتهاك الدستور، فإن من الواجب عليها أن تلزم هذه السلطة المسؤولة عن هذا الامتناع بضرورة التدخل للوفاء بواجباتها).

ان السند الدستوري لما اصاب المواطن من ايذاء في مركزه المالي (تخفيض رواتب، تقرير رسوم جديدة على خدمات حياتية ضرورية، فرض ضرائب على ذوي الدخول المحدوده) لايرقى الى الصحة.

ان عدم الدستورية في فرض الضرائب والرسوم نوضح الاتي:

ان ايذاء المركز المالي للمواطن (انقاص الراتب، زيادة الاستقطاع، تسعيرالخدمات الحياتية برسوم مرهقة، فرض الضرائب على العوائل محدودة الدخل) هي اجراءات مخالفة للدستور. وهذا يوجب الطعن بعدم دستوريتها استنادا للمادة (93) من الدستور. وسأحدد موضع المخالفات والسند الدستوري لكل مخالفة.

1/ المخالفة الاولى:

إذا نص الدستور على ضرورة تنظيم موضوع معين "بقانون"، هذا يعني ان يكون القانون هو الاداة الوحيدة لخلق وتنظيم هذا الموضوع بكل تفصيلاته وجزئياته، لما يمر به القانون من إجراءات على قدًر من التعقيد، تجعله في طبيعته ينطوي على ضمانات فعالة للموضوع محل التنظيم، لايوفرها القرار الصادر من السلطة التنفيذية. وهذا ما قصدت تحقيقه المادة ( 28 ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 حين جاءت بالنص في فقرتها اولا (لاتفرض الضرائب والرسوم ولاتعدل ولاتجبى، ولايعفى منها، إلا بقانون).

معنى ذلك ان الالتزام الذي قرره هذه النص على مجلس النواب، هو ضرورة تشريع قانون اتحادي خاص، يحدد نوع الضرائب والرسوم، كما يحدد وعائها (اقيامها) الفئات المشمولة بها. مثال على ذلك ( قانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 أو تعديل هذا القانون.

بمعنى اكثر وضوحا، ان الدستور (لم يفوض مجلس النواب) بنقل اختصاصه الحصري في فرض الضرائب والرسوم الى السلطة التنفيذية، بدليل انه ( لوكان يريد ان يجوز ذلك) لا ورد عبارة " بناء على قانون " لان في هذه العبارة يجوز التفويض بينما النص اعلاه اورد عبارة "بقانون" .

بناء على ذلك فأن تفويض مجلس النواب في المادة (24) من قانون الموازنة لسنة 2017 (للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ومجالس المحافظات كافة صلاحية فرض رسوم أو اجور خدمات جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية باستثناء الرسوم السيادية (المقرة بموجب القوانين الاتحادية النافذة) وفق ضوابط يصدرها الوزير المختص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة او المحافظ، وعلى ان يتم اشعار وزارة المالية أولاً بأول وذلك استثناءا من قانون الادارة المالية رقم 95 لسنة 2004 او اي قانون اخر يحل محله وليتسنى لوزارة المالية اتخاذ ما يلزم في ضوء ذلك.

يكون قد خالف صراحة نص المادة 28 من الدستور، بما يوصم هذه المادة بعدم الدستورية، وبالتالي يكون كل تصرف او عمل صدر استنادا له غير مشروع .

2-المخالفة الثانية :

ان فرض الضرائب والرسوم لا يسري بأثر رجعي، وبالتالي فان القرار القاضي بأن تفرض الاستقطاعات لأشهر ثلاثة سابقة فيه مخالفة صريحة لنص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والدليل المادة 19 الفقرة (تاسعاً) من الدستور حين جاءت بالنص ليس للقوانين اثر رجعي ما لم يُنص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم.

القاضي رحيم العكيلي:

لا شك بان تقييم القوانين التي اصدرها مجلس النواب خلال السنوات الماضية منذ تشكيله هي واحدة من اسوء صور التراجع في المهنية والكفاءة في صناعة وصياغة التشريعات والاسباب كثيرة بعضها سياسي والبعض الاخر فني مهني بحت.

انما يهمني هناك ان اقول بانه لا يعد عيبا الاخذ من تجارب قانونية لدول سبقتنا في تشريع قانون ما انما العيب في ان مجلس النواب غير ملتفت الى دراسة الواقع المتصل بالقانون قبل اصدار القانون فلا يصح اصدار قانون للعنف الاسري مثلا يماثل قانون العنف الاسري الفرنسي الا اذا درسنا العنف الاسري وطبيعته في العراق وكيفنا نصوص القانون المعني به لمعالجة معضلاته.

ولعل ذلك راجع الى ان بلد بلا ارقام ولا حقائق ولا دراسات واقعية موثوق بها لان مقدار الثقة بما تقدمة المؤسات الرسمية من ارقام وحقائق ضعيف جدا وهو فوق هذا ضئيل جدا، وليس لدينا دعم لمراكز الدراسات والخبراء المستقلين للقيام بذلك مما جعلنا بلد عشوائي يسير صناع القرار فيه في ظلام دامس فلا يصدر عنهم الا حلولا سطحية لمعضلات المجتمع او حلولا تخريبية لما تبقى من مواضع الصحة فيه.

ولعل احد لا يستطيع انكار انعدام الاستراتيجية التشريعية لدى مجلس النواب وعجزه عن تلمس ادوات ومعايير واضحة لبناء سياسته التشريعية عليها. انظر مثلا كما بالغ مجلس النواب في المصادقة على اتفاقيات دولية لكنه عجز عن اصدار قانون واحد يستجيب لالتزاماته بموجب الاتفاقية مثلما فعل مثلا في المصادقة على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد منذ اب ٢٠٠٧ لكنه لم يصدر قانون واحد يستجيب لها واتفاقية مناهضة التعذيب والاختفاء القسري وغيرها ..

بظني بان المعيار الاساسي الذي يجب بمجلس النواب تبنيه هو التزامه بالمعايير الدولية في صياغة واصدار قوانينه خصوصا ما تعلق منها بحقوق الانسان ومكافحة الفساد والسياسة الجنائية وادارة الدولة وتنظميها القانوني وغيرها من القضايا الجوهرية.

اما بوصلة الاولويات عن مجلس النواب فهو امر مخزي بكل ما تعنية الكلمة من معنى لانه بلا اولويات وما ينتجه احيانا ينم عن جهل وعدم كفاءة او لعله ضياع بوصلة. ولعل مجلس النواب لا يدري انه مجلس نواب اتحادي لدولة فدرالية له اختصاصا حصرية ينبغي به الالتفات الى التركيز عليها وترك ما عداه للمؤسسات الاخرى في الدولة (الاقاليم والمحافظات)، انظر اليه وهو يصدر قانون منع التدخين ولا يلتفت الى قانون منع التعذيب والاختفاء القسري.

اما عن عدم اكتراث مجلس النواب بقياس اثر القوانين التي يصدرها في الدولة والمجتمع فهو امر لم يلتفت اليه رئاسات مجلس النواب المتعاقبة وبقيت العشوائية هي المتحكم في صناعة وتطبيق القوانين على قاعدة ( خليه على الله).

من جانب اخر لم يؤسس مجلس النواب قواعد واضحة لضمان الشفافية والمشاركة السياسية في صنع القرار للجهات الشعبية والسياسية والخبراء والمهتمين خارج الطيف السياسي الممثل في مجلس النواب فظلت صيغ الديمقراطية التشاركية معطلة ازاء ديمقراطية التحاصص والطوائف والقوميات.

في نهاية مداخلتي هذه اقترح :-

١- تبني مجلس النواب لاليات وتدابير تضمن الشفافية في عمليات صنع القوانين وتؤمن تطبيق قواعد الديمقراطية التشاركية.

٢- اعتماد معيار تقييمي عام لاحكام القوانين بما يتوافق مع المعايير الدولية.

٣- تبني تدابير وتأسيس ادوات لقياس اثر القوانين الصادرة في المجتمع والدولة وبناء قرارات تعديل او الغاء القوانين عليها.

٤- اعتماد آليات بضمنها دعم مركز الدرسات والخبراء والمجتمع المدني لتوفير حقائق وارقام وبيانات موثوقة عن المسائل التي يسعى مجلس النواب لاصدار قوانين بها.

٥- تبنى خطة تشريعية سنوية تضمن تحديد الاولويات في ضوء حاجة المجتمع والدولة.

٦- الحرص على التركيز في الموضوعات او الاختصاصات الحصرية لمجلس النواب وحث وتشجيع بل والزام الاقاليم والمحافظات للقيام بادواها لتنظيم ما عداها.

الدكتور نبيل مهدي:

ارى ان المؤسسة التشريعية من جهة ورجال القانون من جهة أخرى يتحملون مسؤولية ضعف كثير من النصوص التي صدرت عن مجلس النواب. بعيدا عن التاثيرات التي املتها الظروف السياسية فاني العديد من اعزائنا اعضاء مجلس النواب يشاركون في صياغة النصوص دون الاكتفاء بدور صناعتها. ومن جانب اخر نرى المتخصصين في القانون يتقمصون دور المؤسسة التشريعية ويخرجون عن دورهم في صياغة التشريع ليحاولوا صناعة التشريع.

ان صناعة التشريع هو دور اهل الحل والعقد في المجتمع وهم اعضاء السلطة التشريعية الذين لهم كلمة الفصل في وضع الافكار العامة للتشريع فهم من يتحمل المسؤلية عنها وهو صلب واجبهم وصميم دورهم التشريعي. لكن عليهم ان يلتفتوا انهم نواب عن المجتمع الذين خولهم هذا الدور وهم ان خرجوا عما يريده المجتمع خاطروا بشرعيتهم امامه وقناعة المجتمع بانهم اهل لتمثيله. ان اضمحلال الشرعية المجتمعية هي الثمن الذي تدفعه المؤسسة التشريعية في حال انحرافها عن دورها في صناعة تشريع يعكس تطلعات المجتمع ورغباته. لذا وما دام ممثلو الشعب يتحملون مسؤولية مضمون التشريعات كن لا بد لهم من الاضطلاع بصناعته.

اما اهل الفن والاختصاص مت المتخصصين في علم القانون فدورهم هو وضع الافكار التي يزودهم بها اهل الحل والعقد في نصوص تعبر عن ارادة السلطة التشريعية وتنسجم مع توجه ورؤية المشرعين ان الصياغة التشريعية فن متعدد المحاور ينبغي ان يكون اهله ملمين بخفايا التخصص وعارفين ببواطن اموره وهم فوق ذلك ماسكين بعنان اللغة متمكنين منها وهو ما يساعدهم في اخراج نص يعيش تطويلا ويصمد امام تبدلات الظروف وتغيرات الايام.

الدكتورة نداء الشريفي:

سأنطلق من تخصصي كنظم سياسية وصنع سياسات عامه تاركة الامور الفنية للمتخصصين بها. جوهر المشكلة بالتشريعات العراقية يتحدد بعدم وجود اساس ومرتكز وفكر وفلسفة ينطلق منها التشريع والسبب هو:

اولا- لاتوجد معايير للجودة في التشريع. ولاتوجد اجندة عمل للتشريع.

ثانيا- من المعلوم ان السياسة تسبق الصياغة وعليه لابد من وضع سياسة عامة للتشريع والابتعاد عن المعالجات التشريعية المتفرقة ومحاولة اعطاء مرونة لبعض المواد الدستورية مثلا ماده ١٣حول الحقوق والحريات تجعل البرلمانيون يخشون من اصدار قوانين صارمة ضد اللواط والبغاء والخمر خوفا من عدم دستوريتها نسوا او تناسوا اننا دولة اسلامية وموضوع الحريات عقال مطاطي والمرونة بالصياغة تضع حلول لمشاكل اجتماعية خطيرة.

ثالثا- اتباع منظور الحكم الجيد او الحكم الصالح وكالاتي:-

* ديمقراطية التشريع.

* ديمقراطية اسلوب التشريع.

* تشجيع المشاركات المحلية قبل التشريع.

* نشر المحاضر البرلمانية بخصوص مايراد تشريعه.

* مرونة العبارات لكي تنسجم مع التغيرات المجتمعية.

* تطبيق أسس الحداثة بالتشريع والاستفادة من متخصصي السياسات العامة وخبراء القانون بمكاتب البرلمانيين.

* نحتاج الى تفعيل المادة ٦٥حول مجالس الاتحادات واصدار تشريعات تسهيلية.

* وضع لائحة تنظيمية جديدة للبرلمان لتقضي على عقبات تطبيق المادة ١٣٨فقرة ٥.

* تعديل تنظيم عملية التصويت على التشريع، فبدل من ثلثي العدد تكون ثلثي الحاضرين المشتركين بعملية التصويت منعا لمحاولة البعض تمييع وتسويف اقرار التشريعات وكذلك وضع استثناء شبيه بما ورد بالمادة ١١٨و١١٩.

* نضع استثناء حول فقرة موافقة ثلاثة اخماس الاصوات عند عودة القرارات من مجلس الرئاسة.

هذه محاوله لوضع اساس ومرتكز لأصلاح التشريع عموما دون الخوض بالقضايا المتفرقة للتشريع.

سؤال يطرح نفسه: لماذا لم نلاحظ اي خطأ في صناعة وصياغة التشريعات التي تخفض رواتب الموظفين وترفع رواتب الاخوة النواب؟ حيث الفقير يزداد فقرا والغني يزداد غنى. اذن الموضوع ليس فني فقط بل لابد من وضع اهداف ومبادئ وقيم وعوائد للتشريعات قبل ان نفكر في القوالب والصياغات.

الدكتور عز الدين المحمدي

حن في العراق، لا نملك خيارا غير دستور مكتوب، إذ نفتقد إلى ممارسة دستورية تتمتع بالثبات النسبي والاستقرار، ونفتقر إلى أعراف دستورية تنبع من استقرار، ووعي حضاري، وسياسي متقدم، فلا مناص من دستور مكتوب، يؤطر ويؤسس لدولة ونظام سياسي جديدين، لا يتجاوزان حقوق وحريات الإنسان، ولا يغيبان مشاركة الأفراد في إدارة الشأن السياسي للدولة والمجتمع.

وهذا الدستور الذي بين أيدينا برغم صعوبة الظروف التي نشا فيها، إلا أن التسارع والعجالة التي نشأت فيها لضغوطات دولية وإقليمية ووطنية سبَّب في تشوه صياغته، وعدم مقبوليته للإجماع الوطني، وبالتالي عدم احترامه، لان مصير الأمة كما يقول ( جورج بيردو) يعتمد على عوامل ثلاثة:

• دستورها.

• الطريقة التي ينفذ بها.

• مدى الاحترام الذي يبعثه في النفوس.

إذا من الأهمية بمكان أن يكون للعراق دستورا دائما، والاهم من ذلك الطريقة التي ينفذ بها ومدى الاحترام الذي تحيطه له الأمة العراقية، لذلك فالحاجة ملحة لإعادة النظر في الدستور في اقرب فرصة لمجلس النواب وبدونه تبقى الخلافات تعصف بالوضع العراقي عند كل مفترق ومناسبة وحدث، ولان الإطار الدستوري التشريعي لابد أن يستقر وتستند عليه المنظومة القانونية التي تسير عليها السلطة التنفيذية.

ولابد من خريطة الطريق لآليات تعديل الدستور وإصلاح المنظومة القانونية برمتها في العراق بما يتماشى ومواكبة التطورات الدولية والوطنية التي لابد من توافق القوانين الوطنية مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق العراق عليها خلال السنوات القليلة الماضية ومطابقة الهيكلية المؤسسية للدولة العراقية التي مازالت تعتمد القوانين النافذة لسنوات طويلة، وقرارات بقوة القانون التي صُدرت في عهد النظام السياسي السابق والتي تحتاج بلورتها مع معطيات الدستور الدائم للعراق بعد إجراء التعديلات الضرورية عليه لتوائم مع الدستور النافذ وتلك الآلية يمكن إيجازها بالتالي:

1. بما أن ( المادة 142 ) من الدستور يؤكد في الفقرة أولا " يُشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي، مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور، وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها (9).

إن من الضروري تفعيل تلك اللجنة – التي تغافلها مجلس النواب طيلة دورته المنصرمة رغم المطالبات التي تقدمت لمجلس النواب – والمباشرة في مهام عملها، ويجب أن تكون ممثلة لجميع مكونات المجتمع العراقي بخلاف ما ورد في المادة 142 ( تكون ممثلة للمكونات الرئيسية ) فلا يجوز التفريق بين مكون وآخر على أي أساس فهذا دستور الأمة العراقية جميعا.

وان تقوم تلك اللجنة بجلساتها بكل شفافية وموضوعية بدعوة جميع شرائح المجتمع العراقي والممثلة لجميع المحافظات وبشكل متساو والاستماع إلى المقترحات والمشاورات بشأن التعديلات الضرورية والخلافية التي يعانيه الدستور.

2. تشكيل لجنة مساندة للجنة مجلس النواب ( الآنف الذكر ) من فقهاء القانون واللغة العربية بكل اختصاصاتهم الدقيقة من الاكاديميين والتدريسيين من الجامعات العراقية كافة لوضع صياغة قانونية ولغوية وفنية دقيقة ومتينة بعيدة عن الأهواء السياسية والمصطلحات العاطفية التي تسبّب التأويل والغموض والتشكيك نحو المواد الدستورية عند التطبيق وتكون صياغات اللجنة مصونة من السياسيين.

3. ولان ( المادة 126 ) من الدستور وضع آليات التعديلات الدستورية بشأن بعض القضايا التي يمكن التعرض بتعديلها بعد دورتين لمجلس النواب ولكن المادة 142 هي فرصة دستورية لتعديل أهم المواد الخلافية التي سبَّبت الماسي للشعب العراقي خلال السنوات الأربع المنصرمة.

4. بما إن الإطار التشريعي ينبع من الدستور ويستند اليه، فلابد من قرارات جريئة بشأن إصلاح المنظومة القانونية للدولة على ضوء الدستور الدائم للبلاد بعد التعديلات المطلوبة والتي ما يزال تحمل المزيد من الاضطراب ما بين الدستور والقوانين المطبقة والتي تؤثر سلبا لحياة المواطنين ومراكزهم القانونية أمام الدولة، فمن الضرورة بمكان إنشاء لجنة قانونية موسعة خاصة من أعضاء مجلس شورى الدولة وبإسناد من فقهاء القانون بكل اختصاصاتهم والتدريسيين واللغويين وأصحاب الاختصاصات غير القانونية في الاقتصاد، وعلوم السياسة، والاجتماع، والطب، والتعليم، والتربية والزراعة، والبيئة، والعلوم المختلفة.

لدراسة المنظومة القانونية في العراق بشكل متأن وتدريجي للنظر في تعديلات المنظومة القانونية بما يتوائم مع الأوضاع الدولية والتطورات السياسية التي حصلت في العراق، بغية تحسين الأوضاع القانونية والأمنية، والحقوقية، المعاشية، والصحية، والتعليمية، والخدمية وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمواطن العراقي ذلك لرفع معاناة المجتمع العراقي من البيروقراطية الورقية والآليات العقيمة التي يواجها المواطن في الحياة اليومية لاستقرار وثبات المركز القانوني للإنسان العراقي بين حقوقه والتزاماته على وفق الدستور.

5. بعد التوصل إلى حزمة المقترحات بشأن كل القوانين النافذة والتي تتعارض مع قيم المجتمع العراقي في الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، يتم عقد مؤتمرات تخصصية ومناقشات موسعة لتلك القوانين بكل جوانبها والتي تحتاج إلى التعديلات وبيان مواضع الخلل فيها يمكن اقتراح تعديلها أو الإقرار بعدم صلاحية قوانين أخرى يمكن إلغائها واقتراح مشاريع قوانين جديدة، وبعد الانتهاء من تلك المؤتمرات التي يمكن أن تكون تحت تسمية ( مؤتمرات إصلاح المنظومة القانونية في العراق ) تُدفع تلك المقترحات إلى مجلس النواب لدراستها ولتأخذ دورها وبحسب الآلية الدستورية إلى إقرارها وإصدارها قوانين صالحة للنفاذ وبالتالي إلغاء القوانين التي لا تُصلح.

6. الهوية الوطنية العراقية:

من المسائل الجوهرية التي لابد من تغذية الوثيقة الدستورية للبلاد هي غرس فكرة الهوية الوطنية للمواطن، وفي حالة العراق ومن خلال السنوات المنصرمة فان تطبيقات الدستور قد انعدمت منها مفهوم ومعنى وإحساس المواطنة وبالهوية الوطنية العراقية وان كل المناقشات التي جرت تحت قبة مجلس النواب في دورته المنصرمة بقصد أو دون قصد استأثرت بالطروحات القومية والاثنية والدينية والمناطقية والطائفية دون الإجماع على الهوية الوطنية العراقية، وهذا الإحساس قد اثَّر سلباً على الشارع العراقي الذين يشاركون معاَ المعاناة والمخاطر وجرائم الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان العراقي.

الدكتورة مهدية صالح حسن:

من أجل صناعة وصياغة التشريعات ينبغي تشكيل لجنة مستقلة من المختصين في القانون الدستوري حصرا ومن حملة درجة الأستاذية ومن لهم باع طويل بهذا الجانب ومن المشهود لهم بالعفة والاخلاص والأمانة والوطنية لكي يتحملوا أمانة التشريع في المجال الدستوري ومن الممكن الرجوع إلى الأساتذة الأفاضل المتقاعدين للاستفادة من خبراتهم.

كذلك تشكيل لجان من المختصين في القانون الجنائي وممن عملوا في القضاء ومن المشهود لهم بالصلاح والنزاهة لكي يأخذوا على عاتقهم إصلاح القوانين قبل ان تشرع ويفضل ان تشكل أيضا لجان من الباحثين الاجتماعيين. ومن أساتذة علم النفس لاسيما ما يتعلق بالجوانب النفسية لتلك القوانين ووقعها على المواطنين. ومن الممكن الرجوع إلى الدساتير العراقية السابقة والاستفادة منها في الصياغات القانونية الدستورية وهذا لا ينتقص من الامر شئ، لاسيما وأن تلك الدساتير، قد شارك بإعدادها جهابذة القانون الدستوري في العراق ومن بعض الدول العربية. مثل المرحوم السنهوري وغيره. كما نتمنى ان يتم تشكل لجنة أساتذة اللغة العربية لكي تراجع النصوص القانونية قبل تشريعها واكتسابها الدرجة القطعية لتلافي الأخطاء والركاكة في الصناعات.

الدكتور سامي شاتي:

العملية التشريعية في العراق من الناحية الدستورية غير متكاملة لغياب الغرفة التشريعية الثانية (مجلس الاتحاد) في ظل تعمد كامل في تغييب لمقترح القانون الخاص بالمجلس. اما المؤسسة البرلمانية العراقية فهي مؤسسة تفتقد الرؤية لدورها داخل منظومة الدولة العراقية فهي تتنازع مع السلطات التنفيذية والقضائية حول الصلاحيات وتناست دورها الرئيسي في إعادة صياغة وتعديل واقرار القوانين المنظمة لعمل الدولة الحديثة والناشئة بعد 2003 وبالتالي فقد تركت مفاصل الدولة تنظم بقوانين المرحلة الديكتاتورية

لقد اكدنا في مناسبات عدة وبشكل مباشر مع رئاسة المجلس ان بقاء المجلس بدون خطة تشريعية هي فوضى تزيد من حالة الفشل في بناء مؤسسات الدولة مثل المحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد وغيرها، كذلك تجعل معظم نواب المجلس في حالة كسل واسترخاء وتعطيل دائم.

ان العملية التشريعية لابد أن تستند إلى فلسفة الدولة وغاياتها العليا ولايمكن ان تتحقق بدون تعاون مع السلطة التنفيذية. ويمكن ملاحظة الضعف في المراحل الثلاث للتشريع (مرحلة تحديد الاحتياج اوالموضوعات، مرحلة الصياغة التشريعية، مرحلة تقييم الأثر التشريعي)

وبناءا على ما تقدم فان مجلس النواب مطالب بالعمل الجاد وبالتعاون مع الحكومة على وضع خطة تشريعية واقعية تراعي الأولويات الحكومية والمجتمعية ويمكن إقرار مفرداتها خلال الدورة الحالية، كذلك لابد من استكمال الغرفة التشريعية الثانية واقرار قانون مجلس الاتحاد.

الاستاذة حمدية الجاف:

ان انتخاب مجلس النواب في العراق وفي اي دولة يكون نظام الحكم فيها برلماني يجب ان يراعى فيها ضمان استقلالية والحرية للناخب لمن يعطي صوته ومن المستحق ان يكون ممثله في السلطة التشريعية فممثل الشعب يجب ان يستحق بحق الصفة الذي يحملها هو صفة نائب الشعب.

فاليوم عندما تقوم اي مجموعة مهما كانت صفتها في اختيار من يمثلهم ويتكلم باسمهم اكيد وبدون اي شك سوف يتم اختيار اكثرهم حنكة واكثرهم قابلية على الاستعاب الراي الاخرى واكثرهم قدره على الاقناع الغير بمطالب من يمثلهم، ويؤمن ان هناك شركاء له في الوطن وان يكون لديه من الشجاعة ان يضع نصب عينيه مصلحة المجموع ويقدمه على مصلحته اضافة الى مواصفات كثيرة اخرى يمتاز بيها عن غيره.

اما كيفية اختيار من يمثلنا في مجلس النواب فيجب ان يكون هناك قوانين تحكم العملية الانتخابية وهذه القوانين تشرع بعيداً عن اي تجاذبات سياسية او طائفية وان يكون القوانين مجرد من المحابات لاي كتلة سياسية وان يكون هناك قوانين لحماية الناخب ولا اقصد الحماية بمعناها الدارج وانما حماية اسقلالية راية دون التاثير عليه بخزعبلات طائفية وعرقية.

وذلك الابتعاد عن التأثيرات المادية ونحن في العراق لنا تجارب مريرة بهذا الصدد مثال على ذلك الضحك على البسطاء والمحتاجين ببطانية او مدافئ او وعود اشبه بروية السراب في الصحراء واذا كنا نريد مجلس نواب حقيقي يجب ان يكون الشغل الشاغل لمفوضية الانتخابات ومعها منظمات المجتمع المدني بالقيام بحملات توعيه مبكرة وعلى مدار سنة قبل الانتخابات توعية الشعب توعية الطبقات الفقيرة ومحاكات الناس الغير متعلمين باهمية صوته في تقرير مصيره ومصير الملايين.

وعليه ان يعي فلا يدع اي جهة سياسية من مصادرة صوته يجب زرع الثقة فيهم بضرورة اختيار من يستطيع الدفاع عن مطالبهم ومصالحهم بتجرد بعيدا عن العزف على الاوتار الطائفية والمذهبية او القومية ابتعاد عن انتخاب من لا يستطيع حتى التعبير عن راية بتجرد بعيد عن ميول حزبه او كتلته. على من يريد مجلس نواب معافى يجب ان يبداء من توعية المواطن البسيط صعوداً الى تشريع قوانين تحكم العملية الانتخابية ووضعها في ايادي امينة من خلال اختيار مفوضية مستقلة استقلالًا حقيقياً وليس بالكلام فقط.

الدكتور صلاح عبد الرزاق:

كثيراً ما يصرح المسؤولون أو المتظاهرون ومن معهم بأن التظاهر حق دستوري، وأن من حق أي مواطن أن يتظاهر متى ما يشاء وأين ما يشاء، وعلى الحكومة والقوات الأمنية احترام إرادة المتظاهر العراقي. هذا الكلام قد يبدو سليماً لكن هذا جزء من القضية وليس كلها.

إن الحق الدستوري بعيد عن الادعاءات التي يتشدقون بها. لنراجع المادة الدستورية المتعلقة بحق التظاهر. تنص المادة (38) من الدستور على:

المادة (38): تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:

أولاً: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل .

ثانياً : حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر .

ثالثاً : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون .

يلاحظ أن المادة أعلاه محكومة بشرطين:

الأول: أن التظاهر أو الاجتماع لا يخل بالنظام العام، أي أن التظاهرة تكون سلمية، وملتزمة بتعليمات الجهات الأمنية التي تشرف على التظاهرة، وتوفر الحماية للمتظاهرين. وأن لا يجري الاعتداء على المال العام والخاص أو إيذاء أي شخص، لأن تخريب المال مخالف للنظام العام. كما أن إغلاق الطرق واستخدام سلاح أو آلات جارحة أو حارقة أو غيرها يخالف النظام العام.

فهل التزم المتظاهرون بحدود مكان التظاهرة أو الوقت المحدد لها؟ في كل دول العالم تعد التظاهرة منتهية إذا تجاوزت الوقت المحدد أو سارت في مكان غير متفق عليه مسبقاً.

الثاني: أن التظاهر لا يخل بالآداب العامة، وهذا تحدد ثقافة المجتمع، التي تحدد ما هي الأمور التي تعد مخالفة للآداب العامة أم لا. كما أن الثقافة ليست واحدة في مكان محدد أو زمن محدد، فالثقافة متحركة ومتأثرة بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى القيم الدينية والتقاليد الشعبية.

إن قسماً من هتافات وشعارات التظاهرات تعد خارج الآداب العامة، حيث تضمنت ألفاظاً نابية وسوقية لا تليق في تجمعات اجتماعية أو سياسية، أو سباب وشتائم لشخصيات سياسية، لا يستعملها العراقيون في أحاديثهم أو اجتماعاتهم، بل تعد سلبية، ويُنتقد من يستعملها في مجلس اجتماعي أو تصريح إعلامي.

إن البند ثالثاً من المادة (38) أعلاه يتضمن أمرين هامين هما:

1- إن (حرية الاجتماع) مكفولة للجميع. فلا يجوز الاعتداء على المجتمعين أو التشويش أو تخريب الاجتماع. ولا يجوز دخول مكان الاجتماع عنوة، وأن يحظى مكان الاجتماع بحماية القوات الأمنية مثل ما تحظى التظاهرات. والاجتماع قد يكون حفل سياسي، أو مهرجان فني، أو حفلة زواج، سواء كان في قاعة مغلقة أو ملعب، أو ساحة، أو تكون صلاة جماعة أو شعائر دينية أو مذهبية. وهذا ما شاهدناه من قيام بعض الجماعات السياسية باعتداءات واستخدام عنف وكيل السباب والشتائم حتى للنساء، وإهانة شيوخ العشائر الحاضرين في الحفل. والغريب أن لا أحد، لا مسؤول ولا سياسي ولا إعلامي يدين مثل هذه التصرفات لأسباب حزبية أو شخصية.

2- إن الدستور سماه بـ (التظاهر السلمي) فصفة السلمية ملازمة لكل تظاهرة. وبغير ذلك لن تكون تظاهرة سلمية لأن حرية التعبير مكفولة بحدودها السلمية، وليست عبر العنف أو الاعتداء على الأملاك العامة ومداهمة الأبنية الحكومية أو تهديد المواطنين. كما أن التظاهر مشروط بعدم تجاوز الآداب العامة والنظام العام، كما ورد أعلاه.

الاستاذ مقداد البغدادي:

صناعة او صياغة التشريع من القضايا الاستراتيجية الاساسية في رسم الخارطة السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية بتصورات وروئ قانونية ضمن قوالب قانونية تخرج من الدوائر المتخصصة في التشريع يمكن ترجمتها في السلوك الميداني عبر الاجهزة التنفيذية المتنوعة.

ومن اجل تكميل الحلقات في اخراج التشريعات والقوانين في انضج صورها الانسانية والتنظيمية والتخصصية نحتاج الى:

اولا- وضع التشريعات العالمية والاقليمية والمحلية قديما وجديدا تحت مجهر اصحاب التخصص للاستفادة منها في صناعة التشريعات المعاصرة.

ثانيا- ينبغي تأسيس الدوائر الاستشارية الى جانب المؤسسات التخصيصة الرسمية لغرض اخراج الصناعات التشريعة باانضج صورها وتعمل هذه الحلقات الاستشارية جنبا إلى جنب مجلس النواب العراقي والقسم التخصصي في التشريع في مجالس المحافظات ومجالس القضاء وغيرها.

وهناك اشكالية لابد من حلها وهي الجدلية في فرض الارادات المتنوعة وربما المتناقضة كالاحزاب السياسية الحاكمة التي تريد مصالحها عبر التشريعات المختلفة وهكذا بقية المكونات المجتمعية والانسانية وحتى ربما الدولية والعالمية في فرض بعض التشريعات.

هذه الارادات قد تصطدم في اختيار التشريع الافضل والانضج بينها وبين الارادات الوطنيه المستقلة.من جانب آخر نحتاج الئ حسم النظرية الجدلية في حسم مصلحة الانسان كأنسان دون التفريعات والانتماءات الاخرئ وبين فرض ارادة القانون كقانون وبتعبير اخر هل ان القانون في خدمة الانسان ام الانسان في خدمة القانون وما هي ضابطة التشخيص في هذا الموضوع.

الاستاذ ابراهيم العبادي:

بين الحماس الانتخابي المشروع وبين استعدادات القوى السياسية لمرحلة مابعد الموصل، يشهد العراق حراكا متعدد الاشكال لايقتصر على البيئة المحلية وحدها، بل ان حضور العامل الاقليمي والدولي كان ملموسا بوضوح. لازالت المكونات العراقية مشغولة بمصير السلطة السياسية وتاثيرات الامن المحلي والاقليمي في ترتيباتها اما مصير الدولة العراقية فلاينظر اليه الا من زاوية مصلحة الطائفة او المكون او الاثنية والاقلية.

مجتمع المكونات هذا يعيش حراكا واسعا شعاره البحث عن العدالة والحقوق والشراكة ومصلحة جمهور هذا الفريق المكوناتي او ذاك، فبعد موتمر جنيف الذي شاركت فيه بعض القوى السنية في ظل انقسام حاد بينها وتوجسات من المشاريع المطروحة التي تتبناها مراكز دراسات ومصانع افكار وحلقات تخطيط استراتيجي تابعة لدول واجهزة مخابرات.

ينشغل الساسة الكرد بترتيب بيتهم الداخلي مع حرص كبير على المحافظة على مكاسب (الكونفدرالية) التي تحققت طيلة السنوات الماضية والتي جعلت قوى داخل الاقليم تعتقد بان الخصومة مع بغداد هي سياسة ممنهجة للدفع باتجاه تغليب قوى على اخرى، وكسب الرهان السياسي والامساك بالقرار الكردي دونما اجماع سياسي ولاموقف حزبي موحد ولاتفويض شعبي كامل.

البيت الشيعي الذي يمثله التحالف الوطني غارق حتى اذنيه بتنافسات اطيافه واحزابه وشخصياته وعاجز عن ارضاء جمهوره وغير قادر على التفكيك بين مسؤولياته في الدولة باعتباره المكون الاكبر وبين طموحات قواه البينية في البقاء ضمن صدارة المشهد، دون تحمل تبعات ونتائج ضعف الاداء ،كأن شخص رئيس الحكومة او ممثلي التحالف في الحكومة، هم من يتحمل المسؤولية وحدهم، وماسواهم احزاب ظل وقوى تعمل جهدها للتملص من مسؤولية الادارة.

رغم التحديات الشرسة القائمة، وهي دلالة قلق من المستقبل، ومن حقهم النظر بالقانون الانتخابي ودراسته من جوانب متعددة، لكن ليس من حقهم ان يكون الاحتفاظ بجمهورهم مشدودا اليهم، عبر حركات عصبية ومشاريع صراعية واستعراضات شارعية تهدد امن البلد وتربك سياسته الخارجية وتوثر على سير المعارك العسكرية الملحمية الجارية في شمال غرب الوطن.

الاستعجال الانتخابي امر مشروع، لكن لم تبادر جهة بعينها لمصارحة الجمهور باخطاء مرحلة عصيبة، فتعترف بمقدار الفشل وسوء التدبير وخطل المواقف والسياسات وضيق الافق وهزال الرؤية، ليكون الجمهور امام منهج في الواقعية السياسية وليكون السياسي في مواجهة حقيقية مع جمهوره، يرسم لوحة اخفاقات ويعدد خريطة انجازات.

التواري خلف يافطات عريضة وادعاء الحفاظ على مصلحة الجمهور في ظل صراع المكونات على اقتسام السلطات ومراكز صنع السياسات، لن يكون له حضور كبير في واقع التنافس الانتخابي القادم لدينا جمهور محبط واستعداد كبير للانخراط في مشاريع سياسية عنيفة زادتها تراكمات من الاخطاء والممارسات والمتاجرات والخطابات السياسية غير العقلانية.

وربما يندفع ساسة وطامحون اعتمادا على متغيرات المواقف والسياسات الاقليمية والدولية، وهذا قد يعيدنا الى صراع ايديولوجيات خطير لايحتمله العراق وهو لم يتخلص بعد من مخاطر الارهاب على وجوده كدولة،ه ناك سعي حثيث للدفع باتجاه صراع اسلامي- علماني او ديني- مدني او قوى قديمة تم اختبارها في السلطة وقوى جديدة تقدم نفسها بديلا عن الذين تم تجريبهم.

وفي ظل هذا الاحتدام والصراعات القومية والطائفية القائمة فأن اصداء المواقف والتصريحات في كل من واشنطن والرياض وانقرة وطهران ستكون حاضرة بشراسة في انتخاباتنا القادمة. العراق بحاجة الى تيار سياسي اخر يقدم للجمهور رؤية سياسية واقعية واهداف مرحلية ممكنة واشخاص لم تنعكس الظلال السوداء على صورهم تيار لايرهن مواقفه للبيع بحسب اتجاهات القوة في المنطقة وصراعات الدول المحيطة بالجغرافيا العراقية مطابخ السياسة ومراكز التفكير معنية بالبحث عن اطار لهذا التيار تكون مصلحة الشعب اولوية لديه من خلال اولويات الدولة العراقية ذاتها.

القانوني احمد السعد:

صياغة التشريعات تحتاج الى رؤية قانونية بعيدة وإلمام تام بمجريات الأوضاع. اذ التشريع في الصياغة يجب لاتكون هناك مواد القانون تتضارب مع بعضها او تكون مبهمة تحتاج الى تفسيرات متعددة مما يشتت آلية التطبيق الصحيحة اذ غالبا في اقتراح القانون لابد وان يرسل الى مجلس شورى الدولة المختص بصياغة القوانين من الناحية الشكلية والموضوعية وتتدخل في إعداد الصياغة الصحيحة بما لا تتعارض نصوص التشريع مع الدستور والقوانين النافذة او لا تتعارض مواد القانون مع بعضها البعض.

لكن اليوم نجد التشريعات تصدر وهي مواد جافة وركيكة في الصياغة وبعد فترة قليلة نجد هناك مقترحات من بعض النواب لتعديل القانون الذي شرع من قبل مجلس النواب بسبب غياب دور مجلس شورى الدولة في تدقيق وإعداد الصياغة القانونية السليمة تحت تأثير التجاذبات والتوافقات السياسية مما يكون عرضة للطعن به امام المحكمة الاتحادية بسبب وجود تعارض مع الدستور لكن لو تدارك الامر من البدايةواتخذ التشريع الصياغة السليمة والإحاطة بالجوانب ذات الشأن بصدوره. اصبح قانوناً قابلاً للتنفيذ على الواقع.

الاستاذ احمد جويد:

صياغة التشريعات هي فن وعلم، وﻻبد لتمام معرفته من دراسة مستفيضة وتجربة طويلة، فمن تسند له مهمة صياغة التشريعات ﻻبد ان يمتلك القدر اللازم من العلم والمعرفة في علم القانون واصوله ولديه معرفة جيدة بتطور القانون وتاريخه مدركا لظروفه الزمانية والمكانية والبيئة التي ينشأ فيها ويصاغ من اجلها ويكون قادرا على التفرغ منها الى الفروض التي هو راغب أو مكلف بوضع حلول لها على شكل قاعدة قانونية من شأنها العموم والالزام والتجرد.

اليوم بحاجة الى عرض مشاريع القوانين على خبراء في القانون من هذا النوع قبل طرحها للتصويت عليها في البرلمان، كما انصح الاخوة النواب باستشارة مختصين في القانون قبل مناقشة مشاريع القوانين ﻷنه ليس بالضرورة أن يكون جميع أعضاء البرلمان من حملة شهادة القانون، لكن من الضروري أن يتسلحو بالمعرفة والثقافة القانونية اللازمة للقيام بعملهم بأفضل وجه ﻷن المهمة الرئيسية للبرلمان هي سن القوانين وتشريعها.

الاستاذ عباس العطار ناشط ومدير منظمة انا مدني:

تحتاج صناعة وصياغة التشريعات إلى توافر بيئة مستقرة من المناحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية، وحتى يتمكن المشرع من صياغة التشريعات عليه معرفة كل الظروف المحيطة بالبيئة التشريعية واعتماد آليات استقرائية واستقصائية واستطلاعية تستند الى مؤشرات علمية وواقعية للتعرف على الإحتياجات الفعلية للمجتمع وتراتبيتها على سلم الأولويات. وتؤكد التجارب الناجحة في البلدان الأكثر رسوخا للديمقراطية اعتماد التشاركية في صناعة وصياغة التشريعات بين القطاعات الرسمية وغير الرسمية المتمثلة بالمجتمع المدني والجهة المستهدفة والقطاعات ذات العلاقة.

أما في العراق فالتشريعات تنطلق من ردود أفعال أو من تصورات ذهنية وانطباعات تستشعر الكتل السياسية المشتركة بالعملية السياسية بأهميتها وفقا لمصالح معينة، لذا نجد اغلب التشريعات يطغى عليها البعد السياسي وخير دليل على ذلك هو المشهد البرلماني حيث يتم تغييب رأي النواب في اغلب القوانين التي مررت داخل البرلمان وانحسر دورهم في الحضور الالزامي لاكتمال عملية النصاب وتمرير التشريع المطلوب وفق ما يراه رؤساء كتلهم.

فلو راجعنا كل التشريعات للدورات البرلمانية السابقة والحالية نجدها جامدة ومرحلية لا تلبي الإحتياجات المجتمعية كونها غير مستندة إلى فلسفة تشريعية معينة أو أرضية علمية ولم يتم اشراك القطاعات ذات الصلة في حوارات مجتمعية، والفهم الخاطيء الذي أصبح ثقافة سائدة أن الصناعة تبدأ بالمشرع وتنتهي عنده ولا يحق لباقي الإختصاصات والقطاعات الآخرى المشاركة في حوارات تنضج التشريع ومن ثم يأتي دور المشرع في الصياغة القانونية وفق المخرجات التي أنتجتها الحوارات.

الاستاذ جواد العطار:

اولا- لم يعد البرلمان له سلطة التشريع ابتداءً وانما هو يكمل مشروع القوانيين التي تأتي من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء.

ثانياً- المشرع العراقي ضيع البوصلة في تحديد الاولويات والحاجات الملحة على مستوى الفرد والمجتمع اوعلى مستوى بناء الدولة. فقانون منع التدخين يتقدم على تشريع مجلس الاتحادي او مجلس الخدمة.

ثالثاً- المناكفات السياسية والصراعات والانقسامات تلقي بظلالها على مسيرة التشريع فالسياسة حاكمة وضابطة لحركة المشرع.

رابعاً- توافق الكتل وزعمائها او عدم التوافق والانقسام حاكم وبتعسف على حركة التشريع ومعطل لدور النواب جميعهم.

خامساً- نقص في الخبرة والكفائة للقسم الاعظم من النواب سبب اساسي في تراجع العمل التشريعي كماً وكيفاً.

سادساً- جهل اغلب النواب لدورهم التشريعي والرقابي والدليل نلحظه من برامجهم الانتخابية كلها وعود تنفيذية في تعينات وتوزيع اراضي. ولا تلحظ أي اشارة الى تشريعات في تطوير التعليم والصحة والضرائب والاستثمار وغيرها من التشريعات التى تعود بالخدمات الى المجتمع.

الاستاذ سعيد ياسين:

في وقت سابق شاركت في احدى ورش العمل في هيأة المستشارين لمجلس الوزراء حول وضع الية للتشريعات، وكانت خاصة بالقطاع الخاص وتم التصريح بأن هنالك لجنة سميت حينها بـ(مقصلة القوانين) وشارك في الورشة خبير قانوني دولي بدائرة تلفزيونية. المهم لا اعرف ما توصل اليه الفريق القانوني ولا المقصلة.

من هنا اقول لابد من منهجية واستراتيجية معتمدة ووفق جدول زمني لمراجعة جميع التشريعات قبل 2003 وتعديلها بما ينسجم مع دستور ونظام ديمقراطي واخرى مراجعة التزامات العراق الدولية وفق التعاهدات والاتفاقيات التي تعزز قيام مؤسسات تتلائم مع النظام السياسي.

قد نراها صعبة ولسهولة الامر اعتماد الاصلاحات قطاعيا اي كل قطاع تراجع القوانين التي تحكمها وتعد مشاريع بديلة عنها، كما ان مجلس النواب ومن خلال اعتمادها على بدعة السلة الواحدة في التشريع وضع اكثر من خلل في تلغيم القوانين وحسب الممارسة اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تتضمن خطوات مهمة في تشريع قوانين مثل حق الحصول على المعلومات، حماية المخبرين والشهود والضحايا وغيرها من تعديلات كتجريم استغلال النفوذ وتضخم الاموال وتشديد عقوباتها وغيرها.

مع اشارة اخرى على ان مجلس شورى الدولة تستخدم قيود وشروط الدولة الدكتاتورية وقيودها على القوانين المقترحة بالاضافة الى التعليمات التي تنفذ وفها القوانين لتصل الى افراغ القانون من محتواه والهدف الذي شرع لاجله ناهيكم عن التنفيذ عليه نحن بحاجة الى استراتيجية تشريعية تضع اولويات وفق سياسة عامة للتشريع يتفق عليها بين مجلس الوزراء ومجلس النواب كادوار تكاملية تعتمد فيها معايير علمية غير سياسية وفق ترجمة الدستور على اساس دولة المواطنة سيادة القانون وانفاذ القانون وعدم التسامح مع الجريمة وضمان عدم الافلات وردع المتجاوزين على الحق العام.

ختاما تفضل الدكتور حسن الكريطي:

د. حيدر حسين الكريطي:

هنالك شواهد على أخطاء في صياغة التشريعات في العراق.

ومنها مثلا ما جاء في المادة ( 5 ) من قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي رقم ( 28 ) لسنة 2012 إذ أن هذه المادة تتكون من فقرتين: حددت الأولى عقوبة السجن المؤقت والغرامة لمرتكب جريمة الإتجار بالبشر بصورتها البسيطة غير المقترنة بظرف مشدد. وعاقبت الفقرة الثانية منها بالسجن لمدة لا تزيد عن 15 سنة إذا إقترنت الجريمة بظرف مشدد.

والخلل في نص هذه المادة هو أن (عقوبة السجن مدة لا تزيد عن 15 سنة هي نفسها عقوبة السجن المؤقت بموجب المادة 87 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969) أي أن المشرع أورد العقوبة نفسها في الفقرتين على الرغم من الاختلاف بين الفقرتين من حيث جسامة الجريمة.

ومن المؤاخذات الأخرى على صناعة وصياغة التشريع في العراق ما يأتي :

* بتأريخ 2016/8/25 أقر مجلس النواب قانون العفو العام، ونصت المادة ( 16) منه على ما يأتي: ( ينفذ هذا القانون من تأريخ إقراره في مجلس النواب بتأريخ 2016/8/25) ثم أصدر مجلس القضاء الأعلى بتأريخ 2016/8/28 تعليمات لتنفيذ أحكامه، وبتأريخ 2016/9/1 صادق رئيس الجمهورية على القانون المذكور(قانون العفو).

ويبدو أن غاية المشروع من اعتباره نافذا من تأريخ إقراره في مجلس النواب هي الحيلولة دون إستغلال بعض ضعاف النفوس للمدة الواقعة بين تأريخ إقرار هذا القانون وبين تأريخ المصادقة عليه من رئاسة الجمهورية لإرتكاب جرائم معينة مستفيدين من إقرار قانون العفو العام.

ولكن هنا مجلس النواب لم يميز بين سريان القانون وبين نفاذه. فالسريان شيء والنفاذ شيء آخر، ولذلك أوقع نفسه في دائرة المخالفة الشكلية للدستور. ولذا كانت الصياغة الناجحة تقتضي أن ينص قانون العفو على ما يأتي: (تسري أحكام هذا القانون على الجرائم المرتكبة قبل تأريخ إقراره في مجلس النواب بتأريخ 2016/8/25، وينفذ من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية).

ومن الشواهد المعاصرة على رداءة صناعة وصياغة التشريعات في العراق أن السلطة التشريعية أدرجت النص الخاص بإجازة الأربع سنوات الخاصة بالموظفين ضمن أحكام قانون الموازنة العامة رقم 44 لسنة 2017 بموجب المادة 38 منها.

في حين أن موقعها الصحيح هو قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 إذ أن القانون الأخير هو المعني بتنظيم إجازات الموظفين وقد خصص لها فصلا مستقلا هو الفصل الثامن وفي المواد من ( 43_ 50) فقانون الموازنة ينظم الشؤون المالية لمدة سنة واحدة ويفترض ألا ينظم الشؤون الوظيفية.

تعريفات لصناعة وصياغة التشريعات:

● الفقيه ( جون أوستن ): (إن من السهل البحث عن فكرة قانونية صالحة، ولكن من الصعب تصميم تلك الفكرة في قالب قانوني، ويعتمد ذلك بالدرجة الأساس على إحتراف الجانب الفني للتشريع).

● ساندرا ماركمان: (أن الصياغة التشريعية تقوم على فن وعلم لابد أن يتوافرا في الصائغ والمشرع معا، فأحدهما يكمل الآخر، وينبغي أن تكون المبادئ الآتي ذكرها: نصب عيني الصائغ والمشرع معا وهي: مبدأ الوضوح في الصياغة، ومبدأ الإنسجام والمواءمة فيما بين الأحكام الجديدة، وتلك القائمة أصلا في الهيكل التشريعي)

● الدكتور أكرم الوتري: (نستطيع تشبيه تقنين القوانين بالهندسة المعمارية، والمقنن بمهندس القانون ومعماره)

● آن سيدمان: ( يجد القانون أساسه لا في تنظيم واقعة قانونية ما، بل بقيمة ذلك التنظيم، ونتيجة لذلك فهنالك من الصاغة من يسنون قوانين على غير هدى لأنها ببساطة قوانين لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع).

● د.جورج سعد: (إن رداءة الصناعة التشريعية يعود إلى سببين: الأول هو قصر نظر النواب في فهم موضوع مشروع القانون، يتبعها عدم الإستشارة فيمن توفرت فيهم الخبرة والإختصاص كالأكاديميين والقضاة والمحامين، والثاني: هو تعمد تشريع قوانين توصف بأنها غير سليمة لاسيما في دول العالم الثالث بهدف إرباك الأوضاع القانونية لتعم الفوضى ويشيع الفساد في المجتمع، ما يمد في بقاء ذات السياسيين أو من يخلفهم في سدة الحكم والسيطرة والنفوذ).

في سبيل النهوض بصناعة وصياغة التشريعات القادرة على التغيير نحو الأفضل لابد من توافر الوعي التشريعي بوصفه العنصر المساعد على تقويم العملية التشريعية ولن يتحقق ذلك إلا بتوافر العناصر الآتية:

١- القابلية التشريعية والإستعداد لتنفيذها.

٢- الإستعداد للمشاركة التشريعية.

٣- التسامح الفكري والثقة المتبادلة بين المشرعين.

٤- توفر روح المبادرة التشريعية.

٥ - إحترام المبادئ القانونية من قبل الأشخاص.

٦- مشاركة الجمهور وإطلاعه على السياسة التشريعية.

و قبل البدء بإعداد أي مشروع قانون ينبغي مراعاة ما يأتي :

١- البحث عن الفضاء التشريعي المتوافق مع أحكام الدستور وغير المتعارض مع أحكام القوانين الإتحادية النافذة .

٢- تحديد الأهداف المراد تحقيقها من تشريع القانون.

٣- تحديد الوسائل التنظيمية والموارد المالية التي يمكن رصدها لتحقيق هدف الحكومة.

٤- دراسة الآثار القانونية الإيجابية والسلبية المتوقعة عند تطبيق النصوص والآليات المطلوبة.

٥ - دراسة الآثار المالية المتوقعة بعد إقرار القانون.

٦ - تحديد الفوائد المحتمل تحقيقها على الأصعدة كافة.

٧ - التأكد من إمكانية تنفيذ أحكامه بأقل قدر من العقبات.

اضف تعليق