q

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، وفد من الفضلاء والمؤمنين العاملين في المجالات الدينية والثقافية والخيرية، من (تجمّع شيرازيون)، ومن (مؤسسة أهل البيت صلوات الله عليهم الخيرية الثقافية)، ومن (مؤسسة عاشوراء الثقافية) في مدينة البصرة، وذلك في بيت المرجعية الرشيدة أدام الله ظلها الوارف، يوم الثلاثاء الموافق للعشرين من شهر ربيع الثاني 1436 للهجرة (10/2/2015م).

في هذه الزيارة قدّم الضيوف الكرام، تقارير مختصرة عن أهم فعالياتهم.

ثم استمعوا إلى توجيهات سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، حيث قال:

توجد قصّة ينقلها مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليها عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي رواية من جهتين: لأن الناقل هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو إمام معصوم. والمنقول عنه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وهو إمام الائمة. وهذه الرواية هي:

عن مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَارَسُولَ اللَّهِ، لِي مِائَةُ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَهَذِهِ عَشْرُ أَوَاقٍ مِنْهَا صَدَقَةٌ، وَجَاءَ بَعْدَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ لِي مِائَةُ دِينَارٍ فَهَذِهِ مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ صَدَقَةٌ، وَجَاءَ الثَّالِثُ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ لِي عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَهَذَا دِينَارٌ مِنْهَا صَدَقَةٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: كُلُّكُمْ فِي الأجْرِ سَوَاءٌ، كُلُّكُمْ تَصَدَّقَ بِعُشْرِ مَالِهِ. 1

وعقّب سماحته بقوله: هذه الرواية على قول الفقهاء في روايات وفي موارد عديدة لا خصوصية للدينار ولا للعشرة ولا للخمسين ولا للمئة، فالمهم هو ان الإنسان كم ينفق في سبيل الله مما منحه الله تعالى.

بعبارة أخرى: إنّ الله تعالى منح كل إنسان فهم وشعور ودرك بمقدار معيّن، كما في قوله عزّ وجلّ: (وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ) 2. وفي الحديث الشريف أن (الرزق) في الآية الكريمة يعني العلم. فواحد يكون أذكى من الآخر، وواحد يكون أقوى حفظاً من الآخر، وواحد يكون أفهم من الآخر. والمهم هنا هو ان كل واحد، أو كل إنسان، كم ينفق في سبيل الله تعالى من هذا الفهم ومن هذا الذكاء والإدراك. هذا أولاً.

ثانياً: كل إنسان، منحه الله تعالى مقداراً من الطاقة ومن القدرة كاللسان والبصر والقلم والحضور والمال وغيره، فكم ينفق منه في سبيل الله تعالى. فقد يعمل شخصان معاً في سبيل خدمة أهل البيت صلوات الله عليهم، فترى الأول يعمل خمس ساعات يومياً مثلاً، والثاني يعمل عشر ساعات. فسيكون أجر الأول كأجر الثاني. أو أحياناً يكون أجر الأول أكثر من الثاني، لأن الأول ربما قد صرف كل طاقاته، أو عمل خمس ساعات مع ابتلائه بمشاكل عديدة كأن تكون مالية أو اجتماعية وغيرها. والثاني يعمل عشر ساعات لكنه لل يصرف كل طاقاته أو غير مبتلى بأية مشكلة.

وأكّد دام ظله: إذن على كل إنسان أن يرى كم منحه الله تعالى من فهم وشعور ودرك، وكم منحه من طاقات، وكم من ذلك يصرفه أو يصرفها في سبيل الله سبحانه وتعالى. والقرآن الكريم يقول: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) 3. فليسع كل واحد منكم إلى أن يحصل على الدرجة العالية من العمل في سبيل الله تبارك وتعالى. وهذا قد يكون فيه صعوبة، وفيه الصعوبة لا شكّ، ولكنه ممكن. 

...............................

1/ مستدرك الوسائل/ ج7/ باب 1 تأكّد استحبابها مع كثرة المال/ ص 155/ح11.
2/سورة النحل: الآية71.
3/سورة المطفّفين: الآية26.

اضف تعليق