q

ضرب الإرهاب مجددا الولايات المتحدة الأمريكية، التي اصبحت بحسب بعض المراقبين بعد الهزائم الكبيرة التي تعرض لها تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق، هدفاً مهماً واساسياً لعناصر هذا التنظيم وباقي التنظيمات الارهابية المتطرفة، التي استفادت كثيرا من خطاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يشجع على التمييز العنصري ضد المسلمين يضاف الى ذلك القرارات غير المدروسة التي اتخذتها ادارة ترامب مؤخرا ومنها قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وغيرها من الاخطاء الاخرى التي تصب في مصلحة تلك التنظيمات، وتمكنها من القيام بعمليات ارهابية بواسطة ما يسمى بـ"الذئاب المنفردة"،

وتصاعدت موجة الهجمات الفردية في الولايات المتحدة حسبما أفاد بحث أجراه برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن. وشهدت الولايات المتحدة 19 هجوما نفذها أشخاص استلهموا نهج داعش منذ أن أعلن التنظيم ”خلافة“ في يونيو حزيران 2014 بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا. ووقع 12 هجوما من تلك الهجمات في عامي 2016 و2017 بزيادة بمعدل المثلين تقريبا مقارنة بالعامين السابقين.

ويقول خبراء إن نجاح الحلفاء في استعادة معظم الأراضي التي استولت عليها داعش في سوريا والعراق قد يحفز على شن المزيد من الهجمات من منطلق الغضب أو الانتقام. وقال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر راي في شهادة أمام الكونجرس”ما من جماعة نجحت في اجتذاب أشخاص إلى أيديولوجيتها الجانحة بقدر ما نجحت داعش“. وأضاف ”يستطيع الإرهابيون الآن من خلال الإنترنت الوصول إلى مجتمعاتنا المحلية لاستهداف مواطنينا وتجنيدهم“. ويقسم محللو الأمن القومي بوجه عام هؤلاء الأشخاص إلى ثلاث فئات.

فبعض المهاجمين يتصرفون بإيعاز من جماعة، مثل المتشددين المدعومين من داعش الذين نفذوا هجمات منسقة في باريس عام 2015 أدت إلى مقتل 130 شخصا. وهناك آخرون لهم اتصالات محدودة بمنظمة ما لكنهم يتصرفون بشكل كبير من تلقاء أنفسهم. أما الفئة الثالثة فليس لها اتصال بأي جماعة لكنها تقوم بأعمال عنف بعد اعتناقها أفكارا متشددة تأثرا بمواد منشورة عبر الإنترنت.

وقالت يوتا كلاوزن الأستاذة بجامعة برانديز والخبيرة في شؤون التطرف إن من الأسهل على المقاتلين المتدربين والمتمرسين على القتال السفر من الشرق الأوسط إلى أوروبا عن الوصول إلى الولايات المتحدة. وهذا يفسر السبب في أن الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة من تنفيذ إرهابيين ”صنعوا أنفسهم بأنفسهم“. وأضافت ”لم نشهد في الحالات التي وقعت في الآونة الأخيرة دلائل تذكر على وجود أي نوع من التدريب المباشر“.

عملية جديدة

وفي هذا الشأن وجه القضاء الاميركي تهمة الارهاب ودعم تنظيم داعش الى المهاجر المتحدر من بنغلادش الذي نفذ تفجير في محطة مترو في نيويورك، والذي تبين انه دخل عالم التطرف عام 2014 بعد وصوله الى الولايات المتحدة. وينتظر ان يوجه مدعي مانهاتن الفدرالي سريعا لعقائد الله (27 عاما) خمس تهم بالنظر الى الشكوى التي تقدم بها الى القاضية كاترين باركر.

واتهم المدعي عقائد الله، الذي فجر عبوة في ساعة ذروة في نفق قرب تايمو سكوير، بدعم تنظيم داعش واستخدام اسلحة دمار شامل وزرع قنبلة في مكان عام. ولم تنفجر القنبلة الا جزئيا موقعة ثلاث اصابات خفيفة. والوحيد الذي اصيب بجروح خطرة هو منفذ الاعتداء وقد اودع المستشفى.

ويعود اعتناق عقائد الله الذي وصل الى الولايات المتحدة في 2011، للفكر المتطرف الى "2014 على الاقل" عندما بدأ يشاهد دعايات متطرفين اسلاميين على الانترنت، بحسب شكوى المدعي. وبدأ "قبل اسبوعين او ثلاثة" جمع المعدات اللازمة لصنع قنبلة بدائية (اطواق كهربائية وبطارية 9 فولت ومسامير) تولى تجميعها في شقته، بحسب المحققين.

وقبيل تفجير قنبلته نشر رسالة عبر فيسبوك قال فيها بحسب الشكوى "ترامب لقد فشلت في حماية بلدك"، اضافة الى بيان آخر موجه الى انصار التنظيم المتطرف "للاعلام بانه نفذ هذا الهجوم باسم تنظيم داعش". ويبدو ان المعلومات التي نشرها المدعي تؤكد ان عقائد الله تطرف اثناء اقامته في الولايات المتحدة. واكد مسؤول كبير في جهاز مكافحة الارهاب في بنغلادش ان اسمه غير مدرج "في لائحتنا الطويلة للاشخاص المتطرفين او الاعضاء في مجموعات ارهابية" مشيرا الى ان السلطات مستمرة في جمع المعلومات عنه.

واستجوبت السلطات اسرته في دكا واولهم زوجته (25 عاما) ووالدته مع انهما لم يعتبرا من المشتبه بهما. وبحسب صديق للاسرة فان عقائد الله الذي تزوج في كانون الثاني/يناير 2016 وترك زوجته في بنغلادش، كان يزور بانتظام بنغلادش التي شهدت سلسلة اعتداءات جهادية في السنوات الاخيرة. وتعود آخر زيارة الى ايلول/سبتمبر اثر ولادة اول طفل له حيث امضى شهرا مع الاسرة، بحسب المصدر ذاته الذي اكد انه كان يؤدي صلواته الخمس في المسجد. بحسب فرانس برس.

وكان عقائد الله وصل الى نيويورك بتاشيرة لم شمل حيث ان عمه الذي يحمل الجنسية الاميركية يقيم في بروكلين، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. وبدأ مثل الكثير من المهاجرين الجدد يعمل كسائق سيارة اجرة قبل ان يعمل كهربائيا، بحسب الصحيفة. واقام في الاونة الاخيرة في بروكلين حيث توجد جالية بنغلادشية كبيرة، بحسب جيران. ويمكن ان يثير تطرفه الذي لم يلحظ في بروكلين قلق شرطة نيويورك التي عززت امكانياتها بشكل كبير منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 والتي تفاخر دائما بانها الافضل في هذا المجال. واكد رئيس البلدية بيل دو بلاسيو ان الشرطة تقوم بعمل استخباراتي "متين جدا" وتحظى بتعاون معزز من مختلف مجموعات المهاجرين.

إجراءات إضافية

في السياق ذاته قال قائد وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة مدينة نيويورك الأمريكية إن الشرطة ستعدل الخطط الأمنية لاحتفالات العام الجديد التي يحضرها مئات الآلاف في ميدان تايمز سكوير بعد تفجير انتحاري فاشل في نفق مشاة يمر تحت الحي الشهير. وقال جون ميلر نائب مفوض الشرطة لشؤون المخابرات ومكافحة الإرهاب إن شرطة نيويورك سوف تجري مراجعة فورية وأخرى متعمقة للحادثة التي وقعت لاكتساب خبرات عن كيفية التعامل مع هذا النوع من الهجمات.

وقال ميلر”أعتقد أن تلك هي المرة الأولى التي نشهد فيها فردا يعتزم تنفيذ تفجير انتحاري في وسيلة مواصلات مكتظة ويتمكن بالفعل من تشغيل القنبلة. لذلك سنتفحص الأمر بعناية“. وأضاف أن خطة الترتيبات الأمنية خلال احتفالات العام الجديد ستأخذ في الاعتبار أيضا هجمات أخرى مثل الذي نفذه قناص في لاس فيجاس في الأول من أكتوبر تشرين الأول وقتل 58 شخصا وأصاب أكثر من 500 شخص آخرين.

ووجهت محكمة اتحادية اتهامات بالإرهاب لرجل من بنجلادش يبلغ من العمر 27 عاما لتفجيره قنبلة أنبوبية في نفق للمشاة تحت تايمز سكوير. وقال مسؤولون إن المواد الكيميائية داخل القنبلة الأنبوبية اشتعلت لكن القنبلة لم تنفجر مما قصر الإصابات الناجمة عن التفجير الفاشل على منفذ الهجوم وثلاثة من المارة. وقال ميلر إن سكان وزائري نيويورك سيلاحظون انتشار الشرطة بأعداد أكبر في وسائل المواصلات العامة والأماكن التي تشهد تجمعات، لكنه لم يفصح عن إجراءات إضافية محددة. بحسب رويترز.

وشكلت شرطة نيويورك بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 ما يقول عنه خبراء أمنيون إنه أقوى وحدة في العالم للمخابرات ومكافحة الإرهاب في قوة شرطة محلية إذ أنها تفحص كل هجوم له دوافع سياسية على مدنيين في مختلف أنحاء العالم من أجل تحسين وسائل الدفاع في نيويورك. وتتعاون تلك الوحدة مع قوات الشرطة الأجنبية لتبادل معلومات المخابرات وأساليب التأمين كما ترسل عناصرها للعمل ضمن 13 قوة شرطة حول العالم.

توسيع المراقبة

من جانب اخر أظهرت وثائق رسمية أن الحكومة الأمريكية وسعت نطاق التفتيش الجسدي والمراقبة الرقمية للمواطنين بحيث يشمل ”المتطرفين الذين نشأوا في الداخل وسلكوا مسلكا عنيفا“. وتسنى في العام الماضي إدخال هذا التعديل على دليل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) للإجراءات الحاكمة لعمليات جمع المعلومات وذلك من خلال أمر تنفيذي رئاسي صدر قبل عقود، مما أتاح تجنب مراجعته أمام الكونجرس والقضاء.

ويسمح الدليل الجديد الصادر في أغسطس آب 2016 بجمع معلومات عن أمريكيين حتى ”في حالة عدم وجود صلة واضحة بإرهابيين أجانب“ وذلك وفقا لشرائح عرض تدريبية أعدها مكتب التحقيقات الخاصة التابع للقوات الجوية العام الماضي. وحصلت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان على شرائح العرض عبر طلب بموجب قانون حرية المعلومات يتعلق باستخدام قوانين المراقبة الاتحادية بغرض مكافحة المخدرات أو فيما يتصل بالهجرة. وأطلعت المنظمة رويترز حصرا على هذه الوثائق.

وقالت القوات الجوية ووزارة الدفاع إن الوثائق صحيحة. وتشير شرائح العرض التدريبية إلى واقعتي إطلاق نار في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا في ديسمبر كانون الأول 2015 وفي أورلاندو بولاية فلوريدا في يونيو حزيران 2016 كمثالين يندرجان تحت فئة ”المتطرفين الذين نشأوا في الداخل وسلكوا مسلكا عنيفا“. وبايع منفذو الهجومين تنظيم داعش قبل قليل من التنفيذ أو خلاله لكن المحققين لم يتوصلوا إلى روابط فعلية بالتنظيم المتشدد الذي شن هجمات بإطلاق النار أو بتفجير عبوات ناسفة استهدفت مدنيين في أنحاء متفرقة من العالم. بحسب رويترز.

وقال مايكل ماهار مسؤول الإشراف على المراقبة في البنتاجون في مقابلة إنه يجوز لمكتب التحقيقات الخاصة التابع للقوات الجوية ووكالات مخابرات عسكرية أخرى التحري عن مدنيين أمريكيين ما دامت هناك قضية محتملة مرتبطة بالجيش. وأضاف أن التحقيقات بشأن المدنيين تجرى بالتعاون مع مكتب التحقيقات الاتحادي. ولم يتضح التأثير العملي الذي ربما أحدثه هذا التعديل على طريقة الحكومة الأمريكية في جمع المعلومات المخابراتية. ووصفت إحدى الشرائح التدريبية الأمر بأنه ضمن عدد من ”التعديلات المهمة“.

اضف تعليق