q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

كيف مزّق ترامب دول الخليج؟

قطر والخليج.. فوضى شاملة وخطيئة كبرى

لم يعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من القمة الإسلامية الامريكية التي عقدت في السعودية مؤخراً بـ "بمئات المليارات من الدولارات" فسحب، بل ترك وراءه أزمة سياسية عصفت بدول الخليج العربي لدرجة أن مجلس التعاون الخليجي أصبح على شفا تصعيد وفوضى شاملة.

من بعيد، يبدو أن الانقسام غريب على دول الخليج بعد أن اجتمع قادتها بكل ود مع ترامب في الرياض لمواجهة خصمهم الشيعي الإقليمي إيران!، لكن أمير قطر غرّد خارج سربهم واعتبر أن إيران دولة لها ثقلها الإقليمي ولا يمكن الاستغناء عنها، وبدأت الحرب الكلامية بين قطر والسعودية.

إنها فوضى شاملة

دبلوماسي غربي من الدوحة، لم تكشف هويته وسائل الإعلام العالمية، يصف ما يجري بكلمة موجزة: "إنها فوضى شاملة، ولا أحد لديه رؤية".

تأكيداً لعمق هذا الخلاف الخليجي، يقول وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في آخر تصريح له: "تمر دول مجلس التعاون بأزمة حادة جديدة وفتنة تحمل في ثناياها خطراً جسيماً ودرء الفتنة يكمن في تغيير السلوك وبناء الثقة واستعادة المصداقية" دون أن يذكر قطر بالاسم.

ويرجّع مراقبون ومحللون أصل الخلاف إلى اتهامات قديمة تعود لعام 2014، تشير إلى أن قطر تدعم إسلاميين تصنفهم السعودية والإمارات منظمات إرهابية منها جماعة الإخوان المسلمين.

المذهب الوهابي والأسرة الحاكمة

لكن الخلافات تبدو شائكة وأطرافها متعددة، فإلى جانب تصريحات الأمير القطري التي صدم بها أصدقائه قادة الخليج، هناك خلاف آخر غير معلن يتعلق بأحفاد مؤسس المذهب الوهابي، محمد بن عبد الوهاب.

بوادر الخلاف، كما تعتقد بعض الصحف العربية بدأت من هنا، حيث أن أحفاد مؤسس المذهب الوهابي في المملكة العربية السعودية سعوا للنأي بأنفسهم عن الأسرة الحاكمة بدولة قطر في مؤشر جديد للخلاف بين الدولتين الخليجيتين.

وكان أحفاد محمد بن عبد الوهاب قد طالبوا بإعادة تسمية مسجد في قطر يحمل اسم الشيخ الذي عاش في القرن الثامن عشر على الرغم من أن معظم القطريين ينتسبون إلى المذهب الوهابي لأن المسجد لا يحمل منهجه السلفي القويم على حد تعبير بيان نشرته صحيفة عكاظ السعودية.

ومع ذلك، فإن للخلافات القطرية الخليجية تداعيات تتخطى حدودها إذ تستخدم دول الخليج نفوذها وثرواتها النفطية للتأثير على الساحة العربية ويمكن لطبيعة العلاقات بينها أن تؤثر على توازنات سياسية في ليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن.

ومنذ اندلاع الخلاف الأخير بسبب تصريحات الأمير القطري، حجبت السعودية والإمارات الموقع الرئيسي لقناة الجزيرة القطرية التي تعتبرها الدولتان منبرا لتوجيه الانتقادات لحكومتيهما.

وظلت بعض قنوات الجزيرة محجوبة بالرغم من أن المحطة تقول إنها خدمة إخبارية مستقلة وتعطي صوتا لكل الأطراف في المنطقة.

قطر تطعن في الظهر

وسرعان ما تبنت وسائل إعلام خليجية ترعاها السعودية هجمات شرسة للنيل من الأمير القطري ووصفت التصريحات بأنها "طعنة في الظهر".

بينما تقول قطر إن وسائل الإعلام التي تبنت أخباراً كاذبة، وأبدت استغرابها تجاه هذه الوسائل من تعاملها مع أخبار كاذبة رغم صدور بيانات النفي منها.

وترى حكومة قطر أن هناك حملة مستمرة عليها وخصوصا في الولايات المتحدة"، في إشارة إلى نشر "13 مقال رأي" خلال الفترة الماضية "من كتاب مختلفين في الولايات المتحدة".

ورغم النفي القطري، تصر قنوات العربية وسكاي نيوز العربية على نسب التصريحات لأمير بلاد قطر، واستضافت عددا من "الخبراء والمحللين" في السياسات الإقليمية الذين تناوبوا على مهاجمة الدوحة وتناولوا أميرها بعبارات لاذعة.

وساطات لحل الأزمة

وقالت الصحف السعودية أمس الثلاثاء، أن أمير قطر يسعى إلى حل الأزمة عبر وساطات، وسيصل اليوم الأربعاء إلى الكويت للقاء الأمير الكويتي وبحث إمكانية أن يقوم الأخير بدور الوسيط للخروج من الأزمة، على حد تعبير الصحف السعودية.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة عكاظ السعودية أمس الثلاثاء، اعتبرت أن ما قامت به قطر "خطيئة كبرى لن تغتفر" ووصفت سياسة أمير قطر بالطفولية والمراهقة.

اختراق "قنا"

بدورها، بررت قطر تصريحات أميرها بأن موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا" تعرض للاختراق من جهة غير معلومة، لتنفي بذلك التصريحات التي نسبت للأمير ووصفتها على لسان مدير مكتب الاتصالات الحكومي سيف بن أحمد آل ثاني بأنها "مغلوطة" وعارية عن الصحة.

وأجبرت السلطات القطرية على فتح تحقيق في "عملية الاختراق" التي حملت قطر انتقادات غير مسبوقة من قبل دول خليجية.

وسرعان ما نفت قطر تصريحاتها بشأن خصم السعودية اللدود إيران بأنها "تمثل ثقلا إقليميا وأنه ليس من الحكمة التصعيد معها".

ومن بين التصريحات التي نفتها قطر ضمناً هي دعوة إلى ضرورة الاهتمام بالتنمية ومعالجة الفقر "بدلا من المبالغة في صفقات الأسلحة، التي تزيد من التوتر في المنطقة".

اضف تعليق