الفوز عند الامام علي بن ابي طالب عليه السلام يختلف من حيث المعنى لدى البشرية جميعها، فلا يمكن ان يكون الموت فوز لغير علي، وليس أحد كعلي نظر للموت من هذه الزاوية، فالفوز عنده هو الخروج من هذه الحياة بوجه ناصع البياض، لم يسجد لصنم ولم يدخر جهدا عن نصرة الرسالة السماوية...
فزت ورب الكعبة... جملة لا يمكن حصر مفاهيمها وتوضيح معانيها الكثيرة، ودلالاتها المتعددة، جملة لا نستطيع فك رموزها الا من قبل قائلها، الذي ترك الحياة الدنيا مرحبا بالحياة الآخرة التي وعد الله بها المتقين، الفائزون العابدون لله كونه اهلا للعبادة ليس لشيء آخر.
الفوز عند الامام علي بن ابي طالب عليه السلام يختلف من حيث المعنى لدى البشرية جميعها، فلا يمكن ان يكون الموت فوز لغير علي، وليس أحد كعلي نظر للموت من هذه الزاوية، فالفوز عنده هو الخروج من هذه الحياة بوجه ناصع البياض، لم يسجد لصنم ولم يدخر جهدا عن نصرة الرسالة السماوية التي جاء بها محمد بن عبد الله صل الله عليه وآله وسلم.
الحديث عن الامام علي عليه السلام، يأخذ ابعاد كثيرة، ومن الصعب حصره لكن نكتفي بالبعد الايماني والاجتماعي وبعد السلطة بصفته الحاكم الأول بعد نبي الرحمة وخلفيته بعد وفاته، ونحرص هنا على التطرق الى هذه الابعاد التي جمعها الامام في شخصيته بصورة نادرة وتميز على غيره من الحكام المعاصرين ومن خلفه الى يومنا هذا.
ففي البعد الايماني لا يمكن ان ينازعه أحد في ايمانه، فهو اول من صدّق بالرسالة السماوية وأسلم من الشبان، وكان عليه السلام تنتابه الخشية من الخالق حتى يغمى عليه عند الصلاة وكأنه فارق الحياة، لم يجعل لله اندادا، ولم يمل مع الباطل وان كان على نفسه.
ومن صفاته المتفق عليها في المصادر والأحاديث المتواردة هي البكاء في المحراب ليلا، وهو الضحاك إذا اشتد الضراب، فمن يبكي من خشية الله عند مناجاته ذلك هو الفوز الذي يرغب فيه المؤمن ويطمح اليه العبد المخلص وجه لله ويسعى لكسب رضاه.
اما البعد الاجتماعي فقد أعطاه الامام علي عليه السلام اهتماما قل نظيره، فمن يطلع على الدراسة الواعية والدقيقة لحياة الامام عليه السلام وخطبه، يعي كيفية تحديد الامام معالم النظام الاجتماعي الإسلامي بأدق معانيه وتفاصيله، والذي على أساسه تتحدد الروابط والعلاقات التي يجب أن تحكم علاقات البشر مع بعضهم البعض.
وقد وضع الامام عليه السلام قاعدة أساسية يمكن الرجوع اليها والاحتذاء بها، فكان كثيرا ما يؤكد على بث روح الاخاء والمحبة بين المسلمين، الى جانب انه امتاز بالحلم والصفح، بل كان كما قيل فيه: أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء، وقد ظهر هذا يوم الجمل، حيث ظفر بمروان بن الحكم وكان أعدى الناس له، وأشدهم بغضا فصفح عنه.
وعلى صعيد السلطة فلا يوجد من هو ازهد من الامام علي عليه السلام، فتخيل ببساطة حاكم لأكثر من خمسين دولة، ولا يجمع في مائدته بين ادامين، هذا وحده درس من دروس الورع والحكمة وعدم اتخاذ السلطة وسيلة لتحقيق المآرب الشخصية، والمنافع الذاتية، فقد كان هكذا ليس لأنه لا يملك القدرة على التحكم بالمال العام مع وجود الرقيب، فهو المراقب لنفسه قبل غيره.
لكنه امتنع ليمنع التطاول على حقوق الآخرين ولا يعطي نفسه أكثر من حقها، فلو أردنا ان نقدم مقارنة بينه وبين حكام عصرنا الحالي، فهل يمكن نقارب بين الاثنين، لا تتردد في رفضك لفكرة المقارنة، وهذا هو المنطق الذي يجب ان يكون.
فحكام اليوم راحت اعينهم على الملذات قبل أداء الواجبات، ارتكبوا الأخطاء قبل تصحيح الاعوجاج، فم يأخذوا من منهج الامام عليه السلام سوى ما يجعلهم مهيمنين على السلطة مستفيدين من جميع امتيازاتها الدنيوية، محققين احلامهم البسيطة ورغباتهم الزائلة.
مفهوم الفوز عند الامام علي عليه السلام يتمثل في خروجه من هذه الدنيا وهو لا يملك سوى جلبابه البسيط الذي رافقه طيلة فترة حكمه للامة الإسلامية، فلا يمكن ان تكون صورة أوضح عن الفوز بالرحمة الإلهية أوضح من ذلك، لاقى ربه وهو مظلوم غير ظالم، زاهد عابد، عادل حكيم، حاكم رشيد، فهذا هو الفوز العظيم وصدقت يا أبا الحسن حين قلت فزت ورب الكعبة.
اضف تعليق