الحالة الايمانية التي نعيشها في شهر رمضان والنابعة من العلاقة الوثيقة بالعبادات والتمسك بكتاب الله، يمكن ان توفر لنا الأرضية الخصبة نحو التحول في الحياة الفردية والعامة، فعلى المستوى الشخصي يمكن ان يتصالح الانسان مع نفسه ويغادر العادات والتصرفات السلبية التي تولد لديه عدم الرضى الذاتي، اما على المستوى العام فيمكن...
ورد عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بفضل شهر رمضان قوله، (وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب).
هذا الحديث وغيره مئات الأحاديث أوضحت قابلية التغيير الفردي الذي يطرأ على الافراد في شهر رمضان المبارك وهو قبول الاعمال واستجابة الدعاء، فكم من شخوص نراهم بعيدين كل البعد عن الاقدام على بعض الاعمال في شهور السنة الاحدى عشر، لكنهم في شهر رمضان يقفون في مقدمة الاناس الفعالين للخير الداعين لطلب المغفرة والتقرب من الله.
فمن المؤمنين من يتسابق في شهر الطاعة الى الاحسان والاكثار من الاعمال الخيرية، ويظهر ذلك جليا في مبادرات الإفطار الجماعي والموائد الرمضانية التي تنتشر في مناطق مختلفة من بلاد المسلمين.
ومن ملامح السلوك الاجتماعي السليم في شهر العبادات هو زيادة عمليات التكافل والاجتماعي، عبر تجهيز السلات الغذائية التي توزع على المعوزين، فالكثير من هذه الاسر يُرفع عنها الحيف في شهر رمضان، ذلك بحكم الاعمال الاخيرية التي يتبعها اهل الخير وطلب الشافعة يوم الورود.
المجتمع ولأنه أقرب ما يكون الى الجسد فيمكن ان يمر بحالة غير صحية على مدار السنة، اذ تتسبب هذه الامراض الى منعه من التقدم والتطور، وكذلك ضعف نسبة التراحم والتعاضد فيما بين افراده، لذا تكثر في بعض الأوقات الحالات الاجرامية، وعدم مساعدة الفقير وغيرها من حالات الظلم التي يتعرض لها الكثير.
وهذه الأمور لا تختفي في شهر رمضان، بل يطغى عليها العمل الإنساني الكثيف، والدعوات المستمرة للوقوف الى جانب الفقراء والاسر المتعففة، لذا نشاهد وعلى مدى الأيام الرمضانية المباركة، خروج ارتال محملة بالمساعدات الغذائية وما تحتاجه العائلة في هذا الشهر بالتحديد.
هذه صورة من صور التراحم والتعاطي مع الرحمة الإلهية المهداة الى البشرية في هذا الشهر، فضلا عن انها تعكس ان في المجتمع اُناس يعملون أكثر مما ينظرون، ويبادرون أكثر مما ينتقدون، ويتسابقون في العطاء أكثر مما يتسابقون في الهروب من تحمل المسؤولية، وبذلك يتعاضد المجتمع وتقوى اواصره.
وهذا يمكن ان يجعل المجتمع بكل شرائحه من شهر رمضان المبارك محطة نحو التغيير الجذري في جميع الاتجاهات، وهنا القصد التغيير صوب الأفضل، وتحمل المسؤولية بكل اشكالها، وبالخصوص فيما يتعلق بالجوانب المعيشية، لردم الفجوات والتفاوت الطبقي بين الأفراد.
ولن يتحقق هذا الهدف دون العمل على تغيير سلوك الافراد لإحداث تغيير وفرق فعلي على ارض الواقع، اما الرغبة الموسمية لا يمكن ان يستمر تأثيرها الى ما بعد شهر رمضان، وهنا يكون الانقطاع عن تأدية الاعمال الخيرية بمثابة الامتناع عن إعطاء حقوق الفقراء من قبل الميسورين.
التغيير الذي وضعت لبناته الأولى في شهر رمضان إذا اريد له ان يستمر هنالك جملة من المحددات والعوامل التي تدفع بهذا الاتجاه، فمن بين هذه العوامل هي قيام كل فرد من الافراد بتقديم جهوده الذاتية لتنصهر ضمن الجهود الفردية الأخرى لتكون طاقة كبيرة قادرة على احداث التغيير المنشود.
الحالة الايمانية التي نعيشها في شهر رمضان والنابعة من العلاقة الوثيقة بالعبادات والتمسك بكتاب الله، يمكن ان توفر لنا الأرضية الخصبة نحو التحول في الحياة الفردية والعامة، فعلى المستوى الشخصي يمكن ان يتصالح الانسان مع نفسه ويغادر العادات والتصرفات السلبية التي تولد لديه عدم الرضى الذاتي، اما على المستوى العام، فيمكن ان يكون عن طريق تعميق الاواصر الاجتماعية، والاهتمام بجميع الزوايا التي تخدم المجتمع وتحضره.
اضف تعليق