يجب ان يعي الانسان ان سعادته لا ترتبط بنجاحه بكل ما يقوم بل ترتبط في سعيه الحثيث للعمل على تطوير نفسه وخدمة أبناء جنسه وان الله سيعطيه على قدر نياته وهذه القناعة ستجعل من الانسان راض عن نفسه ومتصالح معها ولا يهمه ما سواها...

الانسان مجبول على حب النجاح والتفوق في جميع مفاصل الحياة، وهذه الطبيعة البشرية هي من تجعل الانسان طامحاً للأفضل وهذا أحد أوجه التمييز للبشر دون غيرهم من المخلوقات، لكن الافراط في هذا الامر تعني ان يرهق الفرد نفسه في سبيل النجاح وحين يحصل العكس فأنه يتعرض الى ضرر نفسي كبيرة كما يحصل لدى الكثير من مدمني النجاح، فما هي الأسباب وكيف نتجه صوب التشافي منه؟

في كل صباح نحياه لدينا فرصة لأثبات ذواتنا عبر تحقيق منجز مختلف او اتمام منجز بدأناه في يوم مضى فيبحث كل منا عما يشعره بكونه ذو قيمة في نفسه على اقل تقدير وهو ما ينعكس على سلوكه في المجتمع، فحين يشعر الانسان بكونه منتج سيكون إيجابي، اما حين يشعر انه غير منتج او انه تسيطر عليه الرتابة فسيكون انسان سلبي او انه هامشي لا يهمه سوى البقاء في نفس المستوى من العيش.

التفسير المنطقي لحب الفرد لشعور النجاح هو ان الانسان دائماً يحب المتعة بالأشياء الجيدة في حياته لتكون محفز له للاستمرار والتعود على النجاح فثمة لحظة من السعادة تجعله يبقى مرتاحاً لايام وهو ما يحرك السلوكيات الإنسانية دائماً للعودة لمسارها المعتاد، ويعود معها لحالته الآمنة وهي توازن جميع المشاعر الإنسانية معاً وحالة التوازن هذه هي من تحميه من الاضطرابات والعقد والمشكلات النفسية التي تفقد الانسان صحته النفسية. 

وإذا ما أحس الانسان بالمتعة فأنه يحاول ان يستمر بالمتعة والارتياح وتجنب التلاشي السريع لها، وهذا الحرص سيدفعه نحو تحقيق أهداف متتالية للبحث عن الشعور ذاته، وهو ما يدفع للمحاولة باستمرار حتى تألفه، ثم يعاود الكرة من جديد، وهكذا يصل لمرحلة الإدمان وخلالها يلهث وراء النجاحات الذي يشعره بذاته.

هذه العادة بحد ذاتها ليست سلبية لكن كما أسلفنا القول ان المبالغة في الامر وعدم تقبل احتمالية الفشل او الحصول بنتائج ليست كما كان متوقع في الدراسة او في كل خطوة حياتية يخطيها الانسان هذا هو السيئ، اذ يصور بعض الناس سواء الطلبة او آبائهم ان عدم تحقيق درجات عالية في الامتحان لهذا العام بأنه كارثة لايمكن تخطيها على سبيل المثال.

 وأن أي انتقاص من درجاته هو فشل، فتتحول مخاوف الانسان إلى نوع من الإحباط، وقد يتحول هذا الإحباط بدوره إلى قلق والعجز، ولكن ميكانيزمات الدفاع النفسي تساعده في التغلب على إحساسه بالعجز الذي تولد لديه كنتيجة لهذه العملية النفسية المعقدة.

كيف يصبح الانسان مدمن نجاح؟

يصبح الانسان مدمن على النجاح لاحد الاحتماليتين الاتيتين:

أولها تأثير البيئة الاجتماعية وطريقة التربية على الفرد، فالإنسان الذي ينشأ في بيئة تعتبر كل شيء دون الكمال هو نقص فحتماً تربي الانسان على البحث عن الكمال وفكرة الكمال في حياة الانسان هي فكرة مشوهة فليس هناك كمال مطلق بقدر ما يوجد كمال جزئي من حق ان انسان ان يبحث عنه.

ثانيها هو التنافس بين الناس داخل العائلة الواحدة او بين العوائل والاقران بصورة عامة، فالكثير من الناس يهمهم ان يكونا أفضل من غيرهم من الأقارب او الزملاء فحسب، والدليل إذا فشل في محطة حياتية معينة واقرانه ممن يتنافس معهم فشلوا ايضاً فأنه لا يهتم لهذا الفشل مما يعني انه يريد المنافسة فقط، وإذا كانت المنافسة شريفة لا بأس بها مع انها تأتي بعائدات غير مريحة للنفس البشرية.  

 كيف يجب التعامل؟

السعي الى الكمال الجزئي امر منطقي ومحبذ جداً لكن يجب ان يصاحبه فهم لحقيقة ان الانسان لن يسر بطريق النجاح فقط فقد يمر بطريق الفشل والاخفاق، والذي يجب ان يكون هو الاستفادة من الفشل وتوظيفه لصنع النجاح وليس العكس الذي يفضي الإحباط النفسي المدمر.

كما يجب ان يعي الانسان ان سعادته لا ترتبط بنجاحه بكل ما يقوم بل ترتبط في سعيه الحثيث للعمل على تطوير نفسه وخدمة أبناء جنسه وان الله سيعطيه على قدر نياته وهذه القناعة ستجعل من الانسان راض عن نفسه ومتصالح معها ولايهمه ماسواها من الاخرين، وبذا يتفوق على رغباته غير الواقعية وينجح في تخطيها. 

اضف تعليق