مما لا شك فيه تؤثر الدراما التلفزيونية تأثيرا كبيرا في اخلاق المجتمع وذلك لأنها تدغدغ مشاعر المشاهد من خلال عرضها الى صور اجتماعية تحاكي الواقع وسردها لقصص حقيقة وهذا يؤثر في سلوك المتقبل من خلال معرفة السلبيات والايجابيات ومكافحة الاول والاستمرار بالثاني، ويرى بعض الخبراء ان المسلسلات التي تدور احداثها على قصص تجار المخدرات والاكشن باتت لاتحقق نسبة مشاهدة كبيرة مقارنة بالمسلسلات الرومانسية التي تلاقي نسبة مشاهدة عالية ولا سيما السيدات فوق سن الخامسة والاربعين اللواتي يشاهدن التلفزيون لأوقات طويلة، وهن يرغبن في الوقوع على شيء من قصص الحب الكلاسيكية.
حيث بات المشاهد يفضل الدراما التركية وذلك لان المسلسلات التركية مقتبسة من قصص حب كلاسيكية مطروحة بشكل سلس وسهل تصل الى المشاهد بسرعة ويعتبر هذا ضربا موفقا للتلفزيون التركي الذي تسجل مسلسلاته نجاحا كبيرا في عشرات البلدان في اوروبا والشرق الاوسط.
هذا وقد حقق مسلسل حريم السلطان التركي نسبة مشاهدة مرتفعة منذ بدء عرض نسخة مدبلجة منه في بنغلاديش ويروي قصة حياة السلطان "سليمان القانوني" الذي حكم الدولة العثمانية في القرن الـ 16. ولكن طالب ممثلون ومخرجون بنغاليون بحظر عرض المسلسل معتبرين ما يحتويه من "مشاهد جريئة" تضر قطاع الإنتاج التلفزيوني المحلي وتثير الشقاق العائلي.
ومن جانب اخر نددت باكستان بما وصفته بالإهانة التي تعرضت لها في مسلسل التجسس الاميركي "هوملاند" الذي تدور بعض أحداث الجزء الرابع منه في باكستان ويتضمن اتهامات لهذا البلد بدعم متمردي طالبان الافغان على حساب ارواح الباكستانيين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز-إبسوس أن 54 بالمئة من الأمريكيين غير معجبين بأوباما المعروف بهدوئه وحذره مقابل 46 بالمئة عبروا عن اعجابهم به. حيث بين الاستطلاع بأن الامريكيين يفضلون شخصيات الرؤساء المقدمة في المسلسلات التلفزيونية أكثر من الرئيس الحقيقي باراك أوباما سواء كان الرئيس هو جوسيا بارتلت في مسلسل (ذي ويست وينج) The West Wing أو كان الرئيس هو فرانك اندروود في مسلسل (هاوس اوف كاردز) House of Cards .
اما مسلسل(11.22.63) الذي يلمس وتر الحنين للماضي لحقبة الستينات حين كان نمط حياة الرجال والنساء في الملبس والطعام لا تتجاوز تكلفته بضع سنتات. ولكنها قد أثارت جدلا حول اغتيال الرئيس الأمريكي جون اف. كنيدي في ديلي بلازا في دالاس ظهيرة يوم الجمعة بشهر نوفمبر تشرين الثاني عام 1963 وغيرت مسار الولايات المتحدة للأبد.
ومن الجرائم المثيرة للدهشة بسبب الدراما التلفزيونية جريمة دايمن بيري (23 عاما) المقيم في جنوب غرب الولايات المتحدة الذي كان من متابعي مسلسل "ذي ووكينغ ديد" حيث استخدم سكاكين مطبخ وغيتارا كهربائيا وجهاز مايكرويف لقتل صديقه ظنا منه انه "يتحول الى زومبي"
قتل صديقه ظنا منه انه "زومبي"
وفي نفس الشأن, اقدم اميركي من متابعي مسلسل "ذي ووكينغ ديد" على قتل صديق له ظنا منه انه "يتحول الى زومبي" (حي ميت) على ما ذكرت الشرطة. واستخدم دايمن بيري (23 عاما) المقيم في بروييت في نيومكسيكو (جنوب غرب الولايات المتحدة) سكاكين مطبخ وغيتارا كهربائيا وجهاز مايكرويف لقتل صديقه. وهاجم بعد ذلك قاطنين اخرين في المبنى الواقع في منطقة غرانتس، الذين تمكنوا من الاتصال بالشرطة.
وقال المسؤول في شرطة غرانتس، موزيس ماركيز لوكالة فرانس برس "لم يسبق لي ان رأيت او سمعت بشيء كهذا". واضاف "كان المشهد رهيبا وكلامه غريبا. وهو يقول انه ارتكب جريمته لأنه افرط في الشرب وشاهد الكثير من حلقات (ذي ووكينغ ديد) بشكل متواصل".
وقال دايمن بيري للمحققين انه تحرك عندما راح صديقه "يتحول الى زومبي" ويحاول عضه على ما اوضحت الشرطة. والقاتل المفترض اب لطفلين ولم يسبق له ان عانى من امراض نفسية وقد وجهت اليه تهمة القتل واودع الحبس.
أكثر شعبية من أوباما
ومن جهة اخرى, أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز-إبسوس أن 54 بالمئة من الأمريكيين غير معجبين بأوباما المعروف بهدوئه وحذره مقابل 46 بالمئة عبروا عن اعجابهم به. وعندما طلب من المشاركين في الاستطلاع تخيل ان الرئيس ديفيد بالمر في مسلسل (24) هو الرئيس الحقيقي للبلاد قال 89 بالمئة ممن يتابعون الدراما التلفزيونية عن مكافحة الإرهاب المذاعة على قناة فوكس إنهم يفضلون الرئيس الحاسم الذي يؤدي دوره دنيس هيسبرت.
وحصل مارتن شين الذي يؤدي شخصية الرئيس بارتليت في مسلسل (ذي ويست وينج) The West Wing ويعشقه ديمقراطيون من بينهم كثير ممن يعملون مع أوباما في البيت الأبيض على أعلى نسبة إعجاب بلغت 82 بالمئة لمشاهدي قناة إن.ب.سي التلفزيونية.
وحصلت شخصية رئيسة الولايات المتحدة لورا روزلين التي تؤدي دورها ماري مكدونيل في مسلسل (باتيلستار جالاكتيكا) Battlestar Galactica على قناة ساي.فاي. على نسبة اعجاب بلغت 78 بالمئة. وقال المؤرخ والكاتب تيفي تروي إن في ظل الانقسام الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي فمن غير المرجح أن يحظى أي رئيس حقيقي بمعدل رضاء مرتفع. ولم يحفظ ماء وجه أوباما في هذا الاستطلاع الذي أجري عبر الإنترنت في الفترة من 5 إلى 19 مارس اذار سوى نتيجة واحدة فهو أكثر شعبية بين الأمريكيين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتي.
لكن ماذا لو لم يحدث؟
وعلى صعيد متصل يطرح مسلسل (11.22.63) المأخوذ عن كتاب بنفس الاسم للمؤلف ستيفن كينج والمقرر عرضه في 15 فبراير شباط عبر منصة هولو للبث الرقمي على الإنترنت هذا السؤال عن وضع أمريكا الآن لو كان جون اف. كنيدي نجا من الحادث.
وقال المنتج المنفذ جيه.جيه ابرامز لرويترز "اغتيال كنيدي مثل الشبح الذي يخيم على هذا البلد يمثل الهوس بنظرية المؤامرة الذي لا يتوقف الجدل بشأنه أو الانقسام حوله. ويبدو أنه لا حل له الآن كما لم يكن له في السابق."وتبدأ القصة من جيك إيبنج الذي يؤدي دوره جيمس فرانكو المدرس الذي انفصل عن زوجته حديثا ويجد أحد أصدقائه جهازا للسفر عبر الزمن.
يطلب الصديق من إيبنج العودة بالزمن لمنع اغتيال كنيدي على أمل عدم تولي خليفته ليندون بي. جونسون السلطة من بعده وتصعيد تدخل الولايات المتحدة في حرب فيتنام.ويقول الصديق "أنقذ حياة كنيدي .. وستجعل العالم أفضل." يسافر إيبنج إلى دالاس في عام 1960 حيث يتتبع الأشخاص الرئيسيين والأحداث بمحاولة منع عملية الاغتيال. والمسلسل القصير المكون من ثماني حلقات لأحد أشهر الكتاب الأمريكيين هو جهد طموح من هولو التي تسعى جاهدة لنيل إعجاب النقاد والمشاهدين بإنتاجها الخاص.
وقال ابرامز الذي حقق أحدث فيلم أخرجه (ستار وورز: ذا فورس اويكنز) نجاحا كبيرا إن المسلسل يلمس وتر الحنين للماضي لحقبة الستينات حين كان نمط حياة الرجال والنساء في الملبس والطعام لا تتجاوز تكلفته بضع سنتات. لكنه أيضا يستعرض الجانب المظلم مثل التمييز العنصري. وقال "تلك الفكرة عن كيف كنا وكيف أصبحنا بمجال العلاقات العرقية .. اعتقد من المؤسف وغير الملائم ان هذه لا تزال قضية قائمة ولم يتحقق بها الكثير."
مشكلات اجتماعية
ومن جانب اخر, طالب مخرجون وممثلون بنغلادشيون سلطات بلدهم بحظر المسلسل التركي (حريم السلطان)، معتبرين ان المشاهد الجريئة فيه تضر بقطاع الانتاج التلفزيوني المحلي وتثير الشقاق في العائلات. ويروي قصة حياة السلطان "سليمان القانوني" الذي حكم الدولة العثمانية في القرن الـ 16، ابان ذروة قوتها.
وحظي هذا المسلسل بأقبال واسع من المشاهدين في بنغلادش، لدرجة ان قنوات عدة باتت تبث مسلسلات اجنبية في وقت الذروة، على حساب الانتاج المحلي. وادى ذلك، بحسب السينمائيين المحتجين، الى فقدان الممثلين المحليين ملايين الدولارات، والى اقفال عدد من شركات الانتاج ابوابها.
وقال غازي راكاييت رئيس نقابة المخرجين في بنغلادش لوكالة فرانس برس "بدأت القضية مع السلطان سليمان، هذه المسلسلات تدمر قطاعنا الذي يعمل فيه الاف الممثلين والتقنيين".
ولم تستجب السلطات بعد لهذا الطلب بحظر المسلسلات التركية.
وندد الممثل ممنور رشيد، رئيس نقابة العاملين في التلفزيون، بالمشاهد "الجنسية الحاضرة بقوة في مسلسل السلطان سليمان ومسلسلات اجنبية اخرى". وقال "التلفزيون موجه الى كل العائلات، لا ينبغي ان تكون الشهرة هي المعيار الوحيد". ورأى ان هذه المسلسلات تسبب "مشكلات اجتماعية" وحالات طلاق.
يهدئ الاعصاب
وفي نفس السياق, قصة الحب المضطربة بين انور وشهرزاد في المسلسل التركي "الف ليلة وليلة" سحرت المشاهدين التشيليين في ظاهرة تنسحب على بقية دول اميركا اللاتينية مهد مسلسلات "تيلينوفيلا" الشهيرة. وقد رفضت محطات التلفزيون الرئيسية عرض المسلسل الا ان محطة "ميغا" الصغيرة قررت ان تبدأ بثه في ساعة الذروة فاصبح المسلسل الذي يحظى بأكبر متابعة هذه السنة.
وقد جذبت قصة شهرزاد وانور المشاهدين في كولومبيا وسيعرض المسلسل ايضا في اوروغواي والبرازيل والاكوادور والبيرو. وقد اشترت الارجنتين وبوليفيا هذا المسلسل ايضا. ويشكل ذلك ضربا موفقا للتلفزيون التركي الذي تسجل مسلسلاته نجاحا كبيرا في عشرات البلدان في اوروبا والشرق الاوسط الا انها المرة الاولى التي تعبر فيها المحيط الاطلسي.
ويوضح عزت بينتون صاحب شركة التوزيع التركية "غلوبال اجنسي"، "احتجنا الى الكثير من الوقت لدخول السوق الاميركية اللاتينية". ويقول فرانشيسكو فيانويفا نائب مدير شركة التوزيع "سوموس ديستربيوشن" في حديث لوكالة فرانس برس "لقد بعنا 12 مسلسلا الى خمسة بلدان على الاقل في اميركا اللاتينية". ويضيف "نتوقع ان يزداد الاهتمام بهذه الاعمال وان نتلقى طلبات عدة".
وهو يرى ان ما يميز المسلسل التركي هو عنصر التاريخ وطريقة سرد الاحداث، والعناصر الفنية والتقنية التي تميزه". وغالبا ما تكون المسلسلات التركية مقتبسة من قصص حب كلاسيكية وتخلو من مشاهد اباحية. وتقول مانويلا غوموشيو مديرة مرصد الاعلام في تشيلي "تروي المسلسلات التركية قصصا رومنسية تقليدية جدا، تنطوي في عمقها على مبادئ انسانية عامة لا يطويها الزمن".
وفي الوقت الذي تنتشر فيه في اميركا اللاتينية المسلسلات المحلية حول قصص تجار المخدرات والمسلسلات الاباحية، تقدم المسلسلات التركية بديلا آخر للباحثين عما يهدئ الاعصاب، بحسب ما يقول الناقد رينيه نارانجو لفرانس برس.
لعبة مزدوجة
هذا وقد نددت باكستان بما وصفته بالإهانة التي تعرضت لها في مسلسل التجسس الاميركي "هوملاند" الذي تدور بعض أحداث الجزء الرابع منه في باكستان ويتضمن اتهامات لهذا البلد بدعم متمردي طالبان الافغان على حساب ارواح الباكستانيين.
ويشتبه خبراء في السياسة المحلية ومسؤولون اجانب منذ سنوات بقيام اجهزة الاستخبارات الباكستانية بـ"لعبة مزدوجة" عبر دعمها "الصالحين" من متمردي طالبان للقيام بهجمات في افغانستان والهند، وفي الوقت عينه محاربة "الاشرار" منهم الذين يقاتلون الحكم في اسلام اباد.
وهذا المسلسل الحائز جوائز عدة ممنوع من العرض في باكستان الا انه لا يزال متاحا بشكل سري على اقراص "دي في دي" او على الانترنت من خلال خوادم وكيلة (بروكسي) تسمح بالدخول الى مواقع تشارك افلام الفيديو. بحسب فرانس برس.
وقال المتحدث باسم السفارة الباكستانية في واشنطن نديم هوتيانا ان "الادعاءات المتكررة بأن اجهزة الاستخبارات الباكستانية متواطئة مع الارهابيين من خلال حمايتها لهم على حساب حياة الابرياء ليس عبثية وحسب، لكنها تمثل اهانة للتضحية القصوى التي بذلها الالاف من عناصر قوات الامن الذين خسروا حياتهم في الحرب ضد الارهاب".
وندد هذا المسؤول ايضا بـ"الاخطاء في الوقائع" التي عرضها مسلسل "هوملاند" في تصويره الثقافة الباكستانية، وردا على اسئلة وكالة فرانس برس، لم تشأ وزارة الخارجية الباكستانية التعليق على المسلسل مؤكدة ان هذا الامر من مسؤولية سفارتها في واشنطن.
من خلال التقرير اعلاه يتبين ان الدراما التلفزيونية وماتعرض على الشاشة الصغيرة له تأثير مباشر على المشاهد وتغيير سلوكياته لذا على المختصين بهذا المجال انتقاء المواضيع والمسلسلات التي تعرض على التلفاز واختيار كل ماهو داع للثقافة والاخلاق والابتعاد عن الامور الغير اخلاقية والتي تسبب العنف وعلى المشاهد ايضا ان يفرزن مايشاهد ويختار ماهو مفيد واخلاقي.
اضف تعليق