تعيش الآثار في بلدان الشرق الأوسط أياما عصيبة، من تدمر في سوريا إلى صنعاء القديمة في اليمن، وتلقي النزاعات والاضطرابات الدائرة في هذه البلدان ظلالها على المواقع الأثرية والمتاحف، فقد اصبح الصراع على الاثار على مستوى عالمي وبنحو غير مسبوق لأنها تعد إرثاً تاريخياً مهماً في كل أنحاء العالم فلا يكاد يخلو مكان منها، فهي ثروة تاريخية وحضارية وجزء أساسي من مكونات تاريخ الأمم، وتحافظ على الهوية التي تتميز بها كل أمة، ولها أهمة في ربط الماضي بالحاضر والمستقبل، تكون بمثابة وثيقة عهد بين الأجيال السابقة والأجيال الحالية والأجيال القادمة، من ليس له ماضي ليس له حاضر ولا مستقبل.
وتثير تصاميم الآثار وكيفية إنشاءها وبنائها دهشة الكثير من الناس والدارسين والباحثين، ولا يمكن أن تعد الآثار شيئا ثانويا لما لها من دور مهم وحيوي في انتعاش السياحة وجذب السياح وبالتالي تؤدي إلى تحسين اقتصاد الدول لأنها تعد من أهم مصادر الدخل القومي في مختلف البلدان، بالإضافة إلى انها تنشط الحركة التجارية في المواسم السياحية.
ونتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية في بعض دول الشرق الأوسط تعرضت الكثير من الآثار للسرقة والتدمير والتخريب على أيادي الزمر الإرهابية والإجرامية من تنظيم داعش، فنهبوا الموروث الثقافي في سوريا والعراق والمتاجرة بالآثار لتمويل عملياتهم، فسلامة الدولة تكون سبباً لسلامة الآثار من الضياع والتهريب والتخريب.
على هذا الصعيد، يسعى عدد من علماء الآثار لحماية مومياوات نادرة عثر عليها في اليمن، في ظل النزاع الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص وأسفر عن دمار واسع في هذا البلد، ويحوي متحف جامعة العاصمة صنعاء مجموعة من المومياوات التي تعود إلى حضارة ازدهرت في "اليمن السعيد" في القرن الرابع قبل الميلاد.
ومنذ قرون، يتوافد الزوار لمشاهدة هذه المومياوات التي تعود لرجال ونساء عاشوا قبل أكثر من ألفي سنة، وبعضها ما زال الشعر عليها سليما وأسنانها على حالها، لكن في ظل انقطاع الكهرباء والحصار المفروض على المرافئ الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، يبدو مصير هذه الكنوز الأثرية التاريخية تحت رحمة الحرب الدائرة في اليمن.
في سياق متصل، اعلنت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) الجمعة البلدة القديمة في الخليل "منطقة محمية" بصفتها موقعا "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية"، وذلك في أعقاب تصويت سري اثار غضب اسرائيل وترحيبا فلسطينيا.
وادرجت اليونسكو البلدة القديمة في الخليل على لائحتين هما لائحة التراث العالمي ولائحة التراث المهدد، وكانت مسألة ادراج الخليل في لائحة التراث العالمي موضوع مواجهة حادة بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
وفور اعلان نتيجة التصويت، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية الجمعة ان تصويت اليونسكو يشكل "نجاحا لمعركة دبلوماسية خاضتها فلسطين على الجبهات كافة، في مواجهة الضغوطات الاسرائيلية والاميريكية على الدول الاعضاء (...) وفشلا وسقوطا مدويا لاسرائيل"، ويعتبر الفلسطينيون ان الموقع مهدد بسبب الازدياد "المقلق" للتخريب الذي يطاول ممتلكات الفلسطينيين في البلدة القديمة ويتهمون المستوطنين الاسرائيليين به.
واحتلت اسرائيل الخليل بعد حرب عام 1967. ورضخت الحكومة الاسرائيلية بعد سنوات من احتلالها لمطالب المستوطنين وسمحت بتواجدهم وإقامتهم في المدينة وسط الفلسطينيين. وانتشرت البؤر الاستيطانية داخل الخليل، وتزايدت المستوطنات حول المدن الفلسطينية الأخرى، وتندلع مواجهات عنيفة بشكل متكرر في المدينة حيث ما زالت ذكرى المجزرة التي ارتكبها المستوطن الاسرائيلي الاميركي باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي في المدينة في 1994 وقتل خلالها 29 مسلما، ماثلة في الاذهان، وتم تقسيم الحرم الذي يتضمن بعدا رمزيا قوميا ودينيا في النزاع الى قسمين: واحد للمسلمين وآخر لليهود بعد المجزرة.
من جهة أخرى، رفضت جامعة كمبردج طلبا من استرالي لإعادة قطع أثرية مهمة تعود للسكان الأصليين في بلاده بعد أن أخذها المستكشف البريطاني جيمس كوك قبل 250 عاما، ويسعى رودني كيلي إلى استعادة أربعة رماح من متحف الحضارة القديمة والإنثربولوجيا التابع للجامعة بالنيابة عن شعب جويجال الذي كان يسكن الأجزاء الجنوبية من سيدني أكبر مدن استراليا، من جانب اخر، اكتشف فريق من علماء الآثار في إثيوبيا مدينة أثرية تعود إلى القرن العاشر بعد الميلاد، وعثر في منطقة هارلاء على آثار من مصر والهند والصي، وعثر العلماء أيضا على بقايا مسجد يعود إلى القرن الثاني عشر بعد الميلاد، تشبه تلك التي عثر عليها في تنزانيا والصومال، وقال علماء الآثار الذين اكتشفوا المسجد إنه يدل على وجود صلات تاريخية بين مجتمعات مسلمة في قارة إفريقيا، الى ذلك اكتشف علماء الآثار برجا من الجماجم البشرية تحت الأرض في قلب مدينة مكسيكو سيتي مما يطرح أسئلة جديدة حول ثقافة التضحية بأرواح البشر في إمبراطورية الأزتيك إذ أنه احتوى على جماجم نساء وأطفال.
ونظراً لتردي الأوضاع في الآونة الأخيرة فلا بد أن تقوم وزارت الآثار في البلدان المختلفة بالمحافظة على هذه المعالم وترميمها والحفاظ عليها من الضياع، بالإضافة إلى الاهتمام بشكل أكثر بالمتاحف التي تضم الآثار المكتشفة، وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.
إدراج الخليل القديمة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي في خطوة أشاد بها الفلسطينيون ونددت بها إسرائيل، واتخذت اليونسكو القرار خلال اجتماع في مدينة كراكوف في بولندا بإعلان الخليل والضريحين المتجاورين في قلبها كهف البطاركة والمسجد الإبراهيمي- موقعين فلسطينيين، واعتبر وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي التصويت "نجاحا لمعركة دبلوماسية خاضتها فلسطين على الجبهات كافة في مواجهة الضغوطات الإسرائيلية والأمريكية على الدول الأعضاء"، وقالت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة في اتصال هاتفي مع رويترز إن نتائج التصويت كانت "12 دولة مع القرار وثلاث دول ضد، وامتنعت ست دول عن التصويت". ووصفت القرار بأنه "انتصار كبير".
وتعقد لجنة التراث العالمي اجتماعها الحالي في بولندا في الفترة من الثاني إلى الثاني عشر من يوليو تموز، وقالت معايعة "الخليل تستحق أن تكون تراثا عالميا، فهي مدينة يعود تاريخها إلى ستة آلاف عام. بلدة الخليل القديمة والحرم الإبراهيمي قيمة عالمية مميزة"، وتابعت "عندما يكون أي موقع على لائحة التراث العالمي، هذا معناه أن مسؤولية اليونسكو الحفاظ على هذا الموقع وعمل كل ما يلزم من أجل ذلك... هذا يسهل عمليات توفير مشاريع للترميم والتأهيل ويستقطب أعدادا كبيرة من السياح"، وأضافت "نحاول العمل على ملفات تستحق، وهناك العديد من المواقع تستحق. الملف القادم مدينة أريحا". بحسب رويترز.
واتهم الفلسطينيون إسرائيل والولايات المتحدة بالضغط على اليونسكو لثنيها عن التصويت على قرار إدراج الخليل على لائحة التراث العالمي، وقالت وزيرة السياحة والآثار "كانت معركة حقيقية. كان الوضع صعبا. نبارك لفلسطين عامة ولأهالي الخليل خاصة هذا الانتصار الذي لم يكن سهلا واحتاج الكثير من العمل من أجل الوصول إلى هذا النصر"، ويحتاج الدخول إلى الحرم الإبراهيمي المرور عبر بوابات حديدية والعديد من نقاط التفتيش الإسرائيلية.
ما هي أهمية مدينة الخليل التي اعتبرتها اليونسكو "قيمة عالمية استثنائية"
أثار قرار اليونسكو إدراج البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي غضب إسرائيل وابتهاج الفلسطينيين. فما هي أهمية البلدة تلك المدينة التاريخية. وما هو تأثير هذا القرار على الواقع السياسي والاجتماعي فيها؟.
جاء قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) بإدراج البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي، ليثير غضب إسرائيل وابتهاج الفلسطينيين، إذ سارع الفلسطينيون للترحيب بتصويت لجنة التراث العالمي في اليونسكو على إدراج المدينة القديمة في الخليل والحرم الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، باعتباره "نجاحا" للدبلوماسية الفلسطينية، وأثنى الرئيس الفلسطيني محمود عباس من تونس على تصويت لجنة التراث العالمي مؤكدا أن القرار إنما جاء "بفضل الدبلوماسية الفلسطينية الهادئة".
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تصويت اليونسكو بـ"القرار السخيف""، وإثر قرار اليونسكو، قررت إسرائيل خفض مساهمتها المالية للأمم المتحدة بمقدار مليون دولار (877 ألف يورو)، بحسب مسؤول إسرائيلي، وبذلك تكون إسرائيل خفضت تمويلها للمنظمة الدولية أربع مرات خلال العام الماضي لينخفض إلى 2,7 مليون دولار بدلا من 11 مليون دولار، ورفض وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في بيان القرار واعتبر أن اليونسكو "منظمة منحازة سياسيا ومخجلة ومعادية للسامية".
وقال إن "القرارات التي اتخذتها مشينة ومن شأنها أن تضر بحقنا التاريخي على الحرم الإبراهيمي وحقنا بالأرض"، مؤكدا أن "صلة اليهود بمدينة الخليل تعود لآلاف السنين" والمدينة "موقع يهودي منذ الحقبة التوراتية (...) وأي تصويت لن يغير هذه الحقيقة".
ما هي مدينة الخليل؟
يعتقد أن مدينة الخليل هي من أقدم مدن العالم، يعود تاريخها إلى العصر النحاسي أو أكثر من 3000 عام قبل الميلاد، وعلى مر العصور غزاها الرومان واليهود والصليبيون والمماليك بالإضافة إلى العثمانيين والبريطانيين. وتقع حاليا في جنوب الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
ما هو الخلاف على البلدة القديمة في الخليل؟
احتلت إسرائيل الضفة الغربية وضمنها الخليل عام 1967 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي مطلقا، وفي السنوات التي تلت انتقلت مجموعة صغيرة من المستوطنين اليهود إلى المدينة وأقاموا قرب موقع يحظى بأهمية إستراتيجية ويحرسهم مئات الجنود الإسرائيليين، وتعتبر الأمم المتحدة جميع المستوطنات غير شرعية، إلا أن اسرائيل تؤكد أن تاريخ اليهود في المدينة يعود إلى آلاف السنين، وكان اليهود يعيشون في الخليل لعقود قبل 1967 إلا أنهم أجبروا على الخروج منها بسبب هجمات الفلسطينيين خلال الانتداب البريطاني.
ما هو الحرم الإبراهيمي؟
يشكل الحرم الإبراهيمي صلب النزاع على المدينة. ويعتقد أن شخصيات توراتية بينها النبي إبراهيم دفنت في الموقع، في العام 1994 فتح الإسرائيلي الأمريكي باروخ غولدشتاين النار على المسلمين أثناء صلاتهم في الحرم الإبراهيمي ما أدى إلى مقتل 29 فلسطينيا، وقتله الناجون ضربا.
والحرم الإبراهيمي مقسم حاليا إلى جزئين حيث يصلي المسلمون في جامع إبراهيم بينما يصلي اليهود في موقع آخر، ويقول الفلسطينيون إن التواجد العسكري الإسرائيلي الكثيف في الموقع، وسلسلة الحواجز الأمنية مهينة مؤكدين أنه يمنع عليهم الوصول إلى أجزاء من المدينة.
ما هو تصويت اليونسكو؟
تقدمت المجموعة العربية بقيادة الفلسطينيين بطلب لإدراج البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي المحمية، كما أشاروا إلى المدينة بأنها "إسلامية"، ورفضت إسرائيل الفكرة وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إيمانويل نهشون إن الفلسطينيين "يحاولون إعادة كتابة التاريخ اليهودي وتاريخ المنطقة"، ويأتي التصويت بعد شهرين فقط من إصدار يونيسكو قرارا آخر حول القدس قالت إسرائيل إنه يلغي علاقة اليهود بحائط المبكى الذي يعد أقدس الأماكن التي يسمح لليهود الصلاة فيها.
ما هي تأثيرات القرار؟
يرجح أن لا يكون للقرار تأثيرات كبيرة على الأرض إذ لا تزال إسرائيل تسيطر على المنطقة عسكريا، وسخر سفير إسرائيل لدى اليونيسكو كارميل شاما هاكوهين من القرار الجمعة قائلا إن أعمال السمكرة في منزله أهم من القرار.
إلا أن علاء شاهين من بلدية الخليل صرح قبل التصويت أن القرار قد يساعد على تشجيع السياحة. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي أغلق معظم سوق البلدة القديمة وأن التصويت قد يدعم محاولات منع ذلك، وأضاف "سيكون لدينا جهاز قانوني على المستوى الدولي سيساعد في جهودها لوقف محاولات تدمير" السوق.
علماء آثار يمنيون يجتهدون للحفاظ على مومياوات نادرة في ظل النزاع
يسعى عدد من علماء الآثار لحماية مومياوات نادرة عثر عليها في اليمن، في ظل النزاع الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص وأسفر عن دمار واسع في هذا البلد، ويحوي متحف جامعة العاصمة صنعاء مجموعة من المومياوات التي تعود إلى حضارة ازدهرت في "اليمن السعيد" في القرن الرابع قبل الميلاد.
ومنذ قرون، يتوافد الزوار لمشاهدة هذه المومياوات التي تعود لرجال ونساء عاشوا قبل أكثر من ألفي سنة، وبعضها ما زال الشعر عليها سليما وأسنانها على حالها، لكن في ظل انقطاع الكهرباء والحصار المفروض على المرافئ الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، يبدو مصير هذه الكنوز الأثرية التاريخية تحت رحمة الحرب الدائرة في اليمن.
يجتهد عدد من علماء الآثار في الحفاظ على هذه الموميات البالغ عددها 12، وقد عثر عليها صدفة في مواقع لحفريات أثرية بين الثمانينات والتسعينات، وتعاني هذه المومياوات من ارتفاع الحرارة والرطوبة والنقص في المواد المستخدمة عادة في الحفظ، بحسب الخبراء، ويقول عبد الرحمن جار الله المسؤول في كلية الآثار في جامعة صنعاء إن هذه المومياوات هي "أدلة مادية لا تقبل الشك تتحدث عن تاريخ أمة"، معربا عن قلقه من الخطر الذي تلقيه الحرب عليها، ويؤكد جار الله لوكالة فرانس برس أن هذه المومياوات تحتاج إلى عناية دائمة بما في ذلك التعقيم مرة كل ستة أشهر، لافتا إلى أن بعضها بدأ يتحلل بسبب عدم التمكن من توفير الكهرباء ولا المواد الكيميائية اللازمة للحفاظ عليها، ويعرب جار الله عن قلقه على حالة المومياوات، وأيضا على صحة الأشخاص المكلفين الاهتمام بها.
وصنعاء القديمة مدرجة منذ العام 1986 على قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي، وهي باتت مهددة بسبب النزاع الذي يدمر اليمن منذ سنوات، وتقع المدينة على جبل صخري بارتفاع ألفين و200 متر، وهي مأهولة منذ ألفين و500 عام، ولها قيمة كبيرة في التاريخ الإسلامي، وفيها أكثر من مئة مسجد قديم وستة آلاف منزل مشيّد قبل القرن الحادي عشر.
والمدينة مشهورة أيضا بمنازلها المبنية من صخور البازلت، وهي بيوت ملونة ذات طبقات عدة ونوافذ مزينة وزجاج متعدد الألوان، في العام 2015، دمّر أحد أحياء المدينة في ما قيل يومها إنه غارة للتحالف العربي ضد المتمردين. وسقط يومها خمسة قتلى، ودمرت منازل قديمة وقلعة شيّدت في زمن السلطنة العثمانية. بحسب فرانس برس.
وغالبا ما يتزامن الدمار مع النهب. والعام الماضي، ضبطت السلطات السويسرية قطعا أثرية مصدرها اليمن، إضافة إلى آثار من سوريا وليبيا، في ظل هذه المخاطر، دعا علماء الآثار اليمنيون كل الأطراف السياسية والمنظمات الدولية إلى المساعدة في الحفاظ على المومياوات التي توشك ظروفها أن تتفاقم مع حلول الصيف.
ويعرب عالم الآثار فهمي العريقي المتخصص في الترميم في جامعة صنعاء عن قلقه، ويؤكد الحاجة إلى خبراء لإنقاذ المومياوات الاثنتي عشرة الموجودة في الموقع و12 مومياء أخرى موجودة في المتحف الوطني في صنعاء، وحتى إن كانت هذه الدعوات ما زالت لا تلقى صدى، إلا أن علماء الآثار اليمنيين مصممون على الحفاظ على تاريخهم ومتفائلون في ذلك، ويشدد جار الله على أن الثقافة والتاريخ اليمنيين لن يختفيا ابدا، مشيرا إلى وجود مواقع أثرية ومومياوات كثيرة تنتظر من يكتشفها في اليمن.
مبادرات لحماية التراث الإسلامي للأجيال القادمة
استضافت العاصمة البحرينية المنامة مؤتمر "الآثار الإسلاميّة من منظور عالمي" وهو المؤتمر الأول من نوعه من حيث مشاركة خبراء آثار يعملون في 14 دولة إسلامية حول العالم، ويهدف المؤتمر لإلقاء الضوء بشكل مباشر على أحدث الخبرات العملية في الدول التي تمزقها الحروب ومدى تأثير ذلك على علم الآثار.
ومن بين المشاركات كانت كوريساند فينفيك المحاضرة في آثار الشرق الأوسط بجامعة كوليدج لندن، والتي تحدثت عن دراسة مضنية أجرتها على بقايا الطعام التي تشير إلى الوقت الذي توقف فيه الناس عن تناول لحم الخنزير، وبالتالي الكشف عن الوتيرة التي ترسخ فيها الإسلام في منطقة المغرب.
وتقول فينفيك إن التقييم الغربي للاكتشافات الأثرية قبل فترة منتصف الخمسينات من القرن الماضي يعود إلى تفسيرات استعمارية، وأضافت: "إذا عدت للوراء قبل الاستقلال، فإن الاكتشافات الأثرية كلها كان ورائها خبراء استعماريون"، وتابعت: "كان (هؤلاء) مولعين باكتشافاتهم الغريبة، وهذا عزز من فكرة أن العالم الإسلامي كان مختلفا شيئا ما وتنبغي السيطرة عليه من قوى استعمارية".
أما خبير الآثار النيوزيلندي آلن ولمزلي، أستاذ الآثار والآداب الإسلامية في جامعة كوبنهاغن، فقال إن الدراسات التي يُجريها تهدف إلى تقديم صورة كاملة للتطورات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في التاريخ العربي والإسلامي.
وأضاف: "أبحث في الروايات التاريخية الضعيفة والمغلوطة"، وبدأ ولمزلي بالتمحيص في الاهتمام الغربي السابق بمنطقة بلاد الشام، المعروفة باسم "سوريا الكبرى"، وقال إن "الاكتشافات الإسلامية كانت أمرا ثانويا بالنسبة لهدف الاهتمام الأثري بسوريا الكبرى. كان التركيز ينصب على العصر التوراتي والعصر الهيليني والكلاسيكي. وهذه الفترات التاريخية القديمة كانت لها الأسبقية في البحث"، وقال اليستر نورثيدج الأستاذ بجامعة "باريس 1" الفرنسية إن "العداء بين الإسلام والغرب زاد من عدم الاهتمام بالآثار الإسلامية".
وتحدث نورثيدج عن اهتمام الغرب الواسع بدراسة التاريخ الخاص به، وذلك في سياق زيارة قام بها مؤخرا إلى العراق. وقال إن "هناك مثال جيد للغاية في العراق. بابل على ما يبدو مكان يرتبط به الغرب"، لم تكن فقط الأجندة الغربية هي المحرك لأنشطة الكشف عن الآثار في العالم الإسلامي، إذ أن المسلمين أنفسهم لم يكونوا مهتمين دائما بحماية التراث المادي للمقدسات، حسبما أفاد نورثيدج، وقال نورثيدج: "لا يشمل ذلك فقط مكة والمدينة (المنورة في السعودية)، بل أيضا الأضرحة الشيعية في النجف وكربلاء بالعراق"، وأضاف: "هناك اهتمام أكثر على ما يبدو ببناء شيء جديد بدلا من ترميم القديم لأن التركيز ينصب على الطبيعة الروحانية لهذه الأماكن وليس أهميتها المادية"، لكن ظهور رؤية أوسع وزيادة أنشطة الحفر في جميع أنحاء منطقة الخليج يشهدان على وجود اهتمام ناشئ بالتاريخ المادي. ويقول سانت جون سمبسون خبير الآثار وكبير أمناء المتحف البريطاني إن إحياء الاهتمام بالآثار الإسلامية تأخر كثيرا، وأضاف: "إنه جزء لا يتجزأ من البحث عن الهوية الثقافية الإسلامية. وهو أيضا فرصة لمعالجة المفاهيم الخاطئة السابق"، وتابع سمبسون: "منذ القرن التاسع عشر وحتى فترة كبيرة من القرن العشرين أدت عمليات التنقيب عن الآثار لأهداف تجارية يقودها تجار في أجزاء من العالم إلى تدفق أشياء إلى السوق اعتاد مؤرخو الفنون الاحتفاء بها"، وأردف: "احتفى (مؤرخو الفنون) بجمال هذه القطع (الأثرية) ولذا أعادوا بناء الثقافات المادية بناء على هذه الآثار"، يمثل هذا الاهتمام بالآثار الذي تدفعه الناحية الجمالية وجهة النظر المعتادة لمؤرخي الفنون الذين يقدرون الجماليات أكثر من وظيفة الآثار.
وقال سمبسون: "لهذا السبب مُنح اهتمام أكبر قليلا بالمعادن ومواد معينة من الزجاج والخزف المزجج بشكل غير متناسب مع القيمة الوظيفية الحقيقية (للآثار) في الماضي"، وأوضح: "كان هناك اهتمام كبير بالمعادن والزجاج والخزف المزجج أكثر من الفخار والنحاس أوالزجاج العادي، وللأسف أعطى هذا الأمر انطباعا منحرفا نوعا ما"، تُسلط هذه المرحلة الجديدة الضوء أيضا على جوانب غير معروفة في العالم الإسلامي. ويقول عالم الآثار السعودي سعد بن عبد العزيز الراشد إن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية بصدد توسيع نطاق عملها أبعد من الأماكن المقدسة.
جامعة كمبردج ترفض إعادة آثار للسكان الأصليين إلى استراليا
رفضت جامعة كمبردج طلبا من استرالي لإعادة قطع أثرية مهمة تعود للسكان الأصليين في بلاده بعد أن أخذها المستكشف البريطاني جيمس كوك قبل 250 عاما، ويسعى رودني كيلي إلى استعادة أربعة رماح من متحف الحضارة القديمة والإنثربولوجيا التابع للجامعة بالنيابة عن شعب جويجال الذي كان يسكن الأجزاء الجنوبية من سيدني أكبر مدن استراليا.
وتقول الجامعة إن الكابتن كوك أخذ الرماح بعد أول مواجهة عنيفة بين سكان أصليين وأوروبيين على سواحل خليج بوتاني في سيدني في عام 1770. كما أخذ أيضا درعا موقعه الحالي المتحف البريطاني ويطالب كيلي أيضا باسترداده.
والقطع الأثرية تعد رمزا مهما لأول اتصال بين البريطانيين والسكان الأصليين لاستراليا ومقاومة الاستعمار لكن جامعة كمبردج رفضت طلبا قدمه كيلي لاستعادتها، وقالت متحدثة في بيان لرويترز يوم السبت "إزالة أجزاء من مجموعة كوك-ساندويتش التي تحمل قيمة تاريخية وعلمية وتعليمية كبيرة محليا ودوليا سيتسبب في إلحاق ضرر كبير بتكامل المجموعة"، وقالت الجامعة إن الطلب لم يتضمن عرضا محددا لمكان وضع الرماح والحفاظ عليها إذا تمت إعادتها وأضافت أن من المهم أن يتم تقديم أي طلب بتغيير موقعها من "ممثلين مفوضين عن شعب جويجال". بحسب رويترز.
ويقول كيلي الذي تقدم بطلب رسمي لاستعادة الرماح في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي إنه سليل مباشر لمحارب من شعب جويجال يدعى كومان الذي يقول إن الرماح والدرع كانت له قبل أن يأخذها البريطانيون، لكن تقريرا أعدته جامعة كمبردج شكك في قدرة كيلي على إثبات نسبه لذاك المحارب، ورد كيلي في مقابلة مع رويترز بقوله "يغضبني أن يحاولوا بتلك الأساليب تشويه سمعتي وتاريخي".
أثار مصرية وصينية وهندية في مدينة أثرية واحدة شرقي إثيوبيا
اكتشف فريق من علماء الآثار في إثيوبيا مدينة أثرية تعود إلى القرن العاشر بعد الميلاد، وعثر في منطقة هارلاء على آثار من مصر والهند والصي، وعثر العلماء أيضا على بقايا مسجد يعود إلى القرن الثاني عشر بعد الميلاد، تشبه تلك التي عثر عليها في تنزانيا والصومال، وقال علماء الآثار الذين اكتشفوا المسجد إنه يدل على وجود صلات تاريخية بين مجتمعات مسلمة في قارة إفريقيا، وقال رئيس فريق الخبراء البروفيسور تيموثي إينسول "هذه الاكتشافات تثبت أن هذه المنطقة كانت مركزا تجاريا ".
وعثر الفريق أيضا على على قطع أثرية من اليمن وجزر المادليف ومدغشقر والصين، مدينة العمالق، ويقول مراسل بي بي سي في إثيوبيا إيمانويل إيغونزا إن هناك أسطورة منتشرة في المنطقة حول احتلال عمالقة للمنطقة، لأن البنايات والجدران كلها مبنية بحجارة ضخمة لا يستطيع رفعها الناس العاديون، لكن علماء الآثار لم يجدوا ما يدل على العمالقة، وقال البروفيسور إنسول "لم نتفق مع هذه الأسطورة، لكني غير واثق إن كان أهل المنطقة يثقون بما توصلنا إليه"، وجاء في بيان صادر عن الفريق أن بقايا 300 شخص في المقبرة يجري تحليلها لمعرفة الطعام الذي كانوا يتغذون عليه، ويتوقع أن تجري حفريات إضافية العام المقبل.
اكتشاف برج من الجماجم البشرية في المكسيك يعود لحضارة الأزتيك
اكتشف علماء الآثار برجا من الجماجم البشرية تحت الأرض في قلب مدينة مكسيكو سيتي مما يطرح أسئلة جديدة حول ثقافة التضحية بأرواح البشر في إمبراطورية الأزتيك إذ أنه احتوى على جماجم نساء وأطفال. بحسب رويترز.
وكشف العلماء النقاب عن أكثر من 650 جمجمة مطمورة في حجر جيري وآلاف من القطع العظمية في الصرح الاسطواني قرب موقع معبد تمبلو مايور أحد المعابد القديمة الرئيسية في مدينة تينوتشتيتلان عاصمة الأزتيك التي أصبحت فيما بعد مكسيكو سيتي، ويعتقد أن البرج جزء من تقليد يعرف باسم تزومبانتلي بلغة الأزتيك العتيقة ويقوم على وضع جماجم بشرية على أرفف لبث الرعب في قلوب الغزاة الإسبان، ويسرد المؤرخون كيف كانت رؤوس المقاتلين الأسرى تزين التزومبانتلي التي عثر عليها في عدد من حضارات أمريكا الوسطى قبل الغزو الإسباني للمنطقة، لكن الاكتشافات الأثرية في باطن مكسيكو سيتي القديمة والتي بدأت في 2015 تشير إلى أن الصورة غير مكتملة، وقال رودريجو بولانوس وهو خبير في علم الإنسان الطبيعي "كنا نتوقع رجالا فحسب، شبانا بطبيعة الحال، لأنهم مقاتلون وبالنسبة لوجود نساء وأطفال فإنك تفكر في أنهم لم يخوضوا القتال، "شيء ما حدث ولا نعرفه. إنه أمر جديد بالفعل".
ويبلغ قطر البرج الدائري ستة أمتار تقريبا ويقع في ركن بمعبد ويتزيلوبوتشتلي إله الشمس والحرب والتضحية الإنسانية في معتقدات الأزتيك. ولم يكشف بعد عن قاعدة البرج، وسرد جندي إسباني كان ضمن قوة المستعمرين رؤيته لعشرات الآلاف من الجماجم البشرية، وقال راؤول باريرا أحد علماء الآثار الذين اكتشفوا البرج إنهم عثروا حتى الآن على 676 جمجمة وإن العدد سيرتفع مع استمرار الاكتشافات.
واشتهرت حضارة الأزتيك وغيرها من حضارات شعوب أمريكا الوسطى بتقديم قرابين بشرية للشمس، وحكم أباطرة الأزتيك المحاربون المتدينون رقعة واسعة من الأراضي تمتد من خليج المكسيك وحتى المحيط الهادي وذلك قبل الغزو الأسباني في الفترة بين عامي 1519 و1521.
اضف تعليق