قال رئيس هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية إن المملكة ستفتح دور سينما وستبني دار أوبرا عالمية يوما ما مهونا من معارضة الهيئات الدينية لهذا النوع من التغييرات، وكان بالسعودية في السبعينيات من القرن الماضي بعض دور السينما لكن رجال الدين أقنعوا السلطات بإغلاقها، ولا تزال دور السينما محظورة بالسعودية. وعلى الرغم من البدء في إقامة حفلات موسيقية هذا العام فإنها تواجه انتقادات لاذعة من رجال الدين.
ووعدت الحكومة بإدخال تغييرات على الساحة الثقافية في إطار إصلاحات "رؤية 2030" التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العام الماضي وتهدف إلى توفير المزيد من الوظائف بالإضافة إلى إجراء تغييرات اجتماعية.
وتهدف التغييرات أيضا إلى الفوز بما يصل إلى ربع مبلغ العشرين مليار دولار الذي ينفقه السعوديون حاليا في الخارج مع اعتيادهم على السفر لحضور حفلات وزيارة أماكن ترفيه في دبي المجاورة وغيرها.
وفي مقابلة مع رويترز قال أحمد الخطيب رئيس الهيئة العامة للترفيه إن المحافظين الذين انتقدوا الإصلاحات يدركون تدريجيا أن معظم السعوديين وأغلبهم تحت سن الثلاثين يرغبون في هذه التغييرات، وأوضح أن هدفه هو توفير ترفيه "يشبه بنسبة 99 في المئة ما يحدث في لندن ونيويورك" لكنه أوضح أنه وبعد عقود من النهج الثقافي المحافظ فإن مثل هذا التغيير قد لا يحدث سريعا، وقال "أعتقد أننا نفوز بالنقاش" موضحا أن القليل من السعوديين متحررون والقليل أيضا محافظون لكن "الأغلبية معتدلون".
وتابع يقول "يسافرون يذهبون للسينما وللحفلات الموسيقية. إنني أعول على الشريحة الوسطى التي تمثل 80 في المئة من السكان"، وقال الخطيب في بيان لاحق إن السلطات ستوفر خيارات أخرى للترفيه للمجتمع وإن الهيئة تشترط على منظمي الفعاليات الالتزام بالتعاليم الإسلامية وحدثت حالات أوقفت فيها الفعاليات.
طلب هائل
وصف مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ دور السينما والحفلات الموسيقية بأنها مفسدة. وقال في يناير كانون الثاني إن الترفيه قد يفتح المجال أمام أفلام أجنبية "إلحادية وفاسدة" ويشجع على الاختلاط بين الجنسين.
وخطط الترفيه التي ترسمها المملكة مدفوعة بأهداف اقتصادية في أغلبها. ومع انخفاض أسعار النفط شرعت السلطات في برنامج إصلاحي طموح لتنويع الاقتصاد وإنشاء قطاعات جديدة بالكامل لتوظيف الشباب السعودي.
وكلفت الحكومة مجموعة بوسطن للاستشارات بتحديد مواقع لإقامة متنزهات ومسارح بتمويل حكومي واستثمارات خاصة، وقال الخطيب إن أنشطة الهيئة وفرت 20 ألف فرصة عمل حتى الآن بعد سبعة أشهر فقط وإنها قد تتجاوز الأهداف التي تحددت العام الماضي في رؤية 2030. وتوقع المسؤول السعودي أن تزيد حصة إنفاق السعوديين على الترفية إلى ثلاثة أمثالها لتصل إلى ثمانية أو تسعة في المئة بحلول 2030.
وأكبر مشروع ترفيهي طموح حتى اليوم في السعودية هو مدينة ترفيهية عملاقة من المقرر إقامتها خارج العاصمة الرياض تهدف لجذب زائرين من دول المنطقة وستضم منتجعات وملاعب جولف وأكثر من مضمار لسباقات السيارات ومدينة ملاهي تديرها شركة سيكس فلاجز، وقال الخطيب "البداية مشجعة للغاية. و(تذاكر) كل حدث تباع بالكامل" مشيرا إلى أن عددا من الرواد يفوق الطاقة الاستيعابية بأكثر من عشرة آلاف شخص كانوا يرغبون في حضور مهرجان (كوميك كون) الترفيهي بمدينة جدة في فبراير شباط الماضي، وتابع يقول "الطلب هائل وهذا طبيعي. التركيبة السكانية شبابية في السعودية ولدينا دخل قابل للتصرف فيه أعلى من دول أخرى".
دور السينما
لكن مهرجان كوميك كون في جدة أثار أيضا أكبر تحد علني لبرنامج الهيئة إذ لاقى انتقادات حادة من الآلاف من المحافظين ومنهم أئمة بارزون بعد ظهور تسجيل فيديو لرجال ونساء يرقصون خلال الحدث، وردا على ذلك عبرت الهيئة عن الأسف لمخالفة لم تحددها من جانب منظمي كوميك كون لأحد بنود الترخيص للحدث وأشار الخطيب في بيانه اللاحق يوم الجمعة إلى أنه "حدثت حالات فردية قليلة للغاية تم التعامل معها".
وقال الخطيب في المقابلة إن هذه النزعة المحافظة لم تكن دوما الطابع الغالب في السعودية وأوضح أن التغيير سيحتاج وقتا لأن هذه النزعة تطورت على مدى عدة عقود، وقال إن دور السينما وهي نقطة خلاف رئيسية ليست على جدول الأعمال على الأمد القصير لكن سيصبح لها وجود في السعودية في النهاية. وتابع يقول "سنحقق ذلك. سنحقق ذلك. أعرف كيف لكن لا أعرف متى"، وقال "لسنا جاهزين للسينما ولدى الناس خيارات في البيوت مثل نتفليكس يعرض كل شيء وبدون تدخل أو تعديل"، وأضاف "نقيم أماكن الترفيه وسنكمل الناقص .. مثلا حدائق أو مسارح والأوبرا هاوس".
اضف تعليق