للبحرين تاريخ شعري عريق وحافل ومشرق وشاخص كشخوص حضارتها العريقة، فهي احدى حواضر الشعر العربي منذ بزوغه، وقد لمع فيها من نجوم الشعر في بداية إطلاله الشاعر عمرو بن قميئة الذي رافق امرأ القيس في رحلته إلى القسطنطينية ومات في الطريق فرثاه في معلقته، كما برز منها الشاعر طرفة بن العبد صاحب المعلقة الشهيرة.
وقد امتاز الشعر البحريني بإسلوبه الرصين ونَفَسِه الصادق خصوصاً إذا لامس الجانب العقيدي للشاعر، ومن المعروف أن البحرين عريقة في التشيع حتى أن كلمة (بحراني) تطلق عند غير الشيعة من سكان الخليج على الشيعي من سكان البحرين، فإذا قيل: (بحراني) أُريد به الشيعي.
فزخر الشعر البحريني بمدائح ومراثي أهل البيت(ع) حتى أصبحت هذه السمة ملازمة للشعر البحريني قديماً وحديثاً، ومنصهرة في أجواء القصيدة البحرينية ومعبّرة عن مدى عقيدة الشاعر وتمسكه بأهل البيت(ع)، ولسنا نشير هنا إلى ظاهرة برزت في الشعر البحريني وجاءت من خلال التقليد والمحاكاة، انما هناك عوامل تاريخية وموضوعية كانت وراء ظهور هذه السمة والخاصية.
فالشعب البحريني يدين بالولاء لأهل البيت منذ عصر الإسلام الأول فقد جاء في كتاب (مجالس المؤمنين) لنور الله الشوشتري: (إن تشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والإحساء شائع من قديم الزمان) وعلل ذلك بأن: (أبان بن سعيد كان عاملاً عليها مدة في مبدأ الإسلام وهو من الموالين لأمير المؤمنين(ع) كما صار عاملاً عليها عمر بن أبي سلمة مدة، وأمه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وهو أيضا من شيعة علي فغرسا فيها التشيع).
كما جاء في روضات الجنات ما نصه: (أهل البحرين قديمو التشيع متصلّبون في الدين خرج منها من علمائنا الأبرار جم غفير) كما برز منها الكثير من أعلام الشيعة الأوائل أمثال زيد بن صوحان الشهيد يوم الجمل مع أمير المؤمنين وأخويه صيحان وصعصعة ورشيد الهجري صاحب أمير المؤمنين وحكيم بن جبلة وغيرهم.
إن أبرز ما يميز سكان هذه الأرض الطيبة هو سلامة الفطرة وصفاء السريرة وعمق العقيدة فكانت إحدى معاقل التشيع والولاء الخالص لأهل البيت الطاهرين(ع)، وكما تميزت نفوس أهلها بالفطرة السليمة فقد تميز شعرها بالصدق والرقة فاستطاع شعراؤها نقش أسمائهم بالذهب في سجل الشعر العربي ودونوا أسماءهم في سفر الخلود.
والحديث عن الشعر البحريني حديث طويل متعدد الجوانب يكاد ينافس الشعر العراقي في مجال مدائح ومراثي اهل البيت (ع) عليهم السلام وخاصة في رثاء الامام الحسين(ع) ولكن للأسف فهو مركون في زوايا النسيان رغم أنه يستحق كل العناية والاهتمام.
وكان لـ(كربلاء) أثرها الكبير ودورها البارز في الشعر البحريني لما تمثله من قيم إنسانية عليا جسدها سيد الشهداء(ع) على ثراها حتى أصبحت له ذخيرة غنية من الصور المتدفقة فجاء مفعما بالروح العاشقة التي ذابت في حب الإمام الحسين(ع).
وبما ان الشعر البحريني كثير بمحتواه غزير بمعناه وتاريخه، حافل بالشعراء الكبار الكثرين بحيث أنه يعد موسوعة كبيرة، فقد آثرنا أخذ عيّنة من هذا الشعر لشعراء من البحرين والاقتصار في تسليط الضوء على بعض شعرائها الذين تعطر شعرهم بـ (كربلاء):
1ـ ابن المتوج البحراني
أبو الناصر جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوج البحراني المعروف بـ(ابن المتوج البحراني)، كان هو وأبوه عبد الله وابنه الناصر من كبار العلماء والشعراء، وله مؤلفات كثيرة في علوم القرآن والعقائد وشعر كثير في رثاء أهل البيت(ع)، كما نظم مقتل الحسين(ع) شعراً، توفي سنة (820) ومن شعره في كربلاء:
ألا نوحوا وضجّوا بالبكاءِ *** على السبطِ الشهيدِ بـ (كربلاءِ)
ألا نوحوا بسكبِ الدمعِ حزناً *** عليه، وامزجوه بالدماءِ
ألا نوحوا على مَن قد بكاه *** رسولُ اللهِ خيرُ الأنبياءِ
ألا نوحوا على مَن قد بكاه *** عليُ الطهرِ خيرُ الأوصياءِ
الا نوحوا على مَن قد بكته *** حبيبة أحمد خيرُ النساءِ
ألا نوحوا على مَن قد بكاه *** لعظمِ الشجوِ أملاكُ السماءِ
ألا نوحوا على قمرٍ منيرٍ *** عراهُ الخسفُ من بعد الضياءِ
ألا نوحوا لخامسِ آلِ طه *** وياسين وأصحاب العباءِ
2ـ ابن المقرب الإحسائي
علي بن المقرب الاحسائي من شعراء أهل البيت ولد سنة (٥٧٢) بالبحرين ينتهي نسبه الى عبد الله بن علي بن ابراهيم العيوني الذي أزال دولة القرامطة، له شعر كثير في أهل البيت(ع) وفي الحسين(ع) خاصة، نظم الشعر في سنّ مبكرة وهو لا يتجاوز العاشرة من العمر وقضى أيام شبابه بالاحساء، وعايش فترة الصراع والإنشقاق الذي أصاب الأسرة العيونية وقد أصاب الشاعر شيء من هذه المحنة فسُجن وصُودرت أملاكه، ولما أطلق سراحه غادر الاحساء إلى بغداد، ثم عاد الى مسقط رأسه أملاً في استرجاع أملاكه لكن أحلامه ذهبت أدراج الرياح فغادرها إلى القطيف ولبث فيها فترة ثم عاد أخيراً إلى الاحساء أملاً منه في إصلاح الوضع فلما يئس غادرها إلى الموصل، توفي ابن المقرب بالبحرين سنة (٦٣١) ومن شعره في رثاء الحسين(ع) قوله من قصيدة طويلة:
وإنّ حُزني لقتيلِ (كربلا) *** ليسَ على طولِ البلى بمقلعِ
إذا ذكرتُ يومه تحدّرت *** مدامعي لأربعٍ في أربعِ
يا راكباً نحو العراقِ جرشعاً *** يُنمى لعبديّ النجارِ جرشعِ
إذا بلغتَ نينوى فقف بها *** وقوفَ محزونٍ الفؤادِ موجعِ
والبس إذا اسطعتَ بها ثوب الأسى *** وكلّ ثوبٍ للعزاءِ المُفجعِ
فإن فيها للهدى مصارعاً *** رائعةً بمثلها لم يُسمع
فاسفح بها دمعكَ لا مستبقياً *** في غربهِ وبُح غراماً واجزعِ
فكلّ دمعٍ ضائعٌ منكَ على *** غيرِ غريبِ المصطفى المضيّعِ
3ـ ابن رمضان الاحسائي
علي بن موسى بن رمضان القارئ الاحسائي المتوفى (١٣٢٣) من شعراء أهل البيت(ع) نشرت قصائده في مخطوطة جمعها العلامة الشيخ حسين الشيخ علي القديحي وسماها ب (نجوم السماء في تراجم علماء وأدباء الإحساء) نقلاً عن مخطوطة لجده راضي بن محمد بن علي، وللشاعر فيها قصائد غير هذه وتوجد قصائد ابن رمضان أيضا في (الروضة الندية في المراثي الحسينية) للشيخ فرج آل عمران ومن قوله في رثاء الحسين(ع) ويخاطب أمير المؤمنين(ع):
يا قبلة المتهجدينَ وكعبةَ *** المسترفدينَ، ومَن تورّع واتقى
فلكَ العزا والأجرَ في السبطِ الذي *** لمصابهِ انصدعَ الهدى وتفرقا
يا ليتَ عينكَ شاهدته بـ (كربلا) *** عارٍ بلاغسلٍ على البوغا لقى
وبقيةُ الأطهارِ من أهلِ العبا *** أضحى بجامعةِ الحديدِ مطوّقا
4ـ أحمد البلادي
أحمد بن حاجي البلادي عالم وأديب من شعراء أهل البيت ومادحيهم، قيل: إن له ألف قصيدة في رثاء الامام السبط الشهيد الحسين(ع) دوّنها في مجلدين، وقد ذكر الشيخ لطف الله الجدحفصي عدة قصائد من حسينياته في مجموعته، وكان واسع الإطلاع على التاريخ توفي في أوائل القرن الثاني عشر ومن شعره :
أنست بها أرضُ الطفوفِ وأقفرت *** منها الديارُ وليس غير يسيرِها
غربت بعرصةِ (كربلا) فانهض لها *** واقر السلامَ على جنابِ مزورِها
وانثر بتربتها الدموعَ تفجّعاً *** لقتيلها فوق الثرى وعفيرِها
أكرم بها من تربةٍ قدسيةٍ *** قد بالغ الجبارُ في تطهيرِها
يا تربةً من حولها الأملاكُ ما *** زالت تشمّ لمسكها وعبيرِها
يا تربة حفّت بها القوم الأولى *** فازوا بلثمهم التربِ فوقَ قبورها
وله من قصيدة أخرى:
وزُر مشاهدَ أهلِ البيتِ معترفاً *** فإنهم سببُ الايجادِ والعللُ
والثم ضرائحَهم وانشق روائحهم *** تترى الصلاة عليهم أينما نزلوا
واذكر مصائبهم في كل ناحيةٍ *** وانثر دموعكَ في أرضٍ بها قتلوا
قد صرّعوا وقضوا نحباً على ظمأٍ *** في (كربلا) وعلى روسِ القنا حُملوا
روحي فداء حسينٍ إذ أقام بها *** فرداً وليس له عن كربها حُملوا
شلواً ذبيحاً خضيبَ الشيبِ من دمه *** ظمآنَ لهفانَ لم تبرد له غللُ
5ـ أحمد الدمستاني
الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن الدمستاني كان هو وأبوه من علماء البحرين وشعرائها وقد روى عنه إجازة وقراءة ويروى عنه اجازةً الشيخ أحمد بن زين الدين والشيخ عبد المحسن اللويمي الاحسائيان، له ديوان شعر. توفي بعد عام (١١٩٠هـ) وهو تاريخ كتابته لديوان أبيه، وله ديوان ألحقه بديوان أبيه له فيه سبعة عشر قصيدة من نظمه، ومن شعره في يوم الطف قوله من قصيدة:
وناداه داعي الحق في طفِ (كربلا) *** فلبّاه مرتاحاً إلى ذلكَ الوعدِ
فخرّ على وجهِ البسيطةِ صاعداً *** علاه لأعلى قبةِ العرشِ ذي المجدِ
فعزّ على المختارِ قتلَ حبيبهِ *** ومصرعه في التربِ منعفرِ الخدِ
فداهُ بإبراهيمَ مهجة قلبه *** وما كان إبراهيم بالهيّنِ الفقدِ
فكيف ولو وافاه والشمر فوقه *** يحكّم في أوداجهِ قاطعَ الحدِ؟
ويشهده ملقى بعرصة (كربلا) *** ثلاث ليال لا يلحّد في لحدِ
كسته الدما والريحُ ثوباً مورداً *** تمزقه أيدي المضمرة الجردِ
6ـ أحمد آل طعّان
أحمد بن صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري البحراني من كبار العلماء، ولد سنة (١٢٥١) ه وتوفي سنة (١٣١٥)، له ديوان شعر في مدح النبي والأئمة(ع) ومراثيهم، جمع بعد وفاته وسمي ب (الديوان الأحمدي) ولم يستوف جميع أشعاره، ومن شعره في رثاء الحسين(ع)
على الطف عرّج ولا تعجلا *** ففيه التعجّل لن يجملا
وحُلّ وكا المدمع المستفيض *** وأجر المسلسل والمرسلا
ووشى بها عرصات الطفوف *** لتكسي بها خير وشيٍ حلا
على أن أفضل برّ الرسول *** بكاؤك قتلى ربى (كربلا)
7ـ أحمد بن عبد الرؤوف الجدحفصي
أحمد بن عبد الرؤوف بن حسين بن محمد بن حسن الجدحفصي نجل العالم الكبير السيد عبد الرؤوف الجدحفصي، له قصائد كثيرة في رثاء الحسين أثبت له منها الشيخ لطف الله الجدحفصي قصيدة في مجموعته يقول فيها:
فلا تأمنن الدهر في حال سلمه *** فكم علقت بالآمنين المخالبُ
فكم راعني من صرفهِ بروائعٍ *** تهدّ لها مني القوى والمناكبُ
ولكنني مهما ذكرت بـ (كربلا) *** مصاباً إذا ما قصّ تنسى المصائبُ
نسيتُ الذي قد نالني من خطوبه *** ولم تصفِ لي مهما حييتُ المشاربُ
وقدغار في أرضِ الطفوفِ من الندا *** بحورٌ وغارت في ثراها كواكبُ
وأضحى حسينٌ مفرداً بعد جمعهِ *** يذودُ عن الأهلِ العدا ويحاربُ
8ـ جعفر الخطي
الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الإمام العبدي من عبد القيس الخطي، البحراني العبدي شاعر البحرين والخليج ومن شعراء الشيعة الكبار وأحد المعاصرين لمفخرة الشيعة الشيخ بهاء الدين العاملي ورد عليه في أصفهان خلال زيارته للإمام علي بن موسى الرضا(ع) فكان لإلتقاء هذين العلمين واحة غناء بالعلم والأدب والشعر وقد أثنى كل منهما على صاحبه توفي الشيخ جعفر الخطي سنة (١٠٢8) ومن قصائده الكثيرة في أهل البيت قوله في رثاء الحسين(ع)
وإن قتيلاً أحرز الشمرُ شلوَه *** لأكرمَ مفقودٍ يبكّيه فاقدُ
لقىً بمحاني الطفِ شلواً ورأسه *** ينوءُ به لدن من الخطّ واردُ
ولهفي على أنصارهِ وحماتِه *** وهمُ لسراحين الفلاةِ موائدُ
مضمّخةً أجسادُهم فكأنما *** عليهنّ من حمرِ الدماءِ مجاسدُ
تضيءُ به أكنافُ عرصة (كربلا) *** وتظلمُ منه أربعٌ ومشاهدُ
فيا (كربلا) طلتِ السماء وربما *** تناول عفواً حظ ذي السعي قاعدُ
9ـ جعفر العوامي
جعفر بن محمد (أبي المكارم) العوامي من أعلام العوامية في القطيف ولد سنة (١٢٨١) وهاجر إلى النجف للدراسة فبقي فيها لمدة (18) سنة له مؤلفات في مختلف العلوم ففي الفقه له (١٩) كتاباً وله أربعة كتب في الاصول وثلاثة في البيان وأربعة في الاستدلال وكتابين في المنطق وسبعة كتب في أهل البيت(ع) وله ديوانا شعر أسماهما ب (جرائد الأفكار) وآخر باسم (نهاية الادراك) على حسب حروف الهجاء كما عرف بالمناظرة في المذهب والخطابة توفي سنة (١٣٤٢) في البحرين ودفن مع الشيخ ميثم البحراني في صحن مسجده ومن شعره:
أفدي الحسين سرى لعرصةِ (كربلا) *** في أسرة شادوا العلاءَ وقوّموا
إن جرّدت بيضَ الصفاحِ أكفُهم *** تلقى بها هامَ العدوِ يحطّمُ
وعدوا على الأعداءِ أسداً مالهم *** من منجدٍ إلّا الصقيلُ المخذمُ
فكأنهم تحت العجاجِ لدى الوغى *** شمسٌ طوالعُ والرماحُ الأنجمُ
بذلوا نفوسَهم لسبطِ محمدٍ *** فسموا غداة على المنية أقدموا
ومنها في مصرع الحسين عليهالسلام :
من مبلغنّ بني لوى أنه *** في (كربلا) جسمُ الحسينِ مهشّمُ
من مبلغنّ بني نزار وهاشماً *** جذّت أكفهم وشُلّ المعصمُ
أعلمتم أن الحسين على الثرى *** للبيضِ والسمرِ الخوارقِ مطعمُ
أعلمتم أن الحسين بـ (كربلا) *** أكفانه البوغاءُ والغسلُ الدمُ
والرأسُ في رأسِ السنانِ كأنه *** بدرٌ تجلّى عنه أفقٌ مظلمُ
10ـ حسن التاروتي
الشيخ حسن بن محمد بن مرهون التاروتي، من شعراء البحرين الكبار وكان يعمل في صيد السمك ويمتهن ذلك ويتقوت من الزراعة والسقاية ويتحدث الناس عنه بأنه كان مضيافاً سخي النفس كما كان جميل الوجه حسن الصورة توفي سنة (1250) ومن شعره في رثاء الحسين(ع):
بأبي بأفلاكِ الطفوفِ أهلّة *** كانت لها تلعُ البسيطةِ مغربا
وبقى الحسينُ الطهرُ في جيشِ العدا *** كالبدرِ في جنحِ الظلامِ تحجّبا
يسطو بعضبٍ كالشهابِ فتنثني *** من بأسهِ كالضأنِ وافت أشهبا
عذراً إذا نكصوا فراراً من فتى *** قد كان حيدرة الكميّ له أبا
هذاك أطعمهم ببدرٍ ممقراً *** وبـ (كربلا) هذا أغصّ المشربا
11ـ حسن الدمستاني
الشيخ حسن بن محمد بن علي بن خلف بن ابراهيم بن ضيف الله بن حسن بن صدقة البحراني الدمستاني عالم وشاعر وفقيه ومحدث ومحقق له مؤلفات في الفقه والعقائد وأراجيز ومنظومات في أصول الدين وفروعه أما شعره فهو كثير أشهره (ملحمة الطف) وديوانه المسمى بـ (نيل الأماني أو ديوان الدمستاني) والذي جمعه ابنه الشيخ أحمد وكتبه بخطه عام (1190) واحتوى على (44) قصيدة وطبع في النجف الأشرف توفي الدمستاني عام (1181) وقد اشتهرت قصائده بين خطباء المنبر الحسيني ومن أبرز شعره قوله:
ولا يسيلُ لهم دمعٌ على بشرٍ *** إلّا على معشرٍ في (كربلا) قتلوا
ركبٌ برغم العلى فوق الثرى نزلوا *** وقد أعدّ لهم في الجنة النزلُ
تنسي المواقف أهليها مواقفهم *** بصبرهم في البرايا يُضربُ المثلُ
ذاقوا الحتوفَ باكنافِ الطفوفِ على *** رغم الانوفِ ولم تبرد لهم غللُ
أفدي الحسينَ صريعاً لا صريخَ له *** إلّا صريرَ نصولٍ فيه تنتصلُ
اليسَ ذا ابن علي والبتول ومن *** بجدّهِ ختمَت في الأمةِ الرسلُ
12ـ حسن الصفواني
حسن بن صالح الصفواني القطيفي من العلماء الأعلام ومن شعراء أهل البيت(ع) له ديوان مرتب على حروف المعجم توفي سنة (1271) ومن قوله في رثاء الحسين(ع):
لهفي له حين وافى (كربلا) وبها *** حطّ المضاربَ من صحبٍ وأخوانِ
مستنشقاً لثراها خاطباً بهم *** وهو البليغ بإيضاحٍ وتبيانِ
هذي دياري وفيها مدفني وبها *** محط قبري، بهذا الجد أنباني
13ـ حسين آل عمران القطيفي
الشيخ حسين بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن عمران القطيفي. عالم وأديب وشاعر من شعراء أهل البيت(ع) توفي سنة (1186) ومن شعره في كربلاء قوله من قصيدة:
وصدعٌ دهى الإسلام ليس بملتقٍ *** به طرفاه ما له الدهر جابرُ
مصابُ ابن بنت المصطفى مفخر العلا *** ومَن كرمت أحسابه والعناصرُ
كأني به في (كربلا) مع عصابة *** لهم جننٌ من باسهم ومغافرُ
مغاويرُ كالليثِ الغضوبِ جراءة *** مساعيرُ نيرانٍ الحروبِ صوابرُ
وهي قصيدة طويلة وفيها يقول:
ألا يا رسول الله آلك قتلوا *** ولم ترع فيهم ذمةٌ وأواصرُ
وسبطكَ عين الكونِ أصبحَ ثاوياً *** على جسمه تعدو الجيادِ الضوامرُ
قضى ظمأٍ والماء للوحشِ منهلٌ *** به واردٌ منهم وآخرَ صادرُ
وقد قتلت أبناؤه وحماته *** وأسرته في (كربلا) والعشائرُ
ويقول من قصيدة أخرى:
من بينهم سبط النبي بوجهه *** سيما النبوة حائزاً قسماتِها
يحمي حمى الدين الحنيف بعزمةٍ *** تحكي الأسود الربد في غاباتِها
حتى قضى والكائنات بأسرها *** تتلوا محامدَ ذاته وصفاتِها
ذا غلّه لم يطف لاهب حرّها *** في (كربلا) من ماء عذب فراتِها
14ـ حسين الغريفي
السيد أبو محمد حسين بن حسن بن أحمد بن سليمان الحسيني الغريفي البحراني الشهير بـ(العلامة الغريفي) وبـ(الشريف العلامة) توفي سنة (١٠٠١) كان فقيهاً أدبياً شاعرا وله كتب نفيسة منها كتاب الغنية وشرح العوامل المائة وشرح الشمسية ورسالة في علم العروض والقافية ومن شعره في يوم الطف عن مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي:
ولا مثل رزء أثكل الدين والعلى *** وأضحت عليه سادة الخلق باكينا
مصاب سليل المصطفى ووصيه *** وفاطمة الغرّ الهداة الميامينا
فلهفي لمقتولٍ بعرصةِ (كربلا) *** لدى فتية ظلماً على الشطِ ضامينا
أيفرح قلبٌ والحسينُ بـ (كربلا) *** على الأرضِ مقتولٌ ونيف وسبعينا
وبعدما روى الشيخ لطف الله هذه القصيدة ذكر له عدة قصائد منها قصيدة طويلة مطلعها:
الصبرُ يجملُ والارزاءُ تحتملُ *** إلّا على فتيةٍ في (كربلا) قتلوا
ومن شعره أيضا في رثاء الإمام الحسين(ع) :
أمربعُ الطفِ ذا أم جانب الطورِ *** حيّا الحيا منك ربعا غير ممطورِ
كم فيك روضة قدس اعبقت ارجاً *** كأنها جنة الولدان والحورِ
وكم ثوى بكَ من أهل العبا قمرٌ *** غشاه بعد كمال صرف تكويرِ
يا (كربلا) حزت شأناً دونه زحلٌ *** وفزتِ بالسادة الغر المغاويرِ
أيجمل الصبر في آل الرسول وهم *** جمع قضوا بين مسموم ومنحورِ
قوم بهم قد أقيم الدين وانطمست *** للشرك ألوية الطغيان والجورِ
وفيها يقول:
حتى إلى (كربلا) صاروا فما انبعثت *** لهم جياد بتقديم وتأخيرِ
فحلّ من حولهم جيش الضلالِ ضحىً *** كعارض ممطرٍ في جنح ديجورِ
وأصبحت فتية الطهرِ الحسينِ على *** وجه الثرى بين مطعونٍ ومنحورِ
15ـ عبد الرؤف الجدحفصي
السيد عبد الرؤوف بن حسين بن محمد بن حسن بن يحيى بن علي بن اسماعيل الموسوي الحسيني البحراني الجدحفصي قاضي قضاة البحرين ومن أجلاء السادة فيها توفي سنة (١٠٠٦) وقد أثبت له الشيخ لطف الله الجدحفصي في مجموعته قصيدة طويلة في رثاء الحسين(ع) يقول منها:
بنفسي الحسين الطهر يسعى اليهمُ *** بأهليه لا يثني عزيمة راجعِ
وتصحبه من صحبه الغرّ سادةٌ *** لهم في قران الفوز أسعدَ طالعِ
فديتهم لما أتوا أرض (كربلا) *** وضاق بهم من سبلها كل واسعِ
16ـ عبد العزيز الجشي
الشاعر عبد العزيز بن الحاج مهدي بن حسن بن يوسف بن محمد الجشي البحراني القطيفي له قصائد في رثاء الحسين (ع) تقرأ في المجالس الحسينية توفي سنة (١٢٧٠)
أبا حسنٍ أنت المثير عجاجها *** اذا اقترعت تحت العجاجة صيدُ
أغارت بقايا عبد شمس ونوفلٍ *** على الدين حتى بات وهو عميدُ
فيا هل تراها ان سيفك فللت *** ضواربه يوم القراعِ جنودُ
وان الفتى القراض حطم صدره *** ببدرٍ وأحدٍ عتبةٌ ووليدُ
فلو كنت حياً يوم وقعة (كربلا) *** رأت كيف تبدي حكمها وتعيدُ
17ـ عبد الكريم العوامي
من شعراء البحرين وعلمائها ومن أساتذة المنطق والبيان ولد سنة (١٣١٩) درس في النجف الاشرف على يد علمائها وخاصة عند الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، ومن آثاره وتآليفه كتاب (الدر النضيد في رد مستنكر مأتم الامام الشهيد) وديوان شعره الذي اسماه ب (سبحات القدس) وتوفي سنة (١٣٧٣) في كربلاء ودفن فيها من شعره في الامام الحسين(ع)
الله من شهر أطل على الورى *** بمصائبٍ شيبنَ حتى الرضّعِ
شهرٌ لقد فجع النبي محمدٌ *** فيه وأي موحّدٍ لم يفجعِ
شهرٌ به نزل الحسين بـ(كربلا) *** في خيرِ صحبٍ كالبدورِ اللمعِ
فتلألات تلك الربوع بنوره *** وعلت على هام السماكِ الأرفعِ
18ـ عبد الله الذهبة
عبد الله بن أحمد الذهبة البحراني، من شعراء أهل البيت(ع)، وهو نظير للسيد حيدر الحلي في العراق له ديوان شعر بمجلدين ضخمين احتوى على شعر كثير في أهل البيت(ع) توفي سنة (1277) ومن قصائده الغراء رائعته التي يقول فيها:
أما أتاكم ما على (كربلا) *** من نبأ منه شباكم نبا
ما جاءكم أن العظيم الذي *** على الثريا مجدكم طنبا
وكاشف الأرزاءِ عنكم إذا *** دهر بأجنادِ البلا أجلبا
وذي الأيادي الهامرات التي *** أضحى بها مجدكم مخصبا
أضحى فريداً في خميسِ ملا *** رحب البسيط الشرق والمغربا
19ـ عبد الله القاري
عبد الله بن علي القاري الإحسائي من شعراء أهل البيت(ع) له ديوان شعر في مجلدين أو أكثر، وله قصيدة هائية جارى بها ملحمة الملا كاظم الأزري تبلغ ثلاثة آلاف بيت عدّد فيها مواقف أهل البيت في المغازي وذكر فضائلهم، وأكثر أشعاره في مراثي الحسين(ع) وأنصاره. توفي سنة (١٣١٢) ومن شعره في رثاء الإمام الحسين(ع)
وإلى (كربلا) فأمَ بها إذ *** ما سواها غدى لها المقصودا
وأنخها بها فثمّ مقام *** يحتذي النيرات فخراً مشيدا
وابتدر تربها بلثمك وأخضع *** وعلى عفره فعفّر خدودا
واسع رسلاً به لدارة قدسٍ *** قد حوت نيّر الوجود الشهيدا
الحسين القتيل نجل عليٍّ *** خير من ساد سيداً ومسودا
واستلم قبره الشريف وسلّم *** وأبك شجوا حتى تروّي الصعيدا
ومن شعره في رثاء الإمام الحسين أيضا:
ألا بأبي أفدي الغريب الذي قضى *** وما بلّ منه بالورودِ أوامُ
غداة عليه جاش في طفِ (كربلا) *** لهم جيشُ بغيٍ كالخضمِ لهامُ
وذادوه عن وردِ الفراتِ وما دروا *** بأن نداه للوجودِ قوامُ
وراموه قسراً أن يضامَ بسلمه *** يزيد وهل ربّ الأباءِ يضامُ
فهبّ للقياهم وجرّد عزمة *** لها الحتف عبدٌ والقضاءُ غلامُ
وقابلهم من نفسه بكتائبٍ *** عليهم بها كادت تقومُ قيامُ
وثارت لديه غلمة مضريةٌ *** لها بقراعِ الدارعينَ غرامُ
20ـ عبد الله معتوق
عبدالله بن معتوق القطيفي، من كبار علماء القطيف ولد سنة (١٢٧٤) له العديد من الآثار العلمية توفي سنة (١٣٦٢)
للهِ يومكَ يا محرمُ أنه *** أبكى الملائكَ في السماءِ وأرعبا
وأماطَ أثوابَ الهنا من آدمٍ *** فغدا بأبرادِ الأسى متجلببا
حيث الحسين به استقل بـ (كربلا) *** فرداً تناهبه الأسنةُ والظبا
من عصبةٍ قدماً دعته لنصرهِ *** فعدت عليه عداوة وتعصّبا
فهناكَ جادَ بفتيةٍ جادت بأ *** نفسها وجالدت العدى لن ترهبا
فترى إذا حمى الوطيسُ قلوبها *** أقسى من الصخرِ الأصمَّ وأصلبا
وقال من قصيدة أخرى:
أفيهنا الرقادُ يوماً اليكم *** وأمي أتت بظلمٍ تناها
فلعمر الورى لقد جرّعتكم *** (كربلا) كأسَ كربها وبلاها
يوم أمسى زعيمكم مستضاماً *** يصفقُ الكف حائراً بفلاها
حوله فتيةُ تخالُ المنايا *** دونه كالرحيقِ أُذبلّ فاها
وترى الحربَ حين تدعى عروساً *** خطبتها الصفاحُ ممن دعاها
21ـ علي بن حبيب التاروتي
الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي من علماء القطيف وشعرائها القطيف الكبار له قصيدة مطولة عدد فيها مواقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) توفي سنة (١٢٥٠) ومن شعره في رثاء الحسين(ع).
احبس ركابكَ ساعةً يا حادي *** ذي (كربلا) فانشق عبير الوادي
لله أشكو زفرةً لم يطفها *** دمعٌ بصوبٍ مستهلِ غوادي
ما لي أراكَ ودمعُ عينكَ جامدٌ *** أو ما سمعت بمحنةِ السجادِ
قلبوه عن نطعٍ مسجّى فوقه *** فبكت له أملاكُ سبعِ شدادِ
22ـ فرج الخطي
العلامة الشيخ أبو الفتح فرج بن محمد الخطي المعروف بـ (المادح) من شعراء أهل البيت(ع) له ديوان كبير في مجلدات غير كتاب المدائح والمراثي الذي اشتمل على خمس وعشرين قصيدة في مدح المعصومين الأربعة عشر(ع) توفي سنة (١١٣٥) له في الامام الحسين(ع) قصيدة أولها:
هلا مررتَ على الديارِ بـ (كربلا) *** لترى عظيمَ الكربِ فيها والبلا
وله من قصيدة أخرى:
وبقى ابن المصطفى من بعدهم *** مفرداً والجيش قد سدّ الفضاءا
قام فيهم خاطباً يرشدهم *** للهدى لو تسمع الصمُّ الدعاءا
فمذ السبطُ رأى أنهم *** لم يجيبوا بسوى السيفِ النداءا
زلزل الأرضَ إلى أن حسبوا *** أن يوم الوعدِ بالزلزالِ جاءا
موقفٌ قد أظلم الكونُ به *** غير وجهِ السبطِ يزدادُ ضياءا
صوته رعدٌ وبرقٌ سيفه *** والغبارُ الغيمُ قد غطَّ السماءا
ودماءُ الأسدِ غيثٌ هاطلٌ *** مُذ همى صيّرَ بحراً (كربلاء)ا
ومن روائع شعره هذا التضمين الجميل لآية قرآنية:
قل لمن شكَّ في ارتدادِ أناسٍ *** لم يزالوا مع النبي جلوسا
وبغوا بعده على الآلِ طُراً *** (إن قارون كان من قوم موسى)
23ـ لطف الله الحكيم
لطف الله بن يحيى بن عبدالله بن راشد بن علي بن عبد علي ابن محمد الحكيم الخطي. المتوفى سنة (١٣٠٠) له مراث كثيرة في أهل البيت، فمن شعره هذه المرثية :
وسمعتُ واعيةَ الطفوفِ وما جرى *** فيها من الرزءِ العظيمِ المهولِ
أبكي الحسين وآله في (كربلا) *** قتلوا على ظمأٍ دوينَ المنهلِ
ماتو وما بلوا حراراتِ الحشا *** إلّا بطعنةِ ذابلٍ أو منصلِ
يا (كربلا) ما أنت إلّا كربة *** ذكراكِ أحزنني وساق الكربَ لي
24ـ لطف الله بن محمد البحراني
الشيخ لطف الله بن محمد بن عبد المهدي بن لطف الله بن علي البحراني عالم جليل وشاعر كبير له تصحيحات على بعض أجزاء شرح النهج لابن أبي الحديد الموجود في مكتبة (سبهسالار) في طهران كما في فهرسه (ج ٢ ص٤٨) وقد فرغ من التصحيح في (١٥ شعبان سنة ١١٦٤) كما دون ذلك وهو من الشعراء الراثين للحسين(ع) الذين جمعهم حفيد هذا الشاعر وسمّيه لطف الله بن علي بن لطف الله بن محمد بن عبد المهدي، وهم أربعة وعشرون شاعراً جمع مراثيهم هذا الحفيد في مجموعة في سنة (١٢٠١) وهذه المجموعة بخط الحفيد موجودة عند الشيخ محمد علي اليعقوبي الخطيب النجفي وللشاعر قصيدة أخرى تزيد على المائة بيت في الصفحة (١١٣) من مجموعة مخطوطة في مكتبة الإمام الصادق ـ حسينية آل الحيدري بمدينة الكاظمية رقم (٧٥) بخط محمد شفيع بن محمد بن مير عبد الجميل الحسيني سنة (١٢٤2) ومن شعره قوله من قصيدة:
وإذا أطلّ عليكَ شهرُ محرمٍ *** فابكِ القتيلَ بـ (كربلاء) على ظما
قلبي يذوبُ إذا ذكرتُ مصابهِ *** الـ *** ـمرّ المذاقَ ومقلتي تجري دما
والله لا أنساه فرداً يلتقي *** بالرغم جيشاً للضلالِ عرمرما
والسّمرُ والبيضُ الرقاقُ تنوشه *** حتى أصيبَ بسهمِ حتفٍ فارتما
فهوى صريعاً في الرغامِ مجدّلاً *** يرنو الخيامَ مودّعاً ومسلّما
ومضى الجوادُ الى الخيامِ محمحماً *** دامي النواصي بالقضيّة معلما
فخرجن نسوته الكرائمُ حسّراً *** ينثرن دمعاً في الخدودِ منظّما
ويقول فيها مخاطباً رسول الله(ص):
أوصيت بالثقلين أمتكَ التي *** لم تألها نصحاً لها وتكرّما
ها قد أضاعت يا رسول الله ما *** أتمَنَت بذمّتها وعهداً مبرما
هذا الحسين بـ (كربلا) عهدي به *** شفتاه ناشفتانِ من حرّ الظما
وتركت نسوته الكرائم حسّراً *** من حوله يمسحنَ منحره دما
واقصر من الشكوى ستسمع أنّةً *** من قبرهِ تدعُ الفؤادَ مكلّما
25ـ ماجد بن هاشم البحراني
السيد ماجد بن هاشم العريضي الصادقي البحراني أستاذ الفيض الكاشاني صاحب الوافي وآخرين من علماء البحرين الاعلام. من مؤلفاته الرسالة اليوسفية، ورسالة في مقدمة الواجب وحواشي على المعالم، وخلاصة الرجال، والشرائع، واثنى عشرية البهائي وغيرها توفي في (١٠٢٨هـ) بشيراز ودفن بمشهد شاه جراغ ومن قصائده في كربلاء:
يا (كربلا) أين أقوامٍ شرفتِ بهم *** وكنتِ فيهم مكانَ الأفقِ للشهبِ؟
أ(كربلا) أين بدرٍ قد ذهبتِ به *** حتى تحجّب تحتَ الأرضِ بالحُجبِ
صدّقتُ فيكِ كلامَ الفيلسوفِ بأن *** البدرَ يخسفُ من حيلولةِ التربِ
كان الغمامُ علوماً جمّة وسخى *** روّيت من مائه المغدودقِ العذبِ
للهِ وقعتكِ السوداء كم سترت *** بغيمها قمراً من قبل لم يغبِ
26ـ محسن فرج
محسن بن فرج النجفي (القطيفي) من شعراء أهل البيت وقد اقتصر شعره عليهم(ع) توفي في النجف الاشرف في حدود (١١٥٢) تقريباً ودفن فيها ومن شعره في رثاء الحسين(ع) قوله من قصيدة طويلة:
يا غيرة الله غاض الصبر فانهتكي *** هتك النساء لما في (كربلا) كانا
هبّ الرجالُ بما تأتي به قتلت *** وإن تكن قتلت ظلماً وعدوانا
ما بال صبيتها صرعى ونسوتها *** أسرى يطافُ بها سهلاً ووديانا
تهدى وهنّ كريماتٌ النبي إلى *** من كان أعظمهم للهِ كفرانا
والمسلمون بمرأى لا ترى أحداً *** للهِ أو لرسولِ اللهِ غضبانا
تعساً لها أمة شوهاء ما حفظت *** نبيّها في بنيهِ بعد ما بانا
جزته سوءاً بإحسانٍ وكان لها *** يجزي عن السوء أهل السوءِ إحسانا
27ـ محمّد السُبعي
أبوأحمد فخر الدين محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن محمد بن سبع بن سالم بن رفاعة السبعي البحراني الحلي الملقب بفخر الدين والمعروف بالسبعي. كان عالماً كبيراً وفقيهاً جليلاً من تلامذة ابن المتوج البحراني من شعراء القرن العاشر الهجري. له شرح قواعد العلامة وشرح الألفية الشهيدية ومن شعره تخميس قصيدة الشيخ رجب البرسي في مدح أمير المؤمنين (ع) وله مراث كثيرة في الحسين(ع) توفي عام (٩٢٠هـ) بالحلة ودفن فيها ومن شعره في كربلاء:
سأبكي عليه يوم أضحى بـ (كربلا) *** يكابدُ من أعدائهِ الكربَ والبلا
وقد أصبحت أفراسُه وركابُه *** وقوفاً بهم لم تنبعث فتوجّلا
فقال بأيّ الأرض تُعرَف هذه *** فقالوا له هذي تسمى بـ (كربلا)
فقال على إسم الله حطّوا رحالكم *** فليس لنا أن نستقلّ ونرحلا
ففي هذه مهراقُ جاري دمائنا *** ومهراقُ دمعِ الهاشمياتِ ثكلا
وفي هذه والله تضحى رؤوسنا *** مشهّرة تعلو من الخطّ ذبّلا
وفيها يقول:
ونادى المنادي بالرحيل فقرّبوا *** من الهاشمياتِ الفواطمِ بزّلا
تسيرُ ورأسُ السبطِ يسري أمامها *** كبدرِ الدُجا وافى السعودَ فأكملا
فلهفي لها عن (كربلا) قد ترحّلت *** مخلفة أزكى الأنامِ وأنبلا
28ـ محمد العوّامي
محمد بن عز الدين بن عبد الله العوامي القطيفي. اشتهر بأبي المكارم لمكارم أخلاقه، ولد سنة (١٢٥٥) وتوفي سنة (١٣١٨)
فلهفي عليه من وحيدٍ مضيّعٍ *** على الماءِ يقضي وهو عنه بعيدُ
بني مضرٍ ماذا القعودُ عن العدا *** وفي (كربلا) مولى الوجودِ فريدُ
وكيف بقى ملقىً ثلاثاً على الثرى *** تواريهِ من نسجِ الرياحِ برودُ
29ـ محمد بن سلطان القطيفي
من شعراء القطيف الشاعر الكبير المتوفي سنة (١٢٥2) من قصائده في مدح أمير المؤمنين ورثاء الحسين قوله:
فحسبي أبو السبطين حسبي فإنما *** هو الغايةُ القصوى لبادٍ وحاظرِ
وإن امرءاً باهى به الله قدسه *** ليخسأ عن علياه كلُ مفاخرِ
إمام به آخا الإلهُ نبيَّه ***على رغمِ أنصاريّها والمهاجرِ
إذا لم تكن شرط الامامة عصمة *** فما الفرق فيما بين برٍ فاجرِ
وان زعمَ الأقوامُ ناموسَ مثله *** فأين همُ عن مرحبٍ وابنِ عامرِ؟
فلا سيفَ إلا ذوالفقار ولا فتى *** كحيدرةٍ الكرارِ مردي القساورِ
فيا ليته لا غاب عن يوم (كربلا) *** فتلك لعمرو اللهِ أمُّ الكبائرِ
ومما شجاني يا لقومي حرائرٌ *** هُتكنَ، فيا للهِ هتكُ الحرائرِ
أيجملُ ياللهِ إبراز أهله *** حواسرَ والهفا لها من حواسرِ
30ـ محمّد بن يوسف البلادي
الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كنبار الضبيري النعيمي البلادي العالم الزاهد العابد والفقيه المحدث من تلاميذ الشيخ محمد بن ماجد البحراني والسيد المحدث الجزائري ويروي عنه الشيخ عبد الله السماهيجي كما في إجازته. له ديوان شعر في مراثي الحسين(ع)، وله مقتل الحسين كان مشغولاً بالدرس لا يكل منه، كثير العبادة ملازماً للدعاء لا يمل منه ولا يفارق (مصباح المتهجد) أبداً، كما كان عالما في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهندسية والحساب. والعلماء تدرس على يديه وجاء في وصفه بإنه كان: (أعجوبة في السخاء وحسن المنطق واللهجة والصلابة في الدين والشجاعة على المعتدين، وقد جمع بين درجتي العلم والعمل الذين بهما غاية الأمل. توفي في بلدة القطيف وانه بعد ان كان فيها مضى إلى البحرين وهي في أيدي الخوارج فكانت هناك فتن وحروب فجرح هذا الشيخ جروحاً مؤثرة، رحل بعد ذلك إلى القطيف وبقي أياماً قليلة وتوفي رحمه الله ودفن في مقبرة الحباكة وذلك في شهر ذي القعدة الحرام سنة (١١٣٠هـ) وقد أورد الشيخ لطف الله الجدحفصي بعض مراثيه في مجموعته التي كتبها لنفسه بخطه الجيد في سنة (١٢٠١). ومن قصائده في رثاء الحسين(ع)
سرى وفدُ شوقي والانامُ رقودُ *** يسحُّ دموعاً ما لهنّ جمودُ
فعرّسَ مذعورَ الجَنانِ بـ (كربلا) *** فنازله كربٌ هناكَ جهيدُ
وقد شفّه وفدٌ مقيمٌ بأرضِها *** ملابسهم بين الملائكِ سودُ
ملائكةٌ تقديسهم وثناؤهم *** وتسبيحهم ندبٌ عليه مديدُ
وتمجيدهم ندبُ الحسينِ ورهطه *** غداة أصيبوا بالظما وأبيدوا
مقيمونَ حولَ القبرِ يبكونَ رزءه *** وليس لهم نحو السماءِ صعودُ
فيا غفلةٍ عن نكبةٍ عمّ غمّها *** وحادثة منها الجبالُ تميدُ
أيرشفه المختارُ سناً ومبسماً *** ويقرعه بالخيزرانِ يزيدُ؟
أيترك مُلقىً بالعَرى سيّد الورى *** ويكسوه من مورِ الرياحِ صعيدُ
حنيني على تلك الجسومِ بـ (كربلا) *** لقىً بالعرا ما ضمهنّ لحودُ
حنيني على تلك السبايا ولوعتي *** ووجدي جديد ما عليه مزيدُ
31ـ يوسُف أبو ذئب
الشيخ يوسف بن عبد الله بن محمد بن أحمد آل أبي ذيب من آل المقلد المنتسبين الى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي(ص) من العلماء الأعلام والشعراء الكبار درس في النجف الأشرف وتوفي سنة (١٢٠٠) في البحرين، أما ديوانه فكانت نسخة منه في مكتبة الشيخ السماوي كتب عليها (ديوان أبي ذئب) وفي مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي جملة من شعره، ومنه هذا المقطع من قصيدة:
مساعيرُ حربٍ من لويِّ بن غالبٍ *** عزائمهم لم يثنهن زمامُ
هم الصيدُ إلا أنهم أبحرُ الندى *** وأنهم للمجدبين غمامُ
معرّسهم فيها بعرصَةِ (كربلا) *** أقام البلا والكربُ حيث أقاموا
زعيمهم فيها وقائدهم لها *** فبوركَ وضّاحُ الجبينِ همامُ
أبو هممٍ من أحمدِ الطهرِ نبعها *** لها من عليٍّ صولةٌ وصِدامُ
يعبّي بقلبٍ ثابتِ الجأشِ جيشَه *** لخوضِ عُبابٍ شبَّ فيه ضرامُ
ويرمي بهم زمجّ المغاوير غارة *** كما زجّ من عوجِ القسيّ سهامُ
فما برحوا كالأسدِ في حومة الوغى *** لها اليزنيّاتُ الرماحُ أجامُ
إلى أن تداعوا بالعوالي وشيّدت *** لهم بالعوالي أربعٌ ومقامُ
بأهلي وبي أفدي وحيداً نصيره *** على الروعِ لدن ذابلٌ وحسامُ
أبى أن يحلّ الضيمُ منه بمربعٍ *** وهيهاتَ ربّ الفخرِ كيفَ يُضامُ؟
يصولُ كليثِ الغابِ حين بدت له *** على سغبٍ بين الشعابِ نعامُ
ومن قوله أيضا في يوم كربلاء
وأعظمُ من ذلك يومٌ لهم *** فيا لك يومهم المهولا
لدى جانب النهر أضحت به *** معاطسنا رغماً ذلّلا
نبيت بأهوالهِ ولّهاً *** ونصبح من رزئهِ ذهّلا
فيا (كربلا) كم فطرتِ الحشا *** بعضبِ المصيبةِ يا (كربلا)
وله وهي من روائعه في يوم الطف:
قد فاز من لاقى المنية *** وهو محمودُ العواقبْ
متمسكاً بولاء عترةِ *** أحمدٍ من آل غالبْ
وإذا تعاورك الزمان *** وهاج نحوكَ بالنوائبْ
فاذكر مصيبتهم بعَرَ *** صة (كربلا) تُنسى المصائبْ
تالله لا أنسى الحسين *** وقد وقفن به الركائبْ
مستخبراً ما الارض قا *** لوا (كربلا) يا ابن الاطايبْ
قال انزلوا فاذا الكتائب *** حوله تتلوا الكتائبْ
32ـ يوسف البحراني
الشيخ يوسف بن أحمد بن ابراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني، الفقيه والمحدث الكبير صاحب الحدائق. ولد سنة (1107) وتوفي في كربلاء سنة (1186) له مؤلفات كثيرة في مقدمتها موسوعة (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) ومن مؤلفاته أيضا (الدرر النجفية) و(سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد رد به على شرح النهج) و(الشهاب الثاقب في معنى الناصب) و(جليس الحاضر وأنيس المسافر المعروف بـ (الكشكول) و(الأربعون حديثاً في مناقب أميرالمؤمنين(ع) استخرجها من كتب أبناء السنة والجماعة و(لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتي العينين) وهي إجازة كبيرة مبسوطة كتبها لابني أخويه ومن شعره في رثاء الحسين(ع):
للهِ أيةُ وقعةٍ لمحمدٍ *** في (كربلا) أربت على وقعاتها
ضربتْ عرانَ الذِّل في أنفِ الهدى *** فغداً يُقادُ به بنو قاداتِها
للهِ من يومٍ به قد نكّست *** تلكَ الكماةُ الصيدُ عن صهواتها
لله أنصارٌ هناكَ وفتيةُ *** سادت بما حفظته في سادتها
وفيها يقول:
نفسي لآل محمدٍ في (كربلا) *** محروقةَ الأحشاءِ من كرباتِها
ترنو الفراتَ بغلةٍ لا تنطفي *** عطشاً وما ذاقت لطعمِ فراتِها
أطفالُها غرثى أضرَّ بها الطوى *** وهداتُها صرعى على وهداتها
وتبقى كربلاء تنبض في قلوب شعراء البحرين منذ يوم عاشوراء وستبقى تنبض في شعراء لم يولدوا بعد.
اضف تعليق