جريمة كبرى تُرتكَب بحق شعب هذا البلد. وتقع المسؤولية الرئيسية عن هذه الجرائم على عاتق من تحدثوا طيلة 20 سنة عن الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، لكنهم في نهاية المطاف تخلوا عن البلد لمصلحة إرهابيين. ويشكل ذبح الهزارة في أفغانستان جزءاً من سياسة القمع الإجرامية التي تمارسها طالبان...
بقلم: كاميليا انتخابي فرد، رئيس تحرير اندبندنت فارسية
تتحمل "جماعة حقاني"، الجناح الإرهابي لحركة طالبان، المسؤولية عن أكثر الهجمات الانتحارية دموية على شعب أفغانستان والقوات الأجنبية المتمركزة في هذا البلد خلال العقدين الماضيين.
وحينما تخلت الولايات المتحدة عن أفغانستان لحركة طالبان، دخلت "جماعة حقاني" الحكومة، ووُلِّي سراج الدين حقاني، وهو إرهابي هارب مطلوب من قبل "مكتب التحقيقات الفيدرالي"، وزارة الداخلية. إنّه الرجل الذي رُصِدت مكافأة بـ10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.
لقد تولّت حركة طالبان السلطة في الصيف الماضي. وفي الأشهر التي تلت ذلك، على الرغم من مزاعم الولايات المتحدة والمنظمات الدولية بخلاف ذلك، لم يعد الهدوء والأمن إلى أفغانستان.
إذ يُقتَلْ الذين عملوا مع الحكومة الأفغانية السابقة، ويُذبَحون. وتأتي التفجيرات الموجَّهَةْ الواحدة تلو الاخرى. ولم يَعْنِ الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، سوى الموت والجوع والتهجير للشعب الأفغاني. وتتواصل المقاومة الشعبية في "بنجشير" و"أندراب" و"مزار شريف" و"خوست" وكابول. وكذلك يتواصل القمع من جانب حركة طالبان. بيد أن ذبح الهزارة في أفغانستان عبر عمليات انتحارية موجّهة، يمكن أن يكون جزءاً من الاستراتيجية التي تتبعها حركة طالبان لجذب اهتمام المجتمع الدولي.
منذ وصولها إلى السلطة قبل ثمانية أشهر، لم تكتسب هذه الحكومة المكروهة أي اعتراف من جانب المجتمع الدولي. وكذلك فإنّ السلاح الوحيد الذي تملكه حكومة طالبان، يتمثّل في أنّ تقدم نفسها كضحية، وتُضخم وجود الجماعات الإرهابية في أفغانستان، وتستخدم إسم تنظيم "داعش" في بث الرعب في صفوف الغربيين.
أنشأت حركة طالبان الآن مجموعة وهمية (تتألف في واقع الأمر من انتحاريين دربتهم بنفسها) تقدمها باسم تنظيم "داعش" كي لا تتحمل المسؤولية عن مقتل أبرياء.
من ناحية أخرى، أثناء رحلة إلى تركيا، زعم وزير خارجية حركة طالبان أن نطاق تنظيم "داعش" مبالغ فيه، معتبراً أن الجماعة الإرهابية ليست لديها أي قاعدة في أفغانستان.
والانتحاريون هم لواء قتل تابع لسراج الدين حقاني. ولهذا السبب، ذهب الخريف الماضي لرؤية أقارب مفجرين انتحاريين (شهداء، بحسب تسمية حركة طالبان) في فندق "إنتركونتيننتال" بكابول. وأشاد بعائلات ألف و500 انتحاري في أفغانستان وخصص لها راتباً شهرياً. وللمرة الأولى، اعترف حقاني علناً أنّ حركة طالبان تُشغِّل انتحاريين، بل سمّاهم "أبطال الوطن".
وكان حقاني يلتقي بهذه العائلات في الفندق نفسه الذي كان عام 1996 موقعاً لهجوم شنه خمسة مسلحين. وبعد ساعات من الاشتباكات، قُتِل 22 شخصاً وأُصِيب أكثر من 40 آخرين.
في رسالة صوتية نُشِرت أخيراً من دون إيضاح وقت تسجيلها أو مكانه، يورد حقاني "حدث الهجوم على فندق إنتركونتيننتال في كابول تحت قيادة النبي محمد (ص)، وهو أصدر للشهداء تأشيرة الدخول إلى الجنة".
تُعتبَر كلمات كهذه هرطقة من قبل المسلمين في العالم، لكن بالنسبة إلى الذين تُغسَل عقولهم ويُدرَّبون عقوداً على تنفيذ عمليات انتحارية، ثمة أهمية لكلام حقاني، وهو زعيم إحدى الطرق الدينية.
الشهر الماضي، حضر زعيم جماعة حقاني، للمرة الأولى، علناً ومن دون إخفاء وجهه، حفل التخرج في أكاديمية للشرطة بكابول. وخاطب الخريجين مشيراً إلى إنه "كي أكسب ثقتكم، سأظهر أمامكم علناً في وسائل الإعلام". ثم مضى ليرتكب أخطاء في تلاوة القرآن الكريم. الرجل الذي استخدم اسم الدين لتدريب فصائل القتل لسنوات، ولذبح شعب أفغانستان، بدأ يتلو آية من سورة آل عمران من القرآن، لكنه لم يتمكن من إنهاء الآية.
لم يتضح بعد عدد الانتحاريين الذين دربتهم حركة طالبان و"جماعة حقاني". لكن استناداً إلى أشرطة الفيديو التي نُشِرت أخيراً عن جماعات "الفاتح معسكر" الانتحارية (المرتبطة بحركة طالبان التي تتخذ من قندهار مقراً لها) وجماعات المنصوري في الشمال (المرتبطة بوزارة الداخلية أو سراج الدين حقاني)، يُقدَّر أن حركة طالبان تتباهى بما يتراوح بين ألفي إلى ثلاثة آلاف من الجنود المغسولي العقول، يوجدون ضمن وحداتها الانتحارية أو المسماة استشهادية.
تشبه الهجمات الانتحارية التي وقعت أخيراً على مدارس الهزارة ومساجدها في أفغانستان، من كابول إلى قندوز ومزار شريف، الهجمات الانتحارية التي وقعت في السنوات الـ20 الأخيرة في هذا البلد.
قد يشكّل القتل المُستَهدِف المُوجَّه ضد الهزارة استراتيجية تتبعها حركة طالبان لكسب اهتمام المجتمع الدولي من خلال فبركة مزورة عن وجود تنظيم داعش. وتستخدم حركة طالبان المجازر للزعم بأن تنظيم داعش تهديد دولي وإقليمي يخل أيضاً بالنظام والأمن في أفغانستان.
وتأمل حركة طالبان في أن تتمكن من الحصول على اعتراف ومساعدات من الغرب، مع تكرار قتل الهزارة الأبرياء في المساجد والمدارس.
تهدد الآن البلاد التي سلمها جو بايدن إلى حقاني والملا برادار، جاراتها كلها بما في ذلك باكستان وأوزبكستان، بالأسلحة الأميركية الصنع التي خلفتها القوات المسلحة الأميركية.
وكذلك يعمل أسوأ قمع وأساليب تعذيب تعود إلى القرون الوسطى، على استهداف شعب أفغانستان، بما في ذلك الهزارة والطاجيك والأوزبك والهندوس والإسماعيليون. ولا يرى العالم جرائم هذه المجموعة البدائية التي نزلت على البلاد من قواعدها في الكهوف.
وبالتالي، تهدف السياسة الجديدة لحركة طالبان، التي تستخدم اسم تنظيم داعش في العمليات الانتحارية، إلى ترسيخ سيادتها المبنية على دماء الشعب الأفغاني ومعاناته. في مشروع مشترك مع جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان، أفادت "نيويورك تايمز" عن مقتل 500 موظف حكومي سابق أو اختفائهم على يدي حركة طالبان. إنّ التعذيب المروع الذي تعرض إليه العقيد قاسم قائم والقتل الوحشي لذلك الشاب، واختفاء عليا عزيزي، الرئيسة السابقة لسجن النساء في هيرات؛ والمقابر الجماعية لسكان "بنجشير"، وضرب النساء والفتيات، وتعذيب الصحافيين والمواطنين المحتجين واعتقالهم، يمثّل مجرد جزء من الأخبار التي تتحدث عن جريمة كبرى تُرتكَب بحق شعب هذا البلد. وتقع المسؤولية الرئيسية عن هذه الجرائم على عاتق من تحدثوا طيلة 20 سنة عن الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، لكنهم في نهاية المطاف تخلوا عن البلد لمصلحة إرهابيين. ويشكل ذبح الهزارة في أفغانستان جزءاً من سياسة القمع الإجرامية التي تمارسها حركة طالبان ضد الشعب الأفغاني المظلوم والشريف.
اضف تعليق