كل شيء حولنا الى نماء وازدهار.. الأمهات يحملنَ ويحملنَ.. الطيور بأنواعها، وجميع الكائنات، تقترن مع بعضها حتى يستمر وجودها في الحياة، الأرض تزهو بالنبات المتفتح عن أزهار وثمار.. السماء تتدفق بالغيث.. والبحار تعج بالأمواج والكائنات الحية، كل شيء ينمو فوق هذه الكرة الأرضية، ويزداد عددا وتنوّعا، وعندما تزرع بذرةً، فتأكد بأنها ستثمر في يوم قادمٍ لا محالة، وإذا كانت بذرة الشر تهيج وترتفع في الفضاء سريعا، ولكن جذورها لا تدخل عميقا في التربة، لذا ستزول بسرعة بالغة حتما.
ربما تستطيع نبتة الشر في بعض الأحيان أن تحجب النور عن شجرة الخير، ولكنّ الأخيرة (شجرة الخير) تمدُّ جذورها بقوة في أعماق الأرض، وينمو ساقها وأغصانها وبراعمها، على الرغم من كل شيء، وتستمر في نموها البطيء لأن عمق جذورها في الأرض يعوضها عن النور، إذاً فالخير هو الأكثر بقاءً من سواه، كما يقول تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ/ سورة الرعد).
إن الحياة الزوجية بالضبط تبدأ من بذرة صغيرة، ثم تنمو مع تنامي وتصاعد الاهتمام من قبل الطرفين، ثم تكبر بذرة الزواج، وتشقّ الأرض لتعلن عن وجودها، وتصبح شجرة كبيرة وتعلو شامخة في جو السماء محاطةً بالهناء والجمال والاحترام والكبرياء... نعم الكبرياء.
الاهتمام المتبادَل يطيل بعمر الزواج
اذا كان الاهتمام في بذرة الزواج، بكلام طيبٍ وعملٍ حسن، سوف تكون شجرة الزواج مباركة (أصلها ثابت وفرعها في السماء/ سورة ابراهيم)، ولا تؤثر عليها أي عاصفة شريرة، ولا غبار الفتنة، وسوف تمنح من تحب أحلى وأطيب الثمار.
أما اذا كان الاهتمام ببذرة الزواج، عبر كلام خبيث، وفعل قبيح من قبل الطرفين، سوف تكون ثمرة شجرة الزواج خبيثة، وسوف يتزلزل وجود وكيان هذه الشجرة إذا تعرضت لأقل عاصفة، وقد يتم اقتلاعها من جذورها!.
لذلك (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره/ سورة الزلزلة).
إذن باستطاعتك أن تتوقع نوع وطبيعة الثمرة عندما تزرع (البذرة)، فهي محكومة بأصلها وبداية غرسها في الأرض، فأما تنتمي للخير أو الشر، والاختيار يبقى في إطار عقل الإنسان وحكمته.
عن مؤسسة الزواج، الأسرة، الشجرة، كان (لشبكة النبأ المعلوماتية)، جولة لمعرفة كيفية غرس نبتة الزواج في التربة التي تصلح لها، وكيف يمكن أن نحافظ عليها ونحميها من الشر الذي يتربص بها طوال سنوات الحياة الزوجية، ولماذا تنجح أو تفشل هذه المؤسسة الأسرية التي تعد اللبنة الأولى التي يتكون منها المجتمع.
أم حسين من العراق قالت من ناحيتها عن الزواج:
إن الزواج سنة من سنن الله تعالى، وهي طريقة ارتباط باﻻخر، وإيجاد السكن والسكينة والمحبة والمودة، بالإضافة الى محاولة تكميل النفس، فقد تعلمت من زوجي الكثير، وحاولت بعد ذلك الوصول إلى درجة الكمال التي أرادها رب العزة لنا، فقد استفدت الكثير سواء من السلبيات او الإيجابيات، بالإضافة الى حصيلة الزواج الأجمل والأفضل، وأقصد بهم أولادي الذين كلما نظرت إليهم أحسست بقيمة وجودي بالحياة.
البحث عن تراب جيدة لبذرة الزواج
أما أحمد وهو من إيران، فقد قال حول هذا الموضوع:
قبل أن أتزوج، بحثت عن تراب جيد لتنمو فيه بذرتي بأفضل صورة، وعندما بحثت بين أخيار الناس عن زوجة صالحة، توصّلتُ بحمد الله الى ما أبتغي، وبارك الله بزواجنا، وهناك قانون علمي، لكنه يمكن أن ينطبق على العلاقات الإنسانية، هذا القانون هو (لكل فعل رد فعل يساويه في القوية ويعاكسه في الاتجاه) وكما يقول المثل المعروف: احترِمْ تُحترَم، فقد حرصتُ على أن نهتم كلانا (أنا وزوجتي) بشجرة زواجنا، من خلال الاحترام المتبادل، والكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وكانت الثمرة أحلى من العسل، وأعني بها (راحة البال) و(أطفال متفوقين من الناحية العلمية والعملية) وأشكر الله على هذه النعمة.
أما أم حسن وهي من الكويت، فقد قالت: إن الزواج عند البعض نعمة، فإذا كانت الأسرة تعيش في حالة استقرار سوف تكون الثمرة ايجابية، وقد تتحول عند البعض الى نقمة، فإذا كانت بالمشاكل والهموم تملأ الحياة الزوجية، فحتماً ستكون الثمرة سلبية، وفي كلا الحالتين هنالك امتحان من عند الله عز وجل، في الأول علينا الحمد، وفي الثاني ليس أمامنا سوى الصبر، فالصبر مفتاح الفرج، وعسى أن تتغيّر الأمور نحو الأفضل، فمن صبر ظفر، وفي كل الأحوال الحمد لله على كل حال.
في حين أجابت أم مودّة من العراق قائلة: إن ثمرة الزواج بالنسبة لي، هي حالة الاستقرار العاطفي، حيث تملك البنت قبل الزواج عاطفة من الأهل، ولكن تبقى عاطفة الزوج مختلفة، فهي تصنع حالة من الاستقرار النفسي، لأن فكر البنت قبل الزواج يكون مشغولا بسبب كثرة التفكير بشريك حياتها، وكيف سيكون وما هي مواصفاته الأخلاقية؟؟.
نعمة وجود الأطفال في الحياة: من خلال الشعور بالمسؤولية باتخاذ القرارات والنضوج الفكري، سوف يكون التفكير أعمق، وغير سطحي أو غير مسؤول، فلكل شيء ثمرة في الحياة، ربما تخدعك المظاهر، ولكن الجانب الأساسي هي ذلك الفارق بين الشجرتين، الأولى ستخدعك بمنظرها المزوّر البرّاق، لذلك عندما تبحث عن قوة هذه الشجرة وصلابتها ستجدها واهنة هشة، بينما نلاحظ أن شجرة الخير تصبر على البلاء وتتماسك أمام العاصفة، وتظل تنمو وتثمر الخيرات.
الآن علينا أن نجيب عن التساؤل التالي، أنت ما هي ثمرة زواجك؟.
اضف تعليق