قبل الانتخابات لم تكن الصورة واضحة، وأنا شخصيا لم أكن مقررا بعد موقفي، لكن بالنتيجة لابد من الاختيار، لكنني في الحقيقة لا أرى في الأفق تغييرا ملموسا وحقيقيا، كون ان الكتل او التيارات إن لم يكن لها تأثير على الاخرين فلا شيء يمكن أن يحدث...
من الأمور المسلّم بها أن التغيير يبدأ من الذات، فكل شخص ما ان تمكن من تغيير أفكاره الخاطئة واساليبه غير الصحيحة سيتمكن من تغيير المجتمع، فجاءت الانتخابات النيابية العراقية مؤخرا كوسيلة لتغيير الطبقة السياسية الحاكمة عن طريق حق الانتخاب، فكانت هناك اصداء مختلفة ومتفاوتة من المجتمع العراقي حول الاقبال على هذه الانتخابات او مدى التغيير الذي سيحصل بعدها.
مما لا شك فيه ان الكتل الحائزة على نسب كبيرة في الانتخابات هي نفسها ذات التأثير الاكبر على المجتمع وعلى العملية السياسية، ولكن شهدت انتخابات العاشر من تشرين الحالي تحولا كبيرا في اقبال الناخبين وتغيّر خيارات اغلب الناخبين فنجد كتلا جديدة استطاعت حصد أصوات كبيرة وصعد مرشحون جدد مستقلون استطاعوا الفوز ايضا، فما ان ضُخَّت دماء جديدة داخل البرلمان واشخاص اصحاب وعي ووطنية سوف يكون التغيير موجودا لا محالة، حتى وان كان بنسبة ليست بكبيرة.
ان التغيير المرجو لابد ان يكون في إطار المعقول وهذا لأسباب كثيرة من ضمنها ان الشعب يحتاج الى وعي اكبر، حتى يدرك ان مشاركته في الانتخابات سوف تغير من واقع العراق، فالعملية السياسية في العراق لابد ان تؤول الى اختيار الاكفأ والاصح وان نسير على خطى مقولة (الشخص المناسب في المكان المناسب)، كل ذلك يصب في عملية تغيير الواقع السياسي والثقافي العراقي، فطالما استمر وعي الناس وادراكهم بأن العراق يكون خيارهم الاول دائما سوف نلاحظ تغييرا واضحا بعد كل انتخابات نيابية، فالتغيير يأتي من الشعب لا من السياسيين.
شبكة النبأ المعلوماتية اجرت هذا الاستطلاع بعد الانتخابات النيابية التي جرت في العاشر من تشرين الاول الحالي، على عدد من الكتاب والمختصين والمواطنين لمعرفة وجهات نظرهم حول مقدار التغيير السياسي المتوقع حصوله، فتم طرح السؤال التالي: كيف ستنعكس الانتخابات النيابية على الأوضاع السياسية بالعراق؟
المشاركة في الانتخابات واجب وطني
الكاتب والفنان التشكيلي كفاح وتوت اجابنا بالقول: قبل الانتخابات لم تكن الصورة واضحة، وأنا شخصيا لم أكن مقررا بعد موقفي، لكن بالنتيجة لابد من الاختيار، لكنني في الحقيقة لا أرى في الأفق تغييرا ملموسا وحقيقيا، كون ان الكتل او التيارات إن لم يكن لها تأثير على الاخرين فلا شيء يمكن أن يحدث، المسألة ليست مسألة تغيير وجوه وإنما هناك دستور وضوابط. فهل يمكن القضاء على المحاصصة والكتلة الأكبر هي التي تقرر، فضلا عن ان بعض الشخصيات التي صعدت مرة أخرى، وهي نفسها كانت من قبل في مجلس النواب، فما الذي استطاعت فعله سابقا سوى بعض الجهود والإنجازات الفردية المحدودة، لم تكن في الدورات السابقة رؤية سياسية واضحة المعالم، لا على الصعيد الداخلي ولا الخارجي، بالإضافة إلى ضعف الأداء الإداري، في الاقتصاد أو في سواه، بسبب انعدام الرؤية والبرامج التي يجب وضعها والتخطيط لها مسبقا، والعمل الجاد على تنفيذها لصالح الدولة والمجتمع، لكن الذي حدث سابقا لم يلبّي الطموح ولم يرسم خطوات وسياسة التغيير نحو الأفضل، ولهذا علينا الانتظار حتى تشكيل الحكومة، وهو هدف قد يطول تحقيقه كما حدث في السابق، وعلينا أن نراقب ونرى ما الذي سوف يفعله الفائزون أمام الاجندات والمصالح والأحزاب، لكننا في كل الأحوال، نتفاءل لأننا عراقيون، ونرغب أن يتقدم بلدنا ويتطور، ويصبح شعب العراق في حالة مزدهرة، وهو يستحق ذلك، كما أن جميع مقومات الازدهار متوافرة في العراق، لاسيما الاقتصادية والثروات، نتمنى للعراق والشعب كل الخير والتطور والاستقرار.
لا عودة مرة اخرى للدكتاتورية
الدكتور عباس المسعودي من مديرية تربية كربلاء أجاب: لو أننا وجّهنا السؤال التالي للمختصين أو لعموم الناس، ما هو الفرق بين الديمقراطية والدكتاتورية؟، فماذا سيكون جوابهم، أنا شخصيا أن الفارق الأهم بين الديمقراطية ونقيضها، أنها تحتاج إلى وقت وتدرّج وتعلّم لكي تنضج عقول الناس وسلوكياتهم، ومن ثم تنضج الديمقراطية نفسها، أما الدكتاتورية فيمكن صنعها بسرعة وبدون تأخير مجرد توافر القوة الغاشمة والقائد الأناني المريض، تتشكل الديمقراطية بشكل أسرع من الديمقراطية، ولهذا كل الديمقراطيات الناجحة في العالم أخذت وقتها وزمنها الكافي ويعادل عقودا أو قرونا من الزمن، وقد تكون محتاجة إلى زمن إضافي لكي تنمو أكثر، فما هو عمر ديمقراطية العراقيين؟؟
ما كان يجري في الحقبة الملكية من مراسيم شكلية للديمقراطية لم يكن راسخا، ولم يستطع التأسيس لمنهج ونظام ديمقراطي ينقذ العراق من حقبة الانقلابات العسكرية التي أزاحت الديمقراطية الملكية بسبب ضعفها وعدم رسوخها كنظام سياسي لا بديل له، أما ديمقراطيتنا التي أتت على أنقاض الديكتاتورية في نيسان 2003، فإنها لا تزال تحتاج إلى أشواط طويلة كي تتشذّب وتُصحَّح وتنمو، وما نمر به اليوم من أخطاء ديمقراطية واجتماعية أمر لابد من حدوثه، حتى تتحسن تجربتنا بشكل صحيح ومنطقي، لكن لو أردنا القفز على المراحل فإننا سوف نكون أمام تجربة مشوهة وناقصة، فكل ما يجري اليوم من أخطاء وظواهر مسيئة أراه من وجهة نظري ظاهرة صحية، يسعى العراقيون لتجاوزها مع مرور الزمن، لذلك ما أتوقع بعد هذه الانتخابات النيابية الأخيرة، لا يختلف كثيرا عند الدورات السابقة، وإن لم تخلو من تغيير لابد أن يصب في صالح الديمقراطية، وهذا ما يأمله ويتمناه كل عراقي، لأننا بصراحة لا نريد العودة إلى تلك الأنظمة التي حرمتنا من أبسط حقوقنا، كالتعبير عن الرأي وإحياء الزيارات وإظهار العقائد دونما تردد أو خوف من القتل أو التعذيب والزج في السجون كما كان يحدث في ظل أزمنة التفرّد العسكرية، نريد كشعب عراقي أن لا نعود مطلقا للدكتاتورية.
متغيرات ايجابية وتحسن أمني
اما الإعلامي منتظر رشيد فقد قال: إن المعطيات التي أفرزتها الانتخابات النيابية في دورتها الجديدة إيجابية بغض النظر عن حجم المشاركة، ومن بين هذه المعطيات تحسن الوضع الأمني، وتراجع أو فشل قضايا التخويف كالطائفية، اعتقد ان هذه الدورة شهدت تراجعا كبيرا لبعض الأحزاب الكبيرة التي كانت مسيطرة على المشهد السياسي في السنوات السابقة، سواء كانت شيعية أو سنية او كردية، فقد تغير توجه الناخب العراقي بوعي ونضج أكثر، وبدا هذا واضحا في فوز بعض المرشحين المستقلين، كما بان في نسبة النساء الكبيرة التي صعدت إلى البرلمان قياسا إلى الدورات السابقة، وقد تضم تشكيلة البرلمان القادم مجموعة من النواب الجدد من الأكاديميين والاقتصاديين وعقليات أخرى متطورة عمّا سبق، على عكس دورات البرلمان السابقة التي كانت تهمين عليها شخصيات متحزبة ليست ذات كفاءة، مما يعطي تفاؤلا نسبيا للعراقيين في المرحلة المقبلة، وهناك بوادر تغيير تلوح في الأفق، وقد اتفق المراقبون في الغالب على أن التغيير قادم، وإن كان بشكل تدريجي، لكن نقطة الانطلاق للتغيير الأفضل بدأت من هذه الدورة التي ستشهد متغيرات عديدة سواء في المشهد السياسي، أو على المستوى التشريعي الذي يعدّ عصب التغيير والقضاء على مسببات الفشل الذي رافق العراقيين في السنوات الماضية.
المعركة ضد الفساد مستمرة
من جهته اجاب الباحث السياسي ليث صادق بالقول: يبدو أن القضية الأهم بعد الانتخابات النيابية التي جرت مؤخرا، هي المعركة ضد الفساد، فحتى الشروط التي تضعها الكتلة الفائزة هو أن من يأتي معها يجب أن يكون مستعدا ومصمّما على محاربة الفساد، بينما الآخرون يتخوفون من المعركة ضد الفساد لأنها سوف تُسقط رؤوسا كثيرة، وإذا خضعت الكتل الفائرة إلى صفقة ما كما كان يحدث في الدورات السابقة، ولم تحارب الفساد فإنها سوف تتعرض للسقوط، وخصوصا أن بعض هذه الكتل رفعت راية الإصلاح لأنها السبب الرئيسي في فوزها من خلال المظاهرات، كذلك فإن الضغوط الدولية الاقتصادية وغيرها، تفرض على العراق محاربة الفساد، ليدخل الاقتصاد العراقي في النظام المالي العالمي، لذا أتصور أن المعركة ضد الفساد هي المعركة الأكبر.
ضمان حرية الانتخاب للنساء
الطالبة الجامعية صفا عبد الرزاق من جامعة كربلاء قالت: ان الانتخابات النيابية ما هي الا تدوير للوجوه وتغيير الحجم والدور السياسي للكتل والاحزاب السياسية، والا فان السياسات المتخذة في الدورات السابقة تبقى نفسها، فهناك جهات تتحكم في قرارات الشعب، فنجد الكثير من الناس لم يقبلوا على الانتخابات، بسبب فقدانهم الثقة في الانتخابات العراقية او في سياسي العراق، كل ذلك يشكل مخرجات سياسية غير صحيح وغير صائب، يتكبد حملها المواطن العراقي الفقير، ان العنصر النسوي على الاغلب يكون غير متحكم في قراراته الا القلة القليلة، فتجد اباء يأخذون بناتهم او ازواج يأخذون زوجاتهم من اجل انتخاب المرشح الذي له علاقة به، كل هذه السلبيات جعلت من التغير شيئا صعبا من وجهة نظري.
لذلك نتمنى ان يأتي اليوم الذي تكون فيه المراءة حرة بأدلاء صوتها واختيار المرشح او المرشحة التي تؤمن بها وبانها قادرة على تمثيل النساء والمواطنين العراقيين بشكل جيد وصحيح، وهذا يتبع درجة ثقافة ووعي المجتمع ومدى ايمانه بالديمقراطية الحقيقية وليست الشكلية.
اضف تعليق