معظم الشباب الذين يدخلون الجامعات يحاولون الالتحاق بعمل معين ليكملوا حياتهم بصورة صحيحة، ونلاحظ أن اغلب هؤلاء الجامعيين يفضلون العمل في القطاع العام، ولعده اسباب نستذكرها فيما بعد، وهذه الظاهرة ستسبب زخم في التعينات الحكومية على عكس القطاع الخاص الذي يوفر فرص عمل كبيرة، وقد يكون هذا التفضيل والانتظار للعمل في القطاع العام هو سبب رئيسي في البطالة لكثرة اعدادهم، وعدم اتخاذهم اتجاهات أخرى للمضي قدما...
معظم الشباب الذين يدخلون الجامعات يحاولون الالتحاق بعمل معين ليكملوا حياتهم بصورة صحيحة، ونلاحظ أن اغلب هؤلاء الجامعيين يفضلون العمل في القطاع العام، ولعده اسباب نستذكرها فيما بعد، وهذه الظاهرة ستسبب زخم في التعينات الحكومية على عكس القطاع الخاص الذي يوفر فرص عمل كبيرة، وقد يكون هذا التفضيل والانتظار للعمل في القطاع العام هو سبب رئيسي في البطالة لكثرة اعدادهم، وعدم اتخاذهم اتجاهات أخرى للمضي قدما.
امتيازات وسلبيات العمل الحكومي
وقد يكون التفضيل لدى الجامعيين للعمل الحكومي لما يحتويه من مجموعة امتيازات، ومنها تحديد عدد ساعات العمل، وتوفير مرتب مناسب مع الازدياد في فترات متفاوتة، ووضع راتب التقاعد للموظف الذي ينهي سنوات الخدمة، تشريع قانون للوظيفة العامة وواجبات وحقوق الموظف، على الرغم من وجود هذه الامتيازات، إلا أن القطاع الخاص قد يوفر مبالغ مالية أفضل بكثير من العمل الحكومي، وكذلك تزداد هذه المرتبات على الخبرات والكفاءات عكس ما معمول به في القطاع العام، ومن السلبيات التي تحتوي العمل الحكومي فهي يزداد فيه المحسوبية والرشوة، لذا هنا يتطلب من الجهات المسؤولة والدوائر الرقابية القضاء على جميع عمليات التزوير وردعها بشكل نهائي، وترغيب الشباب للعمل في القطاع الخاص مع توفير نصوص تشريعية تنظم عملهم ووضع ضمانات لهم، وأيضا محاولة ربط الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص مع المرافق العامة للدولة وخضوعها للقانون المكتوب في الدولة.
ولأهمية هذا الموضوع وتأثيره في فئة الشباب الذين يعتبرون رجال المستقبل والعاملين على تغير البلاد نحو الأفضل، وكذلك اهمية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بجولة استطلاعية وطرحت السؤال على المختصين والخبراء والمسؤولين في هذا المجال، لمعرفة اسباب هذا التفضيل، وكان السؤال كالآتي:
لماذا يفضل اغلب الجامعيين العمل الحكومي على القطاع الخاص، وما اثر ذلك على ترسيخ الدولة الريعية؟
التقينا الدكتور (ايهاب علي النواب)، اكاديمي في كلية الإدارة والاقتصاد جامعة كربلاء، فأجابنا قائلا:
بصراحة يفضل الكثير العمل في القطاع الحكومي، وذلك بسبب توفر الضمانات التي تجعل من طبيعة العمل في القطاع الحكومي مستقرة كالرواتب والضمان الاجتماعي هذا من ناحية، ومن ناحية فأن ضعف القطاع الخاص وعدم استقراريه العمل فيه يرجح كفة العمل في القطاع الحكومي، فلو كان القطاع الخاص يقدم ضمانات كتلك المقدمة في دول العالم الاخرى لكانت الحالة معاكسة، فضلاً عن أن العمل في القطاع الحكومي دائماً ما يتصف بالروتين واللامهنية في كثير من مفاصله، وهذا ينسجم وطبيعة العامل في العراق في البحث عن فرص العمل السهلة والروتينية عكس ما هو موجود في القطاع الخاص، حيث المهنية والكفاءة والتخصص وهذا يتطلب المزيد من بذل الجهد والعطاء والتميز، وهو أمر قد لا تجده عند الكثيرين.
وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (علاء الحسيني)، اكاديمي في كلية القانون جامعة كربلاء، فأجابنا قائلا:
حملة الشهادات العليا كما بقية افراد الشعب متأثرين بثقافة العمل لدى الحكومة لعدة اسباب، اولها أن القطاع الخاص في العراق لا يزال يحبو ويتخبط في ظل عشوائية العمل التجاري والصناعي، وعدم وجود تنظيم قانوني محكم يضمن حقوقهم المستقبلية، ومن جهة اخرى حملة الشهادات العليا كأصحاب راس المال لا يحبذون المخاطرة ويفضلون القطاع الحكومي كونه يضمن لهم الحصول على امتيازات.
كذلك التقينا الشاب (حسين علي)، احد طلاب جامعة كربلاء المقدسة، فأجابنا بالقول:
يعزو تفضيل اغلب الجامعين العمل الجامعي وذلك لما يحتويه بعض الميزات عن القطاع الخاص، ونلاحظ ذلك من خلال وجود راتب تقاعدي يتم استلامة بعد نهاية الخدمة والمد المحددة، وهذا ما يطمح الية الجامعيين في مستقبلهم، وتكون احد ابواب المساعدة عند كبر سنهم، وهناك ميزات اخرى في العمل الحكومي ولكل منها تعتبر سبب في تفضيل الجامعيين، وكذلك يفكر هؤلاء الاشخاص في عمل ضمن قانون ومدة محددة وتشريعات تهتم به، وهذا ما يتواجد في القطاع العام من نصوص تشريعية تحمي الموظف وترتب عملة ويحتوي على الضمانات المهمة، على الرغم من هذه الميزات نرى ان القطاع العام محدود شكليا وعددا عكس ما موجود في القطاع الخاص، لذا من اهم التوصيات للحكومة ربط القطاع الخاص بالدولة، أو وضع قوانين مشابه من حيث العقوبات والزيادات والتخصيصات، توفير مقاعد لأصحاب الكفاءات والشهادات العليا.
ضمانات العمل الحكومي
وأجابنا الأستاذ (حامد الجبوري)، ماجستير ادارة واقتصاد، قائلا:
هناك ثلاثة أسباب تقف وراء تفضيل العمل الحكومي على القطاع الخاص ويمكن إيجازها بالآتي:
- الضمان الاجتماعي: إن الباحث عن العمل يضع في حسبانه خاتمته أي عندما ينتهي عقد عمله كيف سيعيش؟ خصوصاً وإن طاقته وقدرته على العمل اصبحت في أدنى نقطة, ولذا لابد أن يبحث عن عمل تتوفر فيه سمة الضمان الاجتماعي حتى يستقر ويطمئن بخصوص مستقبله, وبما إن العمل في القطاع الحكومي تتوفر فيه سمة الضمان الاجتماعي لذلك يلجأ الجميع للعمل في القطاع الحكومي بعيداً عن القطاع الخاص.
- فوارق الاجور: في ظل هيمنة الدولة على الاقتصاد في البلدان الريعية, ففي الغالب تكون اجور القطاع الحكومي وبالخصوص القطاع الريعي ذا أجور مرتفعة، فيلجا أغلب العاملين للعمل في القطاع الريعي رغبة بالأجور المرتفعة
عدم التقيد, إن العمل في القطاع الخاص ليس كما هو في القطاع العام, لان صاحب القطاع الخاص يكون اكثر تقيداً وانضباطاً وذلك من اجل نجاح مشروعة وتحقيق الارباح، وهذا يتطلب الالتزام بضوابط العمل الخاص بالإضافة إلى إنه يتطلب خبرة معينة، وهذا ما لا يتوفر لدى العامل، وفي نفس الوقت أن القطاع الحكومي لا يتطلب هذه الخبرات في البلدان الريعية، فضلاً عن مرونته الكبيرة وعدم التقيد بضوابطه, هذه الاسباب تدفع العامل للجوء للقطاع الحكومي والابتعاد عن القطاع الخاص.
وأخيرا التقينا الدكتور (خالد العرداوي)، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء، دكتوراه في العلوم السياسية، فأجابنا بالقول:
أن تفضيل العمل الحكومي من قبل الجامعيين ليس أمرا مقتصرا على أفراد هذه الفئة من المجتمع، إنما هو أمر يشاركهم فيه جميع الفئات الأخرى في المجتمع، وذلك لأسباب عدة منها:
- أن العمل الحكومي أكثر ضمانا واستقرارا من العمل في القطاع الخاص من الناحية النفسية والقانونية.
- عدم وجود قطاع خاص فاعل وناشط بطريقة ملفته فيما يتعلق بالجودة والامتيازات في جميع مفاصله وفي قطاع التربية والتعليم بشكل خاص.
- معظم ظروف العمل في القطاع الخاص تكون بطريقة التعاقد وليس التوظيف الدائم، وهذا يرفع مستويات المخاطرة وعدم الاطمئنان.
- معظم القروض وآليات البيع بالتقسيط حتى في القطاع الخاص لا تقبل التعامل إلا مع موظف حكومي وتعد التعامل مع الموظف غير الحكومي مخاطرة يجب تجنبها.
- تعسف الإدارات والمستثمرين في القطاع الخاص عند التعامل مع منتسبيهم، وقد لمسنا ذلك بالدليل عندما تعاملنا كنقابة للاكاديميين مع زملائنا في القطاع الخاص فاخبرونا أنهم يعانون كثيرا لدرجة أن بعظهم اضطر لتقديم استقالته احتجاجا على ظروف العمل.
ومن خلال ما تقدم، تجد أن جميع أفراد المجتمع لا يحبون التعامل مع القطاع الخاص ويفضلون القطاع الحكومي عليه، ومنهم الاكاديميون، أما تأثير ذلك على ريعية الدولة، فإن ذلك هو اصلا نتاج الدولة الريعية، ومحدودية القطاع الخاص، وضعف جودته، وحرص القائمين عليه على الربح السريع بصرف النظر عن معايير الجودة العالمية.
اضف تعليق