q
كثر الحديث عن لجان المشتريات التي يعتبرها البعض أحد جذور الفساد المالي والاداري، ويطالبون بإلغائها، والبعض الآخر يؤيدها ويسعى الى بقائها، حيث نلاحظ تعدد ملفات الفساد في المحاكم بخصوص هذه اللجان، مع وجود شهود من المواطنين والموظفين على ما يقومون به من عقود وصكوك كاذبة وبعيدة عن الحقيقة، بهدف سرقة الأموال...

كثر الحديث عن لجان المشتريات التي يعتبرها البعض أحد جذور الفساد المالي والاداري، ويطالبون بإلغائها، والبعض الآخر يؤيدها ويسعى الى بقائها، حيث نلاحظ تعدد ملفات الفساد في المحاكم بخصوص هذه اللجان، مع وجود شهود من المواطنين والموظفين على ما يقومون به من عقود وصكوك كاذبة وبعيدة عن الحقيقة، بهدف سرقة الأموال.

وقد تكون الاسباب والتدخلات في هذه اللجان عديدة ومستشرية، ويتمثل سبب هذا الفساد في جانبين الاول رؤساء اللجان، حيث يقومون بعقد الصفقات المزورة مع الشركات، واخذ الرشوة والعمولات منها، ومن جانب اخر عدم تواجد مفتشين يعملون بشكل سليم بعيدا عن المحسوبيات والعمولات واعطاء التقارير بشكل زائف.

ولأهمية هذه الموضوع في انتشار الفساد المالي والإداري، وضياع خيرات البلاد، لذا قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، باستطلاع آراء بعض المختصين بهذا الشأن، ومن يهمه الأمر أيضا، وكان السؤال كالآتي:

- هل ساهمت لجان المشتريات في زيادة الفساد أم الحد منه؟

التقينا المستشار الدكتور (عز الدين المحمدي)، رئيس مؤسسة الفكر الانسان للإعلام والثقافة والقانون، دكتوراه في القانون الجنائي، وباحث واكاديمي، فأجابنا قائلا:

من نافلة القول أن الوظيفة العامة في العراق نظمها قانون الخدمة المدنية لسنة 1960 ولجنة المشتريات من الاجراءات الوظيفية في كل وزارة ومؤسسة غير مرتبطة، بوزارة وفي كل الوحدات الادارية والدوائر، بغية اشراك مجموعة من الموظفين في لجنة المشتريات التي هي المسؤولة والمختصة في شراء، والتعاقد لكل ما تحتاجها الدائرة من المواد بمختلف انواعها وقيامها ومستوياتها، ولكن بعد 2003 استشرى الفساد المالي والاداري من خلال لجنة المشتريات، فأصبحت لجنة المشتريات بؤرة الفساد في كثير من مؤسسات الدولة للأسف، فنرى أن مدير الدائرة يشكل تلك اللجان من الموظفين الموالين له شخصيا، ويكون له السطوة على هؤلاء الموظفين، وكذلك تكون له نسبة من المبالغ التي يتم استقطاعها أو اضافتها على مبالغ الشراء باسعارها الحقيقية، لربما تصل احيانا ضعفين لسعرها الرسمي أو الفعلي، وهذا السلوك من الموظفين الفاسدين قد اشرك التجار واصحاب المحلات في عملية الفساد واختلاس الاموال، بحيث أن اصحاب المحلات بدئوا يعرفون جيدا ماذا يريد اعضاء لجان المشتريات للدوائر الرسمية، لان الموظفين الشرفاء والنزيهين اذا كانوا موجودين في بعض لجان المشتريات وعندما يرفضون الاشتراك في هذا الفساد المستشري يتم ابعادهم عن تلك اللجان بآخرين يشتركون بالفساد، أو يتم احالة هؤلاء الشرفاء الى اللجان التحقيقية الادارية بتهم ملفقة فيها مثل تهم رشوة او اختلاس او هدر الاموال العامة، اذن بهذه الطريقة تبقى اغلب تلك اللجان فاسدة، وباتت لا تشكل وسيلة للمحافظة على الاموال العامة وحسن اداء دورها للأسف والمرجوة من تشكيلها ووجودها في الدوائر والمؤسسات، ونحن في كثير من مؤتمرات عن مكافحة الفساد المالي والاداري كانت من توصياتنا الغاء لجان المشتريات بآليات اخرى تتم تحت الرقابة المشددة، لتقويم هذا السلوك المنحرف في دوائر الدولة والمحافظة على اموال العامة، ونلاحظ هناك قضايا كثيرة بل اكثر القضايا امام محاكم الجزاء وخاصة محاكم التحقيق لهيئة النزاهة هي قضايا فساد من لجان المشتريات، وقد ساعدت مكاتب المفتشين العموميين استشراء الفساد في مفاصل الدولة، وخاصة في اقسام العقود والدائرة القانونية ولجان المشتريات.

وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (قحطان حسين)، اكاديمي في كلية العلوم السياسية جامعة بابل، فأجابنا قائلا:

تشكل لجان المشتريات في كثير من دوائر الدولة، مصدر للفساد والحصول على الأموال بغير وجه حق، فاستغلال هذه الجان من قبل رؤسائها واعضائها بشكل سيء، وبطريقة تؤدي إلى سرقة المال العام، حيث جعلت منها مصدرا للفساد وهدر للمال العام، واصبح من المتعارف علية أن كل من يترأس لجنة المشتريات فهو منغمس في الفساد والسرقات، ورغم أنه لا يصح التعميم، لكن أغلب لجان المشتريات خاضعة لأساليب المساومات والابتزاز، وكسب العمولات بطريقة مخالفة للقوانين، وعاده ما يتم الاتفاق بين رئيس الدائرة ورئيس لجنة المشتريات للتلاعب بالأسعار ورفع قيمة السلع المشتريات عن القيمة المدفوعة من أجل سرقة الزيادة المتحققة ما بين فرق السعر الحقيقي والسعر المسجل بوصولات الشراء، ولذلك تشكل انطباع عام أن كل لجان المشتريات هي حلقة من حلقات الفساد.

وأجابنا الأستاذ (غزوان المؤنس)، كاتب صحفي، قائلا:

تعددت أشكال الفساد في العراق بين الفساد السياسي والمالي والإداري والتي أوصلت البلاد الى الهاوية، والسبب يعود الى هيمنة الأحزاب السياسية الحاكمة على المشهد السياسي في البلاد، حيث أفرزت المتغيرات التي حصلت في العراق بعد سقوط النظام الى ظهور هيئات ولجان تعمل لصالح تلك الأحزاب كونها من نتاج تلك الأحزاب السياسية، ومن هذه الإفرازات ظهور لجان المشتريات في وزارات ودوائر الدولة والتي يتم اختيارها وفق للميول والمصالح والتبعية للأحزاب، وعندما نتحدث عن لجان المشتريات في الدوائر والوزارات نجدها حالة صحية في الدول المتقدمة كونها تعتمد على اختيار الأكفاء وأصحاب الخبرات المتراكمة، ويكون مختصا من الجوانب المصرفية والإدارية، ويتضمن شخصيات من عدة جهات رقابية يمتلكون القدرة والكفاءة لتفتيش ولتدقيق جميع المواد المجهزة لأصغر مديرية في دوائر الحكومة بغية الابتعاد عن حدوث سرقات بعناوين مختلفة.

إما في العراق الجديد الذي أنتجت تجربته السياسية الحديثة تشكيل لجان مشتريات في جميع الوزارات والدوائر الحكومية، وأن جميعها تشكل او يتم اختيار شخصياتها عن طريق الأحزاب الذي ينتمي إليه الوزير كونه اللجان الاقتصادية التي تملكها الأحزاب بحاجة الى أمول طائلة لدعم أحزابها، إضافة الى سيطرة شخص متنفذ يكون مدعوما من لجنة المشتريات ويقوم بعمليات فساد متنوعة من خلال الوصولات المزورة التي يكتب فيها أمول كبيرة تخالف الأسعار الحقيقية الموجودة في السوق المحلي أو العالمي، وهذا الأمر أصبح واضحا إمام الحكومة والشعب العراقي كون الموضوع أصبح متفشي في دوائر الدولة برمتها، وهذا يتطلب من الحكومة او الجهات المعنية في مكافحة الفساد الى وضع قوانين صارمة للحد من هذه الظاهرة التي تهدر أمول كبيرة بصفقات فساد وإيقاف النزيف المالي، وكونها مشروع فساد كبير وخطير ونحن في أمس الحاجة الى تقنين الصراف في ظل إتباع سياسية والتقشف التي فرضتها الحكومة.

واخيرا التقينا الدكتور (علي حسين يوسف)، مشرف اختصاصي دكتوراه فلسفة لغة، أجابنا قائلا:

أعتقد بأنها ساهمت لأني وبحسب معلوماتي، أن تلك اللجان لم تؤسس على أساس الكفاءة بل كانت عوامل أخرى تتحكم في تأسيسها مثل الحزبية والمحاباة والمحاصصة، ودليل اسهامها نراه في السوق العراقي، الذي تدني من الناحية النوعية إلى مستويات واطئة، وأعتقد بأن المعيار يفترض أن يكون الخبرة والاختصاص والخدمة، أما الحل الأخر هو انها عمل هذه الجان واتخاذ طريقة اخرى تكون اكثر نزاهة، والتعامل مع شركات والدولة بشكل مباشر أو غير مباشر.

اضف تعليق