تعد الطاقة الكهربائية، على النطاقين المحلي والعالمي، احد ابرز العوامل المحركة لعجلة الإنتاج والتنمية الاقتصادية، والاستخدامات المنزلية والأنشطة المجتمعية الأخرى، وفي الغالب تتبنى وزارة الكهرباء رسم منهجيتها لتطوير إنتاج الطاقة الكهربائية، من خلال خصخصة جباية الكهرباء، فالخصخصة هي أجراء اقتصادي يعني بمفهومه الأول بيع قطاعات حكومية للقطاع الخاص، وتوجد في الخصخصة سلبيات وايجابيات.
ومن ايجابيات خصخصة الكهرباء هي خلق جو تنافسي لتقديم الخدمة بأفضل صورها والابتعاد عن الفساد الإداري، وتفرغ مؤسسات الدولة لإنجاز مهام أكبر، والتخلص من بطء الإجراء الحكومي وصعوبة التطوير فيه، فالقطاع الخاص يسهل اتخاذ القرار فيه وهو أسرع في الإجراءات، وأكثر رغبة في التطوير، لأن التطوير يعطي أرباحا أكثر ويحقق موارد مضاعفة، وهذا هو هدف القطاع الخاص، وأيضا ترشيد الاستهلاك، ومعالجة الإسراف والتبذير في الطاقة الكهربائية، والقضاء على مشكلة التجاوز على الشبكات الكهربية من العشوائيات وغيرها، وزيادة الإيرادات، وتسريع وتنظيم وتطوير آليات الصيانة والتأهيل والإدارة، وبالتالي إذا ما تم تطبيق ذلك في العراق سيمثل قفزة في حل مشكلة الكهرباء بالعراق.
أما النتائج التي تتمخض عن هذا السياق الاقتصادي، فهي فقدان الدولة لمركزيتها وقد يشكل ذلك تهديدا لأمنها، ووجود فرص كبيرة للفساد المالي، وارتفاع كبير في أجور الخدمة الكهربائية، وممكن أن تكون هذه الطريقة غير نافعة من خلال عدم وجود تحسن فيها، وضعف تأثير هذا القطاع في معالجة أصل المشكلة، ولوجود نسبة فساد كبيرة في العراق فإن المستثمر في الخصخصة، سيكون صاحب الصوت والسلطة الأقوى، والمستهلك لن يكون له أي دور، مع عدم وجود قوانين ومؤسسات وثقافة حقيقية تحميه، وأيضا تقليص فرص العمل في القطاع العام بعد التوجه نحو خصخصته.
كيفية التخلص من سلبيات الخصخصة
لتجنب هذه السلبيات، تقوم الدول بتأهيل أجهزة حكومية مدرَّبة وقوانين رقابية صارمة، وتعطي مساحة كبيرة لحقوق المستهلك، عبر تشريعات جيدة وفاعلة مع أهمية تثقيف وتصنيف لنوع المستهلك، ومستواه الاقتصادي، ويسبق تطبيق الخصخصة حملة إعلامية للتثقيف بها، ومناقشة تفاصيلها وقد يصار إلى تعديلات فيها أو رفض لها
ولتغطية الموضوع بشكل اكبر، ولأهميته في حاضر ومستقبل المجتمع، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بجولة استطلاعية لطرح التساؤلات على الجهات المعنية ودوائر الكهرباء والمواطنين والمسؤولين، وكان السؤال الأول:
- هل أنت مع خصخصة الكهرباء أم لا، ولماذا؟
معرفه رأي المواطنين في خصخصة الكهرباء
التقينا بالمواطن (علاء حسن، 34 سنة)، وهو رب عائلة تتكون من أربعة أشخاص، وأجابنا قائلا:
إن خصخصة الكهرباء هو الحل الأمثل، للتخلص من مشكلة الكهرباء، لكن هذا الأمر يقع على الدولة والمواطن أيضا، وربما تقصر الدولة في حق المواطن بسبب كثرة الفساد، أما الأخير فتقع عليه مسؤولية في تأسيس وتفاقم هذه المشكلة وهي غياب ثقافة الترشيد في استهلاك الكهرباء وهو جزء من معطيات غياب ثقافة المواطنة، حيث يتم اقتناء الأجهزة الكهربائية بشكل مسرف ومفرط، وأيضا عدم دفع أجور فواتير الكهرباء وهذا يؤثر على ميزانية الدائرة، أما في خصوص خصخصة الكهرباء، فهي تعمل على ترشيد الكهرباء بشكل مثالي، وهي تمثل خطوة أفضل من أصحاب المولدات، وقد تم تجربة هذه الطريقة في دول كثيرة، ونجحت مع مساعدة المواطنين، وكذلك وضع رقابه وموظفين يبتعدون عن الفساد الإداري والمالي، ويجب على المواطنين الأخذ بنظام الخصخصة والموافقة عليه، لأنه يمثل حلا نهائيا لمشكلة الكهرباء في العراق.
والتقينا أيضا بالمواطن (أبو حسين) من محافظة كربلاء المقدسة فقال في معرض إجابته:
إن طرح مشروع الخصخصة يعد في غاية الأهمية، وهنا نكون أمام طريقين، الأول الأخذ به بشرط تقليل الأسعار ومراعاة القدرة الشرائية للمواطن، مع أهمية توفير الطاقة بشكل جيد وبأوقات أكثر من السابق بما يجعلها متاحة بشكل دائم، ووضع رقابة على أصحاب المشروع، وكذلك محاسبة الجميع دون تمييز، مع الأخذ بمراعاة المحتاج والفقير، ومحاولة وضع قوانين ناجحة ومطبقة على هذا المشروع، أما إذا كانت خصخصة الكهرباء تؤدي الى أسعار مرتفعة، تثقل من كاهل المواطن فهذا غير مقبول، لذا علينا تجربة خصخصة الكهرباء ونرى هل هي صالحه لتبقى أم سيئة وتلحق الأذى بالمواطن فحينها يجب أن يتم إلغائها.
مواطنون يرفضون خصخصة الكهرباء
وكذلك التقينا بالأستاذ (علي الجبوري)، من كربلاء المقدسة فأجابنا قائلا:
إن أزمة خصخصة الكهرباء تؤكد عجز الحكومة عن معالجة هذا الملف الخدمي الأهم، فيما تحاول الدولة إلقاء عبء هذا الملف على المواطن في المحافظات الجنوبية، وذلك بعدم قدرتها على إنجاح مشروع خصخصة الكهرباء، مع العلم أن المحافظات الجنوبية العراقية، تعاني كثيراً من عدة أزمات منها البطالة والفقر، وأن المواطن غير قادر على تكاليف مشروع خصخصة الكهرباء حتى لو كانت فيها زيادة بنسبة قليلة.
وأضاف الأستاذ الجبوري: إن قضية خصخصة الكهرباء غير واضحة لدى الرأي العام، والجانب الأهم يتعلق بكيفية تواجد قطاع خاص وسط عجز حكومي لتأمين وحماية هذا القطاع الحيوي، علما أن القطاع الخاص في العراق يخضع لهيمنة الأحزاب السياسية المتنفذة.
والتقينا بالدكتور (نصير المعموري/ كلية الهندسة كهرباء/ جامعة بابل، فعلّق حول هذا الموضوع:
في الواقع لم يقدم مشروع خصخصة الكهرباء توضيح لكيفية جباية الأسعار، والتي لازالت إلى الآن غامضة حتى على كبار المسؤولين والمختصين، ولكي تثبت الوزارة بأن المشروع مفيد للمواطن، وغير ضار له في الدخل، وتوفير الكهرباء، عليها أن تعرض التكلفة المالية الكلية للمنزل بعد تطبيق الأسعار بحسب طبيعة استخدام المنزل من الأجهزة، وهناك تقصير في عرض صيغة الخصخصة، فالجهة المعنية لم تقم بأي عمل إعلامي توضيحي، يتناسب مع حجم الحدث، بل هي حاولت ولازالت تسويق الموضوع بطريقة وهمية على إنه ليس بخصخصة، وهذا أما توهم أو كذب متعمد على المواطن فكل الكتب وكل المواقع الاقتصادية بل وكل الاقتصاديين المختصين لو عرضت عليهم الأمر لقالوا لك إنها خصخصة جزئية أو خصخصة إدارية، فالخصخصة لا تعني فقط بيع الأصول.
وأضاف الدكتور المعموري: لا يوجد أي ضمان في العقد، لتشغيل الكهرباء 24 ساعة، وإنما يوجد تخمين بأن رفع الأسعار والتجاوزات سيقلل نسبة الاستهلاك بمقدار 20%، وعندها ممكن أن تكون هناك كهرباء 24 ساعة، كما أن الديون ولا ترشيد الاستهلاك والتجاوزات هي مشكلة الكهرباء الحقيقية، على الرغم من أن كل ما ذكر، هي مشاكل فعلية تتطلب معالجة، أما مشكلة الكهرباء الحقيقية بحسب رأينا فهي تكمن في الفساد الإداري والمالي في هذا القطاع والجهات المعنية به، إذ نتج عنه صرف مليارات الدولارات، دون الوصول إلى إنتاج طاقة كافية وشبكات متينة تغطي البلاد كلها، فالنسبة الأكبر من الديون حكومية وليست ديون مواطنين، وترشيد الاستهلاك غير منطقي، مع عدم توفر الكهرباء 24 ساعة، والتجاوزات سببها بيروقراطية الإجراءات الحكومية، وغياب المحاسبة وعدم وجود الكهرباء بشكل مقنع، فالحل يجب أن يبدأ بزيادة إنتاج الطاقة، لنصل لمستويات تسمح بتوفير كهرباء 24 ثم نبدأ بمعالجة باقي المشاكل وليس العكس.
اضف تعليق