يتميز العراق بثرواته الطبيعية المتنوعة مما يجعل منه منتميا للبلدان الغنية، إلا أن هذه الثروات غير مستغلة بالشكل الأمثل، وبالشكل الذي يحقق المستوى المعيشي الجيد على الأقل، إن لم يكن تحقيق الرفاهية لشعبه، وكل ذلك يعود إلى سوء إدارة شؤون البلاد من قبل الجهات المعنية، وعدم قدرتهم على حل مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية، والى النظام المقيت لإدارة شؤون البلاد الاقتصادية والسياسية.
ولكون السلطة قائمة على نظام تقاسم السلطة بين المكونات والأعراق والطوائف، لذلك عجزت الحكومات التي تعاقبت على الحكم منذ نيسان 2003 عن إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل البلاد، وهي كثيرة ما أدى إلى اتساعها وعمقها وتحولها إلى أزمة لنظام الحكم، تجلت مظاهرها في غياب الرؤى والاستراتيجيات البعيدة، وفي الخلل الكبير في تطبيق مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، وما يترتب على ذلك من استبعاد العناصر ذات الكفاءة والمؤهلات الجيدة.
مع تفشي الفساد والبيروقراطية والترهل في أجهزة الدولة والى شللها، ومن الظواهر الاقتصادية التي يمكن تلمسها في العراق بشكل واضح ظاهرة البطالة، فالعاطل عن العمل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ولكن دون جدوى، وتعني ظاهرة البطالة العجز عن إيجاد فرص عمل مناسبة للحصول على دخل ذي مستوى معيشي لائق، فلكل شخص الحق في العمل وحرية اختياره كما أن له حق الحماية من البطالة، والعمل ليس فقط لزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته، بل هو حق من حقوق الإنسان وتلبية لحاجاته الأساسية.
وفي ظل المعاناة التي شهدها المواطن، جراء التغيرات الاقتصادية في العراق خلال السنوات الماضية، بدأت الحكومة في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات المالية والاجتماعية، تهدف إلى تحسين حياة المواطن ومساندة محدودي الدخل، وفي مقدمتها زيادة الدعم وإصلاح منظومة التأمين الصحي، عبر مشروع الموازنة العامة للدولة، وهناك طرق جديدة لجعل المواطن في وضع أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي، فقد تم اختيار جدول لطرح الأفكار المدرجة في كافه المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
ولمعرفه الحلول المناسبة وإحداث التغيير في سلم المستوى المعيشي للمواطن، وطرح ومناقشة بعض فرص التطور والتخطيط لتحسين الاقتصاد وزيادة فرص العمل، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، بجولة استطلاعية لطرح بعض التساؤلات المتخصصة على المختصين، وأصحاب الشأن، لتوضيح المقترحات والحلول والعمل عليها بوجه صحيح، كي يتم الارتقاء بالمجتمع أكثر فأكثر، وتفعيل التطور وتحسين المستوى المعيشي لجميع العراقيين.
وكان السؤال الأول: (كيف يمكن تحسين المستوى المعيشي للمواطن العراقي)؟
وأجابنا عليه مشكورا الدكتور (أيهاب علي النواب) المتخصص في الإدارة والاقتصاد، قائلا:
إن مسألة تحسين وضع المواطن العراقي، لها عدة تفرعات فإذا كان الهدف كمّي مثل القضاء على البطالة وما شابه، فإن الحل يكمن في تطوير القطاع الخاص ودعمه، ليكون قادرا على احتواء كافة الأيدي العاملة العاطلة عن العمل وفي المجالات كافة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إذا كان الهدف نوعيّاً أي تحسين نوعية المستوى المعيشي، فهذا يتم من خلال تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطن وبشكل يتناسب مع دخله الشخصي كخدمات الصحة والتعليم والنقل الخ، وهذا يتم من خلال تنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبواسطة منظومة التخطيط الاستراتيجي الناجح التي تكفل تحقيق هذا الهدف.
كيف تزداد القدرة الشرائية للمواطن؟
وطرحنا السؤال نفسه على الأستاذ (عقيل عبد الرزاق/ ادارة واقتصاد/ جامعة كربلاء المقدسة)، فأجابنا قائلا:
يتم تحسين الوضع المعيشي للمواطن من خلال زيادة دخله وقدرته الشرائية، وهذا يحصل عند توفير فرص العمل في القطاع العام والقطاع الخاص، وإعطاء القروض لكي يقوم الفرد بإنشاء المشاريع الصغيرة أو المتوسطة، ضمن اختصاصات متعددة، وتكون هذه القروض طويلة الأجل للمقترض وذات فائدة قليلة، ومن جهة أخرى يتم إصدار التعليمات الإلزامية، من قبل الحكومة لشركات الاستثمار الأجنبي الداخلة للعراق، بأن توفر نسبة تزيد على 65% من الوظائف للأيدي العاملة العراقية، من خلال العمال والمهندسين والإداريين وباقي الاختصاصات المتنوعة.
فيما أجابنا الكاتب الأستاذ (مهدي نعمه علي) متخصص بالتاريخ، قائلا:
قبل الإجابة عن الموضوع بشكل مباشر، اعتقد علينا توضيح الصورة الذهنية الراسخة في تصورات المجتمع، وهي خاصة بأسلوب تعاطي الأمور وزاوية النظر لها، حيث أن الغالبية العامة من أفراد المجتمع تنتظر توفير العمل من قبل الدولة لها، عن طريق التعيير الحكومي، وهذا حق من الحقوق لا شك فيه، لكن الخلل يكمن في كيفية إدارة الموضوع ذاته حيث يختلف من حكومة لأخرى ومن عصر لآخر، كيف؟؟: هناك شيء يسمى (فلسفة الدولة)، وهذا عادة ما تفرضه المرحلة ومتطلباتها وفق المعايير الموضوعة وحجم الحاجة المفترضة في إطار التخطيط المركزي.
وبما أن (فلسفة الدولة)، اليوم مبنية على قواعد استقطاب النوادر من التخصصات وهم القلة عادة في المجتمع نتيجة تخصصاتها، التي غالبا ما تكون مبنية على قدرات من الذكاء خاصة فان الحصول على منافسة يصعب جدا، لذلك يتوجب على المجتمع أن يقوم بتغيير استراتيجياته وطرائق تفكيره وتعاطي مع الأمور، ومنها التعيين واختيار التخصصات والوظائف بما يتلاءم والعصر الراهن والمرحلة السائدة، من خلال التركيز على محاولة تفهم ماذا نحتاج إلى المستقبل من تخصصات، وما هي الأوفر حظا منها وكيف يمكن الحصول على وظائف القطاع الخاص في محيط تتضاءل فيه، فرص التعيين الحكومي وتتسع بالمقابل فرص التعيين الأهلي.
هذا من جانب، ومن زاوية أخرى نكون اليوم بحاجة أكثر في تكوين المشروعات الصغيرة ذات الأبعاد الاستثمارية المستقبلية، كونها تمنح حجم التفاؤل واتساع اكبر في الأيام القادمة، وكذلك يمكن العمل من جانب آخر، وهو الخاص بتقنين عمليات الاستهلاك غير المبرر للأمور ذات الأهمية الثانوية - وتقديرها يختلف من شخص لآخر، وبالتالي تعويض الفائض من النقود في أبواب أكثر أهمية في تحقيق مسألة الإشباع، هذا فضلا عن دور الدولة ومؤسساتها الاقتصادية في السيطرة على (التضخم) في أسعار وقيام السلع والخدمات المعروضة، من خلال بناء مساحة تعويضية وطنية للإنتاج، تمكنها من فرض المنافسة للسلع المستوردة.
كذلك قيام الدوائر المالية بمنح قروض ميسرة للعمل وبفوائد مخفضة، من اجل أعانه المشاريع الناشئة لوقوف على قدميها، خاصة في المراحل الأولى للإنتاج، وإن تنوع أبواب العمل الاقتصادي على قطاعات العمل المختلفة، وان لا تقتصر على الجانب الصناعي مثلا وتهمل قطاع الزراعة أو السياحة أو النقل والموضوع ذو جنبه اقتصادية واسعة ويصعب تغطيته بهذه العجالة.
دراسة نسبة الفقر بصورة دقيقة
أما الدكتور (نزار الغانمي) تدريسي أكاديمي في كلية القانون/ جامعة كربلاء المقدسة، فأجابنا عن السؤال نفسه قائلا:
بخصوص تحسين المستوى المعيشي للفرد أو المواطن العراقي، يتم ذلك عن طريق جملة من الأمور وكما يلي:
- دراسة واقع كل محافظة وتحديد نسبة الفقر فيها، وكما يعلم الجميع هناك محافظات تعاني من نسب عالية في خط الفقر، وخاصة المناطق والمحافظات الجنوبية لأسباب مختلفة.
- معالجة حالة البطالة لدى الشباب وخاصة الخريجين، عن طريق منح قروض أو سلف بفوائد رمزية لتحسين واقعهم المادي، في إنشاء مشاريع صغيره.
- تفعيل مقترح المواطن دولار كما هو الحال في دول الخليج.
- تفعيل دور الرعاية الاجتماعية، عن طريق المساعدات والمنح المالية لكل من يستحقها.
- تشجيع الدولة للقطاعين الصناعي والزراعي وتقديم الدعم اللازم لهما.
أما الكاتب الأديب (طالب الظاهر)، فأجابنا بالتالي:
رغم إن العراق يعد من البلدان الغنية جدا لامتلاكه خامس أكبر خزين من النفط الخام في العالم، وأيضا يمتلك من الأراضي الصالحة للزراعة وبمساحات واسعة جدا، ونهرين عظيمين دجلة والفرات إضافة إلى كونه يعد بلدا سياحيا خاصة السياحية الدينية، منها إذ يدخل البلد سنويا ملايين الزوار من العرب والأجانب، إلا إن من المؤسف هناك نسبة عالية من مواطنيه ما يزالون يرزحون بمستوى معيشي متدن رغم مضي سنوات عديدة على تغير نظام الحكم الدكتاتوري المستبد، واستلام الحكم من قبل سياسيين وحكام يعدون أنفسهم مضطهدون سابقاً.
وحيث لازالت مشاريع البلد الصناعية والزراعية متوقفة، ويعتمد في ايراداته على النفط فقط. و بشكل رئيسي يعتمد على الاستيراد في جميع احتياجاته حتى الزراعية. وهذا عامل رئيسي في توقف عجلة التطور والنمو الاقتصادي في الحياة الاجتماعية، وبالتالي هذا ينعكس سلبا على دخل المواطن العادي ويؤدي الى انخفاض مستوى حياته المعيشية.
أما كيفية المعالجة لمثل هذا الوضع المتردي فأعتقد من خلال التشجيع والدعم الحكومي الكبير للمواطنين وتحديدا للقطاع العام للقيام بمشاريع حيوية سواء في الجانب الصناعي أو الزراعي إضافة لمشاريع الدولة طبعا بفتح باب الاستثمار وغيره لتحريك عجلة الاقتصاد والإنتاج المحلي، وستأتي هذه الخطوة بمردودات كبيره لعل قسم منها ينحصر بالآتي:
أولا: استيعاب نسب البطالة المرتفعة بين الشباب.
ثانيا: تحسين المدخولات الفردية للمواطنين.
ثالثا: التقليل من المشاكل الاجتماعية بين الشباب.
رابعاً: التقليل من صرفيات الاستيراد وخروج العملة الصعبة.
اضف تعليق