q

إن مما لا يختلف فيه اثنان، ما تؤديه الأفلام الأجنبية والعربية، من دور فعال ومؤثر في توجيه المجتمعات بصوره عامه والشباب بصوره خاصة، والتأثير عليهم في مجمل قضاياهم المختلفة، في العقائد والأخلاق والسلوك والسياسة والاقتصاد، حيث احتلت الأفلام ومضامينها حيزاً كبيراً في حياتهم اليومية، لدرجة أن الشباب لا يستطيعوا الاستغناء عن مختلف الأفلام التي تعرضها القنوات الفضائية أو دور السينما، وصارت متابعتها جزءاً من تركيبة حياتهم ونظامهم.

إن من يرى واقعنا اليوم، يجد عشرات بل مئات الأفلام، التي توجه وتدير رؤوس مكونات المجتمع العراقي، وخصوصا فئة الشباب والمسلمين منهم على وجه التحديد، مع أن كثيرا من هذه الأفلام لا تخدم قضايا الأمة على الوجه المطلوب، بل أنها تتجاهلها، وبعضها يتعمد الإضرار بالدين والعرف والقيم، من خلال ما تبثه تلك الأفلام من أفكار ثقافية شوشت عقول الشباب العراقيين.

ربما يكون الكلام عن هذه الظاهرة ومضمونها اليوم، من الظواهر ذات الأهمية الكبرى، لما لها من مقومات قد قلبت حقيقة الأسس التي تقوم عليها حياة المجتمعات الإسلامية، إن التواصل مع هذه الأفلام تحمل معها سلبياتها وايجابياتها، وما يهمنا هنا هو كشف الجانب المسيء منها حتى نتجنبه ونتحاشاه، بعد الوقوف قدر الإمكان على أفكارها ومضامينها الخطرة.

من سلبيات الأفلام تلك الأفكار التي تستهدف الأخلاق، من خلال بث السموم الفكرية الداعية إلى الزلل والانحراف، ومنها ما تسبب انهيار البنية الأخلاقية للأسرة من خلال عرض أفلام الخيانة، والجريمة، والعنف، والتبرج الفاحش المثير للشباب، وأيضا وجود (أفلام فاضحة) تشكل خطراً على القيم الأخلاقية والدينية للشباب المسلمين، فهي لا تقل خطورة عن الأنواع الأخرى للأسلحة المدمّرة، وهدفها واحد هو الابتعاد عن القيم والأخلاق، وتستهدف كل من يسعى للحفاظ على تقاليده وعاداته، من أجل جني ملايين الدولارات على حساب تدني أخلاق المجتمع والشباب.

العنف في اللقطات المثيرة

ومن سلبيات الأفلام السينمائية العنف المتواجد في عروضها، فقد بدت هذه الثقافة واضحة من خلال تجسيدها في بعض اللقطات المعروضة في الفضائيات، وهناك العديد من الأفلام التي تحمل في طياتها العنف، والذي من الممكن أن يؤثر في شكل كبير على المشاهد وخاصة المنهمك بكثرة مشاهدة أفلام العنف، حتى برامج الأطفال وأفلام الكارتون فهي لا تخلو من العنف الذي ينقل للأطفال صورا مشوشة ومملوءة بالعنف، والأفعال السلوكية العنيفة.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، بجولة استطلاعية حول هذه الظاهرة لمعرفه أسبابها وسلبياتها، ومحاولة التقليل من تداعياتها على المجتمع، فتوجهنا بتساؤلات إلى عدد من المختصين، ومن يهمهم الأمر وأصحاب الشأن.

هل أن الفلم السينمائي يبرر السلوك المنحرف ويؤدي إلى الاضطراب في القيم الأخلاقية؟

أجابنا الدكتور (عبد الرضا السعدي/ علم نفس) قائلا:

إن السينما ذات أثر مباشر في الانحراف، عن طريق التقليد والمعاكسات للأفلام البوليسية، والمغامرات التي تمجد الجريمة ومخالفة للقانون.

وتوجها بالسؤال التالي الى أحد الشباب، أي نوع من الأفلام تفضل (الأكشن) أو الدراما أو الأفلام الكوميدية، وهل تعتقد أن الأفلام تؤثر بك ايجابيا أم سلبيا؟.

أجابنا الشاب محمد أمير البالغ من العمر 22 عاما، قائلا:

آنا أفضل أفلام الأكشن، لأنها تحتوي على مشاهد جميلة ومثيرة من العنف وإطلاق النار، والتحديات الذي يخوضها بطل الفلم، وبالتأكيد تؤثر بي الأفلام من جانبين، الأول ايجابي: وهو تحدي الصعاب ومعرفه الصبر وما نحصل عليه أخيرا. أما الجانب السلبي فهو: تنمي لدي هذه الأفلام العنف والعدائية ضد الآخرين، وهنا يمكن أن أتحكم بأفعالي وكيفية أخذ الجانب المفيد من الفلم.

وأجابتنا الشابة (زهراء خالد) عن السؤال نفسه، قائلة:

من جانبي أفضل الأفلام الدراما والمسلسلات المدبلجة، لأنها تقدم قصصا رائعة، بعضها تكون مطروقة في المجتمع والبعض الآخر تكون بشكل خيالي نابع من فكر المؤلف، لكن لا ننسى أن هذه الأفلام تؤثر على بعض الفتيات بسبب النقص الموجود في بعض الشخصيات، ويصبح طريقا لعمل المحرمات وهذه ما توجد في بعض الأفلام، أما أنا فأفكر في الفلم لأخذ الموعظة من قصه الفلم، وأتعلم أساليب مواجهة الصعاب في الحياة.

أما محمد عبد الكريم، وهو رغم حداثة سنه إلا أنه مثقف وقارئ بالدرجة الأولى، وله وجهة نظر خاصة عن أفلام العنف، فقال: ما يهم المنتج الأمريكي اليوم أو المنتج السينمائي المحترف هو تحقيق أعلى نسبة من الأرباح كهدف أول، ثم البحث عن الجوائز المهمة من أجل الشهرة، أما ما ينعكس على الناس من أضرار فهذه لا تعنيه، من هذا المنطلق علينا أن نتعامل مع هذا النوع من الأفلام ونقلل من أهميتها.

تلافي وتقليل سلبيات الأفلام

إن وضع آليه عمل أو استراتيجيه لمنع سلبيات الأفلام قد لا تكون مجديه، ما لم نكن جادين فعلا في منع شهوات أنفسنا، والتحكم بالعقل والمنطق، في ما يرد إلينا منها، وحتى نتلافى هذه السلبيات، والتي باتت تتغلغل في البنية الاجتماعية والقيمية بتقبلنا المناسب أو غير المناسب لها.

لذا يجب علينا، إن نحدد بعض الظواهر التي من الممكن أن تكون ذات مرتكزات أساسية لتجنب سلبيات الأفلام ومنها، يجب تحصين النفس ذاتيا من خلال الوعي الجيد، بما هو قادم عبر الأفلام، والتنبؤ بما تحمله في طياتها من سموم غريبة في الفكر المنحرف، لذا يجب أن يكون لدينا عينا فاحصه وعقلا واعيا يميز بين النافع من الضار.

كذلك يقع على الأسرة دور كبير في عمليه ضبط الشباب، ومراقبتهم في ما يشاهدونه من برامج وأفلام، وحثهم على متابعه ما هو مفيد ومثمر ونبذ كل ما هو ضار، وأيضا لا بد من تشجيع التواصل العاطفي والنفسي بين أفراد الأسرة الواحدة إذ أن الحل قد لا يكون في البعد عن الأفلام نهائيا، وانما اختيار المفيد منها، وهناك أمر آخر يمكن أن نستفيد منه وهو ضرورة اللجوء إلى التراث العربي الإسلامي، باعتباره مصدرا ثريا لمواجه تحديات العولمة، وعاملا مساعدا لتشكيل تجانس ذهني وروحي بين شباب الأمة.

اضف تعليق