q
ملفات - تحقيقات

إسقاط المرشح المنافس للانتخابات بالسحر!

السَّحَرة والمشعوذون يتسللون لمواقع التواصل الاجتماعي

جلب الحبيب، وفك التابعة، وإرجاع المطلقة، وتزويج البنت البائرة، وعمل محبة، وإقناع الأهل بالشريك، وعقد اللسان التام لهم.. هذه الجمل والعناوين قسم من مهمة (الشعوذة والسحر) التي انتقلت من العالم الواقعي حيث (فتاح الفال) موجود في أماكن كثيرة ومعروفة، الى العالم الافتراضي، حيث تسلل هؤلاء السحرة والمشعوذون الى مواقع التواصل عبر صفحات خاصة بهم، هناك من يزورها وينخدع بها.

بالتأكيد نحن في هذا الموضوع لا نريد ترويج أعمال السحر او عرض قدرات الروحاني، إنما رصدنا ما مكتوب على صفحات تظهر لنا على شبكات التواصل الاجتماعي باسم ( الروحاني فلان والروحانية فلانة او فتاح الفال أو العلوية أم فلان) والتي أصبحت نشطة، وأخذت تتزايد في الآونة الأخيرة بسبب كثرة المعجبين والمتابعين لهذه الصفحات، من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية!، وقد تكون صفحات أُنشئت خصيصا للتواصل مع (فتاح أو فتاحة الفال)، يطلبون قضاء حاجتهم ومنهم من يتوسل بهما لفتح الدردشة من أجل التكلم معه أو عبر الموبايل كونه مقفلا إلاّ لمن يُستفاد منه.

وهناك من تقدم الشكر والعرفان لمساعدة (فتاح الفال) لها في حل مشكلتها، وتبلغه بأنها سترسل له المبلغ الذي يصل أحيانا الى (خمسة ملايين دينار)!!، وهناك أمور كثيرة وغريبة وربما تكون صادمة، تدور في هذه الصفحات التي لا فائدة ترجى منها، فقط الشعوذة والدجل والنصب والاحتيال والضحك على عقول البسطاء رجالا ونساء، لكن قد تكون نسبة النساء اللواتي يتعاملن مع السحرة أكثر من الرجال.

ولأهمية الموضوع والضرر البالغ الذي تحدثه هذه الصفحات لشرائح من المجتمع، قامت (شبكة نبأ المعلوماتية) برصد بعض المشاكل والأفعال والآراء المختلفة للضالعين في أعمال السحر، ومن قام بها، وتابعنا أيضا من تواصل مع المشعوذين والأسباب التي دعتْ لذلك.

هتك الأعراض وحرمة البيوت

كانت البداية مع الطالبة (س.ح) وهي طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد حيث قالت: أنا أدمنت كروب شبابي ثقافي، حيث ننشر كل ما يجول في خاطرنا، ونعلق بحرية حتى أصبحنا كأسرة واحدة يجمعنا التفاهم والألفة، وفي أحد الأيام طُرح موضوع للنقاش عن الزواج، فعلق احد الأعضاء قائلا: من يريد أن يعرف مستقبله فليكلمني على الخاص، وأضاف إن (خيرتي مجربة وباليد).

وفعلا اخذ الشباب يتهافتون عليه ليرى ماذا خبأ لهم المستقبل، وجل استخارتهم كانت عن الزواج والنجاح في الدراسة والعمل ومن خلال تواصله مع البنات ومعرفة أسرارهن اقترح على بعضهن أن يعمل لهن عملا يسرّع بزواجهن، بشرط أن لا يأخذ أي مبلغ مادي لحين زواجهن، فوافقن من فورهن، ثم أرسل لهن بعض الطلاسم وكل واحدة طلب منها أن تكتبه في مكان على جسدها، فمنهن على صدورهن أو على أكتافهن أو أرجلهن وبعد أن امتثلن لأوامره قال: صوروا الكتابة كي أتأكد أن ما قمتن به صحيح!!.

وأخذت البنات يصورن أجزاء من أجسادهن، ويبعثن له بالصور، وبعد تجميع الصور وأخذ المعلومات الكثيرة عن أهلهن بدأ بابتزازهن لدفع مبالغ مادية أو (كارتات شحن موبايل)، بعض البنات امتثلن لمطالبه خوفا من الفضيحة، والبعض الآخر امتنع فنفذ تهديده بكل حقارة ونشر صورهن مع أسمائهن، ومكان سكنهن في الكروبات، وقد علمت قبل مدة أن إحدى هذه البنات قد قتلها أخوها بعد أن رأى صورتها، والتي يظهر فيها نصف جسدها عاريا وممتلئاً بالطلاسم في أحد الكروبات.

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها

(غ. ك) ضابط شرطة طلب عدم ذكر اسمه قال: هنا يقبع شخصان (وأشار الى السجن) فقد القينا القبض عليهما قبل شهر تقريباـ بعد أن جاءنا بلاغ من احد الرجال يتهمهم باقتحام وهتك حرمة بيته. ويضيف: بعد أن قمنا باستجوابهم انكشفت الحقيقة الغريبة والعجيبة، إذ قام هذان الشابان بإنشاء صفحة على (الفيس بوك)، حيث ادعى احدهما بأنه روحاني وقد درس علم الروحانيات، وهو قادر على حل أية مشكلة مستعصية مثل جلب الحبيب وعقد اللسان.....الخ. إنهما لا يعرفان لا من قريب ولا من بعيد عن هذه الأمور، لكن رغبتهما بإقامة العلاقات الغرامية وكسب المال بالنصب والاحتيال دفعتهما لهذا العمل.

وفعلا ازدهرت هذه الأعمال في مجال السحر والكذب وخداع البسطاء، فالاتصالات تأتي إليهما من حيث لا يعلمان، من كل الأجناس لكنهما يتواصلان مع النساء والفتيات أكثر، وقد اتصلت بهما سيدة متزوجة كانت تشتكي من قسوة زوجها وإهماله لها ولأولادها.

وبعد الحوارات الطويلة بينهم اتفقا مع المرأة أن يأتيا الى بيتها ليعملا لها السحر الأسود الذي يتم بعمل نجس حتى يكون ثابتا وقويا ومدته 20 سنة، لكن بعد أن دخلا الى بيت السيدة صُدِما بوجود زوجها وأخيها ليمسكوا بهما بتهمة السرقة وهتك حرمة البيت، والغريب في الأمر أن السيدة وزوجها وأخيها محتالون ونصابون أيضا، حيث يستدرجون الرجال من خلال اتصالات المرأة وعلاقاتها معهم والإيقاع بهم ليتم القبض عليهم، ثم يتم الاتفاق بينهم بدفع (فصل عشائري) ليتنازلوا عنهم.

أم عبد الأمير من سكنة بغداد لديها صفحة على الفيس بوك تعلن فيها بالتنبؤ بالمستقبل (خيرة مجربة بفضل الله)، وقد تمكّنا بفضل إحدى معارفها التي توسطت لنا للتكلم معها، فقالت لنا معترضة: أنا لست سحارة وليس كل من يأخذ الخيرة ويرى خفايا المستقبل ساحرا، فقد ورثت هذه الكرامة من والدي (رحمه الله) الذي كان يقرأ الطالع بالقرآن للناس البسطاء، أما أنا وبفضل إيماني بالله وبهذه النعمة يقصدني عامة المجتمع، حتى المسؤولون في الحكومة كي أرى ما يضمر لهم المستقبل، وقد يكثر ترددهم عليَّ في مواسم الانتخابات!!!، وقد يرسلون زوجاتهم أو معارفهم لهذا الغرض، وكثيرا ما يطلبون مني عمل سحر لإسقاط منافسيهم في الانتخابات، لكني ارفض فيستعينون بسحرة يقومون بأعمال شيطانية لهذا الغرض.

لا يفلح الساحرون

مرتضى المسعودي طالب جامعي مرحلة رابعة يدرس علم نفس، وقد نشط في إحدى صفحات التواصل الاجتماعي الثقافية التي تهتم بعلم النفس، كان له رأيه حيث قال: نلاحظ أن صفحات السحرة والدجالين والمحتالين يستخدمون كلمة الروحاني أو الشيخ أو العلوية، وهذا له تأثير ايجابي على نفسية مريديهم، فكلمة ساحر تولد الرعب والرهبة في قلوب الناس كون السحر كما هو متعارف عليه من الأعمال المحرمة في القرآن، وهو من الأعمال المنبوذة في المجتمع، لهذا يستخدمون تلك المسميات رغم الاختلاف، فالروحانيات تعني سمو الروح عن الماديات والطب الروحي هو علاج النفس والشخص الروحي تكون روحه أقوى من جسده، فيرى أبعد مما يراه البشر ولا يستعين بأي وسيط أو جن، وهذا يكون أما بالفطرة أو بالاجتهاد من خلال التدريبات والأذكار والآيات فترتقي روحه وتسمو عالياً.

أما السحرة فقد ذكرهم الله تعالى (ولا يفلح الساحرون)، فهم يستعينون بعملهم على الظواهر والجان والخرز ولا يهمهم الخير أو الشر المهم لديهم ما ينتفعون به.

اقرب من حبل الوريد

وأنا اجمع المعلومات حول هذا التحقيق صادفتني قريبة لي ذكرت أحد الموقف والمرارة والندم في صوتها وعيونها رغم حدوث هذا الموقف منذ سنين، قالت: بعد أن أنهكنا ضنك العيش وقلة الحيلة أصبح زوجي عصبيا متذمرا طوال اليوم، ولا يمر علينا يوم دون مشاكل، فاقترحت عليَّ جارتي بزيارة فتاحة الفال (أم جابر) للاستخارة، وطلب المساعدة منها لفتح باب الرزق لنا من خلال دعواتها والحرز والماء الذي تقرأ عليه، وعندما ذهبتُ لها وجدتها امرأة مسنة، أجلستني بجانبها وكلمتني بلطف وحنان، وشكوتُ لها ظروفي الصعبة ومشاكلي، فقالت سأعطيك ماء مقروء عليه يطرد النحس ويفتح باب الرزق لكم، وأريد أن تضعي قطرات منه على الماء الذي يشربه زوجك ليبرد قلبه ولا يتشاجر معك مطلقا فاستبشرت خيرا.

وبعد أن اتفقنا على السعر وأعطتني الماء المقروء عليه، فوجِئتُ بأن المبلغ ناقص في حقيبتي، فناولتها كل الموجود عندي وطلبت منها بخجل أن ترجع لي أجرة التاكسي فقط، فتغيّرت ملامح وجهها فجأة وأصبحت عيونها تشع شررا، وقالت بلهجة متهمة إياي بأنني أكذب وأتحايل عليها ورفضت أن ترجع لي أي مبلغ من النقود، فخرجت من دارها منكسرة ومحرجة ورفعت رأسي الى السماء، وكان يوما شتويا باردا والوقت غروبا، فبدت لي السماء واسعة وجميلة، وكأن الله ينظر لي، فخجلتُ من نفسي وقلت: هل من المعقول أن استعين بامرأة قاسية جاهلة بخيلة لم ترحمني بدنانير قليلة واترك الله الكريم الحليم السميع المجيب والذي هو اقرب من حبل الوريد، فسكبت الماء في باب دارها وذهبت والندم يأكلني .

لا نريد أن تنسينا مصاعب الحياة ومشاكلها أو طمعنا بها وبملذاتها رحمة الله وكرمه، أليس هو الذي يقول جلَّ وعلا "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" فكيف لا نطرق أبواب فضله، ونلجأ إلى اقل الناس إيمانا وعلماً وأكثرهم مكرا وقسوة ووحشية!؟.

اضف تعليق