q

بعد الانتشار الكبير والنجاح المتواصل الذي حققه مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" خلال السنوات الماضية، والذي استطاع ان يجمع اكبر عدد من المستخدمين على شبكة الانترنت، يبدو أن الموقع يعاني اليوم من مشكلات وأزمات كبيرة واتهامات مختلفة، ومنها كما ذكرت بعض المصادر، انتشار الأخبار الكاذبة والزائفة، التي ما تزال مستمرة رغم كل الإجراءات والمحاولات التي قامت بها الشركة من أجل محاربة هذه الظاهرة، يضاف الى ذلك المشكلات الفنية والقضائية التي تواجهها شركة فيس بوك في العديد من دول العالم، وهو ما اجبرها على تقديم تنازلات مهمة وكبيرة، لكنها وبحسب بعض الخبراء ماتزال تواصل تقدمها وتعمل على تطوير نفسها بشكل مستمر من خلال استحداث بعض الميزات والبرامج، وتمتلك وسيلة الإعلام الاجتماعية على الإنترنت فيسبوك حالياً أكثر من 1.5 مليار مستخدم حول العالم.

وفيما يخص بعض أخبار ومشكلات فيسبوك فقد اتهمت المفوضية الأوروبية شركة فيسبوك بتقديم معلومات مضللة أثناء استحواذها على تطبيق واتس آب للرسائل على الهاتف المحمول وهو ما يعرض شركة التواصل الاجتماعي لغرامة محتملة تبلغ واحدا في المئة من إيراداتها. وقالت المفوضية إن بيان الاعتراضات الذي أرسل إلى فيسبوك لن يؤثر على الموافقة على صفقة الاستحواذ التي تمت في 2014 وبلغت قيمتها 22 مليار دولار.

وأصبحت فيسبوك أحدث هدف في وادي السيلكون لمفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة مارجريت فيستاجر التي طالبت أبل بدفع ضرائب لأيرلندا قدرها 14 مليار دولار وأجرت تحقيقين مع جوجل بشأن انتهاكات لقواعد السوق. ويتعلق الموضوع بتغيير سياسة الخصوصية لواتس آب في أغسطس آب حينما قالت إنها ستطلع الشركة الأم فيسبوك على أرقام هواتف بعض المستخدمين وهو ما قاد لتحقيقات من عدة أجهزة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.

وقالت المفوضية إن فيسبوك ألمحت في إخطارها بشأن الاستحواذ المزمع إلى أنها لن تتمكن من مطابقة حسابات المستخدمين في الشركتين على نحو موثوق به. وأضافت المفوضية "في بيان الاعتراضات..تبنى المفوضية وجهة نظر مبدئية - بأنه على النقيض مما ورد في بيانات فيسبوك وردها أثناء مراجعة صفقة الاندماج بعدم توافر الإمكانية التقنية لمطابقة حسابات المستخدمين في فيسبوك مع حسابات المستخدمين في واتس آب بشكل تلقائي- إلا انها كانت قائمة بالفعل في 2014."

وقالت فيستاجر "تتمثل وجهة النظر المبدئية للمفوضية في أن فيسبوك قدمت إلينا معلومات غير صحيحة أو مضللة أثناء فحص استحواذها على واتس آب." ولدى فيسبوك مهلة حتى 31 يناير كانون الثاني للرد. وإذا تأكدت شكوك المفوضية فإنها تستطيع فرض غرامة على شركة التواصل الاجتماعي الأمريكية بما يصل إلى واحد في المئة من إيراداتها. وتستطيع الشركات التي تفرض عليها غرامات الطعن أمام محكمة العدل الأوروبية التي قضت ببطلان بعض الغرامات في الماضي.

فيسبوك والاخبار الكاذبة

من جانب اخر نفى مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي لفيسبوك مجددا مزاعم تأثير موقع التواصل الاجتماعي الشهير على انتخابات الرئاسة الأمريكية وقال إنه "من غير المرجح بشدة" أن تكون الأخبار الكاذبة قد غيرت النتيجة. وبعدما وقع في شراك خلافات تتعلق بالمحتوى خلال الشهور الأخيرة أصر فيسبوك على أنه شركة تكنولوجيا وليس شركة إعلامية. ولكن الفحص الدقيق للموقع زاد منذ الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية إذ يزعم منتقدون أن الموقع ساعد على نشر أكاذيب عبر القصص الإخبارية المغلوطة وتلفيق الأنباء.

ودافع زوكربرج بشدة عن الشبكة ضد هذه الانتقادات ووصف فكرة تأثير فيسبوك على الانتخابات "بالجنون". وكرر موقفه في تدوينة له غير أنه قال إن الشركة ستبذل المزيد من الجهود للحيلولة دون نشر أخبار كاذبة. وقال إن الأخبار المغلوطة تمثل جزءا من المحتوى الذي ينشر على فيسبوك وهي لا تقتصر على آراء حزبية أو سياسية لذا فمن غير المرجح أن تغير نتيجة الانتخابات. وأضاف "من بين كل المحتوى الذي ينشر على فيسبوك يعد أكثر من 99 في المئة مما يراه الناس حقيقيا" مشيرا إلى أن هدف الشبكة هو "منح كل شخص صوت".

وقال البيان إن فيسبوك بدأت العمل في سبيل تمكين الناس من وضع علامة على الأخبار الكاذبة. وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني اطلع مستخدمو فيسبوك على تقارير إخبارية خاطئة تدعي أن البابا فرنسيس يؤيد ترامب وأخرى تفيد بالعثور على ضابط اتحادي يحقق في مسألة البريد الإلكتروني الخاص بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ميتا. بحسب رويترز.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الإدارة العليا بدأت حوارا بشأن فحص تدخل فيسبوك في التأثير على الآراء والأصوات مضيفة أن مجموعة من نواب الرؤساء والمديرين التنفيذيين بدأوا في مناقشة الدور الذي لعبه فيسبوك في نتيجة الانتخابات. ونقلت الصحيفة عن مصادر مجهولة قولها إن الفريق المسؤول عن سياسة فيسبوك اجتمع وتعتزم الشركة بحث مخاوف العاملين في اجتماع موسع. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من ممثلي فيسبوك بشأن تقرير الصحيفة.

على صعيد متصل تلقى مستخدمو فيسبوك في بانغكوك إنذار خاطئ عن "انفجار" في العاصمة التايلاندية، بعد أن شغلت شبكة التواصل الاجتماعي خاصية التحقق من السلامة وتسمح الخاصية لمستخدمي فيسبوك في مناطق الخطر تحديد أنهم بخير ليعلم اصدقاؤهم، ولكنها في هذه المرة شُغلت بسبب محتجين يلقون ألعابا نارية. وقال فيسبوك إنه اعتمد على "طرف ثالث موثوق فيه لتأكيد الحادث".

ولكن طريقة تسمية فيسبوك للحادث ضلل الكثيرين على الإنترنت وبدأ الناس في تناقل أنباء غير صحيحة عن انفجار. وواجه فيسبوك مؤخرا انتقادات للسماح بنشر أنباء خاطئة. وألقى متظاهرون ألعابا نارية صغيرة على مبنى حكومي في بانكوك. ووفقا لفيسبوك، فإن ذلك أدى إلى تشغيل خاصية التأكد من السلامة ، مما أدى إلى تشغيل صفحة باسم "تفجير في بانكوك، تايلاند"، وبدأ الناس في تأكيد أنهم بخير. واستعدت الصفحة أيضا رابطا من موقع على الانترنت تشير إلى خبر عاجل بالفيديو لبي بي سي عن تفجير في بانكوك، ولكن الفيديو كان في الواقع يشير إلى تفجير عام 2015 في مزار ديني في تايلاند.

خطأ فادح

الى جانب ذلك أقرت مجموعة "فيسبوك" بوقوع "خطأ فادح" واعتذرت عنه، فقد استيقظ نحو مليونين من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الاشهر في العالم ليجدوا انهم متوفون، بحسب ما تظهر صفحاتهم الشخصية. ومن بين هؤلاء المتوفين افتراضيا مؤسس الموقع نفسه مارك زوكربرغ، وقد نشرت على صفحته رسالة تلقائية تقول "نأمل ان يجد محبو مارك العزاء حين يرون ما يكتبه الآخرون" تأبينا له.

وسرعان ما شرع بعض المستخدمين بالتعليق على هذا الخبر الذي ازعجهم فكتبوا "مسكين مارك"، و"لا اصدق ان يحدث ذلك"، وغيرها من عبارات. وظهرت ايضا على كثير من الحسابات على فيسبوك ورود صغيرة، وعبارة "لذكرى" فلان، وعادة ما تظهر هذه الرسوم والعبارات على الحسابات التي يكون اصحابها قد توفوا فعلا، ويطلب اقاربهم من فيسبوك تسجيل الصفحة على انها صفحة لشخص ميت.

لكن خطأ ما وقع في الشبكة "لوقت قصير " وصارت الرسائل تظهر على الحسابات بشكل عشوائي، بحسب ما اوضح متحدث باسم المجموعة. واضاف "انه خطأ فادح، وقد تمكنا من حله"، وكان الموقع اعلن في وقت سابق انه يعمل على حل المشكلة باسرع وقت. وكان المستخدمون الذي "توفاهم" فيسبوك افتراضيا، كتبوا على حساباتهم انهم احياء يرزقون، وشكروا كل من نعاهم بعبارات لطيفة.

وكتبت الصحافية في واشنطن بوست ابي اولهايزر "بعد الظهر، بعث حسابي على فيسبوك رسالة جميلة الى اصدقائي يطلب فيها منهم ان يذكروني، وان يجدوا العزاء في العبارات التي سيكتبها الآخرون عني". واضافت "الامر مؤثر، كان هناك رسم لوردة ايضا، لكن المشكلة اني لم امت بعد".

وشرح موقع "فيسبوك" ان ما جرى هو خلل في نظام معتمد لتكريم الموتى على حساباتهم وجعل احبائهم يتشاركون الذكريات عنهم. واضاف الموقع "بحسب انظمتنا، حين نتبلغ بوفاة احد المستخدمين، نحول حسابه الى حساب للذكرى"، لكن ينبغي تقديم ادلة على وفاة الشخص. وتباينت ردود الفعل على هذا الخلل، حتى ان البعض لم يتردد عن القول ان ما جرى كان مقصودا لاجراء اختبار ما، او لزيادة الحركة على صفحات الموقع. بحسب فرانس برس.

وحفل موقع تويتر، اكبر منافس لفيسبوك في عالم الانترتنت، بالتغريدات الساخرة، وكتب احدهم "انها طريقة من فيسبوك لمعرفة الناس الذين ماتوا في داخلهم " في تلميح الى فوز دونالد ترامب في الانتخابات الاميركية، وكتب آخر "عزيزي فيسبوك، دونالد ترامب لن ينصب رئيسا قبل العشرين من كانون الثاني/يناير، وسياتي الفناء النووي في الحادي والعشرين منه". وكان ترامب قال في مقابلة مع شبكة "سي بي سي" الاميركية ان مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وانستاغرام ساعدته كثيرا على الفوز في الولايات التي انفق فيها الديموقراطيون اموالا اكثر منه، معربا عن اعتزازه بذلك.

كما اقرت شبكة "فيسبوك" بوقوع خلل جديد ادى الى تضخيم اعداد من شاهدوا مواد نشرت على صفحاتها، واعلنت اتخاذ جملة اجراءات لمعالجته. وهي المرة الثانية في الاشهر الاخيرة التي يواجه فيها موقع التواصل الاشهر في العالم هذا النوع من الاضطراب. ففي آخر ايلول/سبتمبر مثلا، اقرت بانها قدمت على مدى عامين معلومات مضخمة عن مشاهدات المقاطع المصورة المنشورة على صفحاتها بما بين 60 و80 %.

وهذه المرة، كان الخطأ يتعلق بعدد زوار الصفحات التي تنشأ للترويج لشركات او علامات تجارية، اذ ان زيارة الشخص الواحد اكثر من مرة كانت تسجل زيارة في كل مرة، وما ان يجري تصحيح الخطأ كان العدد الذي يقدمه الموقع عن الزوار ينحسر بما بين 33 و55 %. واقرت "فيسبوك" ايضا بانها بالغت في تقدير الوقت الذي امضاه المستخدمون على المقالات المنشورة بواسطة تطبيقها "إنستنت ارتيكل"، بنسبة بين 7 و 8 %.

لكنها أكدت ان هذه الارقام ليست هي التي تحدد على اساسها النفقات المطلوبة من المعلنين. الا ان الدقة في هذه الارقام مطلوبة لان المستخدمين يحاولون تقييم اثر حملاتهم الاعلانية من خلال عدد المشاهدات على صفحات الموقع. وتعهد الموقع باتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضمان النزاهة والدقة في المعلومات التي يقدمها.

الذكاء الصناعي

من جهة اخرى قال خواكين كانديلا المدير في شركة فيسبوك إن الشركة تعمل على تقنية للإبلاغ تلقائيا عن المواد غير اللائقة في البث المباشر بالفيديو لتواصل جهودا متنامية لاستغلال الذكاء الصناعي لمراقبة المحتوى. ودخلت شركة موقع التواصل الاجتماعي طرفا في عدد من القضايا الجدلية بشأن المحتوى هذا العام من مواجهة انتقادات دولية بعد حذفها صورة ترمز إلى حرب فيتنام بسبب العري إلى السماح بنشر أخبار زائفة على الموقع. واعتمدت فيسبوك عادة في الغالب على المستخدمين في الإبلاغ عن المنشورات غير اللائقة التي يفحصها بعد ذلك موظفون بالشركة لمطابقتها "بالمعايير المجتمعية".

ويتخذ المسؤولون التنفيذيون الكبار في الشركة القرارات بشأن القضايا الشائكة التي قد تتطلب تغييرات في السياسية. وأبلغ كانديلا الصحفيين أن فيسبوك تستعين بشكل متزايد بالذكاء الصناعي لرصد المحتوى غير اللائق. وقال "إنها مجموعة من القواعد التي ترصد العري أو العنف أو أي من الأشياء التي لا تتفق مع سياساتنا."

وتعمل الشركة بالفعل على استخدام النظم الآلية للإبلاغ عن محتوي الفيديو المتطرف. والآن يجري أيضا اختبار النظام الآلي على خدمة فيسبوك لايف وهي خدمة للبث المباشر للفيديو. وقال كانديلا إن استخدام الذكاء الصناعي للإبلاغ عن محتوي الفيديو المباشر غير اللائق لا يزال في مرحلة الأبحاث. وقالت الشركة إنها تستخدم أيضا النظام الآلي لمعالجة عشرات الملايين من البلاغات التي تفحصها أسبوعيا وللتعرف على البلاغات المتكررة وتوجيه المحتوى المبلغ عنه إلى المراجعين أصحاب الخبرات المناسبة في الموضوع ذي الصلة. بحسب رويترز.

وكان مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي للشركة قال في نوفمبر تشرين الثاني إن فيسبوك قد تلجأ إلى النظام الآلي في إطار خطة لرصد الأخبار الزائفة. غير أن الشركة قالت إن تحديد ما إذا كان تعليق ما ينطوي - على سبيل المثال - على كراهية أو ترويع يتطلب سياقا خاصا. ورفض جان ليكون مدير الأبحاث لدى فيسبوك التعليق بشأن استخدام الذكاء الصناعي لرصد الأخبار الزائفة لكنه قال إن تحسين تدفقات الأخبار بوجه عام أثار تساؤلات بشأن المفاضلة بين الترشيح والرقابة وبين حرية التعبير والآداب العامة والمصداقية. وقال "تلك أمور تذهب لما هو أبعد مما إذا كان بوسعنا تطوير الذكاء الصناعي. إنها مفاضلات لست في موقع يسمح لي بحسمها."

اضف تعليق