يتحدث العالم كثيراً عن الدور الكبير لرواد الاعمال والمشاريع الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في ضمان النمو الاقتصادي بشكل مستدام وشامل، حيث يشارك أولئك الرواد في تطوير الكثير من الحلول المبتكرة المدعومة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وفي اليوم العالمي للإتصالات ومجتمع المعلومات الذي يوافق 17 آيار/مايو من كل عام سيركز هذا العام على موضوع: "ريادة الأعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل إحداث تأثير اجتماعي" على آمل أن تدفع المؤسسات الاممية بإتجاه إحداث تغيير إجتماعي إيجابي يتناسب وحجم المآسي التي يعرض لها العالم وتأثر الكثير من الاقتصادات العالمية بفعل الازمات المتلاحقة وما ستسببه تلك الازمات من تأثير كبير على خطط العالم في مجال التنمية المستدامة.
الشباب دائماً ما يكونوا العنوان الاهم والاكثر إشارة في توصيات الامم المتحدة لكونهم، الشباب، أصحاب الريادة الاكبر في مجال المشاريع والطاقة المحركة لكل مكائنها ومنهم المبتكرون ممن أحسنوا استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صنع عالم جديد صغير جداً، وعلى الجميع الاستفادة من مواهبهم في ذلك المجال من اجل صنع الاضافات النوعية في اقتصادات العالم.
يشير ملصق شعار هذا العام الى طفلين ينزويان قرب جدار كتب عليه الشعار وهما يتصفحان أحد أجهز الاتصالات المتنقلة الحديثة التي لم تعد حكراً على طبقات محددة من المجتمع بل أصبحت منتشرة لدرجة من الممكن جداً استثمارها في إحداث نقلة اجتماعية جديدة، فالحكومات مدعوة الى أن تحاول تشذيب التفرعات السلبية من الشبكة العنكبوتية والتي تؤثر سلبياً على سلكويات ابنائنا وتحرفها في وقت يعاني البلد منه من أزمة اقتصادية وأمنية خانقة، في العراق تم إصدار قرار في ايلول الماضي يقضي بحجب المواقع الاباحية ضمن حزم الانترنت ولكننا اليوم وبعد تسعة اشهر لازالت الكثير من المواقع الاباحية سهلة المنال للمراهقين، ويعلم الجميع مدى التأثيرات السلبية التي ترافق مشاهدتها، فوفقا لدراسة جديدة صادرة عن جامعة ميزوري الامريكية، يمكن للمشاهد الجنسية في الافلام أن تؤثر على سلوك المراهقين وتدفعهم للانخراط في العلاقات الجنسية أكثر، في المراحل المبكرة من العمر كذلك فأنها، المشاهد الجنسية، تقلل من الاحترام للجنس الاخر بشكل كبير مما يترك خللاً كبيراً في العلاقة السليمة بين الجنسين.
كذلك فإن دراسات صادمة في نتائجها أثبتت أن الادمان على مشاهدة تلك الافلام تتلف الدماغ من خلال 20 دراسة علمية تؤكد أن الأضرار الناتجة عن مشاهدة المناظر الجنسية المثيرة تشبه الإدمان على الكحول والمخدرات بل هي أخطر حيث تتلف أجزاء مهمة من الدماغ، ففي دراسة جديدة أجريت من قبل باحثين في جامعة كامبردج Cambridge University وجدت أن دماغ الإنسان الذي ينظر للمحرمات وبخاصة المقاطع الإباحية pornography يسلك سوكاً يشبه دماغ ذلك الذي يدمن المخدرات والخمر، هذه الظاهرة تؤثر سلبياً على الدماغ، فبمجرد النظر لمشهد جنسي على الفور يزداد إفراز مادة التستيرون ومادة الدوبامين والأكسيتوسين ويشكل فيضاناً يجتاح الدماغ مما يسبب إرهاقاً لأنظمة عمل الدماغ ويشوش عمليات التذكر والتعلم.. وقد يتلف جزءاً مهماً من خلايا الدماغ.
أما الدكتور Norman Doidge فيقول في كتابه The Brain That Changes Itself فيؤكد أن المشاهد الخلاعية pornography تحدث تغييرات خطيرة في الدماغ، وتجعل من يشاهدها في حالة استنفار دائم وإدمان على المشاهدة من دون سبب، فتجده ينتقل من مشهد لآخر دون توقف... ويزيد احتمال ارتكابه لفعل فاحش بنسبة كبيرة جداً.
وحتى اللحظة يتسأل الكثيرون عن اسباب انخفاض المستوى التعليمي للكثير من طلبة الاعدادية، نؤشر بشكل مباشر أن مجتمع المعرفة والمعلوماتية الذي نرنو اليه ليس ترفاً يتحدث عنه الكثيرون، بل أنه مجتمع بحاجة الى جهود مضنية للوصول اليه، فالمعرفة اليوم لا تحددها فقط الاجهزة الذكية من هواتف ولوحيات وشبكة عنبوتية تنشر كل شيء لا تخفي شيئاً مطلقاً لذلك فالحرب الجديدة اليوم هي حرب تجري في الفضاء الافتراضي وحرباً أثيرية تكنولوجية علينا كسبها أولاً لتدعيم أدمغة ابنائنا خوفاً من سيلانها باتجاهات لا يحمد عقباها مستقبلاً.
وفي مقالة للدكتور Victor B. Cline يؤكد أن مشاهدة المناظر الخليعة يطور سلوكاً شاذاً لدى الناظر، حيث يزيد احتمال أن يرتكب جريمة اغتصاب أو اعتداءات جنسية وتحرش جنسي، وتلصص ومعاكسة أطفال.
شعار اليوم العالمي للإتصالات ومجتمع المعلومات يحتاج الى دعامات قانونية شديدة وأنظمة تحد من تأثيرات الانترنت على أبنائنا وكذلك الدفع بإتجاه الاستفادة من المواقع الالكترونية التي تساعد عقولهم على الابداع والابتكار لا على الخضوع والانكسار، أنها فرص ابتكرت ليتم استغلالها بشكلها الامثل كالتعليم الالكترونية والاستفادة من البحوث والبرامج التقويمية والعلمية وبصورة عامة في مختلف توجهات الحياة، ما أن نغفل عنها حتى نترك ابنائنا في مهيب الرياح الالكترونية تلك تعبث بعقولهم كيفما تشاء.
لازالت المواقع الاباحية واحدة من اهم عشرة مواقع يتابعها العراقيون خلال نيسان/ابريل من هذا العام وعلى الرغم من تراجع مرتبة الموقع عن عام 2012 حين كان المركز السادس بالتصفح إلا إن ذلك لا يمنع من عدد مشاهديه لارتفع نسب المشاهدات للمواقع الاخرى حسب إحصاءات ينشرها موقع إليكساAlexa، ومع أن موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك احتل المركز الأول في متابعة العراقيين إلا إن الموقع لا يخلو من بعض المشاهد الاباحية وتداولها.
الرقابة الحكومية والرقابة في المدرسة وفي المجتمع الاسري الضيق مهمة جداً في الحد من خطورة تلك الافلام وحسر تأثيراتها الكارثية على عقول ابنائنا، توفرت لدينا فرصة لإنجاز عمل قد نحتاج الى سنين لإنجازه من خلال التطور الرقمي هذا، يجب ان نتدارك أنفسنا كحكومة وكمجتمع مدني واجتماعي في الحد من خطورته، فالمستقبل القريب بحاجة الى قادة جدد لا نعلم كيف نصنع قادتنا وكيف سيقودون بلدنا، الاعتبارات القادمة بحاجة الى تصويب كامل في كل شيء إقتصادياً وامنياً وصناعياً واجتماعياً وحتى رقمياً.
اضف تعليق