هل هاتفك الذكي يلهيك بسهولة؟، هل يصعب عليك الانفصال عنه؟، هل تنظر اليه باستمرار من دون سبب معين؟، ثمة خطر كبير اذا بان تكون مدمنا وتحتاج ربما الى مساعدة معالج نفسي، ففي البيت، في الشارع، على رصيف محطة القطار، في الطريق، يرى المرء أشخاصاً يستخدمون هواتفهم "الذكية". لا يقف المرء في منتصف محطة القطار لبضع دقائق، حتى يرى حركة الناس وانشغالهم بهذه الأجهزة. على مقعد ما يجلس احدهم ويتصفح من خلال هاتفه الذكي كتاباً الكترونياً. وآخر في الزاوية يتابع أخبار العالم من خلاله هاتفه. وعند أحد أعمدة المحطة القديمة تتكئ ثالثة وتستمع للموسيقى، وتهز رأسها منتشية. ويتساءل المرء، عما يشغل هؤلاء الناس جميعاً؟ الكل يخوض في عالمه الخاص، ووسيلة تنقلهم عبر العالم: هواتف ذكية، حتى بات استخدام هذا النوع من الهواتف يشكل آفة متزايدة تصطاد الشباب.
ويرى الخبراء بهذا الشأن ان من اعراض الادمان :استحالة التوقف عن دخول الانترنت والقلق الشديد عند الافتراق عن الهاتف الذكي وتراجع الفعالية في العمل او الدراسة والحاجة الدائمة الى النظر الى الهاتف، لذا ينبغي على الاهل الامتناع عن اعطاء الاطفال الصغار هاتفا ذكيا او جهازا لوحيا من اجل الهائهم او اسكاتهم، فالامر شبيه بالتلفزيون في الماضي مع حاضنة الاطفال لكن الوضع اسوأ الان لان التلفزيون كان محصورا بالمنزل فقط اما الاجهزة فنحملها معنا اينما كان.
ويرى هؤلاء الخبراء ان التواصل عبر الهاتف والإنترنيت أصبح جزءاً من الحياة اليومية لغالبية الناس. ورغم المزايا الجيدة لهما فإن الخبراء يحذرون من الإدمان ومن تهميش التواصل الفعلي مع الناس في العالم الواقعي، لكي لا تتحول إلى مجتمعات صامتة.
فالمعلوم ان الهواتف تقدم لنا الذكية سيلاً كبيراً من المعلومات والانتقال من عالم الواقع إلى آخر افتراضي والبقاء على اتصال مع الجميع في المنزل والعمل وحتى على الطريق، لكن هل تجعلنا الهواتف الذكية أكثر ذكاء مقابل عزلتنا عن مجتمعنا؟.
ادمان الهواتف الذكية آفة متزايدة لدى الشباب
في سنغافورة كما في عدد متزايد من الدول يكافح الاطباء النفسيون من اجل الاعتراف بادمان الهواتف الذكية على انه اضطراب نفسي. فالى جانب كوريا الجنوبية والصين وتايوان يعتبر هذا البلد من اكثر الدول المعنية بهذه الظاهرة، وتحمل سنغافورة وهونغ كونغ الرقم القياسي الاقليمي لاكبر عدد من مستخدمي الهواتف الذكية للفرد الواحد على ما جاء في تقرير نشرته العام الماضي شركة الاستشارات "نيلسن".
فنسبة 87 % من سكان سنغافورة البالغ عددهم 5,4 ملايين نسمة يملكون هاتفا ذكيا في مقابل 65 % في الولايات المتحدة. وهم يمضون ما معدله 38 دقيقة في كل جلسة على فيسبوك اي اكثر بمرتين تقريبا من الاميركيين على ما تقول شركة "اكسبيريان".
ويرى ادريان زانغ الطبيب النفسي في مركز "غلين ايغلز" الطبي ان ادمان الانترنت يجب ان يصنف ضمن الاضطرابات العقلية، ويوضح "المرضى يأتون لاستشارة طبية لاصابتهم بالضغط النفسي والقلق لكن يتبين لي ان آلية الاستمرار لديهم تقوم على ولوج شبكة الانترنت لتصفح شبكات التواصل الاجتماعي"، ويتطرق الطبيب الى حالة طالب في الثامنة عشرة كانت الاعراض لديه قوية جدا.
ويوضح لوكالة فرانس برس "لم يكن قد حلق ذقنه وكان نحيلا مع شعر طويل كما انه لم يستحم منذ ايام عدة. كان مثل المشردين في الطرقات" في بلد حيث مستوى العيش هو من الاعلى في العالم، وقد تعارك هذا الشاب مع والده حتى، عندما اراد هذا الاخير مصادرة حاسوبه المحمول. وعندما قطع والده الاشتراك بالانترنت في المنزل هام نجله في الحي في محاولة لالتقاط تغطية لاسلكية من عند الجيران، وفي نهاية المطاف ادخل المستشفى حيث اعطي عقاقير مضادة للاكتئاب وتابع علاجا نفسيا قبل ان يتحسن وضعه.
وشهدت الطبيبة النفسية تان هوي سيم في عيادة "ريزيلينز مايند" في سنغافورة تطورا في الاعراض لدى مرضاها الشباب على مر السنين، ففي حين كانت تعالج في السابق مرضى مدمنين بشكل اساسي العاب الفيديو فهي تستقبل الان شبابا يدمنون شبكات التواصل الاجتماعي والعاب الفيديو كذلك، وتقول باسف "الادمان الرقمي ليس منصوصا عليه في كتب الطب النفسي الاخيرة كمرض، بل يشار اليه في مرفق على انه اضطراب يتطلب ابحاثا معمقة"، على الصعيد الجسدي يعاني عدد متزايد من الاشخاص من "تيكست-نك" او "آي نك" اي اوجاع في الرقبة ناجمة عن وضعية سيئة خلال استخدام الاجهزة النقالة على ما يوضح تان كيان هيان من المستشفى الحكومي في سنغافورة.
في آسيا فتحت دول عدة مراكز لمعالجة "مدمني" الانترنت الشباب لا سيما في كوريا الجنوبية والصين وتايوان، واظهرت دراسة في العام 2013 ان 7 % من سكان كوريا الجنوبية الخمسين مليونا يبدون "ميلا مرتفعا" لادمان الانترنت. وترتفع النسبة الى 20 % لدى المراهقين، وتضم الصين حوالى 300 مركز معالجة في حين اشارت دراسة الى ان 24 مليون صيني يدمنون الانترنت على ما جاء في تقرير بثته محطة التلفزيون العامة "سي سي تي في"، وتحذر تريشا لين الاستاذة المساعدة للاتصالات في جامعة ينايغان التكنولوجية من استخدام التكنولوجيات الجديدة في سن مبكرة مما يضاعف خطر الادمان والانعزال والفشل المدرسي، وبلغت هذه المشكلة حدا كبيرا في سنغافورة ما دفع السلطات الى التحضير لبرنامج توعية لاطفال المدارس الابتدائية والاهل بعنوان "رفاه افتراضي"، سيطلق في نهاية العام 2014، ويوضح تشونغ ايي جاي الذي يقف وراء هذا البرنامج "نريد ان ننبه الاهل الى ضرورة عدم تقديم هذه الاجهزة الى الاطفال في سن مبكرة جدا وان يتحلوا بالقوة لسحبها منهم"، واطلقت مجموعة من طلاب جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة العام الماضي حملة تشجع الشباب على عدم استخدام هواتفهم بوجود الاهل.
أمريكا
تتمتع ثلاثة أرباع الأسر الأميركية تقريبا (72 % منها) بهواتف ذكية، علما أن هذا النوع من الأجهزة بات ثالث الأجهزة الإلكترونية الأكثر انتشارا في أوساط الأميركيين، بحسب دراسة سنوية صادرة عن جمعية مستهلكي الأجهزة الإلكترونية.
ويعتبر التلفاز (97 %) أكثر الأجهزة الإلكترونية انتشارا في أوساط الأسر الأميركية، يليه قارئ أقراص الفيديو الرقمية (78 %)، ولفت ستيف كونيغ أحد المسؤولين في الجمعية إلى أن "إقبال المستهلكين المتزايد على الأجهزة المحمولة الموصولة أدى إلى تغيرات مثيرة للاهتمام على صعيد توزع الاجهزة". بحسب فرانس برس.
وأظهرت هذه الدراسة أن نسبة حيازة الهواتف الذكية قد ارتفعت من 64 % إلى 72 % في خلال سنة، في حين زادت نسبة انتشار الأجهزة اللوحية في أوساط الأسر الأميركية من 45 % إلى 54 %، وقد احتلت الكمبيوترات المحمولة المرتبة الرابعة (67 %)، متقدمة على آلات التصوير الرقمية وآلات الطبع والسماعات والحواسيب المكتبية. أما أجهزة ألعاب الفيديو، فهي جاءت في المرتبة العاشرة، ولاحظت جمعية "كونسيومر إلكترونيكس أسوسييشن" تقدما في انتشار أجهزة مراقبة النشاطات البدنية (11 %) والأكسسوارات الخاصة بالبث التدفقي (29 %).
اليابان
تمضي التلميذات في المرحلة الثانوية في اليابان ثلث يومهن تقريبا على هاتفهن الذكي في الكتابة والقراءة واللعب ومشاهدة افلام الفيديو، على ما اظهرت دراسة اخيرة اجرتها الشركة اليابانية الخاصة "ديجيتال آرتس"، وقد استندت الدراسة على عينة من 695 قاصرا من المراحل الابتدائية والتكميلية والثانوية وهي خلصت الى ان المراهقات بين سن الخامسة عشرة والثامنة عشرة هن الاكثر تمسكا بالهواتف الذكية. بحسب فرانس برس.
وهن يكرسن اطول فترة من النهار لهذا الجهاز والتي يصل معدلها الوسطي الى سبع ساعات في مقابل 4,1 ساعات للصبيان في الفئة العمرية نفسها واقل من ساعتين للتلاميذ في المرحلتين الابتدائية والتكميلية، وتستخدم التلميذات في المرحلة الثانوية اللواتي يملكن بنسبة 98 % هاتفا ذكيا ، خصوصا تطبيق تبادل الرسائل السريعة "لاين" الذي يسمح بالتحاور في الوقت الحقيقي وبشكل ممتع مع الصديقات. وتأتي الالعاب في المرتبة الثانية وكذلك مشاهدة افلام الفيديو، وتدعم هذه الدراسة بيانات اخرى ما يدفع الاطباء الى التحذير من مخاطر الادمان ومن اضطرابات سلوكية، وكانت دراسة واسعة النطاق اجرتها وزارة التربية اليابانية العام الماضي اظهرت انه كلما امضى التلاميذ وقتا اطول امام شاشات هاتفهم النقال كلما تراجعت نتائجهم المدرسية.
المانيا
طلبت جمعية المانية للمشاة فرض غرامات على الاشخاص الذين يستخدمون هواتفهم الذكية وهم يسيرون في الشارع، معتبرة ان هذا السلوك يزيد من خطر وقوع الحوادث، واقترحت الجمعية فرض عقوبات على المشاة الذين يستخدمون هواتفهم الذكية في الاماكن المكتظة، على غرار تلك المفروضة على السائقين، ورأت الجمعية ان استخدام هذه الاجهزة يشتت التركيز، مستندة الى دراسات اظهرت ان استخدام المشاة للهواتف الذكية في الشارع يؤدي الى زيادة الحوادث المرورية وحوادث الصدم.
وقالت الجمعية "عادة توجه اصابع الاتهام الى السائقين في حوادث الصدم، لكن العدل يقتضي ان يتحمل المشاة ايضا المسؤولية في الحوادث التي تقع معهم اثناء استخدامهم الهواتف"، واطلقت الجمعية حملة توعية بعنوان "فلنمش مرفوعي الرأس"، اشارة الى وجوب انتباه المشاة الى ما يجري حولهم بدل الانكباب على هواتفهم.
السعودية
كشف رئيس المركز السعودي للدراسات والأبحاث ناصر القرعاوي، أن السعوديين أنفقوا 10 مليارات ريال على شراء الهواتف المحمولة، مشيراً إلى أن المملكة تحتل المركز العاشر عالمياً في حجم الإنفاق على تقنية الاتصالات. ونقلت صحيفة «الشرق» السعودية على موقعها الإلكتروني، أمس، عن القرعاوي قوله «تحتل السعودية المرتبة الأولى على مستوى العالم العربيفي مستوى الإنفاق على أجهزة تقنية المعلومات، فيما تحتل المركز العاشر عالمياً في حجم الإنفاق على تقنية الاتصالات». بحس وكالة الانباء الالمانية.
وقال إن السعوديين ينفقون سنوياً ما بين تسعة و10 مليارات ريال على أجهزة الاتصال الحديثة التي تشمل الجوالات وأجهزة «آي باد» والحاسب الآلي وغيرها. وأضاف أن دراسة استقرائية قام بها المركز لعام 2012، كشفت أن نسبة نمو الاستهلاك في السعودية وصلت إلى 11.5٪ بالنسبة للطبقة المتوسطة.
الهند
الى ذلك قررت بلدة في ولاية غوجارات في غرب الهند التي تشكل معقل رئيس الوزراء ناريندرا مودي، منع النساء العازبات من استخدام الهواتف النقالة معتبرة ان هذه التكنولوجيا "تضر بالمجتمع"، وقال مسؤول البلدة ديفشي فانكار لوكالة فرانس برس ان "مسؤولي البلدة اعتبروا ان استخدام الهواتف المحمولة من قبل النساء غير المتزوجات كما الكحول، يضر بالمجتمع" مضيفا ان قرار المنع سيطبق ايضا على الصبيان الذين باتوا في سن الذهاب الى المدرسة، وقد اتخذ اعضاء مجلس بلدة سراج البالغ عد سكانها الفي نسمة في اقليم ميسانا مسقط رأس مودي، قرار المنع مطلع شباط/فبراير. بحسب فرانس برس.
وقال فانكار ان الهواتف المحمولة تحول انتباه الشابات عن الدراسة والواجبات المنزلية، وفي حال انتهكت النساء هذا المنع عليهن دفع غرامة قدرها 2100 روبية (27 يورو) على ما افاد مجلس البلدة الذي يقدم مكافأة قدرها 200 روبية (2,6 يورو) لكل من يشي بالمخالفات، واوضح مسؤول البلدة انه يحق للشابات استخدام هواتف الاهل والاقارب، واطلق مودي حملة وطنية للترويج لاستخدام التكنولوجيا في المناطق الريفية. والعام الماضي اطلقت الحكومة خصوصا مبادرة "الهند الرقمية" في بلد لا تتوافر امكانية الولوج الى الانترنت لنحو مليار شخص.
فتاة حاولت تسميم أمها مرتين لأخذها جهاز آيفون الخاص بها
على صعيد مثير، قالت السلطات إن الشرطة اعتقلت فتاة في ولاية كولورادو الأمريكية عمرها 12 عاما اتهمت بمحاولة قتل أمها مرتين بتسميمها بمادة كيماوية تستخدم في تبييض الاقمشة بسبب أخذها جهاز آيفون الخاص بها. بحسب رويترز.
وقالت هيدي برينتاب قائد شرطة مقاطعة بولدر في بيان إن الام تناولت هذه المادة الكيماوية في احدى المحاولتين اللتين حدثتا خلال أسبوع من هذا الشهر، وقالت برينتاب إن الفتاة وضعت يوم 2 مارس آذار هذه المادة الكيماوية في عصير افطار أعدته لأمها.
وقال بيان الشرطة "لاحظت الأم رائحة مادة كيماوية في المشروب واعتقدت أن ابنتها نظفت الكوب بالمادة الكيماوية قبل اعداد المشروب ولم تزيلها جيدا"، وتلقت المرأة التي لم تشر السلطات الى اسمها العلاج في مستشفى محلى وسمح لها بالخروج، وبعد اربعة ايام قيل ان الفتاة سكبت المادة الكيماوية في ابريق مياه تضعه أمها في غرفة نومها. وعندما شمت الأم رائحة المادة الكيماوية اشتبهت وواجهت ابنتها، وقالت الشرطة "هذا عندما علمت أن ابنتها اعدت خطة لقتلها لأخذها جهاز الآيفون"، وقالت برنتاب أن الأم ابلغت الشرطة عن الفتاة وان المحققين جمعوا دليلا كافيا لاعتقالها. ونقلت الفتاة الى مرفق لاحتجاز الاحداث حيت تحتجز هناك انتظارا لتوجيه اتهامات.
اضف تعليق