فترة قصيرة من الامتناع عن استخدام الأشياء التي يحبونها تسمح لهم بالتفاعل على نحو أفضل معها مع بناء علاقة صحية أكثر مع التكنولوجيا. الصيام الرقمي يمكن أن يكون مفيداً. قد يساعد الامتناع عن استخدامها خلال عطلة نهاية الأسبوع على إعادة ضبط السلوكيات بطريقة قد تؤدي إلى التخفيف...
هل تُضيِّع أياماً في تصفح هاتفك الذكي من دون توقف؟ لستَ وحدك من يفعل ذلك. وقد يكون لدى علم الأعصاب طرق تساعدنا على التغلب على هذه الرغبة الملحة...
الهاتف الذكي يشبه إبرة تحت الجلد، تضخ على نحو متواصل جرعاتٍ من ’الدوبامين الرقمي...
تقول هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة Ofcom، إن البريطاني يفحص هاتفه في المتوسط كل 12 دقيقة. وهو في حالة كثيرين منا أول ما نفعله في الصباح وآخر ما نتحقق منه قبل النوم. إنه رغبة قاهرة ملحة ومتكررة تحفزها جزيئات في أدمغتنا.
ويقع اللوم على جزيء بعينه في الغالب في هذا النوع من السلوك هو الدوبامين وهو ناقل عصبي يُشار إليه أيضاً باسم ”جزيء الشعور بالارتياح“ نظراً إلى دوره في نظام المكافأة في الدماغ. لكن الأمر لا يتعلق بالمتعة فحسب، بل إن مستقبلات الدوبامين في الدماغ تتأثر أيضاً بتوقع شيء ممتع. وهذا ما يجعلنا نواظب على فحص هواتفنا.
صُممت ألعاب الهاتف المحمول وتطبيقات الوسائط الاجتماعية للحفاظ على هذه الرغبة القاهرة.
تشبه آنا ليمبكي أستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية من جامعة ستانفورد. الهاتف الذكي بإبرة تحت الجلد تضخ على نحو متواصل جرعات من ”الدوبامين الرقمي“في جسم بلايين المستخدمين.
تقول ليمبكي: ”مثلما تفعل المخدرات والكحول، تنشِّط الوسائط الرقمية الجزء نفسه من أدمغتنا، مما يؤدي إلى إفراز الدوبامين. ومع الاستخدام المتكرر، تتكيف أدمغتنا عن طريق التنظيم بالإنقاص لانتقال الدوبامين“. وهو ما يمكنها فعله عن طريق تقليص مستقبلات الدوبامين لديها.
وتضيف: ”مع التعرض المستمر على نحو كافٍ، تدخل أدمغتُنا في حالة نقص الدوبامين التي تشمل سماتها الاكتئاب والقلق والأرق والعصبية والرغبة الشديدة. وبمجرد حدوث ذلك، فإننا نلجأ إلى الوسائط الرقمية ليس كأداة لإنجاز مهمة محددة… ولكن للخروج من حالة نقص الدوبامين والتوقف عن الشعور بالضيق“.
الإدمان السلوكي مثل الاستخدام القهري لوسائل التواصل الاجتماعي هو موضوع يخضع كثيراً للنقاش. ويعتقد البعض أنه لا ينبغي مناقشته على قدم المساواة مع تعاطي المخدرات، لأنه على الرغم من أن استخدام الوسائط الرقمية يزيد من إطلاق الدوبامين، إلا أنه يفعل ذلك بكميات أقل بكثير من الكوكايين أو الميثامفيتامينات.
ومع ذلك وجد بحث أجرته جامعة براون في العام 2023 أن نحو نصف الفتيات المراهقات اللاتي يستخدمن تطبيق تيكتوك يشعرن بالإدمان عليه.
سواء كنا مدمنين أو لا، فإننا نحن البريطانيين نقضي في المتوسط أربع ساعات يومياً في تصفح هواتفنا ويرغب معظمنا على الأرجح في استعادة بعض من ذلك الوقت. لذا، هل يمكننا استخدام معرفتنا بنظام المكافأة في الدماغ لتخفيف سطوة الهاتف الذكي علينا؟ ربما…
إحدى الأفكار التي ربما سمعت عنها (على إنستاغرام أو تيكتوك للمفارقة) هي صيام الدوبامين.
إنه شكل من أشكال التأمل أو العلاج السلوكي المعرفي، وهي ممارسة نحاول من خلالها الحد من الحوافز القهرية وتغيير السلوكيات. الفكرة هي أن نعزل أنفسنا عن وعي فترةً قصيرة عن الأشياء التي لها تأثير تحفيزي مفرط فينا – وسائل التواصل الاجتماعي، مثلاً.
يدعي مؤيدو الفكرة أن فترة قصيرة من الامتناع عن استخدام الأشياء التي يحبونها تسمح لهم بالتفاعل على نحو أفضل معها مع بناء علاقة صحية أكثر مع التكنولوجيا. ومع ذلك يحذر منتقدوها من عدم وجود أدلة كافية تؤيد هذه المزاعم.
ومع ذلك فإن الباحثين الذين يدرسون الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يتفقون في أكثر الأحيان على أن الصيام الرقمي يمكن أن يكون مفيداً.
تقول داريا كوس، وهي طبيبة نفسية وأستاذة علم النفس من جامعة نوتنغهام ترنت: ”أنا من أشد المدافعين عن الصيام عن وسائل التواصل الاجتماعي. قد يساعد الامتناع عن استخدامها خلال عطلة نهاية الأسبوع على إعادة ضبط السلوكيات بطريقة قد تؤدي إلى التخفيف من الاستخدام الاعتيادي لوسائل التواصل الاجتماعي“.
تقول كوس: ”يُظهر بحثي أن قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة بعيداً عن منصات وسائل التواصل الاجتماعي، في العالم غير المتصل بالإنترنت، يولد مشاعر إيجابية، ويعزز تجارب الترابط ومشاعر الاتصال. لذلك فإن مقابلة صديق لتناول القهوة يمكن أن توفر تجربة إيجابية أكثر من الدردشة معه عبر تطبيق ميسنجر“.
الخلاصة
ابدأ بخطوة صغيرة. إذا لم تتمكن من حذف التطبيقات التي تقضي معها كثيراً من الوقت، فحاول إخفاء هاتفك في الدرج في أوقات معينة من اليوم.
اضف تعليق