لا نريد ان نضم صوتنا الى جانب الأصوات المنادية بعدم جدية استخدام بطاقات الدفع الالكتروني، ذلك لغياب البيئة والبنى التحتية المناسبة للتفعيل، وكل ما نريده هو وضع ضوابط ومحددات للاستخدام تضمن عدم النيل من حقوق المواطنين، وبالتالي لا ضير من فرض التعامل بهذه الطريقة في الأسواق والمولات التجارية...

قرابة الشهرين ستمر على قرار الحكومة بإلزام المواطنين بالدفع الالكتروني لمن يريد التزود بالوقود المُحسن، حيث لاقى القرار ترحيبا من البعض واستياء من البعض الآخر، ولكل فئة مبرراتها في الترحيب وعدم التقبل، فلماذا نخشى التعامل بهذه البطاقات دعونا نستعرض الأسباب.

الدفع الالكتروني من المظاهر التقنية الحديثة التي دخلت البلاد رغم ان العراق متأخر كثيرا في اتباع سياق الدفع الالكتروني، لكن وعلى قول المثل، "كل تأخيره بيها خيرة"، ولعل الخير في تأخير التطبيق هو الاستفادة من الأخطاء التي وقع فيها من سبقنا في التطبيق والعمل على تجاوزها وعدم جعل المواطنين ينفرون من استخدامها مع كمية التحذيرات من آثارها السلبية التي روجتها بعض الجهات الإعلامية.

الحكومة العراقية فرضت تطبيقات الدفع الالكتروني على المواطنين في مسألة التزود بالوقود وبعض التعاملات الرسمية في مديريات المرور، بشكل مفاجئ وسريع جدا، وكان من المفترض ان يسبق هذا القرار حملات توعوية وورش عمل مشتركة مع منظمات المجتمع المدني لترسيخ هذه الثقافة والشروع بالتنفيذ وإلزام المواطنين.

التطبيق بهذه الكيفية دون أدنى مقدمات او إرشادات للاستخدام يضع المواطن في حالة احراج، فهو لم يسبق ان تعامل بهذه الطريقة، الا من اضطر على التعامل فيها عند السفر، وتبقى نسبة الاستخدام منخفضة مقارنة بالتعداد السكاني العام.

لذا حصلت ردة فعل وعدم تقبل وقتي من استخدام البطاقات وطريقة الشحن، ومن حق المواطن ان تتكون لديه هذه الخشية في بداية المشوار، نظرا لغموض الموضوع وعدم وجود قواعد تبين الاستخدام السليم الذي بموجبه يتجنب الفرد الوقوع في الأخطاء، في طريقة التعبئة والدفع وغيرها من التعاملات القابلة للخطأ.

ما كان للحكومة ان تجبر المواطنين على الدفع الالكتروني وهي لم تؤدي الواجبات المناطة بها من الناحية الإعلامية، ففي البلدان المؤسساتية تضع الحكومات خطة عمل طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد لتنفيذ المشروعات بمختلفها، وتسبق الإطلاق حملات مكثفة لتنوير شعوبها وتشجيعها على الاقتناء والاستخدام ومغادرة الطرق التقليدية.

لم تحصل أي عملية تشجيع للمواطن على استخدام بطاقة الدفع الالكتروني ولم توضح مميزات الاستخدام والفائدة التي سيجنيها الفرد من اتباع الأساليب الحديثة في التعاملات النقدية، بينما ركزت وسائل إعلام ولدوافع مختلفة على الأخطاء البسيطة التي رافقت عملية الاستخدام، كأن يتعلق باشتباه موظف في كتابة مبلغ مضاعف او عدم قراءة البطاقة الخ من المشاكل.

الحديث عن ضياع الأموال جل ما يخشاه الفرد العراقي ويحرص كل الحرص على عدم التفريد بألف دينار، لذا يرى في بطاقات الدفع الالكتروني منفذ من منافذ السرقات المبطنة، لذا يحاول وبجميع الوسائل الابتعاد عنها ويتملص الى حين الوصول نقطة الاجبار الفعلي من قبل الجهات الحكومية.

ولا يمكن تبديد الخوف دون توسيع رقعة الوعي الاجتماعي بضرورة التوجه نحو التطور الالكتروني، مع الاستفادة من استراتيجية التجارب والاخطاء التي تتبعها الكثير من الدول للظهور امام المستخدمين بمنظر الحرص على أموال الافراد وعدم خضوع أموالهم للتلاعب من قبل أصحاب النفوس الضعيفة.

ويواجه كبار السن صعوبات كثيرة في الاستخدام، فهم يعانون من امية تقنية ويقعون في العديد من مواقف النصب والاحتيال وبناء على ذلك يكون من المهم وضع شرط او استثناء لهذه الشريحة من الاستخدام، نظرا لأنه يلحق الضرر بهم ويفلت المحتالين من العقاب ولا يوجد من يراقب ذلك.

لا نريد ان نضم صوتنا الى جانب الأصوات المنادية بعدم جدية استخدام بطاقات الدفع الالكتروني، ذلك لغياب البيئة والبنى التحتية المناسبة للتفعيل، وكل ما نريده هو وضع ضوابط ومحددات للاستخدام تضمن عدم النيل من حقوق المواطنين، وبالتالي لا ضير من فرض التعامل بهذه الطريقة في الأسواق والمولات التجارية كما هو شائع في الدول الأخرى.

اضف تعليق