التعلق بمواقع التواصل الاجتماعي أدى في بعض الأحيان الى التضحية بفرص العمل والمدراس والعلاقات الاسرية والروابط الاجتماعية، اذ يوجد من يفضل الجلوس امام الشاشات الذكية دون التفكير بالنتائج المترتبة على ذلك، فقد يؤدي الاستخدام المكثف الى تدمير الحياة والخروج عن الممارسات الطبيعية...
هل يتصور احدكم ان يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي ولا يستطيع مغادرتها سوى ساعات النوم القليلة؟، بالتأكيد لا أحد يتوقع ان يضع الهاتف المحمول على راحة يده لساعات دون الشعور بالملل بل على العكس من ذلك يشعر بالسعادة المطلقة مع مرور الوقت، فهو ذاهب نحو دائرة الإدمان الرقمي الذي يخالف بالطبع الإدمان المألوف.
من مخاطر الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هو الغاء التوقيتات اليومية المعروفة لدى الافراد، فلم يعد النهوض للعمل مبكرا، ولا يحصل النوم في ساعات متقدمة من الليل، تغيرت الساعة البيولوجية للفرد، وتغير معها كل شيء.
فاغلب الأشخاص المنشغلين بتصفح مواقع الشبكات الاجتماعية يصابون بنوع من عدم التركيز والتشتت الذهني الناجم عن الخلل الذي يصيب كهربائية الدماغ، وفي مثل هذه الحالة يشعر المستخدم بالاستمتاع لكنه في وضع خطير يصفه المختصون بالشرود الذهني الذي يصل في بعض الأحيان الى نوبات من التشنج.
من الأشياء المغلوطة في المجتمع ان الإدمان يصيب فقط المتعاطين للمخدرات وغيرها من الحبوب التي تعطى لعلاج الحالات المرضية وتمنع على الاصحاء، لكن الظهور الجديد لمواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام المفرط لها، أدى على المدى الطويل إلى اضطرابات في النوم أو القلق تماما كاستخدام المنشطات التي تستعمل في بعض الحالات المرضية كعلاج نفسي.
برزت قضية الإدمان الإلكتروني بوصفها ظاهرة اجتماعية كبيرة مع تزايد انتشار الإنترنت ودخوله في مفاصل الحياة الفردية، فقد أشار علماء النفس إلى أن ثمة شخصا من بين 200 شخص من المستخدمين تظهر عليه أعراض الإدمان، لافتين الى وجود اشخاص يقضون 38 ساعة أو أكثر على الإنترنت دون عمل أو حاجة تدعو إلى ذلك.
التعلق بمواقع التواصل الاجتماعي أدى في بعض الأحيان الى التضحية بفرص العمل والمدراس والعلاقات الاسرية والروابط الاجتماعية، اذ يوجد من يفضل الجلوس امام الشاشات الذكية دون التفكير بالنتائج المترتبة على ذلك، فقد يؤدي الاستخدام المكثف الى تدمير الحياة والخروج عن الممارسات الطبيعية التي يمارسها أي شخص غير متأثر بهذا المرض.
وكغيره من الامراض فان الإدمان الالكتروني بحاجة الى البحث عن علاج فعال هدفه الأسمى تحرير الفرد المدمن من قيد الإدمان وقهره وذلك من خلال تزويده بأدوات جديدة للعيش بتناغم وسلام، وفي خضم هذه العملية يجب أن نضع نصب أعيننا أن الشفاء هو أيضا عملية معقدة، فكما لا يتطور الإدمان الإلكتروني بين ليلة وضحاها، كذلك يجب ألا نتوقع أن يأتي الشفاء دفعة واحدة، وإنما يحصل ذلك بالتدريج، فالشفاء يعني حياة سليمة بناءة قائمة على تزويد المدمن بالأدوات اللازمة التي تمكنه من أن يحيا حياة معقولة لها هدف ومعنى.
أولى خطوات العلاج من الإدمان على مواقع الشبكات الاجتماعية هو اتباع طريقة تفكير سليمة ينبذ من خلالها جميع الأفكار او الأساليب التي دفعته لان يكون أحد ضحايا هذا الوافد الجديد الذي هاجم الافراد واستولى على الضعفاء منهم بصورة غير متوقعة، اذ لا بد من معرفة هذه الحقيقة والعودة الى العهد القديم وتصرفاته المعتاد عليها سابقا.
يأتي من بين الأمور العلاجية مواجهة المشاكل وليس الهروب عنها محتميا بمواقع التواصل الاجتماعي التي يعتقد انها الملجأ الوحيد اليه في تخليصه من مشاكله الفردية او الحاصلة بمحيطه الاجتماعي، فالمواجهة بهذه الطريقة تفكك الكثير من العقد وتزيح الهموم الجاثمة على صدر الشخص المصاب بهذه الحالة الطارئة.
الحديث عن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي ربما يعد من الأحاديث الطويلة والمتشعبة، لا تكفيه سطور معدودات للإحاطة به من جميع الجوانب، لكن ما نريد الختام به ان الإشارة الى الاضرار الناجمة من الاستخدام لا تعني دعوة لعدم الاستخدام، بل انها تعني أهمية تبني سياسة الاستخدام المعتدل مع وضع ضوابط وحدود للاستخدام، حتى لا نقع في شباك الإدمان الخطيرة.
اضف تعليق