اتساع نطاق عمليات التجسس والقرصنة الالكترونية التي يشهدها العالم في ظل تفاقم المشكلات والازمات الدولية اصبحت وكما يرى بعض الخبراء من اهم واخطر القضايا التي اثارت قلق الكثير من الحكومات والدول بعد الفضائح والتسريبات الكبيرة التي فجرها العميل الأمريكي السابق إدوارد سنودن، خصوصا وان هذه التسريبات التي لاتزال محط اهتمام اعلامي كونها شملت العديد دول وحكومات وشخصيات كثيرة، هذا بالإضافة الى عمليات التنصت الاستخباري التي شملت ملايين الهواتف والحواسيب الشخصية للمواطنين والمسؤولين في الولايات المتحدة الامريكية، وهو ما اسهم بإثارة بعض الازمات والخلافات التي اجبرت بعض تلك الحكومات على اعادة خططها وبرامجها الخاصة بأمن المعلومات.
وفي هذا الشأن فقد ارغمت بريطانيا على سحب بعض جواسيسها من بعض الدول بعدما حصلت روسيا والصين على الوثائق السرية التي حملها معه المستشار السابق في وكالة الامن القومي الاميركية ادوارد سنودن، على ما ذكرت وسائل اعلام بريطانية. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) وصحيفة صنداي تايمز عن مسؤولين كبار في الحكومة واجهزة الاستخبارات ان لندن اضطرت الى سحب عملاء من بعض الدول فيما اوضحت الصحيفة ان هذا التحرك تم بعدما تمكنت روسيا من فك رموز اكثر من مليون ملف.
وقال مصدر في اجهزة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للصحيفة ان "روسيا والصين لديهما هذه المعلومات. وهذا يعني انه تحتم سحب عدد من العملاء وان كشف كيفية القيام بعملياتنا ادى الى توقف عملية جمع المعلومات الاساسية التي نقوم بها". وذكرت البي بي سي على موقعها الالكتروني استنادا الى مصدر حكومي ان الدولتين "لديهما معلومات" حملت على نقل عملاء في الاستخبارات لكنها اشارت الى "عدم وجود ادلة" تفيد بان اي جواسيس تعرضوا للضرر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية اخرى ان الصين حصلت هي ايضا على الوثائق التي تكشف تقنيات الاستخبارات البريطانية والاميركية ما اثار مخاوف من ان يتم التعرف الى عملائهما. ولجأ ادوارد سنودن المستشار السابق في السي اي ايه ووكالة الامن القومي الى روسيا بعدما نقل الى الصحافة كمية هائلة من الوثائق السرية لكشف مدى برامج المراقبة الالكترونية الاميركية وحماية الحريات الفردية.
وتمكن سنودن في سياق عمله من تنزيل 1,7 مليون وثيقة سرية تظهر كيفية مراقبة السلطات مئات ملايين الاشخاص. واكد سنودن في وقت سابقانه لا يمكن لاي جهاز استخبارات فك رموز الوثائق التي حملها معه. غير ان مصدرا في الاستخبارات البريطانية قال لصحيفة صنداي تايمز "نعلم ان روسيا والصين حصلتا على وثائق سنودن وانهما ستدققان فيهما لسنوات بحثا عن ادلة للتعرف الى اي اهداف محتملة".
أوروبا
الى جانب ذلك كان ما تكشف عن عمليات تجسس من جانب الولايات المتحدة في أوروبا سببا في إلحاق الضرر بالعلاقات بين الجانبين ما دفع البيت الابيض لتقديم اعتذار وعزز ذلك شعورا بالرقي الأخلاقي بين الاوروبيين بعد أن توالت التسريبات الواحد تلو الآخر على مدار العامين الماضيين. ورغم ذلك فإن حكومات الاتحاد الاوروبي تعمل على زيادة عمليات مراقبة مواطنيها. بل إن فرنسا التي مازالت تعاني من آثار هجمات الاسلاميين التي وقعت على أراضيها في يناير كانون الثاني أقرت الشهر الماضي قوانين تبيح قدرا كبيرا من التدخل في حياة المواطنين في اليوم نفسه الذي علمت فيه أن عملاء أمريكيين تنصتوا على هواتف رؤسائها.
وفي وقت قريب تراجع البرلمان الاوروبي عن موقفه في معركته لمنع العمل بصلاحيات تتيح تتبع سجلات ركاب الطائرات بين الدول الأعضاء وتبادلها. ومن الأمور التي لا يعرف بها كثيرون أن الاتحاد الاوروبي نفسه الذي يضم في عضويته 28 دولة ينفق كمؤسسة جماعية مئات الملايين على تطوير تكنولوجيات أمنية تقول جماعات الحقوق المدنية إنها تعرض الحق في الخصوصية للخطر.
وقال نيلز مويزنيكس وهو مواطن من لاتفيا يعمل مفوضا لحقوق الانسان في مجلس أوروبا الذي يضم 47 دولة في عضويته ولا يتبع الاتحاد الاوروبي "إن تمويل هذه البرامج ليس مشكلة في حد ذاته. بل إن كيفية استخدام هذه التكنولوجيات هو الذي يثير سلسلة من المخاوف فيما يتعلق بحقوق الانسان." ومع تزايد المخاوف بسبب عنف الاسلاميين حتى قبل وقوع هجمات باريس في يناير كانون الثاني كان انفاق الاتحاد الاوروبي على الأبحاث الأمنية البالغ 1.9 مليار دولار في ميزانية الاتحاد لسبع سنوات بدءا من 2014 يزيد بنسبة 20 في المئة عنه في الفترة السابقة.
ويقدر مسؤولو الاتحاد الاوروبي أن ذلك يمثل نسبة 40 في المئة من كل إنفاق الدول الاعضاء على تطوير هذه التكنولوجيات رغم أن الكثير منها لا يملك القدرة. ومن بين الأولويات القصوى ايجاد سبل لتركيز المراقبة الجماعية للانترنت والبريد الالكتروني والهواتف المحمولة وشبكات التواصل الاجتماعي على من تحوم حولهم الشبهات. وجانب كبير من الابحاث التي يمولها الاتحاد الاوروبي تجريه شركات خاصة بعضها في دول غير أوروبية مثل الولايات المتحدة واسرائيل. وأغلب هذه الابحاث مدون في وثائق المناقصات العامة رغم أن الرجوع إليها عملية تستهلك وقتا طويلا. غير أن حوالي عشر هذا الانفاق يخصص لمشروعات تصنف على أنها شديدة السرية.
وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الأبحاث قد تمس الحريات المدنية قالت ناتاشا برتو المتحدثة باسم اللجنة الاوروبية "محاربة الارهاب والحفاظ على سلامة المواطنين تعني البقاء في حالة استعداد للطواريء... والاتحاد الاوروبي يجمع بين الصناعة والممارسين ويوفر تمويلا لتطوير تكنولوجيات حديثة من أجل مساعدة الدول الأعضاء على تحسين حماية الناس والبنية الأساسية." ووصفت معايير الخصوصية في الاتحاد الأوروبي بأنها من بين الأعلى في العالم وأشارت إلى جهود تبذل لضمان التزام الشركات التي تعمل في مناطق أخرى بقواعد حماية البيانات المعمول بها في الاتحاد الاوروبي. وأضافت "لا أمن دون حرية ولا حرية دون أمن."
وامتنعت شركات شاركت في مشروعات الاتحاد الاوروبي عن التعقيب ومنها ايرباص لصناعة الطائرات وشركة ويند الايطالية للاتصالات. كما امتنعت شركة فيرينت سيستمز الامريكية التي يوجد لها نشاط في اسرائيل عن التعقيب أيضا. وتوضح معلومات اللجنة الاوروبية أن فيرينت تتولى تنسيق أربعة مشروعات أمنية وحصلت على حوالي أربعة ملايين يورو من الاتحاد الاوروبي في الفترة من 2007 إلى 2013.
ورغم إصرار الاتحاد الاوروبي أن النظم تخضع لرقابة قضائية كاملة يشير بعض الخبراء إلى أن برامج الكمبيوتر والأجهزة التي تطورها الشركات بأموال أوروبية والمملوكة لشركات خاصة يمكن أن يستخدمها أي مشتر آخر في المستقبل دون الخضوع لهذه الرقابة. وقال مويزنيكس من مجلس أوروبا إن أدوات المراقبة التي خضعت حتى الآن لتدقيق شديد ربما يصبح استخدامها أسهل مع تشديد الدول الاوروبية لتدابير مكافحة التجسس.
وقالت فرانشيسكا جودينو من شركة بيكر اند ماكينزي الأمريكية للاستشارات القانونية في ميلانو إن التكنولوجيات الأمنية التي يتم تطويرها من خلال مشروعات الاتحاد الاوروبي لها أدوات لحماية الخصوصية مثبتة فيها. والهدف من هذه الأدوات أن تجعل من المستحيل استخدامها دون الصلاحيات القانونية المحلية المطلوبة لأمور مثل التنصت على الهواتف.
وكانت الشركة التي تعمل بها جودينو شريكا في مشروع رعاه الاتحاد الاوروبي لثلاث سنوات يعرف باسم كيبر. واكتمل هذا المشروع قبل تسعة أشهر وأوجد منبرا تستطيع الشرطة والوكالات الأمنية من خلاله تبادل المعلومات التي تم جمعها خلال مطاردة عصابات الجريمة المنظمة. وقالت جودينو إنه في حين أن التكنولوجيات التي تم تطويرها تحت إشراف الاتحاد الاوروبي "محايدة" في حد ذاتها أي أنها لا تمس الحريات المدنية بسوء فلا يوجد ما يضمن كيفية استخدامها بمجرد خروجها من نطاق البرامج الاوروبية.
غير أن مسؤول الاتحاد الاوروبي قال إن المخاوف التي تحيط بمشاركة شركات غير أوروبية في مشروعات أبحاث الاتحاد الاوروبي ليست في محلها. وأضاف "بالطبع تلقى الشركات الاسرائيلية اهتماما. فهي تحصل على الكثير من أموال الاتحاد الاوروبي. لكن الواقع يقول أنها تسبقنا بكثير في التكنولوجيا. وهي تتبادلها معنا." ويقول المسؤولون إن من بين أولويات الاستثمار مجال تكنولوجيا المراقبة الجماعية التي تتيح للوكالات مسح قدر كبير من المعلومات من تسجيلات صوتية وفيديو ونصوص مكتوبة للتعرف على المشتبه به.
ومن هذه التكنولوجيات معدات فحص البيانات لاعتراض المحادثات عبر الانترنت وأجهزة رقمية للدخول عن بعد على أجهزة الكمبيوتر الخاصة وأجهزة آي.إم.إس.آي المحمولة للتنصت على المكالمات الهاتفية وتحليل بيانات شبكات التواصل الاجتماعي واستخلاص البيانات لتحديد مواصفات المشبوعين حسب الأنماط التي يتركون آثارها على الانترنت. كما يجري تطوير تكنولوجيات لفك شيفرات الرسائل المؤمنة والتعرف على الاتصالات المجهلة.
ومثل هذه المشروعات تثير قلق رئيس لجنة الحريات المدنية بالبرلمان الاوروبي كلود موريز وهو نائب من حزب العمال البريطاني إذ يرى تعارضا في المصالح بين تطوير هذه التكنولوجيات والاعتراضات المتكررة من الاتحاد الاوروبي على برامج المراقبة الجماعية التي يديرها شركاؤه الدوليون. ومازال كشف إدوارد سنودن المتعاقد الهارب الذي كان يعمل بوكالة الأمن القومي الامريكية عن برنامج مراقبة جماعية أمريكي للبريد الالكتروني الخاص والهواتف في مختلف أنحاء العالم يثير الشبهات في أوروبا ويسيء للعلاقات الاوروبية الامريكية. بحسب رويترز.
وعززت هذه التجربة معارضة النواب في البرلمان الاوروبي - الذين يتأثرون بشدة بالارتياب الألماني التاريخي في المراقبة الجماعية -لاقتراحات بتبادل سجلات ركاب الطائرات. وبعد عامين من الجدل تمت الموافقة على المشروع أخيرا على مستوى اللجان في البرلمان. وعطل هذا تنفيذ نظام أنفق عليه الاتحاد الاوروبي الملايين. وقال المسؤول الاوروبي المطلع على مشاريع الأبحاث إن الموازنة بين الأمن والحريات تمثل مشكلة. وأضاف "على المستوى الشخصي بالطبع يجعلني بعض من هذا الأمر أشعر بعدم الارتياح. لكن الآخرين كلهم يفعلون ذلك وأوروبا بحاجة للحاق بهم."
بريطانيا
من جانب اخر طالبت منظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق مستقل في ما وصفته بتجسس وكالة استخباراتية بريطانية عليها. وقالت المنظمة إنه من "المثير للغضب" أن تخضع المنظمات الحقوقية للمراقبة. وجاء طلب المنظمة بعد أن أبلغتها هيئة تحقيق بريطانية مستقلة بأن هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي وكالة استخباراتية وأمنية، خرقت القواعد بعد أن احتفظت ببيانات المنظمة لفترة طويلة، رغم أنها كانت تُجمع بشكل قانوني.
وراجعت الهيئة القضائية البريطانية المستقلة حكما سابقا كانت أصدرته ولم يرد فيه ذكر منظمة العفو. وقالت الهيئة القضائية في وقت سابق إن وكالة الاستخبارات فشلت في إلغاء بيانات حصلت عليها من منظمتين حقوقيتين، لكنها أكدت إن ذلك حدث عن طريق الخطأ. وقال رئيس الهيئة، سير مايكل بورتون، في خطاب لمن أقاموا الدعوى: "تعتذر المحكمة عن خطأ حدث في قرارها يوم 22 يونيو/حزيران 2015، وتصوبه".
وجاءت طلبات التحقيق من منظمات غير حكومية من بينها منظمات حرية، والخصوصية الدولية، واتحاد الحريات المدنية الأمريكي، والعفو وبايتس، وقد اتهمت تلك المنظمات وكالات الاستخبارات باختراق اتصالاتهم. ولم تصدر الهيئة القضائية قرارا في كل القضايا الخاصة بالمنظمات السابق ذكرها، مما يعني إما عدم التجسس عليها، أو عدم خرق الوكالة الاستخباراتية لأية قواعد. لكن الهيئة قضت بأن وكالة الاستخبارات لم تتبع الإجراءات الداخلية الصحيحة في حالة منظمات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مصر، ومركز الموارد القانونية في جنوب أفريقيا. وأوضح القرار أن منظمة العفو تعرضت للتجسس، وليس المبادرة المصرية.
وقال الأمين العام لمنظمة العفو "من المثير للغضب أن نكتشف أن الأفعال التي كانت تنسب للحكام المستبدين، تقوم بها الحكومة البريطانية على أراضيها. كيف يمكن أن نقوم بعملنا شديد الحساسية حول العالم، إن كان الحقوقيون والضحايا لديهم ذريعة للشك في أن مراسلاتهم الخاصة معنا ستقع في أيدي الحكومات؟". وأضاف "بعد 18 شهرا من الإنكار والتحايل، تأكد لنا الآن أننا وقعنا ضحية تخابر حكومة المملكة المتحدة، مما يكشف الخروق الهائلة في قوانين المخابرات البريطانية. ولم نكن لندري بذلك حال عدم تخزينهم لبياناتنا أكثر من اللازم. والأسوأ، أن كل ذلك يعتبر قانوني". وعند صدور الحكم الأصلي، قالت الحكومة إنها ترحب بإثبات "أن كل تصرفات الوكالة الاستخباراتية كانت وفقا للقانون".
على صعيد متصل اوصى تقرير برلماني اجهزة الاستخبارات البريطانية بتجنيد مخبرات من ربات البيوت ذوات الاعمار المتوسطة، بخلاف الصورة النمطية السائدة عن عميلة الاستخبارات الشابة والقاسية. وجاء في بيان اللجنة البرلمانية المكلفة شؤون الامن "ان النساء والامهات من الاعمار المتوسطة يتمتعن بخبرة قيمة في الحياة، وقد يشكلن مصدر تجنيد غير مستغل حتى الآن". وقالت هايزل بليرز النائبة من حزب العمال والتي صاغت التوصية "النساء اللواتي لديهن اطفال، وربات الاسر، لديهن تجربة مختلفة في الحياة" قد تكون مفيدة جدا.
وبررت رأيها بالقول "الكثير من المهمات في جهاز الاستخبارات الداخلية (أم آي 5) يقوم على بناء علاقات ثقة على مدى اشهر وسنوات، وليس فقط التواجد في مكان الجريمة". وتشكل النساء حاليا 37 % من عديد عملاء جهاز الاستخبارات الداخلية، وجهاز الاستخبارات الخارجية (ام آي 6)، وجهاز التنصت. لكن نسبتهن تنحسر في المناصب القيادية الى 19 % فقط، فيما نسبة المسؤولات في مناصب حكومية تصل الى 38 %. واشارت اللجنة البرلمانية الى وجود عقبات ثقافية وسلوكية ونظرة ذكورية ما زالت تحول دون تقدم النساء في سلم المسؤوليات في هذه الاجهزة، رغم التقدم المحرز في هذا المجال. بحسب فرانس برس.
وتجتهد اجهزة الاستخبارات في اختراق اوساط الاقليات من خلال تجنيد اشخاص منها في صفوفها، وذلك منذ هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001. وفي هذا الاطار، نقل التقرير عن جوناثان ايفانز الرئيس السابق لجهاز "أم آي 5" قوله "ان كنت تشبهني في مظهرك فانت غير قادر على العمل في المناطق التي نحتاج الى العمل فيها". ويأتي هذا التقرير غداة نشر مجلة "فيغارو مدام" الفرنسية تحقيقا يتحدث عن الصعوبات التي تواجهها النساء العاملات مع اجهزة الاستخبارات الفرنسية في التوفيق بين عملهن وحياتهن اليومية.
روسيا
على صعيد متصل اشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالكشف عن اكثر من 300 جاسوس اجنبي خلال 2014 في روسيا من قبل جهاز مكافحة التجسس الروسي، وذلك خلال اجتماع لقيادة جهاز الاستخبارات. وحيا بوتين اداء زملائه القدامى، كونه كان في الاستخبارات الروسية ومديرا لجهاز الاستخبارات قبل وصوله الى السلطة في 1999. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن بوتين قوله انه "خلال العام الماضي عملت اجهزة مكافحة التجسس بسرعة وفاعلية وانهت انشطة 52 ضابط استخبارات و290 عميلا اجنبيا".
واضاف "من المهم بمكان تحسين حماية المعلومات المتصلة باسرار الدولة ومنع تسريب المعلومات حول جهازنا العسكري وتكنولوجيا الدفاع". وحذر بوتين من "الاستفزازات" التي يمكن ان تفتعلها اجهزة اجنبية قبل الحملات الانتخابية لانتخابات البرلمان والرئاسة في 2016 و2018.
وقال "هناك محاولات اجنبية دائمة للنيل من مصداقية واضعاف السلطات من خلال المنظمات غير الحكومية والجمعيات المسيسة"، موضحا ان التحقيقات ستتواصل ضد الجمعيات التي يشتبه بانها "عملاء للخارج". وتستخدم في روسيا عبارة "عملاء للخارج" للمنظمات غير الحكومية الناشطة سياسيا والتي تتلقى تمويلا من الخارج وهي ملزمة بموجب قانون اقر في 2012 للتسجيل بوصفها كذلك. وقد اعلنت روسيا ودول غربية عن طرد عدد كبير من الجواسيس منذ بداية الازمة الاوكرانية التي شهدت تدهور العلاقات بينهما الى ادنى مستوى منذ نهاية الحرب الباردة.
الى جانب ذلك قال جهاز الاستخبارات السويدي ان ثلث الدبلوماسيين الروس العاملين في سفارة بلادهم في ستوكهولم جواسيس. وصرح كبير المحللين لمكافحة التجسس في جهاز الاستخبارات فيلهم اونغي للصحافيين اثناء تقديم تقرير جهاز الاستخبارات الامني السنوي ان "نحو ثلث الموظفين الدبلوماسيين في السفارة ليسوا دبلوماسيين، بل انهم في الحقيقة ضباط استخبارات". واضاف "هذا العدد ثابت، وهذه هي الحال عاما بعد عام".
وقال ان جهاز الاستخبارات الخارجية وجهاز الاستخبارات العسكرية وجهاز الامن الفدرالي كلها موجودة في السويد. واشار الى ان جواسيس العصر الحالي "على درجة عالية من الثقافة والتعليم واصغر سنا من سابقيهم في العهد السوفياتي، ويتسمون بالدافعية والتصميم والمهارات الاجتماعية. وهم نشطون اجتماعيا". وقال جهاز الاستخبارات السويدي ان التواجد الروسي في السويد يهدف الى الحصول على التكنولوجيا المتطورة "والاعداد لعمليات عسكرية ضد السويد".
وتاتي تصريحات اونغي وسط مخاوف في السويد من عودة الظهور العسكري لروسيا. وفي تشرين الاول/اكتوبر الماضي تم الغاء عملية بحث استمرت اسبوعا كاملا عن غواصة روسية مشتبه بها في المياه قبالة ستوكهولم رغم ابلاغ عدد من المواطنين عن مشاهدتهم لسفن مشبوهة. بحسب فرانس برس.
واعاد البحث الذي شاركت فيه سفن حربية وكاسحات الغام ومروحيات، الى الذاكرة ايام الحرب الباردة ومطاردة الغواصات السوفياتية على طول سواحل السويد. كما رصدت طائرات حربية روسية تخترق الاجواء السويدية العام الماضي ما ساعد على زيادة الدعم الشعبي لدخول السويد، الدولة غير المنحازة، الى حلف شمال الاطلسي. ورفض اونغي التعليق على عدد الجواسيس الذين يعتقد انهم يعملون في السفارة الاميركية في ستوكهولم.
نيوزيلندا و اليابان
من جهة اخرى أظهرت وثائق أن نيوزيلندا تتجسس الكترونيا على جيرانها في جزر المحيط الهادي وإندونيسيا وتتبادل المعلومات مع حلفائها الدوليين. وجاء في الوثائق التي سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن ويرجع تاريخها الى عام 2009 أن وكالة المخابرات الالكترونية في نيوزيلندا اعترضت رسائل بريد إلكتروني واتصالات بالهاتف المحمول والأرضي ورسائل على مواقع التواصل الاجتماعي وأشكالا أخرى من الاتصالات في دول صغيرة بمنطقة المحيط الهادي منها فيجي وساموا وجزر سولومون وبولينزيا الفرنسية.
وتبادل مكتب أمن الاتصالات الحكومية المواد التي جمعها مع وكالة الأمن القومي الأمريكية وتمثل إلى جانب وكالات في استراليا وبريطانيا وكندا "العيون الخمس" لشبكة مراقبة. وذكرت الوثائق ايضا أن ضابطا بمكتب أمن الاتصالات الحكومية تعاون مع مديرية الإشارات الاسترالية في التجسس على شركة الهاتف المحمول الاندونيسية تيلكومسيل. ورفض رئيس الوزراء جون كي التعليق على ما تم تسريبه من وثائق. ورفض المكتب التعليق.
على صعيد متصل قال مشرعون من الحزب الحاكم ان اليابان تفكر في انشاء جهاز مخابرات خارجية ربما على غرار جهاز المخابرات البريطاني (إم.آي 6) بعد 70 عاما من قيام الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية بحل المخابرات العسكرية اليابانية المرهوبة الجانب. وجهاز المخابرات الجديد سيكون جزءا لا يتجزأ من الهيكل الأمني الذي يبنيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وهو يسعى لتخفيف القيود التي يفرضها دستور اليابان السلمي الذي وضع بعد الحرب ويحد من قدرة الجيش على القيام بعمليات عسكرية في الخارج.
وسلطت الاضواء على حاجة مجتمع المخابرات المفكك في اليابان الى اصلاح بعد ان قتل تنظيم داعش اثنين من الرهائن اليابانيين في سوريا وهو ما كشف اعتماد طوكيو على الدول الصديقة للحصول على المعلومات. وأنشأ آبي بالفعل وكالة على غرار وكالة الأمن القومي الامريكية وفعل قانونا صارما خاصا بأسرار الدولة وهو يعمل الان على اصدار قوانين تلغي الحظر المفروض على حق الدفاع الجماعي عن النفس اي تقديم المساعدة العسكرية لدولة حليفة تتعرض لهجوم. بحسب رويترز.
ويأمل مشرعون في حزب آبي الديمقراطي الحر طرح المقترحات في الخريف القادم بعد ان يزوروا دولا مثل بريطانيا إذ من الممكن ان يؤسس جهاز المخابرات الياباني الجديد على غرار جهاز المخابرات البريطاني (إم.آي 6). وقال نائب الحزب الحاكم تاكيشي ايوايا إنه اذا خلص الحزب الديمقراطي الحر والحكومة الى ان هناك حاجة لمثل هذا الجهاز يمكن تفعيل التشريع الجديد العام القادم.
اضف تعليق