تعرف شبكات الجيل الخامس على انها المضمار الجديد للإرسال واستقبال البيانات والتي تختلف عن سابقاتها من حيث سرعة ارسال البيانات واستقبالها، حيث يقدر الخبراء ان شبكات الجيل الخامس لها القدرة على ارسال (1 جيجابات) في الثانية وسيشكل ذلك نقلة نوعية في جودة الاتصال وبيئة التفاعل...
قد ساهم التطور السريع لتكنولوجيا ناقل البيانات خلال السنوات الماضية إسهاما ملحوظا في زيادة القدرة التصارعية بين القوى المتضاربة في البيئة الاستراتيجية العالمية، حيث أحدث الصراع والتنافر الاستراتيجي بين القوى العالمية الفاعلة سيبرانياً الى الانتقال بالاشتباك من دوائر التفاعل التلاحمية التقليدية التي تعتمد على الجيل الثالث والرابع للاتصال والتفاعل الى دائرة تفاعل الجيل الخامس (الواعد) والتي اتكأت الى التفاعلات الالكترونية السريع كمرتكز استراتيجي.
الامر الذي يشير الى بلوج نوع جديد من الصراع والتصاعد الاستراتيجي بأبعاده جديدة يتخذ من وحدات النقل والتخزين البياني (الكمومي) اداة ضابطة لإدارة دفة العمليات السيبرانية، حيث انتج اشكالية كبرى في صياغة مديات الردع والاشتباك القادم بين القوى العالمية الفاعلة، فظهور تحديات كبيرة غير التي تعودنا عليها في بيئة سيبرانية والتي سيغلب عليها طبع الصرع والتنافر وانعدم الامن اكثر من مما كانت عليه، خصوصاً تلك التي تتعلق بمهام الاستخبارات الاستراتيجية الشاملة، وقضايا الحرمان من الخدمة والهجمات على الشبكات الحيوية والبنى التحتية الاستراتيجية الرقمية.
ستختلف نطاقات العمليات السيبرانية في المستقبل القريب عن ماهي هي عليه مع ظهور الجيل الخامس للاتصال، حيث سيتغير مدخلات العمليات السيبرانية في اتجاه مغير عن ما هو عليه في الوقت الحاضر خصوصاً مديات معادلة التوظيف السيبرانية القائمة على (الردع والاشتباك)، اذ تعرف شبكات الجيل الخامس على انها المضمار الجديد للإرسال واستقبال البيانات والتي تختلف عن سابقاتها من حيث سرعة ارسال البيانات واستقبالها، حيث يقدر الخبراء ان شبكات الجيل الخامس لها القدرة على ارسال (1 جيجابات) في الثانية وسيشكل ذلك نقلة نوعية في جودة الاتصال وبيئة التفاعل.
وفي خضم هذه الجيل سيتغير نطاق الاشتباك الإلكتروني الى مديات اوسع من تلك التي اعتدنا عليها، مما يؤدي الى تغييرات جذرية في بنيوية الامن السيبراني في البيئة الاستراتيجية العالمية، هذا التغير سينتج تغييرات جذرية ستلحق منظومات الردع السيبراني في الاقاليم الفاعلية في هذا المجال (شرق اسيا، غرب اوروبا، امريكا الشمالية)، فمعادلة التوازن السيبراني القائمة على توظيف القدرات السيبرانية مع البنى التحية والتي تعنى بآلية اختراق بيانات الطرف الآخر ستعاني من تناقض كبير في حجم المدخلات والمخرجات، حيث القدرات الكبيرة لنقل البينات اعلى من المعهود عليها الامر الذي يفرض وجود خوارزميات تستطيع التعامل مع الكم هائل من البيانات.
ان اشكاليه الامن السيبراني في شبكات الجيل الخامس تشكل عقدة أمنية لدى اجهزة الاستخبارات الدولية، نتحدث هنا على اجهزة الاستخبارات القوى الرائدة في هذا المجال وتحديداً (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، القوى الاوروبية)، ستعاني هذه الاجهزة من عملية تداخل وتنافر للبيانات الاستراتيجية، خصوصاً تلك التي تتعلق بمنظومة الدفاع ووحدات الاتصال (الحكومية، العامة) الامر الذي سيؤدي الى توسيع نطاق التجسس خصوصا من جانب القوى التي ستعمد على تشغيل هذه الشبكات كما في شركة (هواوي) الصينية، وسيؤدي ذلك الى انخلال بنيوي في منظومة أمن المعلومات.
ومن هنا تقف الولايات المتحدة في وجه تطلعات الصين في هذا المجال، من خلال فرض خوارزميات في منظومات اتصال الجيل الخامس تديرها وكالة الامن القومي الامر الذي سيوفر امكانية كبيرة للاستخبارات الامريكية في فرض الرقابة والرصد لمعظم تحركات الصين الاستخباراتية في البيئة السيبرانية خصوصاً في منطقة وسط وشمال واروبا.
واخيراً يمكن القول، ان مستقبل العمليات السيبرانية التي تتعلق بمنظومة الردع والاشتباك الرقمي في نطاق شبكات الجيل الخامس، ستشكل هاجسا امنيا معقدا لدى اجهزة الاستخبارات الدولية لما لها من مردودات كبرى على منظومة الامن والقوة الاستراتيجية في القرن الواحد والعشرين، حيث ستسمح هذه الشبكات بتوسيع رقعة الاتصالات الأفقية والعامودية، الامر الذي سيتيح لها انعاش جيل جديد من العمليات السيبرانية والتي تقتضي مستويات عالية من الاستجابة للتحديات الامنية المقبلة خصوصاً تلك المتعلقة بتوسيع نشاط التفاعلات السيبرانية (الحكومي، العام).
وسيخلق ذلك نوعا شائكا من التحديات الامنية للمؤسسات والدوائر الاستراتيجية، نتيجة اتساع نطاق وافاق الصراع السيبراني، خصوصا وان هذا الجيل من الاتصال له قدرة فائقة على النقل والتخزين البياناتي، مما سيفتح مجالا لتفجير الصراع والاشتباك بين القوى العالمية خصوصا تلك القوى التي لها ضلع كبير في هذا المجال وتحديداً (الصين، الولايات المتحدة، روسيا، القوى الاوروبية)، وسيكون ابعاد الصراع الجيوسبراني متمحورا ما بين منطقة شرق اسيا وصولاً الى اقليم الاورواطلسي.
اضف تعليق