كثرة الاستخدام ادت الى اصابة بعض الافراد بمرض الادمان الذي يعد احد الاسباب الرئيسة لظهور انعزال الافراد عن العالم المحيط بهم وهو ما يؤدي بالنتيجة الى صعوبة الاقلاع عنها بشتى الوسائل قد يجد الانسان الشعور الذي كان يحلم به في الواقع عبر استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي...
لم يكن الحال كما هو عليه قبل اعوام من الآن، كان الجميع يجلس وتتناثر الكلمات وترتفع الاصوات في أحاديث جانبية بعضها جادة وآخر لغرض الفكاهة، سرعان ما دخل زائر غريب غير بوصلة الايام واخذنا لعالم مختلف تماما عما تعودنا عليه.
استبشرنا خيرا بعد ان ادخلت العديد من التسهيلات لانجاز اعمالنا المختلفة عبر شبكة الانترنت، وتضاعف التفاؤل عندما اقتحمت مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا اليومية، حيث تمكنت من تقريب البعيد وابعاد القريب في آن واحد مع تقادم الايام.
ولان الناس ذوو طبيعة اجتماعية فهم ميالون الى التواصل مع الآخرين من اشباهمم بشتى الطرق وبمختلف الظروف والاوقات، مواجهين من اجل ذلك جميع المحاولات التي تحاول النيل من وحدتهم وتجمهم الذي اعتادوا عليه والذي يعد جزء من ماضيهم الجميل.
لشبكات التواصل الاجتماعي تأثير فريد من نوعه وغريب في الوقت ذاته، اذ تمكنت من جعل الافراد يغادرون واقعهم المليئ بالمتناقضات والاحداث اليومية المتكررة وربما تكون مزعجة في بعض الاحيان والمكوث في عالم لونوه بألوان تتلائم ومزاجهم المتقلب بين الفينة والاخرى.
شبكات التواصل الاجتماعية سرقت الفرد من الكثير من واجباته العائلية والاجتماعية وجعلته فردا يعيش وسط عالم افتراضي يرغب في ان يعيشه باالواقع لكن الموانع كثيرة والمعوقات كبيرة حالت دون توفير ذلك العالم على ارض الواقع.
وتوصل باحثون مختصون في دراسات اجروها على شرائح مختلفة من المجتمع الى ان الأفراد اللذين يقضون ساعات طويلة على منصات التواصل الاجتماعي بمختلف اشكالها واصنافها، هم اكثر الأفراد عرضة للانعزال بالمقارنة بزملائهم في اماكن العمل او حتى في المنازل عن اسرهم.
بعض الافراد اجبرو على السير بطريق لم يكونوا راغبين المسير فيه، لكن من دفعهم الى ذلك هو انشغال جميع الافراد الاسرة بهواتفهم الذكية ما جعلهم يركنون نحو هذه الزاوية بحالة الا وعي يقودهم الى ذلك (العقل الجمعي ) متخذين من مواقع التواصل الاجتماعي متنفسا لهم ومكانا للتعبير عن مشاعرهم واهتمامتهم المتعددة.
تجد الافراد في بعض الاحيان يجمعهم سقف واحد وتحدهم مساحة لا تتجاوز بعض الامتار، لكن الحقيقة مختلفة تماما، فهم يجوبون بمخيلتهم اصقاع العالم المختلفة لتبادل اطراف الحديث مع افراد يبعدون آلاف الاميال عنهم فتجدهم يبتسمون لا شعوريا، ويعملون بعض التصرفات لا اراديا منغمسين بعالم افتراضي مترامي الأطراف .
وبذلك تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من سحب الفرد من الممارسات الاجتماعية وجعلته يميل في اغلب تصرفاته الى الانطوائية، حيث اثبتت الدراسات ان من يتبع هذه التصرفات غالبا ما يعاني من الاكتئاب والتوتر والملل، ويرى في الانترنت وسيلته الوحيدة والناجعة لتفريغ ما يدور بخلجاته وإشباع حاجاته النفسية والاجتماعية.
فالبعض لا يجيد مهارات التواصل الاجتماعي مع ابناء جلدته، ويتخذ من شبكات التواصل الاجتماعية مطيته التي يوصل من خلالها افكاره وآراءه حول المواضيع اليومية الشخصية او العامة على حد سواء.
ازدياد الوقت الذي يقضيه الفرد على مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة ان يعطي نتائج ايجابية وهي اتساع دائرة علاقاته الاجتماعية واضافة صداقات جديدة الى قائمة اصدقاءه، بل قد يحدث العكس تماما وهو ارتفاع نسبة الشعور بالوحدة والانعزال عن العالم الحقيقي.
الكثير من الاشخاص يحرص على استخدام هاتفه النقال حتى مع تناوله وجباته الغذائية وهذا بحد ذاته يدعم وجهات النظر القائلة ان زياردة الاستخدام تضاعف من حالة عزلة الافراد عن محيطهم الذي يعيشونه ويعملون فيه.
كثرة الاستخدام ادت الى اصابة بعض الافراد بمرض الادمان الذي يعد احد الاسباب الرئيسة لظهور انعزال الافراد عن العالم المحيط بهم وهو ما يؤدي بالنتيجة الى صعوبة الاقلاع عنها بشتى الوسائل.
قد يجد الانسان الشعور الذي كان يحلم به في الواقع عبر استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي فأصبح لا يبالي بالاصوات الرافضة لهذا الانطواء ويستمر في الرزوخ تحت رحمة هذه المنصات التي وجد بها ضالته الباحث عنها في ميادين الحياة المتشعبة.
في ظل ما آلت اليه الاوضاع بالمجتمعات الانسانية نتيجة التطور المتسارع في الجوانب الحياتية كافة وعلى وجه الخصوص الشبكة الكونية وما تمخض عنها من منصات للتواصل الاجتماعي، لابد من التأكيد على وضع الحلول اللازمة والاساليب الناجحة للتعامل مع تلك التقنية التي لو بقي الحال يسير بهذا المنوال نصل الى حافة الهاوية وربما السقوط من شاهق.
على المؤسسات التربوية والاجتماعية مؤسسات المجتمع المدني والإعلام وغيرها من المرافق التثقيفية ان يعوا الدور المناط بهم تجاه المجتمع وهو العمل على تصحيح الخلل الحاصل في المنظومة القيمية المجتمعية واستئصال ما يشوه الصورة الناصعة للمجتمعات الاسلامية التي بنيت على المحبة والالفة بين افرادها، وإذكاء القيم والأخلاقيات والأفكار التي تترجم بالنتيجة سلوكيات صحيحة تعبر بالفرد صوب الاهتمام بما ينفع اكثر مما يضر و الابتعاد قليلا عن هذه الوسائل حتى لا ندخل فى دوامة ودائرة الوحدة والانقطاع عن العالم القريب بوهم مواكبة التحضر والحداثة .
اضف تعليق