q
في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لتحصد المرتبة الاولى في الدول الاكثر سرعة انترنت، يتراجع العراق الى ذيل القائمة في التصنيف العالمي، في ظل صمت الجهات المسؤولة عن ايجاد الحلول لموضوع أصبح العصب الرئيس للحياة، واستنكار شعبي غير مجدٍ.

في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لتحصد المرتبة الاولى في الدول الاكثر سرعة انترنت، يتراجع العراق الى ذيل القائمة في التصنيف العالمي، في ظل صمت الجهات المسؤولة عن ايجاد الحلول لموضوع أصبح العصب الرئيس للحياة، واستنكار شعبي غير مجدٍ.

قفزة نوعية

يبدو ان الازمة المالية التي مر بها العراق السنوات الماضية، بدأت تظهر اثارها على الجسد المؤسساتي للدولة، منذ ما يقارب الشهرين تعاني منظومة الانترنت من تلكؤ حاد في عملية تجهيز المواطنين، بسبب فقدانها ما يقارب 40 لمدا شهرياً، اذ تبلغ قيمة المدا الواحدة مليون دولار، والمدا وحدة قياس سعات الانترنت وتساوي 10G.

ادى ذلك الى ضعف كبير في خدمات الاتصالات، بحسب تصريح للنائب هدى سجاد لمصادر اعلامية والذي بينت فيه: "هيئة النزاهة وبالتعاون مع مكتب المفتش العام لمحافظة كركوك تم ضبط اكبر عملية تهريب لسعات الانترنت، من خلال قيام شركة سيمفوني ايرثلنك، بتشغيل المشروع وتهريب السعات".

وفي الوقت الذي اكد فيه وزير الاتصالات حسن الراشد في مؤتمر صحافي ان مطلع نيسان المقبل سيشهد قفزة نوعية في خدمات الانترنت في العراق، استيقظ الراشد في اليوم الثاني على انقطاع شبه تام وعجز عن معالجة المشكلة، ففي اول مؤتمر صحافي له في كانون الثاني الماضي قال الراشد: ان قطع حصل في الكابل الضوئي الذي يجهز العراق بالانترنت، على عمق 130 كم في دولة قطر باتجاه مملكة البحرين، وسيتم معالجة الامر سريعاً.

وفي مؤتمر اخر يتهم الراشد شبكات الاتصال بالتقصير في تحسين خدماتها التي تقدمها، مشيراً الى امكانية دعوة شركات اخرى من اجل الحصول على خدمة افضل.

على من تقع المسؤولية؟

يرى بعض المحللين السياسيين ان الهزة التي حطمت حلم الانفصال الكردستاني، كان لها اثار ارتدادية واسعة النطاق، أبرزها كان التلاعب بالمفاصل التي يحكم الكرد قبضتهم عليها، اذ يستحوذ الكرد على ما يقارب 70% من شركات الاتصال، وان العزلة الالكترونية التي يمر بها البلد كانت ضربة اربكت المعنيين في الحكومة المركزية، ويؤكد المحللون على ان القطع في الكيبل الضوئي ماهي الا اشاعة لايجاد مخرج لهذه الازمة، اذ لم نسمع الى الان اي دولة من الدول المشتركة مع العراق ان لديها توقف او حتى مجرد خلل في الانترنت، ما يعني ان هذا الانقطاع تقف وراءه جهات سياسية او حزبية، المراقبون اشاروا الى ان في الوقت الذي تستمر فيه خدمة الـ(3G)بشكل طبيعي، يستمر الانهيار في منظومة شبكات الانترنت، مما يفسر بان لاعلاقة للكيبل الضوئي بالمشكلة.

رئيس لجنة الخدمات في مجلس النواب ناظم الساعدي يرى ان الخلل ناجم عن ضغوط يمارسها الوزير من اجل تشغيل الكيبل الضوئي الذي تعرض للاستجواب بسببه، والذي لم يصادق البرلمان على القناعة من عدمها باجوبته.

يذكر ان الكيبل الضوئي مشروع اعدته وزارة الاتصالات لتجهيز المحافظات بسعات الانترنت، بعد ان خسرت وزارة الاتصالات صفقة مد الكيبل الضوئي لجميع المحافظات، منح وزير الاتصالات حسن الراشد لشركة سيمفوني ايرثلنك الاذن لتجهيز خدمة الانترنت في البلاد لمدة 20 عاماً بسعر رمزي، بالاضافة الى رداءة الخدمة اصبح الامن المعلوماتي للدولة مباحاً للشركة الاماراتية حسب ما اكده الخبير بالامن المعلوماتي والاتصالات المهندس حسن علوان.

في الوقت نفسه وفي ظل الازمة التي بدأت تتفاقم يوماً بعد اخر، الراشد اتجه للاستعانة بالدول التي صنفتها منظمة مراسلون بلاحدود بانها "اعداء الانترنت" وهي ايران وكوبا وكوريا الشمالية والصين، اذ ذكرت وزارة الاتصالات في بيان على موقعها، ان الراشد وقع مذكرة تفاهم مع الجانب الايراني من اجل القيام بمشاريع بتحسين خدمات الانترنت من خلال تبادل الخبرات مع الايرانيين، ويشار الى ان الحكومة الايرانية اصدرت بيانا تقضي فيه تخفيض سرعة الانترنت الى 128 ميكابايت في الثانية، اي مايساوي اقل ب 50 مرة من السرعة في الدول الاوربية.

رئيس مهندسي دائرة اتصالات كربلاء رائد عبودي اكد ان المحافظة تشهد استنفاراً لطواقمها الهندسية من اجل توفير افضل خدمة للمشتركين، مبيناً ان الاسباب الحقيقية لضعف الانترنت الى الان مجهولة، وان مشكلة الكيبل الضوئي لم تؤثر على جودة الخدمة منذ 2014 الى وقتنا الحالي في محافظة كربلاء، موضحاً ان بالامكان توفير سعات بديلة اذا كانت المشكلة محلية،الا ان القضية مركزية وتعمل وزارة الاتصالات بامكانياتها من اجل انهاء هذه الازمة، واستبعد العبودي ان يكون هناك تدخلا سياسياً في ذلك، مشيراَ الى ان شركات الهاتف النقال واستمرار خدمة 3G دليل على عدم وجود مشكلة في الشبكات، اذ اننا نجهز شركات الهاتف النقال من بدالات خاصة داخل الدائرة.

واخيراً مسكنا الحوت

في صفحته على الفيس بوك، نشر المحلل السياسي هادي جلو مرعي مقالاً تناقلته الصحف العربية ووسائل الاعلام، قال فيه: اخيراً مسكنا الحوت الذي عض الكيبل الضوئي، الذي ينقل حزم الانترنت عبر البحر الى البر العراقي، وبوسائل تقنية عالية دون الحاجة الى شباك صيد، اذ ان حسناء من العالم الرقمي تمكنت من تخدير الحوت الذي تسبب في قطع الكيبل، ويتم الان احتجازه داخل اروقة الحكومة، للتحقيق معه ومعرفة اذا كانت الحركات الماسونية لها يد في قطع الكيبل العراقي، مطالباً الحكومة بالكشف عن الاسباب ومحاسبة الشركات التي تقوم بسرقة المال العام.

المواطنون بدورهم عبروا عن استيائهم كما في كل مرة تخفق الحكومة في توفير الخدمات الضرورية على الاقل لهم، اذ يؤكد الناشط المدني محمد العرداوي "ان هذا الاستياء اذا تحول الى سخط شعبي قد يتسبب في مشكلة بالاستقرار الامني والاجتماعي داخل البلد، لان كل مفاصل العمل والمال والتقنيات الطبية وكل مايتعلق بالفرد اصبح اليوم مرتبطاً بالانترنت".

ويتسأل اصحاب ابراج الانترنت هل ستحاسب الحكومة الشركات المجهزة المسؤولة عن سرقة اموال الشعب؟، اذ ان الاشتراكات الشهرية عالية الكلفة مقارنة بسوء التغذية من المصدر، جواد عودة صاحب احد الابراج يقول: نتعرض الى ضغط من الاهالي بسبب الانقطاع شبه التام للانترنت، في الوقت الذي عجزت الجهات المسؤولة عن ايجاد السبب او وجدته وفضلت عدم الافصاح عنه.

كيف يمكنني انا المواطن ان اجد لهم اجوبة مقنعة، اضافة الى الخسائر المادية التي تعرضنا لها بسبب عدم الافادة من الاشتراك على الشبكة، مما يضطرهم الى تفعيل الخدمة على شبكة الهاتف النقال من زين واسياسيل وكورك وغيرها.

ويرى مواطنون اخرون انها ضغوط تمارسها الاحزاب على الشعب من اجل الوصول الى غاياتها، خصوصاً وان العراق مقبل على استحقاق وطني كبير، قد يقلب الطاولة على من هم في اصدارة المشهد السياسي اليوم.

اضف تعليق