لم تعد مهنة الصحافة والإعلام حكراً على الصحفيّين أو المُشتغلين في وسائل الإعلام؛ حيثُ أتاح التطوّر التكنولوجي مشاركة الأفراد العاديّين الذين لا يملكون الخبرة في طريقة نقل الخبر أو صياغته، وحتّى استخدام الكاميرا وفق المعايير المُتعارف عليها في هذه المهنة، ونقصد بالتطوّر التكنولوجي: ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، التي يصطلح البعض على تسميتها أيضاً بوسائل الإعلام الاجتماعي، مثل فيسبوك، ويوتيوب، وإنستغرام، وتويتر، والمدوّنات وغيرها، وفي هذا المقال سوف نتعرّف أكثر على وسائل الإعلام الاجتماعي.
حيث تفند دراسة جديدة وجهة نظر المتفائلين باستمرارية الصحافة الورقية، وتكشف عن هجرة القراء إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية، بمن فيهم المهتمون والمتابعون دائما لمقالات الرأي، الأمر الذي يعزز من نظرية تلاشي الصحف خلال العقد القادم.
ويرى خبراء الاعلام والاتصال ان هذا النوع من الإعلام يسعى إلى محاولة تطبيع المجتمعات الأخرى يبعضها وان كانت هذه المجتمعات تختلف في ثقافتها وعاداتها وتقاليدها ومن هنا فان الإعلام الاجتماعي يحاول الوصول بالمجتمع إلى حالة التثاقف وخوض التجربة التعليمية والإرشادية والتوجيهية إذ يهدف الإعلام الاجتماعي في هذه الحالة إلى مخاطبة عقلية المجتمع وهو يستخدم أسلوب التأثير الانفعالي ومحاولة حصول على استجابات وردود الأفعال مرتبط ذلك بظروف زمانية ومكانية وفي الأوان الأخيرة زادا التأثير بفعل التطور التكنولوجي وظهور وسائل إعلام جديدة مثل القنوات الفضائية وعالم الانترنت وما لحقت به من وسائل تواصل عدة.
مثال على ذلك، بعد الإشادة بفضل الاعلام الاجتماعي في كل شيء من إشاعة الديمقراطية الى المساهمة في إسقاط أنظمة دكتاتورية يبدو أن شهر العسل انتهى الآن، وأظهر استطلاع جديد أن 24 في المئة فقط من البريطانيين يثقون بمواقع مثل تويتر وفايسبوك وانستاغرام حين يبحثون عن اخبار ومعلومات.
على صعيد ذي صلة، هددت روسيا بحجب "يوتيوب" و"إنستغرام" إن لم يزيلا صوراً ومقاطع فيديو متعلقة برجل الأعمال الروسي، أوليغ ديريباسكا، الأوليغارشي المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، من جهتها قدمت وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسن خطتها لمكافحة رواج الأخبار الكاذبة. وقد جعل الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي استهدفه هذا النوع من الأخبار خلال حملته الانتخابية، هذه المسألة من أولوياته.
الى ذلك يراقب خبراء وسائل التواصل الاجتماعي عن كثب أثر التعديل الأخير الذي أعلنته شبكة فيس بوك الخميس، على صفحات وسائل الإعلام وعلى الدعاية في المنصة الرقمية الأكثر شعبية بالعالم. واللافت، أن المنشورات لن تظهر بعد اليوم بشكل تلقائي على شريط الأحداث لمستخدم يتابع صفحة وسيلة إعلامية أو ماركة تجارية، إلا إذا تداولها أقرباؤه.
وعليه أن الإعلام الاجتماعي بكافة أشكاله سواء كان إعلاما تربويا أو إعلاما نفسيا أو إعلاما سياسيا أو إعلاما اجتماعي سواء كان إعلاما محليا أو دوليا وعالميا فأنه يخضع لقواعد السلوك المهني التي تتضمن تحري الدقة في مصادر الإخبار والمعلومات وممارسة العمل الصحفي بحرية ومسؤولية وتقييد العاملين في مجال الإعلام الاجتماعي بسلوكيات مهنة الإعلام وأخلاقيات الصحافة إذ يسهم في خلق جواً من الثقة بين الإعلاميين والجمهور ما ينتج عنه تقبل الجمهور لتوجيهات وإرشادات الإعلام الاجتماعي ونتيجة لهذه الثقة ستتولد ثقة متبادلة بين الطرفين يحقق الإعلام الاجتماعي نجاحه في توصيل رسائله الإعلامية للجمهور وهذا ما يهدف له الإعلام الاجتماعي.
غالبية البريطانيين لا تثق بالإعلام الاجتماعي
بعد الإشادة بفضل الاعلام الاجتماعي في كل شيء من إشاعة الديمقراطية الى المساهمة في إسقاط أنظمة دكتاتورية يبدو أن شهر العسل انتهى الآن، وأظهر استطلاع جديد أن 24 في المئة فقط من البريطانيين يثقون بمواقع مثل تويتر وفايسبوك وانستاغرام حين يبحثون عن اخبار ومعلومات.
وبحسب مؤشر إيدلمان للثقة هذا العام، فإن أيام كان الاعلام الاجتماعي يعتبر مدرسة للصحافيين المواطنين، وقام بدور مشهود في الربيع العربي انتهت. وبدلاً من سمعته تلك تضافرت الأخبار الكاذبة وترويج الأفكار المتطرفة والبلطجة الالكترونية وتأثر الأطفال بتطبيقات مثل سناب تشات وواتس آب لتلحق كلها ضرراً فادحاً بمصداقية مواقع التواصل الاجتماعي.
واللافت كما وجد استطلاع مؤشر إيدلمان للثقة أن تأييد الاعلام التقليدي ازداد بنسبة كبيرة بلغت 13 في المئة الى 61 في المئة وهو اعلى مستوى من التأييد تناله وسائل الاعلام التقليدية منذ عام 2012، وقالت ايمي اوربن العالمة النفسية المختصة بالاعلام الاجتماعي والاستاذة في جامعة اوكسفورد "إن شركات الاعلام الاجتماعي تمر بما شهدته بعض منافساتها التقليدية وقت انطلاقها"، واوضحت اوربن ان الاهتمام تزايد بشركات الاعلام الاجتماعي مثل أي تكنولوجيا جديدة في بداية ظهورها، ولكن المواقف تغيرت خلال العام الماضي ونُشرت احصاءات مثيرة للقلق دفعت الخطاب العام الى التغيير، وهذه الأرقام تعبير عن ذلك.
ومن مظاهر هذا التغيير صدور جملة تقارير تحذر من الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على صحة الأطفال العقلية. كما اتُهم الاعلام الاجتماعي بتشجيع البلطجة الالكترونية وزيادة مشاعر القلق بشأن قوام الجسم والمسؤولية عن مشاكل النوم والقلق والكآبة والوحدة، وقال أحد التقارير إن مواقع التواصل الاجتماعي من الأسباب الرئيسية للزيادة الحادة في أعداد الأطفال الذين يدخلون المستشفى بعد إيذاء أنفسهم.
واعترف رئيس آبل التنفيذي تيم كوك مؤخراً بأنه لا يريد أطفال عائلته أن يستخدموا الشبكات الاجتماعية فيما قال تشاماث باليهابيتيا المدير السابق في فايسبوك، "الله وحده يعلم ما تفعله بأدمغة اطفالنا".
ووجد مؤشر إيدلمان للثقة في استطلاعه السنوي الثامن عشر الأخير أن 64 في المئة من البريطانيين يرون أن شركات الاعلام الاجتماعي لا تخضع لضوابط كافية واتفق 69 في المئة على انها لا تفعل ما يكفي لمنع البلطجة، ورأى 70 في المئة عدم وجود اجراءات كافية لوقف التصرفات اللاأخلاقية أو النشاطات الممنوعة على الشبكات الاجتماعية، وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة إيدلمان في بريطانية ايد وليامز إن البريطانيين وجهوا رسالة الى عمالقة الاعلام الاجتماعي يطالبون فيها بالتغيير وآن الأوان أن تستمع هذه الشركات.
روسيا تهدد بحجب "يوتيوب" و"إنستغرام"
هددت روسيا بحجب "يوتيوب" و"إنستغرام" إن لم يزيلا صوراً ومقاطع فيديو متعلقة برجل الأعمال الروسي، أوليغ ديريباسكا، الأوليغارشي المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، وتعمل هيئة مراقبة الاتصالات في روسيا على منع الوصول إلى تحقيق نشره زعيم المعارضة أليكسي نافالني على الإنترنت يزعم أن نائب رئيس الوزراء سيرغي بريخودكو قبل ضيافة مترفة من ديريباسكا الذي ارتبط اسمه برجل الأعمال الثري ببول مانافورت، الرئيس السابق لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس"، الأربعاء، يأتي ذلك بعد الانتشار الواسع لمقطع فيديو نشره نافالني، الخميس الماضي، في "يوتيوب" اتهم فيه ديريباسكا، برشوة نائب رئيس الوزراء الروسي ومساعد بوتين السابق، سيرغي بريخودكو، عن طريق تسليته في رحلة على متن يخت مع عدد من النساء وُصفن بالمرافقات. وقالت وكالة "بلومبيرغ" أن 6 فيديوهات وصور فاضحة أخرى تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر خلالها بريخودكو وديريباسكا برفقة إحدى الفتيات العارية على متن يخت وسط البحر.
وقدم ديريباسكا طلباً إلى محكمة أوست لابينسك، لإلزام إدارة موقع تبادل الصور "إنستغرام" بمسح 14 منشوراً و6 مقاطع فيديو باعتبارها "انتهاكاً لخصوصيته"، وطالبت العريضة بإغلاق حساب الناشط السياسي المعادي للكرملين أليكسي نافالني، الذي استشهد بمقاطع الفيديو والصور فى إثبات وجود صفقات تتعلق بالفساد الداخلي بالبلاد بين رجل الأعمال الروسي ورئيس الوزراء بالبلاد.
وأكدت معلومات متقاطعة أن هيئة مراقبة الاتصالات أدرجت عريضة الدعوى بالقائمة السوداء، موجهة تهديداً لإدارة "إنستغرام" و"يوتيوب" بضرورة مسح المحتوى، وإلا فإنهما سيواجهان خطر الحجب في البلاد خلال أيام قليلة، مع الإشارة إلى أن الفيديو حقق أكثر من مليون مشاهدة وآلاف المشاركات خلال 24 ساعة من نشره، الأسبوع الماضي.
وفي بيان صحافي، رد بريخودكو على استفسارات طُرحت حول الفيديو المذكور: "كنت سأرد عليه كرجل، لكنني سأبقى ضمن الإطار القانوني"، مضيفاً أنه ليس على معرفة برئيس الحملة الانتخابية السابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بول مانافورت، خصوصاً أن اسم الأخير برز ضمن التحقيقات الأميركية في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في الولايات المتحدة العام 2016، واستند تحقيق نافالني إلى البيانات مفتوحة المصدر وصور من "إنستغرام" وفيديوهات حملتها امرأة، تدعى ناستيا ريبكا، التي ألفت كتاباً حول كيفية إغواء أصحاب المليارات.
وفي مقابلة مع التلفزيون الروسي، العام الماضي، قالت ريبكا أنها وُظفت من قبل وكالة عرض أزياء، لقضاء بعض الوقت على يخت ديريباسكا. وربط التحقيق رحلة اليخت بتفاصيل جنسية ذكرتها ريبكا في كتابها، وأثار الشكوك من أن هذا الاجتماع المذكور مرتبط بشكل من الأشكال بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة العام 2016.
ويوم الجمعة الماضي، هدّد ديريباسكا الذي يملك إحدى أكبر المجموعات الصناعية في روسيا بمقاضاة وسائل الإعلام لأنها نقلت الأخبار، معتبراً أن تحقيقات نافالني "جزء من حملة مخططة هدفها تشويه سمعته"، مضيفاً في بيان: "أريد تحذير وسائل الإعلام من نشر هذه الادعاءات البغيضة ... سأقمع بشدة أي محاولات لنشر وتدفق أخبار ومعلومات كاذبة، عبر الوسائل القانونية المتاحة كلها، وسأدافع عن شرفي وكرامتي في المحكمة".
وحتى يوم الإثنين، كان الفيديو متاحاً في روسيا، وتمّت مشاهدته أكثر من 4 ملايين مرة. كما تمت تغطية الخبر من قبل وسائل الإعلام الروسية المستقلة. علماً أن "يوتيوب" لم يقرر بماذا سيردّ على الإشارة القانونية، حسبما أشار شخص مطّلع على القضية لصحيفة "نيويورك تايمز". وأبلغ "يوتيوب" رافع الفيديو بالإشارة لكنه لم يطلب إزالته حتى الآن. وأضاف المصدر أنّه إذا قرر "يوتيوب" الامتثال، فهو لن يحذف الفيديو من المنصة حول العالم، بل سيحجب الوصول إليه في روسيا فقط. فيما لم يصدر أي تعليق من إنستغرام" بعد.
تأتي هذه التحقيقات مع توجه روسيا نحو انتخابات رئاسية، في آذار/مارس المقبل، يتوقع فيها فوز الرئيس الحالي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة، فيما وصف رئيس "منظمة الشفافية الدولية في روسيا"، إيليا شومانوف، الأسبوع الماضي، التحقيق بـ "المثير للاهتمام"، لاستخدامه وسائل التواصل الاجتماعي في تحديد وفضح العلاقة المزعومة بين الأوليغارشية الثرية والسلطة السياسية.
فرنسا: مشروع القانون ضد "الأخبار الكاذبة" يتضح
وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزيرة الثقافة فرانسواز نيسن اللمسات الأخيرة لمشروع مكافحة الأخبار الكاذبة على الإنترنت. وقدم مشروع القانون من أجل مصداقية وموثوقية المعلومة، للناشرين الإعلاميين الثلاثاء 13 فبراير/شباط الجاري، ويهدف إلى نفض الغبار عن الترسانة القضائية الموجودة لتتأقلم مع العهد الرقمي.
يتضمن هذا المشروع التزامات جديدة لفيس بوك وتويتر ووسائل التواصل الاجتماعي عموما، ونفوذا أكبر للمجلس الأعلى للسمعي البصري، وإمكانية رفع دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة خلال فترة انتخابية... فلا يريد الرئيس الفرنسي أن تتكرر مستقبلا حملات تضليل إعلامي مماثلة للتي طالته خلال الحملة الانتخابية في 2017.
خلص ماكرون إلى أن الأحكام الموروثة عن قانون 1881 حول حقوق الصحافة، الذي حدد حرياتها ومسؤولياتها، لا تكفي. فبالنسبة لهذا النص الأساسي، تتمثل جنحة "الخبر الكاذب" في نشر معلومات خاطئة "عبر الصحافة أو أي وسيلة نشر أخرى". تعريف يبقى غير دقيق وعاجز عن الإشارة إلى التغريدة الكاذبة أو الفيديو الخادع أو الذي يحمل فيروسات. ويكمن بذلك المشكل في قانون "غير متأقلم مع الحياة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تميزها سرعة النشر وسهولة تحول أي كان إلى ناشر"، حسب أنطوان شيرون محامي مختص في حقوق التكنولوجيات الإعلامية الحديثة.
ستتيح الإجراءات الجديدة إنزال العقاب قبل فوات الأوان واستهداف الحسابات الوهمية (ميزت تويتر في روسيا) والمقالات الكاذبة على الإنترنت، على حد سواء. وستولى أهمية خاصة لهذا الملف خلال الفترات الانتخابية. ويقول المحامي الفرنسي "يستهدف القانون الجديد قناتين: الأولى تتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار فيس بوك والثانية في وسائل الإعلام الخاضعة لتأثير قوة أجنبية – وبالأساس روسيا".
لذلك ولمدة خمس أسابيع قبل اقتراع ما، سيتاح للمجلس الأعلى للسمعي البصري "تعليق وسيلة إعلامية خاضعة لتأثير" جهة ما، ويعني ذلك سحب ترخيص موقع إلكتروني أو تلفزيون مقرب من حكومة ويبث أخبارا خاطئة. سيكون لـ "جندي" الإعلام أيضا حق أن يطلب من منصات على غرار يوتيوب وفيس بوك، نشر أسماء داعمي مقالات أو حملات على الإنترنت بهدف التأثير على تصويت استنادا إلى براهين كاذبة. وسيفرض على هذه المواقع كشف المبالغ المالية التي أنفقت على حملات التضليل.
وبنفس الهدف، أي سرعة رد الفعل، يمكن لأي "شخص معني" بأن يرفع دعوى لدى قاضي الأمور المستعجلة لإيقاف انتشار الأخبار الكاذبة التي تروج بصفة "مكثفة واصطناعية". لكن يبقى هذا الإجراء خاضعا لشرط فيؤكد أنطوان شيرون "يجب على القاضي أن يحدد ليس فقط أن الخبر خاطئ، بل وإثبات سوء نية الشخص الذي نشره وإظهار صفة "الإخلال بالأمن العام"، وهو أمر ليس هينا".
هجرة القراء إلى مواقع التواصل تعزز نظرية تلاشي الصحف
أظهرت دراسة حديثة الفجوة الكبيرة بين وسائل الإعلام التقليدية مقارنة بمثيلتها الإلكترونية، وهجرة غالبية القراء للصحافة المطبوعة، وكشفت الدراسة التي استندت إلى استبيان متخصص شمل 10 آلاف مشارك من عينات مختلفة في أكثر من 14 دولة حول العالم أن ما نسبته 36 في المئة من المشاركين لا يقرأون وسائل الإعلام التقليدية وبخاصة الصحف المطبوعة وأن ما نسبته 46 في المئة يتابعونها بشكل متقطع و6 في المئة يتابعون هذه الصحافة مرة واحدة أسبوعيا، فيما بلغت شريحة المتابعين للصحف المطبوعة وبشكل يومي ما نسبته 12 في المئة، وتعكس نتائج الاستبيان واقع الصحافة المطبوعة في الوقت الحالي في ظل ثورة المحتوى الإلكتروني التي يشهدها العالم والتي دفعت بغالبية وسائل الإعلام التقليدي إلى التحول الرقمي والاستثمار في هذا القطاع المتنامي، والذي يعزز من نظرية تلاشي الصحف المطبوعة خلال العقد القادم، بالرغم من الجدل الذي يجتاح العالم حول أهمية قطاع الصحافة المطبوعة وإمكانية بقائها.
وأوضحت الدراسة أن ما نسبته 42 في المئة ممن شاركوا في الاستبيان يفضلون الحصول على الأخبار العالمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين يتابع 24 في المئة منهم المواقع الإخبارية الإلكترونية تليها المحطات التلفزيونية بنسبة 20 في المئة وتطبيقات الهاتف المحمول بنسبة 8 في المئة، ومن ثم الصحف بنسبة 4 في المئة والإذاعات بنسبة 2 في المئة.
وكشفت الدراسة أن أكثر من 54 في المئة من الأشخاص الذين شاركوا في استفتاء الرأي الذي أجرته المنصة الإعلامية المتخصصة “أومينيس ميديا”، يفضلون متابعة مقالات الرأي عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين يتابعها عبر المواقع الإخبارية الإلكترونية 34 في المئة ولا يزال 12 في المئة منهم فقط يفضلون متابعتها عبر الصحف.
وتعزز النتائج السابقة التوجه العالمي نحو شبكات التواصل الاجتماعي والانتشار الواسع لها ضمن مختلف شرائح المجتمعات، الأمر الذي يعزز من مكانة شبكات التواصل الاجتماعي على الخارطة الإعلانية العالمية كواحدة من أهم الأدوات الترويجية والتسويقية للمنتجات والخدمات والتي تعد بفرص استثمار حقيقية في ظل التحول الملحوظ في نمط الإنفاق الإعلاني من التقليدي إلى الجديد.
كما عززت نتائج الاستبيان من مستقبل تطبيقات الهواتف الذكية والتي سجلت نموا ملحوظا على الصعيد العالمي كمنافس قوي في إدارة وتقديم المحتوى بمختلف أنواعه، وأشار ناصر الصرامي الرئيس التنفيذي لشركة “بسمة ميديا” المطور والمشغل للمنصة الإلكترونية المتخصصة، إلى مدى تطور الإعلام وتنوع وسائله واختلافها في السنوات الأخيرة، حيث الانتشار الواسع لمصادر الأخبار عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الإعلام الجديد هو إعلام حر خال من القيود والرقابة مما يمنحه القوة والانتشار السريع على عكس الإعلام التقليدي، في الوقت الذي يشهد فيه الإعلام الجديد نشاطا اقتصاديا وطفرة واسعة في ظل ازدياد الطلب والحاجة إلى ما يقدمه من محتوى إخباري يتسم بسرعته في تغطية الحدث من جهة والانتشار والوصول السريع من جهة أخرى في دلالة واضحة على مدى انحسار الإعلام التقليدي في مواجهة وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية الإلكترونية.
وتابع الصرامي “مما لا شك فيه أن سوق الإعلام اليوم يشهد تنافسا غير مسبوق بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وغيرها من التطبيقات الإخبارية الإلكترونية والتي أشارت نتائج إحصائيات هذه الدراسة إلى تفوقها بشكل واضح في وقت ساهمت فيه الطفرة النوعية في أعداد مستخدمي الإنترنت في توفير الأرضية اللازمة والصلبة للإعلام الجديد.
إلا أن هذا الإعلام يبقى بحاجة إلى التطوير والتحديث في المضمون والتسويق والعمل على خلق منصات إعلامية إلكترونية متكاملة للارتقاء بهذا الإعلام ومنحه المزيد من الدقة والمصداقية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تمر بمرحلة من التطور السريع بالتوافق مع الخطى السريعة لهذه الصناعة في بقية دول العالم.
وقد بدأت المنصة الإعلامية المتخصصة مؤخرا بإطلاق خدمات الاستبيان الإلكتروني من خلال منصتها الرقمية، وباشرت بسلسلة من الاستبيانات المتخصصة وذات العلاقة بقطاعات الإعلام والتسويق والمحتوى الرقمي مستفيدة بذلك من قاعدة البيانات التي تشتمل عليها المنصة”.
ما أثر التعديلات الجديدة في فيس بوك على الإعلانات وصفحات وسائل الإعلام؟
قد يسفر التعديل الكبير في شريط الأخبار الذي أعلنته فيس بوك دون سابق إنذار لإعادة التركيز على أخبار الأقارب والأصدقاء عن ضحايا هي وسائل الإعلام الأكثر تعويلا على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما تتساءل وكالات الإعلان عن النوايا الفعلية الكامنة وراء قرار من هذا القبيل.
فقد قالت شبكة فيس بوك التي تحولت لمنصة تنشر فيها المحتويات على أنواعها، من الإعلامية إلى تلك الترويجية والتجارية والتي لم تعد شديدة الجاذبية في نظر الجيل الشاب، إنها تريد العودة إلى أصلها، أي أن تكون منصة اجتماعية أولى أولوياتها نشر مضامين أفراد العائلة والأصدقاء.
فتغير النهج هذا قد يزعزع النموذج الاقتصادي السائد في أوساط عدد كبير من وسائل الإعلام التي تعتمد اعتمادا تاما على جمهور فيس بوك وتجني الأرباح من الإعلانات على الإنترنت، ويقول نيكولا رفعت من مكتب المشورات "بيرينغ بوينت" إن "وسائل الإعلام المدمجة في المنصات قد تكبدت أصلا خسائر من جراء قرار فيس بوك لجم "مصائد النقرات" وهي ستعاني الآن المزيد من الأضرار".
ويؤكد جيريمي روبيول مدير الدراسات لدى "كزيرفي" أن "الأمر هو بمثابة تشكيك في علة وجود وسائل إعلامية مثل بازفيد وكونبيني وبروت وإليفنت".
صفحات وسائل الإعلام على فيس بوك
أما بالنسبة إلى "وسائل الإعلام التقليدية التي تنشر جزءا من محتوياتها على فيس بوك لزيادة شعبيتها، فإنها قد تخسر إيرادات إعلانية طائلة". فقد تضطر وهي التي انتقدت بشكل لاذع أداة "إنستنت آرتيكلز" التي قدمتها فيس بوك للسماح للمحررين بنشر مقالاتهم مباشرة على المنصة لكن عائداتها الإعلانية قليلة، إلى أن تحد من تعاونها مع أكبر شبكة اجتماعية في العالم.
فالمنشورات لن تظهر تلقائيا على شريط الأحداث لمستخدم أعرب عن إعجابه بصفحة وسيلة إعلامية ما أو ماركة تجارية، إلا إن جرى تداولها من قبل أقربائه.
غير أن جوان هوفناغل، المسؤول السابق في صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية الذي عين مديرا للتحرير في موقع "لوبسايدر" الجديد القائم بالكامل على خدمات التواصل الاجتماعي، لم يفقد الأمل. وصرح "استبقنا الأمر إذ كنا نعرف أنه سيحدث... ولا بد من النضال لتحصيل التزام فعلي لتداول المقالات والتعليق عليها من قبل المستخدمين".
ويحدو الأمل أيضا غييوم لاكروا مدير "بروت" الذي يكشف أن 90 بالمئة من نطاق انتشارنا قائم على تشارك المحتويات في أوساط المستخدمين. من ثم، فإن المعادلات الحسابية التي تعطي الأولوية للمضامين التي تولّد تفاعلات كثيرة هي لمصلحتنا".
اضف تعليق