مثل المرجع الراحل الامام الشيرازي نموذجا للإنسان الصادق في حياته وسيرته في كلامه وعمله في سلوكه وافكاره، لذلك كان ناجحا في مشروعه الشامل، وكان موفقا في فهمه للواقع وادراكه للمتغيرات المحيطة بها، وعميقا في وعيه للأحداث المتلاحقة، واستنباطه للعبر واستخلاصه للنتائج، فصدقه واخلاصه يعطينا دروسا...
الصدق من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المنهج الأخلاقي فإذا أحرز الإنسان تمام الصدق من الكلام إلى السلوك إلى التفكر والتعقل والتدبر والتأمل فإنه قد أحرز كل القيم الخيرة في نفسه..
وفي الحديث عن الإمام علي عليه السلام يقول (فلما رآنا الله صدقاً صبرًا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر). الصدق هنا يعني توفير الأسباب والمسببات فيحصل على التوفيق والنجاح والنصر.
لقد مثل المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الشيرازي نموذجا للإنسان الصادق في حياته وسيرته في كلامه وعمله في سلوكه وافكاره، لذلك كان ناجحا في مشروعه الشامل، وكان موفقا في فهمه للواقع وادراكه للمتغيرات المحيطة بها، وعميقا في وعيه للأحداث المتلاحقة، واستنباطه للعبر واستخلاصه للنتائج، فصدقه واخلاصه يعطينا دروسا وعبر في محاولة الوصول الى فهم الواقع وتغيير حياتنا، وكنموذج واسوة نتعلم منها كيف نعيش بصدق.
هذه بعض الخلاصات التي يمكن ان نستعين في تحسين صدقنا في الحياة:
أولاً: اللاعنف المطلق
الإمام الشيرازي طرح مبدأ اللاعنف كثيراً في كتبه، وكانت سيرته حافلة باللاعنف المطلق لأنه أدرك أن الإنسان الصالح الناجح المؤمن المتقي هو لاعنيف، ينبذ العنف ويعتبر الطريق نحو التربية الصالحة وبناء المجتمع الصالح وبناء التقدم في الأمة كلها عن طريق اللاعنف، لأن العنف في النتيجة يؤدي الى الصراعات والى حروب أهلية داخلية، وإلى صراعات في داخل الأسرة، وإلى صراعات في الشارع عبر تخزين كل أنواع الغضب والحقد والكراهية.
وقد كان الإمام الشيرازي بنفسه ممارسا للاعنف ويتعامل مع الصديق والعدو باللاعنف والسلام، ويؤكد على هذا الفكر في كتبه بشكل كبير جدا، مثل كتاب اللاعنف في الإسلام والسبيل الى إنهاض المسلمين وممارسة التغيير، ويركز فيها منهجيا على اللاعنف لأنه يعتبر العنف هو طريق للاستبداد ولتدمير الأمة. فالمستبد يمارس العنف حتى يسيطر على الأمة، ويسيطر على السلطة ويبقى ينشر العنف بين الناس حتى يكونوا متشطرين ومتصارعين ومشتتين والكراهية تسيطر عليهم.
فالعنف هو طريق كاذب وسلبي يؤدي الى تضعيف المجتمع وتضعضع الانسان، لكن التربية على اللاعنف في الاسرة والمنزل والمجتمع يقود الى بناء انسان مستقيم قوي غير معطوب ذاتيا وبالتالي يؤدي الى وجود مجتمع مسؤول ومسالم. فالإنسان عنده عقل لذلك عندما يفرض عليه بعنف يرفضه عقله ولكنه يقبله اكراها بسبب الخوف، وتسلب ارادته واختياره وحريته وتجعله انسانا مستعبدا وهذا هو أم المصائب التي نعيشها في بلداننا.
ثانيا: الامام الشيرازي وانفتاحه على الآخر وتقبله النقد
وقد لاحظت أنا من خلال سيرة الإمام الشيرازي تقبله الكبير للنقد من الصغير والكبير وكان منفتحا على الآخرين مهما كان هذا الشخص فكره أو طريقته أو حزبه أو فئته، ويستقبل الرأي الآخر ويقرأ للآخرين ويقرأ مختلف الكتب وهذا من حبه العظيم للمعرفة.
فعندما كان أحدهم ينتقده لايقول له لا، بل يحاول أنه يفهمه بشكل جيد، ويفهم رأيه ومن ثم يحاول أن يستفيد من رأيه إن كان صحيحا.
كذلك لاحظت في سيرة الامام الشيرازي من حيث التعامل مع الآخرين انفتاحه على الناس بشكل كبير من مختلف الفئات الاجتماعية المثقفين والاكاديميين والعلماء ورجال الدين والكسبة والتجار، يجلس مع الجميع يستمع لآرائهم، فقد كان يجلس مع الناس ويستمع لهم والى مشاكلهم والى آرائهم والى أفكارهم الشباب الصغار الكبار، وهذه كانت ميزة كبيرة جعلته يفهم المجتمع بشكل جيد ويفهم الواقع بشكل جيد وكان قديرا على استنباط الواقع وفهم الأسباب والمسببات وتحليل الأمور ومن ثم الوصول الى الهدف المطلوب في عملية هداية المجتمع وتوجيههم في طريقهم.
ماوجدناه في كتبه إنه كان دائما قادرا على تحليل الأسباب والمسببات ومعرفة أسباب المشكلات ومن ثم الطرق التي تؤدي الى حل هذه المشكلات، وكان عنده استشراف للمستقبل حول كثير من الأمور، وذلك لسلوكه الطيب في الاستماع للآخرين وقبول النقد والحوار معهم وهذا كله يؤدي بالإنسان أن تتوسع آفاقه ومعرفته وتتوسع قدرته على معرفة الأسباب والمسببات وبالتالي استشراف المستقبل والنجاح في حياته وفي مشاريعه.
ثالثا: الامام الشيرازي والزهد
كان المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي قمة في الزهد وفي التفاني والرضا والعيش في عالم المعنى وإدراك جوهر الحياة، فالإمام الشيرازي كان زاهدا في كل شيء، في السلطة وفي التملك وقد كان قادرا على الاستملاك للأشياء، لكنه حياته كانت بسيطة جدا يملك الأشياء البسيطة جدا.
أنا أتذكر في سيرته أنه كلما كان تقدم له هدايا ثمينة كان يعطيها للجالس جنبه من الطلاب ورجال الدين أو آخرين ولاتبقى عنده هدية حتى لاتبقى الأشياء عنده لإنه يعتبر هذه الاشياء هي معوقة للتقدم وبالنتيجة تؤدي بالانسان تدريجيا أن يتعلم على الاستغراق في عالم المادة وعالم الاشياء، فلذلك كان الزهد هو معناه وحقيقته.
ولذلك بسبب هذا الزهد تطور وتقدم وكان قادرا على النجاح وكان موفقا في حياته وقدرته على أنه يفهم الواقع ويصل إلى كثير من النتائج الجيدة في حياته. كان في كتاباته وكتبه وفي حياته طريقًا منيرا لنا في معنى الزهد وكيف أنه يقودنا نحو التقدم الحقيقي والمعنوي والخروج من شرنقة التخلف.
اليوم نحن نحتاج الى الزهد وخصوصا في عالم اليوم عالم الاستهلاك والشره نحن الآن نغرق في عالم التكنولوجيا التي سلبت المجتمع كثيرا من الروحانية والمعاني الخيرة، نحتاج إلى أن نتأمل في ذواتنا ونربي أنفسنا على الزهد في الطموحات الدنيوية وفي السلطة التي تؤدي إلى فساد الناس، فبعض الذين ذهبوا وراء السلطة كانوا صالحين لكن طموحهم في السلطة جعلهم يقعون في الفساد والإفساد وسرقة المال العام.
رابعا: الاقتداء بسيرة رسول الله (ص) وأهل بيته (ع)
وهكذا كان الإمام الشيرازي (رحمة الله عليه) كان يحاول أن يسير بسيرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وسيرة أهل البيت (عليهم السلام) فحاول أن يطبق كل ما فعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واعتبر أن هذه السيرة هي المنهاج الحقيقي من أجل الوصول إلى الواقع وتحقيق النتائج الكبيرة، وفعلا أنا رأيت حياته وكيف كان يحاول أن يطبق سيرة رسول الله من حيث التشاور ومداراة الناس والعفو واللاعنف والأخلاق، وفعلا كان موفقا في الكثير من أجزاء حياته للوصول إلى كثير من حب الناس، فقد أحبوه لأخلاقه الكبيرة.
خامسا: الامام الشيرازي في اطار العفو المطلق
الامام الشيرازي رحمة الله عليه كان من أولئك الذين يمارسون العفو المطلق، وكتب كثيرا عن العفو المطلق في كتبه ودعا إلى استخدام هذا العفو المطلق كوسيلة لنزع الصراعات، وإخماد النزاعات، دعا كثيرًا إلى هذا المنهج ومارسه بنفسه فقد عفا عن كثير من أعدائه، عفا عن كثير من الذين مارسوا التسقيط ضده وأنا سمعت بأنه جاء كثير من الاخوة كوسطاء لبعض من عمل ومارس التسقيط ضده يطلبون السماح من السيد والسيد الشيرازي كان يقول أنا عفوت عن كل من آذاني، لانه كان يرى ان الهدف الحقيقي هو الوصول إلى عالم جميل مستقر سعيد نحو التقدم والقضاء على التخلف والنزاعات في مجتمعاتنا.
كان الامام الشيرازي سيرة وفعلاً وقولا هو نموذج من نماذج العفو المطلق الذي نجح في استقطاب كثير من الناس، أحبوه لأخلاقه ولعفوه أحبوه لتسامحه والناس اجتمعت حوله لهذه الخصائص الأخلاقية، وهذه عبرة لنا في ممارساتنا وحياتنا.
اضف تعليق