q

الحياة العصرية أو ما نسميه الآن بعصر السرعة والتكنولوجيا، كلها تؤثر في الإنسان فتجعله مهدداً ومعرضاً للوقوع في امراض نفسية وحالات اكتئاب، وليس هناك من لم يمر بحالة اكتئاب ولو بسيطة ولأكثر من مرة في عصرنا الراهن.

فالعوارض النفسية هي تلك التفاعلات النفسية الطبيعية التي تطرأ على أي فرد منا نتيجة تفاعله مع ظروف الحياة اليومية، وتستمر لفترات قصيرة، وقد لا يلاحظها الآخرون ولا تؤثر عادة على كفاءة الفرد وإنتاجيته في الحياة، كما لا تؤثر على عقله وقدرته في الحكم على الأمور، وتعد هذه العوارض النفسية جزءاً من طبيعة الإنسان التي خلقه الله بها، فيبدو عليه الحزن عند حدوث أمر محزن، ويدخل في نفسه السرور والبهجة عند حدوث أمر سار، وهذا أمر مشاهد معلوم لا يحتاج لإثباته دليل، ويحدث لكل أحد من الصالحين والطالحين.

لذا تستمر الدراسات والبحوث العلمية الخاصة بحياة البشر وعلاقته الاجتماعية، لان الجميع بات يخضع اليوم للكثير من الضغوط والمشاكل والازمات النفسية والاجتماعية، التي اسهمت بارتفاع معدلات الاصابة ببعض الامراض النفسية.

في الآونة الأخيرة أفاد تحليل طبي أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أكثر عرضة على الأرجح لمضاعفات بعد جراحات استبدال مفاصل الأوراك، وكتب الفريق الذي أجرى التحليل في دورية ذا جورنال أوف أرثروبلاستي (تقويم المفاصل) أن هذه المخاطرة الإضافية هي أمر ينبغي على الأطباء والمرضى أن يتناقشوا فيه قبل الجراحة، ويقول الباحثون إن دراسات سابقة ربطت بين الاكتئاب وأمراض نفسية أخرى ومضاعفات أكبر بعد الجراحة ونتائج أسوأ بالنسبة للمرضى.

فيما يقول بعض علماء النفس إن وجهة النظر الشائعة، والتي تفيد بأن الناس بطبيعتهم ميالون إلى الجانب الإيجابي من الحياة، قد تكون غير صحيحة، وظل الخبراء يعتقدون لعشرات السنين أنه من الطبيعي أن نتوقع حدوث أحداث جيدة لنا في المستقبل، وأن نقلل من احتمال وقوع أشياء سيئة لنا، وهذا هو ما يعرف سمة "الانحياز غير العقلاني للتفاؤل".

على الصعيد نفسه تشهد مدينة لوس انجليس غرب الولايات المتحدة نجاحا سريعا لحصص تدرب على "التحكم بالغضب" لدى الاشخاص الذين يواجهون صعوبات في السيطرة على انفعالاتهم خلال نوبات الغضب التي تعتريهم في المنازل او الاماكن العامة.

في حين خلصت دراسة علمية دولية إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق بمعدل الضعف مقارنة بالرجال، ويقول معدو الدراسة، من جامعة كامبريدج البريطانية، إن هناك أشخاصا معرضين أيضا للإصابة بالقلق مثلهم مثل النساء وهم فئة الأقل من 35 عاما ومن يعانون من مشاكل صحية، وبحسب الباحثين، فإن كل أربعة أشخاص من بين مئة مصابون بالقلق، الى ذلك حوالي واحد من كل 100 شخص يُصاب بمرض انفصام الشخصية "شيزوفرنيا" مرة في حياته، ورغم ذلك فهذا المرض لا يزال واحداً من أكثر حالات المرض العقلي التي يُساء فهمها، هناك عدة أنواع من مرض انفصام الشخصية، كل نوع منها له خصائص مختلفة، يذكر بأن أكثر من 60 مليون شخص يصابون باضطرابات القلق سنويا في أوروبا.

الانحياز للتفاؤل ليس ميلا طبيعيا لدى البشر

يقول بعض علماء النفس إن وجهة النظر الشائعة، والتي تفيد بأن الناس بطبيعتهم ميالون إلى الجانب الإيجابي من الحياة، قد تكون غير صحيحة، وظل الخبراء يعتقدون لعشرات السنين أنه من الطبيعي أن نتوقع حدوث أحداث جيدة لنا في المستقبل، وأن نقلل من احتمال وقوع أشياء سيئة لنا، وهذا هو ما يعرف سمة "الانحياز غير العقلاني للتفاؤل".

غير أن دراسة جديدة تقول إن هذا الافتراض ربما يعتمد على أساس معيب، وانتهى العلماء الذين أجروا الدراسة - بعد إعادة تقييم الأدلة - إلى أنه لا أساس للادعاء بأن الانحياز للتفاؤل جزء أساسي من طبيعة النفس البشرية.

وترجع أهمية هذه النتيجة إلى أن الاعتقاد بالانحياز للتفاؤل قد يؤثر في تعامل مخططي السياسات مع جميع القضايا، من الأزمات الاقتصادية، والسمنة المفرطة وحتى تغير المناخ، وتعتمد الحكومات أيضا على الانحياز للتفاؤل عند تخطيطها وتمويلها لمشروعات البنية الأساسية الضخمة، بحسب ما تقوله الدراسة، وقال دكتور آدم هاريس، مؤلف الدراسة الذي يعمل في يونيفرسيتي كولديج بجامعة لندن: "الدراسات السابقة التي اعتمدت على طرق معيبة وادعت أن الناس ينحازون للتفاؤل في جميع المواقف، وأن هذا الانحياز أمر "طبيعي"، أصبحت الآن محل شك كبير. نحن بحاجة إلى سبل جديدة لدراسة الانحياز للتفاؤل لمعرفة إن كان بالفعل سمة من سمات الإدراك عند البشر أو لا". بحسب فرانس برس.

الدراسة الجديدة تقول إن ندرة الأحداث السيئة هي ما يدعو الناس إلى الظن بأن الانحياز للتفاؤل أمر طبيعي، وأضاف أن "هذا الافتراض بأن الناس منحازون للتفاؤل يستخدم في مشروعات البنية الأساسية الضخمة، من أجل إدارة توقعات الناس بشأن تكلفة تلك المشروعات والفترة التي تستغرقها حتى تكتمل"، وأشار هاريس إلى أن الدراسة تؤيد فكرة "إعادة اختبار الانحياز للتفاؤل، قبل السماح له بالتأثير في البحوث الطبية أو رسم السياسات"، وتقول الدراسة إن الناس لا يتعلمون من الأنباء السيئة إذا قيل لهم بأن هناك احتمالا حقيقيا لوقوع حدث سلبي لهم، كالإصابة بالسرطان مثلا. ويقال إن هذا يدعم فكرة الانحياز للتفاؤل"، وصممت برامج كمبيوتر خاصة للدراسة الجديدة، لمحاكاة السلوك البشري، ولكن بطريقة عقلانية بالكامل لقياس رد فعل الأفراد عند اختبارهم نفسيا ومعرفة مدى تعلمهم من الأخبار الجيدة، في مقابل الأنباء السيئة، وعلى الرغم من أن البرامج لم تكن قادرة على بعث التفاؤل، ولم تستطع إظهار أي تحيز، لكنها مع ذلك أنتجت نفس أنماط البيانات التي فسرت في السابق على أنها تؤيد فكرة الانحياز للتفاؤل.

ولكن الدراسة بينت أن التفاؤل - على ما يظهر - هو وليد عمليات إحصائية بحتة، وتضيف الدراسة أن الانحياز للتفاؤل هو فقط حقيقة إحصائية ندركها بسبب ندرة الأحداث السلبية، بحسب ما تقوله نتائج الدراسة التي نشرت في دورية علم النفس الإدراكي.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، بونيت شاه، الذي يعمل في كلية كينجز بجامعة لندن "صحيح أن هناك دليلا واضحا على فكرة الانحياز للتفاؤل في مواقف الحياة الحقيقة المختلفة - مثل مشجعي كرة القدم في انجلترا مثلا - لكن هذه الأمثلة تبين ببساطة أن بعض الناس قد يكونون متفائلين في بعض المواقف، ولا تقول أبدا إنهم متفائلون بصفة عامة".

التحكم بالغضب

تشهد مدينة لوس انجليس غرب الولايات المتحدة نجاحا سريعا لحصص تدرب على "التحكم بالغضب" لدى الاشخاص الذين يواجهون صعوبات في السيطرة على انفعالاتهم خلال نوبات الغضب التي تعتريهم في المنازل او الاماكن العامة.

ففي هذه المدينة الاميركية التي ترزح تحت وطأة الاختناقات المرورية الدائمة وتسجل فيها اعلى معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة، تعتبر نوبات الغضب من الحالات السائدة في المجتمع ما ساهم في انتشار كبير لهذه الحصص التي تساعد الاشخاص على التحكم بانفعالاتهم، وقد تجلت هذه الظاهرة سابقا عبر فيلم "انغر مانجمنت" مع آدم ساندلر وجاك نيكولسون وفي مسلسل تلفزيوني من بطولة تشارلي شين المعروف بميوله العنيفة في حياته الفعلية.

وقد حكم القضاء الاميركي على عدد من المشاهير باتباع هذه الحصص بسبب ارتكابات عدة قاموا بها من بينها ضرب احد المساعدين بالهاتف المحمول (ناومي كامبل) والاعتداء على صائدي صور المشاهير (شون بن وكانييه ويست) ورمي منزل احد الجيران بالبيض (جاستن بيبر)... ونظرا لأن نوبات الغضب تصيب كل فئات المجتمع، يمكن في هذه الحصص مصادفة سائقي شاحنات وأعضاء في عصابات وأطباء جراحين وكوادر مرسلين من شركاتهم. والمشاركون في هذه الحصص هم بنسبة 70 % من الرجال. ويأتي نصف المشاركين من تلقاء انفسهم بدفع من اقارب لهم في كثير من الاحيان، اما النصف الثاني فيرتادون هذه الحصص تنفيذا لأوامر قضائية، وقد قرر إريك وهو في الاربعين من العمر الخضوع لهذه الحصص بعدما وجد نفسه خلال بضعة اسابيع في دوامة من العنف اثر مشادات مع صديقته انتهت بعراك في حانة ومواجهة مع شقيقه كادت تتحول عراكا بالأيدي فضلا عن خضوعه للتحقيق داخل مركز للشرطة. بحسب فرانس برس.

أما برنارد فقد دفع غاليا ثمن غضبه اذ امضى 26 سنة خلف قضبان السجن بعدما قتل عندما كان في سن 22 عاما تاجر مخدرات كان مدينا له بمبلغ 400 دولار، ويقول هذا الرجل الذي اصبح بعد خروجه من السجن مستشارا في مساعدة الشبان المنحرفين وخبيرا في شؤون العنف الزوجي "كنت شخصا غاضبا للغاية".

وفي الولايات المتحدة، نحو 10 % من البالغين "لهم سجل في السلوك الغاضب وقدرة للحصول على اسلحة نارية" وفق دراسة مشتركة لجامعات هارفرد وكولومبيا وديوك. كذلك فإن ثلثي المراهقين الاميركيين يعانون نوبات غضب خارجة عن السيطرة وفق دراسة اخرى لجامعة هارفرد، غير أن هذه الظاهرة لها ابعاد عالمية. فبحسب موقع بريطاني متخصص، يقر شخص من كل عشرة بريطانيين بأنه يعيش نوبات غضب.

وفي كاليفورنيا، ثمة طلب متزايد على ارتياد حصص "التحكم بالغضب" خصوصا في ظل "السقف المتدني للغاية" لتقبل العنف، وفق انيتا افيديان مؤسسة الجمعية المحلية للمعالجين من الغضب، وتقول افيديان "تواظبون على ضرب اطفالكم؟، هل انتم اشخاص سريعو الغضب؟، اذا مصيركم السجن. هل تعنفون كلبكم؟ مصيركم ايضا السجن".

وخلال السنوات الاخيرة، ساهمت الازمة المالية والضغط المستمر الناجم عن نمط الحياة السريع اضافة الى وتيرة الاتصالات المتواصلة بفعل انتشار الاجهزة المحمولة في زيادة الطلب على هذه الحصص للتحكم بالذات، ويشير جورج اندرسون البالغ 78 عاما وهو رائد في القطاع الى ان "عدد زبائننا يسجل ازديادا بنسبة 20 % سنويا"، لافتا الى انه عالج 17 الف شخص خلال مسيرته الطويلة، هذا القطاع يدر اموالا طائلة اذ ان الحصص الجماعية تكلف ما لا يقل عن عشرين دولارا للساعة الواحدة، في حين تصل كلفة الحصص الفردية الى 350 دولارا، وعلى الرغم من عودة البعض الى اعتماد اساليب عنيفة بعد انتهائهم من متابعة الحصص، يحدد جورج اندرسون وأنيتا افيديان معدل النجاح بنسبة تراوح بين 70 و80 %.

ويتعلم المشاركون في هذه الدورات، سواء كانوا افرادا او ضمن مجموعات، كيفية تحديد "مسببات" نوبات الغضب. ومن بين هذه الأسباب كثيرا ما يؤتى على ذكر "الزوجة" لكن ايضا قد يكون "قلة الاحترام" او المضايقات من جانب المدراء من هذه العوامل.

ويحاول كل مشارك في الحصص التدريبية تصنيف حدة الغضب لديه ضمن سلم من 1 الى 10، مع هدف بحظر تخطي مستوى الغضب 7 في أي حال من الأحوال، كذلك يتعلم المشاركون بمساعدة كتب خاصة وعبر تبادل الاحاديث او تقنيات التجسيد، كيفية "التخلي عن السلوك الدفاعي" لأن الغضب عادة ما يأتي من الشعور بالتعرض لهجوم، و"الانتقال الى السلوك العقلاني" عبر فهم ما يريده الشخص في المقلب الآخر ويشعر به وتعلم التعبير بهدوء عن المشاعر وخصوصا وضع حدود ذاتية للتصرف.

ويروي ريك الاخصائي في جراحة العين أنه فقد السيطرة على اعصابه بعدما افرطت ممرضة في ملء حقنة. ويقول "لو لم اتنبه للموضوع، كانت الحقنة لتتسبب بأضرار خطيرة في عين المريض. اعتمد على كثيرين في انجاز العمليات الجراحية لكن في نهاية المطاف انا المسؤول الوحيد عن النتيجة"، ومع هذه الحصص "تعلمت ابلاغ الناس في فريقي الى اي مدى عملهم مهم والى اي مدى اعتمد عليهم وبالتالي يتعين عليهم التحقق من المعدات التي يستخدمونها" على حد تعبيره، وترتبط اكثرية حالات الغضب بمشكلات موروثة من الطفولة وفق الخبراء. ويشمل ذلك العيش في كنف والد يكثر في الانتقادات او في جو من الصراخ الدائم من جانب الاهل او ترك الأم لابنائها، ويلفت سائق الشاحنة ارنولد البالغ 51 عاما وهو عنصر سابق في عصابة وسجين سابق الى إنه تعرض للضرب خلال طفولته. وقد عانى طويلا من سرعة الانفعال عند ادنى اساءة يتلقاها. لكنه يتعلم تدريجا كبح جماح غضبه، ويقول "عند اي لحظة تخل يمكن لي العودة الى ما وراء القضبان".

علاقة الامراض النفسية بالمفاصل

أفاد تحليل أجري في الآونة الأخيرة أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أكثر عرضة على الأرجح لمضاعفات بعد جراحات استبدال مفاصل الأوراك، وكتب الفريق الذي أجرى التحليل في دورية ذا جورنال أوف أرثروبلاستي (تقويم المفاصل) أن هذه المخاطرة الإضافية هي أمر ينبغي على الأطباء والمرضى أن يتناقشوا فيه قبل الجراحة.

ويقول الباحثون إن دراسات سابقة ربطت بين الاكتئاب وأمراض نفسية أخرى ومضاعفات أكبر بعد الجراحة ونتائج أسوأ بالنسبة للمرضى، وقال ميتشل كليمنت كبير الباحثين لرويترز هيلث إن الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أكثر عرضة للمضاعفات بعد جراحات القلب والعمود الفقري والجراحات العامة. بحسب رويترز.

وقال كليمنت وهو جراح متخصص في العظام بالمركز الطبي لجامعة ديوك بولاية نورث كارولاينا الأمريكية "أردنا أن نرى إن كان التأثير ذاته يحدث في عمليات الاستبدال الكامل لمفاصل الأوراك"، ويشير الباحثون إلى أن عمليات الاستبدال الكامل لمفاصل الأوراك التي تجرى لتخفيف آلام التهاب مفاصل الأوراك عادة ما تكون ناجحة للغاية.

لكن المضاعفات قد تتراوح بين الألم والعدوى والجلطات الدموية والسكتات الدماغية و عدم التئام الجرح الناتج عن الجراحة واضطراب ضربات القلب والسكتات القلبية والفشل الكلوي بالإضافة لتوقف التنفس.

ولتحديد كيف يمكن للمرض النفسي أن يؤثر على شفاء المريض بعد عملية استبدال مفاصل الأوراك حلل الباحثون بيانات من شركة ميديا كير الحكومية للتأمين على كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة بين عامي 2005 و2011، وحدد الباحثون 86976 مريضا خضعوا لجراحة استبدال مفاصل الأوراك بالإضافة لتشخصيهم بمرض أو أكثر من الأمراض النفسية الشائعة. ومن بين هذه المجموعة كان 5626 يعانون من الاكتئاب ثنائي القطب وكان 82557 يعانون من الاكتئاب بينما كان 3776 يعانون من مرض الفصام، وقارن الباحثون هؤلاء المرضى بنحو 590689 شخصا خضعوا لجراحة استبدال مفاصل الأوراك لكنهم لم يكونوا يعانون من أمراض نفسية.

ووجد الباحثون أن المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية كانوا على الأرجح أقل من 65 عاما مقارنة بمن لا يعانون من أمراض نفسية. كما اكتشفوا أن النساء تعانين من مشاكل صحية إضافية، وبعد ثلاثة أشهر من الجراحة كان المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات التي جرت دراستها، وعلى سبيل المثال فقد كانت الأوراك الصناعية للأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية أكثر عرضة للإصابة بالعدوى أو الانكسار أو التحرك من مكانها، ولم تكن هناك خلافات تذكر في النتائج بين من يعانون من الاكتئاب ثنائي القطب والاكتئاب والفصام.

النساء "أكثر عرضة للقلق بمعدل الضعف" مقارنة بالرجال

خلصت دراسة علمية دولية إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق بمعدل الضعف مقارنة بالرجال، ويقول معدو الدراسة، من جامعة كامبريدج البريطانية، إن هناك أشخاصا معرضين أيضا للإصابة بالقلق مثلهم مثل النساء وهم فئة الأقل من 35 عاما ومن يعانون من مشاكل صحية، وبحسب الباحثين، فإن كل أربعة أشخاص من بين مئة مصابون بالقلق.

وبمراجعة نحو 48 منشورا بحثيا وُجد أن هناك حاجة لمزيد من البحث لاكتشاف أي الفئات الأخرى أكثر عرضة للإصابة بالقلق، وكشفت الدراسة، التي نُشرت في دورية Brain and Behavior العلمية، أن أكثر من 60 مليون شخص يتأثرون باضطرابات القلق سنويا، في دول الاتحاد الأوروبي.

ويعتقد أن أمريكا الشمالية سجلت أعلى معدل إصابة، إذ يعاني ثمانية من بين كل مئة شخص بالقلق، بينما سجلت منطقة شرق آسيا أقل معدل للإصابة حيث يعاني ثلاثة أشخاص من بين كل مئة بالقلق، وبالرغم من أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من القلق ظلت ثابتة إلى حد ما، بين عامي 1990 و2010، إلا أن معدي الدراسة قالوا إن هذه المشكلة لم تدرس بالشكل الكافي، على عكس مشكلة الاكتئاب.

وقالت رئيسة فريق البحث أوليفا ريميس، من قسم الصحة العامة والعناية الأولية في جامعة كامبريدج، إن اضطرابات القلق يمكن أن تجعل الحياة صعبة للغاية، وأضافت: "لقد كان هناك تركيز كبير على الاكتئاب، وهو أمر مهم، لكن القلق مهم أيضا بنفس الدرجة ويسبب الوَهَن، ويمكن أن يؤدي إلى أمراض أخرى واضطرابات نفسية بل ويزيد خطر الإقبال على الانتحار".

ما هو اضطراب القلق؟

إنه الشعور بالقلق والخوف وعدم الرضا، الذي يستمر لفترة طويلة ويهيمن على الحياة اليومية للشخص، ومن أعراضه الشائعة ارتفاع ضغط الدم والشعور بالغثيان واضطرابات النوم.

ترجح رئيسة فريق البحث أن يكون سبب ذلك هو التقلبات الهرمونية، أو لأن النساء أكثر عرضة للتوتر بشكل عام، وعالميا، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق بمعدل الضعف مقارنة بالرجال، وتقول الدكتورة ريميس إن ذلك ربما يرجع إلى التقلبات الهرمونية، أو لأن النساء أكثر عرضة للتوتر بشكل عام، أو لدورهن التقليدي في العناية بالصغار.

وقالت الدراسة إن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة معرضون أكثر للقلق، "ما يشكل عبئا إضافيا على حياتهم".

وعلى سبيل المثال فإن 32 في المئة من الأشخاص المصابين بمرض التصلب المتعدد يصابون باضطرابات القلق، وكذلك 15 إلى 23 في المئة من مرضى السرطان يصابون به أيضا.

ولفتت الدراسة إلى نقص المعلومات بشأن اضطرابات القلق، خاصة في بعض الفئات السكانية مثل أصحاب الثقافات الأصلية، وبعض الفئات الاجتماعية مثل مدمني المخدرات والعاملين في تجارة الجنس، والمثليين جنسيا والأشخاص الذين يميلون للجنسين على السواء.

كما تتعرض النساء الحوامل بشكل خاص لاضطرابات الوسواس القهري، وهو نوع من أنواع اضطرابات القلق، قبل الولادة وبعدها مباشرة.

كيف تساعد نفسك؟

قبل البدء في أي علاج عليك أن تناقش مع طبيبك البدائل المتاحة لديك، هناك كتب للاعتماد على النفس ودروس متاحة عبر الإنترنت، يمكنها أن تفيدك في السيطرة على القلق، ربما ينصحك طبيبك بالابتعاد عن استهلاك كميات كبيرة من مادة الكافيين أو الكحوليات، وكذلك التوقف عن التدخين، المواظبة على بعض التمرينات قد يساعدك على الاسترخاء.

قد تتلقى نصيحة بتجربة بعض العلاجات النفسية، مثل العلاج السلوكي المعرفي أو ما يعرف بـ CBT والذي يهدف إلى مقاومة الأفكار والسلوكيات السلبية.

ربما يصف لك طبيبك بعض الأدوية التي قد تساعدك، ويقول ستيفن باكلي، مدير المعلومات بمؤسسة مايند Mind الخيرية للصحة العقلية، إن القلق واحد من أكثر مشاكل الصحة العقلية شيوعا في بريطانيا، ويضيف: "ينتظر كثير من الأشخاص طويلا قبل أن يعرضوا أنفسهم على الطبيب، ويهملون القلق باعتباره من ضغوط الحياة اليومية"، وأردف: "من المهم أن تطلب المساعدة في أقرب وقت ممكن، إذا ما شعرت أن القلق بدأ يؤثر في قدرتك على فعل الأشياء كما ينبغي".

"الفصام" بلسان المصابين به.. 3 حالات يحكون عن معاناتهم

حوالي واحد من كل 100 شخص يُصاب بمرض انفصام الشخصية "شيزوفرنيا" مرة في حياته، ورغم ذلك فهذا المرض لا يزال واحداً من أكثر حالات المرض العقلي التي يُساء فهمها، هناك عدة أنواع من مرض انفصام الشخصية، كل نوع منها له خصائص مختلفة، وشُخصت ريبيكا ديجنم بإصابتها باضطراب فصامي عاطفي، الذي يُمكن أن يُسبب أعراض الفصام ثنائي القطب، بعد أن شهدت مرت بأول نوبة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، وكانت تبلغ من العمر 20 عاماً حينها. بحسب هافينغتون بوست عربي.

قالت ديجنم لـ"هافينغتون بوست" نسخة المملكة المتحدة، إن "أكثر ما يحبطني حقاً هو الناس الذين لا يتفهمون الأمر"، وأضافت أن ما تتحدث عنه هو "أسلوب تصرفهم، والافتراضات التي يقومون بها لأنهم لا يفهمون حالتك"، وفقاً للمصادر الطبية، الفصام حالة بعيدة المدى يمكن أن تُسبب مجموعة من الأعراض النفسية المختلفة، بما في ذلك الهلوسة، والأفكار المشوشة والأوهام، يربط الناس في الكثير من الأحيان، عن طريق الخطأ، بين الفصام والسلوك العنيف، لكن الحقيقة هي أن هذه الحالة نادراً ما يصاحبها سلوك خطير.

تيم سلمون - وهو أب يرعى ابنه المُصاب بالشيزوفرنيا منذ أكثر من 25 عاماً - يصف الحالة بـ"مرض في الدماغ". ويقول: "إنه يدمر قدرة الناس العاديين في التعامل مع الأحاسيس الاعتيادية للحياة اليومية، وتكوين الصداقات، والحصول على وظيفة، وتنظيم الأمور، بإمكانك أن تقول إنه نوع من تدمير المنطق والتفكير".

وتقول إيفون ستيوارت وليامز - التي تم تشخيصها بشيزوفرنيا الارتياب قبل 22 عاماً - إن مَنْ يعانون من هذه الحالة لديهم احتياجات تمتد إلى ما هو أبعد من الدواء، تماماً مثل أي شخص آخر، وتُضيف: "أحتاج لحياة جيدة. أحتاج لشخص يحبني، ويهتم بي، ويُفكر في. بعض الناس قد يحتاجون حتى إلى شريك. فهم ليسوا حيوانات في آخر الأمر. عاملني ببعض الكرامة، من فضلك"، أحد الأمور التي تؤثر بشكل شديد على حياة الناس مثل ريبيكا، إيفون، وتيم هو التمويل الحكومي المخصص للأمراض العقلية.

تم تخفيض ميزانية الإعانات المُخصصة للصحة العقلية في إنكلترا بأكثر من 8% عند المقارنة بين عام 2010/2011 وبين 2014/2015. ورغم أن المرض العقلي يُشكل 28% من إجمالي الأمراض في المملكة المتحدة كل عام، إلا أنه لا يحصل حالياً إلا على 13% فقط من ميزانية الخدمات الصحية الوطنية.

ووفقاً لتيم، فعندما يتم تشخيص شخص المصاب بالشيزوفرنيا، يتم إخراجه من المستشفى، و"يُترك ليعتمد على نفسه في العلاج"، يقول: "ستحصل على منسّق رعاية صحية، وسيكون مسؤولاً عن الاعتناء بك. ولكن بصرف النظر عن أخذ أدويتك، فلن تحصل على مساعدة في الأمور التي يحتاج الناس مساعدة فيها: مثل تنظيفك، وتنظيف منزلك، وإطعامك بشكل مناسب. كل هذه الأمور لا يستطيع المصابين بالشيزوفرنيا عموماً إدارتها، ولا يحصلون على أي مساعدة فيها".

خدمة يابانية لـ"تأجير" اشخاص مهمتهم الإصغاء والمساندة المعنوية

يشعر يابانيون كثر من مختلف الاجيال بالحاجة للبوح عما يجول في خاطرهم من دون الاضطرار للتردد على عيادات المعالجين النفسيين... وقد بات لهؤلاء حل يكمن في الاستعانة بخدمات اشخاص يتقاضون اموالا في مقابل مرافقتهم او مجرد الاصغاء اليهم.

هذه الخدمة تسمى "اوسان رنتل"، والكلمة الاولى تعني حرفيا الرجل الكهل بين سني 45 عاما و55. ويمكن الاستفادة منها في مقابل الف ين (عشرة دولارات) للساعة الواحدة، وانطلقت الفكرة قبل اربع سنوات بفضل المصمم المستقل تاكانوبو نيشيموتو الذي بدأ بتأجير خدماته الشخصية في الاصغاء.

ويوضح نيشيموتو لوكالة فرانس برس خلال استراحة بين موعدين أن "هذه الخدمة تمثل بالنسبة لي هواية قبل اي شيء، مع فكرة رئيسية تكمن في تحسين صورة الرجال في سني ممن تراجعت حيويتهم وباتوا موضع تندر" في المجتمع، ويقطع الشك باليقين قائلا "الأشخاص الذين يستأجرون خدماتي لا يطلبون مني سوى مرافقتهم لساعة او اثنتين، وخصوصا الاصغاء اليهم". ويضرب مثل امرأة ثمانينية تستعين به اسبوعيا لمرافقتها في نزهة في الحديقة، ويقول نيشيموتو البالغ 48 عاما "لقد اصبحت بمثابة ابنها".

كذلك من بين الزبائن صياد سئم التربص وحيدا للاسماك بانتظار ان تعلق في شباكه، وتلميذة مصممة على ان تصبح نجمة لكنها تفتقر للدعم من اقربائها وموظف ارعن بعض الشيء لم يكن ينجح في التفاهم مع مديره.

ويقول هذا الرجل الذي يقدم خدماته لثلاثين الى اربعين زبونا تمثل النساء نسبة 70 % منهم "لقد عشت لحظات مؤثرة كثيرة على رغم اني فكرت مرارا بالتوقف، لكني اظن ان هذه الخدمة واللقاءات باتت تمثل ضرورة بالنسبة لي. زوجتي متفهمة ولها ملء الثقة بي".

وبات يعمل في هذه الخدمة ضمن فريق نيشيموتو نحو ستين رجلا يتوزعون على أنحاء البلاد كلها، ويقول "لا اعلم عندما يتم استئجار خدماتي ما الذي سيطلب مني، الامر مقلق بعض الشيء لا شك لكن الفائدة الاساسية تكمن هنا ايضا. في الحقيقة لم اضطر يوما للتعامل مع زبائن غريبي الاطوار". بحسب فرانس برس.

وتستعين نودوكا هيودو (24 عاما) بخدمات نيشيموتو اذ انها تفرج أمامه عما في مكنونات نفسها بحرية وتتناسى "الدور الاجتماعي" المنوط بها في علاقتها مع اقربائها.

وتروي هذه الموظفة في شركة للترجمة "لي شخصية اعيشها مع اصدقائي واخرى مع عائلتي وثالثة مع حبيبي. اعدل شخصيتي تبعا للآخرين. هنا، يتبدد هذا كله نظرا الى اني اتحدث مع شخص لا اعرفه واشعر بفضله اني افهم ذاتي على نحو افضل".

وترى اخصائية علم الاجتماع الفرنسية موريـال جوليفيه وهي خبيرة في السلوكيات اليابانية أن هذه الخدمة تسلط الضوء على الصعوبة المتنامية لدى اليابانيين في التواصل مع اقربائهم خشية التسبب لهم بالضجر وخوفا من اي رد فعل سلبي محتمل، هذا الرأي يشاطره الاخصائي في علم النفس هيرواكي اينوموتو وهو صاحب مؤلفات عدة في موضوع التواصل الاجتماعي، اذ يشير الى ان الأطر العلائقية في اليابانية محددة مسبقا وكذلك الأمر بالنسبة للأمور المسموح التحدث بها، ويقول هذا الاخصائي الياباني "عندما نواجه امرا جديدا، من الصعب تشاركه مع شخص آخر إذ اننا قد لا نجد المتلقي المرغوب فيه في اطار العلاقات الموجودة. ونتساءل عن المدى الذي يمكن ان نبلغه في البوح عن مشاعرنا في حال كان من شأن ذلك ان يزعج الآخر"، ويشير نيشيموتو الى ان خدمة "اوسان رنتل" هذه تمثل علاقة تجارية "لأن المرء يدفع للتمكن من التكلم ويفرض بالتالي ان يتم الاستماع اليه، وهو امر غير ممكن مع شخص قريب اذ لا يمكن ارغامه على خوض محادثة وقد نشعر حياله ببعض الخجل. ثمة نساء يبحن لي بأمور لا يقلنها لصديقاتهن".

اضف تعليق